الأمم المتحدة: اليمن من بين ست دول مهددة بتفاقم انعدام الأمن الغذائي    الحديدة.. المؤتمر العلمي الأول للشباب يؤكد على ترجمة مخرجاته إلى برامج عملية    لابورتا يُقفِل الباب أمام عودة ميسي إلى برشلونة    شبوة تودّع صوتها الرياضي.. فعالية تأبينية للفقيد فائز عوض المحروق    فعاليات وإذاعات مدرسية وزيارة معارض ورياض الشهداء في عمران    قبائل التحيتا بالحديدة تُعلن النفير العام لمواجهة الأعداء والخونة    بكين تتهم واشنطن: "اختراق على مستوى دولة" وسرقة 13 مليار دولار من البيتكوين    مناقشة جوانب ترميم وتأهيل قلعة القاهرة وحصن نعمان بحجة    شليل يحرز لقب فردي الرمح في انطلاق بطولة 30 نوفمبر لالتقاط الأوتاد بصنعاء    افتتاح مركز الصادرات الزراعية بمديرية تريم بتمويل من الاتحاد الأوروبي    قراءة تحليلية لنص "اسحقوا مخاوفكم" ل"أحمد سيف حاشد"    القرود تتوحش في البيضاء وتفترس أكثر من مائة رأس من الأغنام    من المرشح لخلافة محمد صلاح في ليفربول؟    مفتاح: مسيرة التغيير التي يتطلع اليها شعبنا ماضية للامام    العليمي يثمن دعم الأشقاء للإصلاحات بما في ذلك دفع المرتبات خلال الأيام المقبلة    منتسبوا وزارة الكهرباء والمياه تبارك الإنجاز الأمني في ضبط خلية التجسس    تألق عدني في جدة.. لاعبو نادي التنس العدني يواصلون النجاح في البطولة الآسيوية    تركيا تعلن مقتل 20 من جنودها بتحطم طائرة شحن عسكرية في جورجيا    المنتصر يدعوا لإعادة ترتيب بيت الإعلام الرياضي بعدن قبل موعد الانتخابات المرتقبة    دربحة وفواز إلى النهائي الكبير بعد منافسات حماسية في كأس دوري الملوك – الشرق الأوسط    عالميا..ارتفاع أسعار الذهب مدعوما بتراجع الدولار    الإخوان والقاعدة يهاجمان الإمارات لأنها تمثل نموذج الدولة الحديثة والعقلانية    جنود في أبين يقطعون الطريق الدولي احتجاجًا على انقطاع المرتبات"    إيفانكا ترامب في أحضان الجولاني    حضرموت.. تُسرق في وضح النهار باسم "اليمن"!    خبير في الطقس: برد شتاء هذا العام لن يكون كله صقيع.. وأمطار متوقعة على نطاق محدود من البلاد    زيارة ومناورة ومبادرة مؤامرات سعودية جديدة على اليمن    عين الوطن الساهرة (2)..الوعي.. الشريك الصامت في خندق الأمن    احتجاج على تهميش الثقافة: كيف تُقوِّض "أيديولوجيا النجاة العاجلة" بناء المجتمعات المرنة في الوطن العربي    اليوم انطلاق بطولة الشركات تحت شعار "شهداء على طريق القدس"    وزير الإعلام الإرياني متهم بتهريب مخطوطات عبرية نادرة    تمرد إخواني في مأرب يضع مجلس القيادة أمام امتحان مصيري    30 نوفمبر...ثمن لا ينتهي!    أبين.. الأمن يتهاوى بين فوهات البنادق وصراع الجبايات وصمت السلطات    عسل شبوة يغزو معارض الصين التجارية في شنغهاي    الواقع الثقافي اليمني في ظل حالة "اللاسلم واللاحرب"    تغاريد حرة .. انكشاف يكبر واحتقان يتوسع قبل ان يتحول إلى غضب    كلمة الحق هي المغامرة الأكثر خطورة    "فيديو" جسم مجهول قبالة سواحل اليمن يتحدى صاروخ أمريكي ويحدث صدمة في الكونغرس    قاضٍ يوجه رسالة مفتوحة للحوثي مطالباً بالإفراج عن المخفيين قسرياً في صنعاء    قرار جديد في تعز لضبط رسوم المدارس الأهلية وإعفاء أبناء الشهداء والجرحى من الدفع    مشاريع نوعية تنهض بشبكة الطرق في أمانة العاصمة    ارشادات صحية حول اسباب جلطات الشتاء؟    