" التغيير" عبد العزيز الهياجم : بعد اتضاح معالم نتيجة الانتخابات الرئاسية اليمنية و تأكد فوز الرئيس علي عبدا لله صالح بولاية رئاسية جديدة تمتد إلى خمس أو سبع سنوات , بات الشارع السياسي والمواطن اليمني يترقب آفاق المرحلة القادمة والوعود التي قطعها مرشح حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم . فالوعود التي أطلقها الرئيس صالح وفي مقدمتها تطهير أجهزة الدولة من الفاسدين والمتنفذين والشروع في إصلاحات حقيقية وجذرية ينظر إليها اليمنيون من خلال الخطوة الأولى والمتمثلة في تشكيل حكومة جديدة قوامها عناصر جديدة ونظيفة والإبقاء فقط على الوزراء الذين اتصفوا بالنزاهة وظهرت بصماتهم واضحة على أداء وزاراتهم . مصادر مطلعة في حزب المؤتمر الحاكم عززت ما يدور من تكهنات وتحليلات بشأن الاحتمال القوي لإعفاء رئيس الحكومة الحالي عبد القادر باجمال الذي يشغل أيضا منصب الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم . المصادر ذاتها أكدت أن باجمال سيكون أول ضحايا المرحلة الجديدة لكون هذا التغيير بات مطلبا شعبيا والخيار الوحيد للرئيس صالح الذي كان ألمح إلى اشتراطات عندما تراجع عن قراره بعدم الترشح لولاية رئاسية جديدة . وكان باجمال تولى رئاسة الحكومة في أبريل 2001 وكلفه الرئيس صالح مجددا بتشكيل الحكومة بعد الانتخابات التشريعية التي جرت في أبريل 2003 وفاز فيها الحزب الحاكم بالأغلبية. ومثل بجمال رجل مرحلة بفضل شخصيته الكارزمية وثقافته الواسعة ولكونه يمثل توازنا سياسيا ومناطقيا , ورجل اقتصاد أقام علاقات دولية واسعة عندما شغل حقيبة التخطيط والتعاون الدولي , كما حظي بقبول إقليمي , ويوصف بمهندس الاتفاقية الحدودية التي وقعتها اليمن والسعودية في يونيو 2000. غير أن الظروف السياسية والاقتصادية التي مرت بها اليمن خلال السنوات الأخيرة وقضايا الفساد والإختلالات الإدارية هبطت بشعبية وقبول ومصداقية باجمال وحكومته إلى أدنى درجة وبخاصة عند شروع حكومته بتنفيذ جرعة اقتصادية جديدة في يوليو من العام الماضي تم بموجبها رفع أسعار المشتقات النفطية وسلع غذائية واستهلاكية الأمر الذي قوبل برد فعل شعبي غاضب وأعمال شغب و عنف . وخلال المؤتمر العام السابع لحزب المؤتمر الشعبي الحاكم في ديسمبر 2005 وقف الرئيس صالح بقوة لدعم تولي باجمال منصب الأمين العام للحزب الحاكم , الأمر الذي رأى فيه مراقبون تهيئة مبكرة لإزاحته من رئاسة الحكومة كما حدث لسلفه رئيس الوزراء السابق والأمين العام السابق للحزب الحاكم الدكتور عبد الكريم الإرياني. ويتداول الشارع اليمني والأوساط السياسية عدة أسماء مرشحة لخلافة باجمال , وينتظر صدور تكليف من الرئيس صالح بشأنها مطلع الشهر القادم . ومن أبرز الأسماء المتداولة والمرشحة لرئاسة الحكومة الجديدة , نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية الدكتور رشاد العليمي الذي يعد شخصية أكاديمية تحظى بثقة الرئيس علي عبد الله صالح , ولم تقلل الأعمال الإرهابية الأخيرة من حجم النجاح الذي حققه منذ توليه حقيبة الداخلية فيما يتصل بتعزيز الانتشار الأمني , ومكافحة وتعقب العناصر والخلايا الإرهابية , وتطوير تعاون اليمن الأمني الإقليمي عبر سلسلة اتفاقيات أمنية وقعها مع نظرائه في دول الجوار , وتقديم اليمن كشريك فاعل في الحرب الدولية على ما يسمى بالإرهاب. كما يتردد اسم وزير الخارجية والمغتربين الدكتور أبو بكر القربي الذي هو الآخر شخصية أكاديمية ونزيهة . ومن المعروف أن الدكتور القربي الذي تلقى تعليمه الأكاديمي في مجال الطب في المملكة المتحدة تدرج في مناصب سياسية عدة من بينها وزيرا للتربية والتعليم ورئيسا للدائرة السياسية لحزب المؤتمر الشعبي الحاكم قبل أن يتولى حقيبة الخارجية في أبريل 2001 ثم وزيرا للخارجية والمغتربين إثر التعديل الوزاري الأخير في فبراير الماضي . وخلال توليه حقيبة الخارجية حققت الدبلوماسية اليمنية نجاحات لافتة , حيث تم قبول اليمن في عضوية عدد من مؤسسات مجلس التعاون الخليجي وفقا لمقررات قمة مسقط في ديسمبر 2001, وتأسيس تجمع صنعاء للتعاون في أكتوبر 2003 والذي يضم إلى جانب اليمن كل من السودان وإثيوبيا والصومال , إضافة إلى حضور دولي من خلال اللجنة الثلاثية لنشر الحوار الديمقراطي في العالم والتي تضم ايطاليا وتركيا واليمن وانبثقت عن قمة الدول الصناعية الثماني الكبرى في سي إيلاند بالولايات المتحدة في يونيو 2004. ولحسابات سياسية وتوازنات مناطقية كما هو الحال لأغلب الحكومات التي تشكلت بعد توحد اليمن وكلفت شخصيات من المحافظات الجنوبية والشرقية وبالأخص من حضرموت ( العطاس وفرج بن غانم وباجمال ) فإن البعض يتداول إسم الدكتور صالح باصرة وزير التعليم العالي والبحث العلمي إضافة إلى كونه قيادي في الحزب الحاكم وتولى من قبل رئاسة جامعتي عدنوصنعاء. ولم يستبعد مراقبون أن يكلف الرئيس صالح مجددا رئيس الوزراء الأسبق الدكتور فرج بن غانم الذي سجل سابقة في تاريخ رؤوساء الحكومات في اليمن عندما قدم استقالته للرئيس صالح في مايو 1998 وذلك بعد أقل من عام على تكليفه . وعزا بن غانم حينها أسباب الاستقالة إلى اصطدام مشروعه الإصلاحي بقوى الفساد والمتنفذين. وعلى الرغم من ذلك ظلت علاقة الرئيس صالح بالدكتور فرج بن غانم ودية , كما أن الأخير رفض استثمار الشعبية والاحترام الجماهيري الذي جلبه له ذلك الموقف , ولم يقبل عرضا من تحالف المعارضة بأن يكون مرشحها لمنافسة الرئيس علي عبد الله صالح في الانتخابات الرئاسية الأولى التي جرت في سبتمبر 1999.