النفط يتجاوز 65 دولارا للبرميل للمرة الأولى منذ 3 نوفمبر    انتقالي الطلح يقدم كمية من الكتب المدرسية لإدارة مكتب التربية والتعليم بالمديرية    مواطنون يعثرون على جثة مواطن قتيلا في إب بظروف غامضة    اليونيسيف: إسرائيل تمنع وصول اللقاحات وحليب الأطفال الى غزة    قيمة الجواسيس والعملاء وعقوبتهم في قوانين الأرض والسماء    عدن في قلب وذكريات الملكة إليزابيث الثانية: زيارة خلدتها الذاكرة البريطانية والعربية    5 عناصر تعزّز المناعة في الشتاء!    الدوري الاسباني: برشلونة يعود من ملعب سلتا فيغو بانتصار كبير ويقلص الفارق مع ريال مدريد    الشهادة .. بين التقديس الإنساني والمفهوم القرآني    الزعوري: العلاقات اليمنية السعودية تتجاوز حدود الجغرافيا والدين واللغة لتصل إلى درجة النسيج الاجتماعي الواحد    كم خطوة تحتاج يوميا لتؤخر شيخوخة دماغك؟    مأرب.. تسجيل 61 حالة وفاة وإصابة بمرض الدفتيريا منذ بداية العام    كما تدين تدان .. في الخير قبل الشر    الزكاة تدشن تحصيل وصرف زكاة الحبوب في جبل المحويت    "جنوب يتناحر.. بعد أن كان جسداً واحداً"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اليمن.. «الاتجاه المعاكس»
نشر في التغيير يوم 21 - 11 - 2013

منذ أن وضعت الحرب أوزارها بين الأطراف السياسية في الساحة اليمنية، وجرى التوصل إلى اتفاق مصالحة تمثل في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة، تفاءل اليمنيون خيرا، وعادت الحياة إلى شبه طبيعتها في الشارع، وبدأت الحياة تدب من جديد في مؤسسات الدولة، وجرى انتخاب رئيس جديد للبلاد وتشكيل حكومة وفاق وطني، ودخل اليمنيون في حوار وطني شامل لحل مشكلاتهم. كل ذلك كان يصب في خانة «الخطوات الإيجابية»، ولكن في المقابل ظهرت إشكاليات عديدة، تشد البلاد في الاتجاه المعاكس.. حيث ظهرت تحديات أمنية بتزايد نشاط تنظيم القاعدة في أكثر من محافظة يمنية، واستهدافه عشرات الضباط والجنود من منتسبي المؤسستين الأمنية والعسكرية، بالاغتيال، خصوصا المنتمين لجهاز الأمن السياسي (المخابرات)، وانتهاء بالحرب المذهبية الضروس الدائرة منذ عدة أسابيع في شمال اليمن، التي انطلقت شرارتها من منطقة دماج بمحافظة صعدة بين الحوثيين والسلفيين، إضافة إلى النزعة الانفصالية في الجنوب ومطالبة العديد من المناطق بأقاليم خاصة في الشمال.. كل ذلك يطرح سؤالا مهما.. وهو: في أي اتجاه يسير اليمن؛ في طريق التسوية الشاملة والاستقرار، أم في اتجاه رياح التحديات العاصفة المعاكس؟
وصل مؤتمر الحوار الوطني الشامل في اليمن إلى محطاته الأخيرة. فبعد انطلاقته المتعثرة في 18 مارس (آذار) الماضي، بمشاركة معظم القوى السياسية اليمنية باستثناء بعض قوى الحراك الجنوبي، تلوح الآن في الأفق بوادر إيجابية، بالتوصل إلى مقررات ينتظر إعلانها قريبا؛ أهمها يتمثل في قيام دولة اتحادية، حيث تنحصر الخلافات الآن بشأن إقامة دولة من إقليمين (شمالي - جنوبي) أو من عدة أقاليم.
وتدور مفاوضات اللحظة الأخيرة في أروقة المؤتمر بين الفريق المصغر المسمى لجنة «8+8» وهم يمثلون الجنوب والشمال، في إطار فريق القضية الجنوبية. ويؤكد المسؤولون اليمنيون على ضرورة إنجاز المرحلة الراهنة والنجاح الكامل لمؤتمر الحوار الوطني.
يقول مصدر من داخل المؤتمر ل«الشرق الأوسط» إن «هناك العديد من القضايا التي تنتظر إعلان مواقفها النهائية، في سباق محموم مع عامل الزمن الذي يزحف باتجاه نقطة الوفاء بالاستحقاقات». وأشار إلى أن أبزر القضايا هي موضوع توزيع الأقاليم والعدالة الانتقالية، مشيرا إلى الانتهاء من موضوع العزل السياسي لمن شملهم قانون الحصانة الذي منح للرئيس السابق علي عبد الله صالح وعدد من كبار المسؤولين في نظامه، في ضوء المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، حيث ألغيت المادة الخاصة بالعزل واستبدلت بها مادة تشدد من شروط الترشح لمنصب رئيس الجمهورية وتقطع الطريق أمام القادة العسكريين في النظام السابق والحالي من الترشح للرئاسة. وجرى اشتراط مرور 10 سنوات على تركهم مواقعهم العسكرية قبل الترشح لمناصب عليا في الدولة، إضافة إلى اشتراط الشهادة الجامعية للترشح.
وأكد مسؤولون أن الحوار داخل فريق «8+8» تعثر بسبب خلافات حول القضايا المطروحة، وحول بعض الأسماء الممثلة التي جرى استبدال بعضها. وتؤكد المصادر أن هناك «إجماعا من كل الأطراف على أن تكون الدولة اتحادية من عدة أقاليم، ولكن لا يزال الحوار مستمرا حول عدد الأقاليم وآلية تقسيم السلطة والثروة على المستويات المحلية والإقليمية والوطنية».
يقول ياسر الرعيني، نائب أمين عام مؤتمر الحوار الوطني إن معظم فرق المؤتمر قدمت تقاريرها إلى رئاسة المؤتمر وإن فريق العدالة الانتقالية تبقت لديه بعض المواد التي لم يجر التوافق بشأنها، و«بالنسبة لفريق بناء الدولة أو الفريق المصغر، هناك إجماع على قيام الدولة الاتحادية، والنقاشات تدور فقط حاليا حول الأقاليم؛ إما إقليمان أو خمسة أقاليم».
وذكر الرعيني ل«الشرق الأوسط» أن فريق التوفيق يعمل على حل كثير من القضايا الخلافية التي أحيلت إليه من الفرق، والتي لم يجر الاتفاق عليها. وأضاف: «الأمور تسير بوتيرة عالية، ونحن في اللحظات الأخيرة والحاسمة من أعمال مؤتمر الحوار الوطني الشامل». وبشأن الخلاف القائم حول ملامح الدولة، يؤكد الرعيني جازما الاتفاق على إقامة دولة اتحادية من أجل الحفاظ على اليمن موحدا، وأن البت في موضوع الأقاليم مسألة وقت وقد يجري البت فيها خلال أيام معدودات.
وضمن القضايا التي تدور بشأنها نقاشات حادة في مؤتمر الحوار، قضية ما يسمى «العدالة الانتقالية»، أو «جبر الضرر لمن تضرروا خلال الصراعات السابقة». وفي هذا السياق تطرح مراحل زمنية لتصفية آثار الصراعات في الشمال والجنوب، ومن ضمن المقترحات أن يجري احتساب التعويض للضحايا في الشمال منذ ما بعد ثورة 1962. وفي الجنوب لمرحلة ما بعد عام 1972.
والخلافات ما زالت قائمة حول تسمية القضايا والتواريخ بخصوص العدالة الانتقالية، و«الفريق يعدها مسألة شكلية لا أقل ولا أكثر» كما يقول الرعيني.
وتشارك مكونات الأحزاب السياسية بما فيها حزب الرشاد السلفي، وجماعة «أنصار الله» وهم الحوثيون، وبعض فصائل الحراك الجنوبي، في المؤتمر، وهو ما يعد نقطة إيجابية في طريق التسوية السياسية.
وخلال الأشهر الماضية من انعقاد المؤتمر، عمد المشاركون إلى إصدار اعتذار رسمي من حكومة الوفاق الوطني، للجنوب وصعدة، جراء الحروب التي شنها النظام السابق على تلك المناطق من البلاد، وذلك في ضوء توصيات مؤتمر الحوار بهدف الدفع بعجلة الحوار والمفاوضات نحو الأمام.
لكن التشنجات ظلت باقية لتمثل معضلة كبيرة تواجه مخرجات الحوار الوطني.
وتدفع فصائل الحراك الجنوبي الأخرى التي لم تشارك في الحوار، في اتجاه المطالبة بعودة دولة الجنوب، وفك الارتباط مع الشمال، حتى إن بعض هذه القوى تذهب إلى التأكيد على أن فك الارتباط جرى فعليا، وأن الجزء الجنوبي من البلاد يخضع للاحتلال، حسب تعبيرهم.
وفي هذا الصدد، يؤكد صلاح الشنفرة، نائب رئيس المجلس الأعلى للحراك الجنوبي أن «الحراك ليس معنيا بالحوار مع صنعاء أو بما سيتمخض عنه من قرارات». وقال الشنفرة ل«الشرق الأوسط» إن «الحوار يخص المتحاورين في الجمهورية العربية اليمنية.. وإننا في ثورة في الجنوب وسنمضي فيها حتى تحقيق أهدافها باستعادة الدولة الجنوبية المنهوبة».
غير أن بعض الأوساط السياسية اليمنية أكدت ل«الشرق الأوسط» أن «مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل سوف تكون ملزمة للجميع حتى الذين لم يشاركوا في المؤتمر، وأن المجتمع الدولي الذي يشرف على التسوية السياسية في اليمن لن يقبل بوجود بؤر توتر في اليمن تعيد أجواء الحرب بعد المشوار الطويل الذي قطعته دول الخليج والولايات المتحدة وغيرها من الدول من أجل تجنيب اليمن شبح الحرب الأهلية».
وحسب ما هو مخطط له، فإن من المقرر وعقب الانتهاء من تقارير فرق العمل الميدانية حول جملة القضايا الخلافية وحسمها من قبل لجنة التوفيق، أن يجري الانتقال إلى الجلسات العامة للنقاشات الأخيرة من أجل اختتام هذه المرحلة الأهم من عمر الحوار الوطني، ثم الانتقال إلى مرحلة كتابة الدستور الجديد.
ويدور حديث في الساحة اليمنية عن إمكانية تمديد المرحلة الانتقالية لخمس سنوات مقبلة من أجل استيفاء قيام الدولة الاتحادية وتقسيم الأقاليم. لكن معظم الأطراف والأوساط ترفض التعليق على صحة هذه الأنباء، حيث من المقرر أن تنتهي المرحلة الانتقالية في فبراير (شباط) المقبل، بتنظيم انتخابات رئاسية وبرلمانية، غير أن المراقبين يؤكدون أن الفترة المتبقية ليست كافية لإنجاز كل الاستحقاقات كالتقسيم وكتابة الدستور وغيرها من الإجراءات المترتبة على إنهاء الفترة بالشكل المطلوب.
ويؤكد المبعوث الدولي إلى اليمن جمال بن عمر أن نهاية فترة حكم الرئيس عبد ربه منصور هادي ترتبط بإنهاء المسائل العالقة والخاصة بالتسوية السياسية وليست بموعد زمني محدد.
* المخاوف والقلاقل من أبرز الأجواء المصاحبة لمؤتمر الحوار، هي المخاوف من التدخلات الإيرانية عبر دعم جماعة الحوثي وفصيل نائب الرئيس السابق علي سالم البيض، وبالتالي تؤكد أوساط يمنية أن «أي فشل للتسوية السياسية يعني السيناريو الأسوأ وهو الحرب الأهلية، وأن ذلك سيفتح المجال أمام تدخلات إقليمية لن تكون في صالح اليمن»، هذا في وقت تلوح فيه الدول العشر المشرفة على التسوية السياسية في اليمن باستصدار قرارات أممية تعاقب كل من يقوم بأعمال تؤدي إلى عرقلة التسوية.
وإضافة إلى المعضلات السياسية التي تقف حجر عثرة أمام إنهاء مؤتمر الحوار وحلحلة القضايا العالقة في التسوية السياسية، تشهد الساحة اليمنية مشكلة الملف الأمني ونشاط تنظيم القاعدة المتنامي في معظم المحافظات اليمنية، المتمثل في سلسلة الاغتيالات التي طالت أكثر من 100 ضابط في المخابرات والجيش خلال العامين الماضيين، غير أن ما أزم الأوضاع بشكل أكبر منذ نحو شهرين، هو الصراع المذهبي المسلح الذي اندلع في منطقة دماج معقل الجماعة السلفية في محافظة صعدة بشمال البلاد مع جماعة الحوثي التي تسيطر على المحافظة، واتساع رقعة المواجهات المسلحة إلى المناطق والمحافظات المجاورة بالقرب من الحدود اليمنية - السعودية، وتهديد «القاعدة» للحوثيين بالانتقام لمقتل السلفيين بالمئات في الحرب غير المتكافئة بين الطرفين.
ويستخدم الحوثيون المدفعية والدبابات والرشاشات الثقيلة في ضرب دماج السلفية، فيما يظل تسليح السلفيين أقل من ذلك بكثير حيث يقاتلون بأسلحة شخصية، هذا إضافة إلى أنهم محاصرون في منطقة تدين بالكامل للحوثيين سياسيا ومذهبيا وعسكريا.
* أصوات الشباب ورغم الإجماع على أهمية الحوار، فإن هناك بعض الأصوات التي تنتقد أداء مؤتمر الحوار الوطني؛ ومن هذه الأصوات الشباب، حيث يرى الناشط الحقوقي وضاح الجليل في تصريح ل«الشرق الأوسط» أنه جرى الالتفاف على موضوع الفيدرالية التي يراها نموذجا لشكل الدولة التي تحافظ على التنوع المجتمعي و«تحقق الثراء وتحافظ على الهويات الثقافية ضمن هوية وطنية جامعة، يتم إنتاج مسخ لها الآن في مؤتمر الحوار». وأضاف: «ما حدث في هذا المؤتمر كان التفافا على المنطق والحقيقة، فنحن نحتاج إلى فيدرالية تحمي مستقبلنا، لكن جرى إنتاج حلول ارتجالية تشي بنوايا سيئة للإساءة لهذا المفهوم أصلا».
ويعتقد الجليل أن «ما يحدث مؤخرا يأتي على خلفية خلافات ونزاعات بين أطراف ومراكز قوى تتصدر المشهد باسم أصحاب المصلحة الحقيقية وهم الشعب الذي قدم التضحيات من أجل إحداث التغيير». وقال إن «الخلافات قادت أولا إلى خرق النظام الداخلي لمؤتمر الحوار الذي صدر بقرار جمهوري، ومن ثم جرى تشكيل لجنة لصياغة حلول غير علمية أو غير موضوعية تقوم على فيدرالية مرتجلة ويجري صياغتها وفق أمزجة المتحاورين من ممثلي هذه القوى والأطراف التي تطمع لتكوين مراكز قوى جديدة على حساب القضايا المجتمعية التي لم يجر حلها في مؤتمر الحوار حتى الآن، ولا يبدو أن ثمة إمكانية لحلها حتى اللحظة».
* الهجوم على الأمم المتحدة وتشهد الساحة اليمنية ومنذ عدة أيام هجوما سياسيا وإعلاميا لاذعا ضد المبعوث الأممي إلى اليمن، جمال بن عمر وبالأخص من قبل حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يتزعمه الرئيس السابق علي عبد الله صالح، وانتقل الهجوم إلى تحت قبة مجلس النواب (البرلمان)، حيث شن أعضاء البرلمان من حزب المؤتمر هجوما شديد اللهجة على المبعوث الأممي وعدوه وصيا على اليمن ولم يعد وسيطا دوليا.
وفي هذا الصدد، يقول ياسر اليماني، القيادي في حزب المؤتمر الشعبي، ل«الشرق الأوسط» إن «الأمور تسير في اليمن وفقا لما يخطط له الإخوان المسلمون بالتعاون، مع الأسف الشديد، مع مندوب الأمين العام للأمن المتحدة جمال بن عمر الذي كان وسيطا وتحول بقدرة قادر، والإخوان المسلمون، إلى وصي على اليمن الذي يسير نحو الفوضى التي جرى التخطيط لها». ويضيف اليماني أن اليمن «يحكم اليوم بأسوأ قيادة وحكومة عرفها التاريخ اليمني المعاصر، حكومة فشلت في ضبط المخربين.. للأسف اليمن يعيش خارج نطاق التغطية السياسية والأمنية والاقتصادية.. نحن لا نتشاءم، ولكن نقول إن اليمن يسير نحو ال(لا دولة) ونحو الفوضى، خاصة أننا شارفنا على انتهاء الفترة المقررة للمرحلة الانتقالية، دون أي تقدم يذكر من قبل حكومة الوفاق التي للأسف جاءت لنهب وتدمير ما تبقى في اليمن».
ويردف القيادي المؤتمري ل«الشرق الأوسط» أنه و«بعد الفشل الذي فشلته الحكومة وبن عمر في إنجاح العملية السياسية من خلال الفترة الانتقالية.. يحاولون اليوم وضع بدائل أسوأ من ذي قبل ويسعون إلى التمديد لأنفسهم، وحل مجلس النواب، وإحلال مؤتمر الحوار بدلا منه.. وهذه هي الكارثة المقبلة لليمن والأشقاء في الخليج، النار التي سوف تشتعل في اليمن ستصل إلى الجيران في الخليج، خاصة أن الإخوان المسلمين تحولوا في اليمن إلى مؤخرة للإخوان المسلمين في المنطقة ومصر، فالامتداد أصبح من اليمن من تمويل مادي وبشري».
وفي أول تعليق له على الهجوم الذي يتلقاه من بعض الأطراف في الساحة اليمنية، قال جمال بن عمر ل«الشرق الأوسط» إنهم يلاحظون أن «هناك حملة ممنهجة ضد الأمم المتحدة والعملية السياسية في اليمن»، وإن هذه الحملة «تشن من قبل أطراف متخوفة من الأمم المتحدة ومجلس الأمن الذي لطالما تكلم بصوت واحد ولا يزال، والمجتمع الدولي مستعد لاتخاذ ما يلزم من إجراءات ضد معرقلي العملية السياسية. وفي الحقيقة تلقيت اتصالات من عدد كبير من قيادات (المؤتمر الشعبي) والتقيت آخرين منهم.. استنكروا جميعا الحملة الممنهجة التي تستهدف الأمم المتحدة وأبدوا تقديرهم لدورها في التسوية السياسية وفي تقريب وجهات النظر بين مختلف الأطراف». وأكد المبعوث الأممي ل«الشرق الأوسط» أن «الأمم المتحدة تقف على مسافة واحدة من جميع الأطراف، وليست لديها مصالح خاصة، بل هدفها الأساسي إنجاح مؤتمر الحوار والعملية السياسية لإيصال اليمن إلى بر الأمان، والمؤتمر الشعبي شريك أساسي في التسوية وفي العملية السياسية، ونتمنى أن يواصلوا التعاون مع باقي الأطراف للمشاركة في صنع مستقبل أفضل لليمن».
* مخاوف سياسية ينظر كثير من المواطنين اليمنيين بتفاؤل حذر إلى مجريات مؤتمر الحوار الوطني، حيث عبر بعض المواطنين الذين تحدثت إليهم «الشرق الأوسط» عن مخاوفهم من أن تكون مخرجات الحوار بداية إلى إعادة تشطير البلاد مرة أخرى، حيث ينظر بعض اليمنيين إلى الفيدرالية على أنها نوع من أنواع الانفصال، ويرجع محللون سياسيون ذلك إلى مرحلة ما بعد قيام الوحدة اليمنية والأزمة السياسية مطلع عقد تسعينات القرن الماضي، حيث كان يطرح أن الفيدرالية تعني الانفصال. وتظل آفاق مخرجات مؤتمر الحوار الوطني، إذا حظيت بالإجماع، هي أكبر المنجزات في نظر آخرين، لكن التطورات الراهنة سياسيا وأمنيا واقتصاديا تحير معظم المراقبين في استقراء مستقبل اليمن وإلى أين يتجه، فيما المواطنون يضعون أيديهم على قلوبهم خوفا من الغد المجهول.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.