خيبة أمل كبيرة في صفوف إخوان اليمن من فشل محاولة المصالحة مع جماعة الحوثي والتي كانوا يهدفون من ورائها إلى وقف عملية اجتثاثهم بعد هزيمتهم على يد أعدائهم، فيما لم يكن الطرف الثاني يهدف إلى أكثر من “تنويم” خصومه ربحا للوقت. أعلن حزب التجمّع اليمني للإصلاح الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين في اليمن عن فشل محاولة المصالحة التي حاول إجراءها مع جماعة الحوثي بعد سلسلة الهزائم الميدانية التي مني بها في مواجهته مع الجماعة الشيعية وأفضت إلى سيطرة الأخيرة على معاقله خصوصا في محافظتي عمران والعاصمة صنعاء، وتدشينها حملة من الملاحقات لقيادييه والاستيلاء على مقرّاته وممتلكاته. غير أن محاولة المصالحة لم توقف مطاردة الحوثي لرموز جماعة الإصلاح ما مثّل خيبة أمل للحزب عبّر عنها أمس في بيان قال فيه إنّه يأسف “لإخفاق عملية التواصل المباشر مع الحوثيين لوقف الاستهداف الممنهج لمقرات الحزب وكوادره”. وبدا أن الحزب الإخواني في ورطة دفعته إلى محاولة الاستنجاد بدول جوار اليمن رغم علم قياداته بأنّ لجلّ تلك الدول موقفا صارما تجاه جماعة الإخوان. ودعا رؤساء الدوائر السياسية في حزب الإصلاح “دول الجوار والدول الراعية للمبادرة الخليجية إلى الوقوف مع اليمن في الظروف الحرجة التي قد ينزلق فيها إلى مآلات خطرة تنعكس على أمن واستقرار المنطقة والعالم”. وجاءت الدعوة في ختام لقاء تشاوري موسّع لمسؤولي الدوائر بالحزب خصص لمناقشة مستجدات الوضع في اليمن، حيث يرجح ميزان القوى بشكل واضح لصالح جماعة أنصارالله الحوثية المدعومة إيرانيا. وطالب المشاركون في اللقاء القوى السياسية اليمنية “بتحمل مسؤولياتها التاريخية في الحفاظ على كيان الدولة والسعي نحو بناء اليمن الجديد وفق مخرجات الحوار الوطني والالتزام الجاد والكامل بما ورد في اتفاق السلم والشراكة والإسراع في إنهاء المرحلة الانتقالية من خلال الاستفتاء على الدستور وإجراء الانتخابات”. ويتّضح من هذا الخطاب أنّ الحزب الإخواني يغلّف استنجاده بدول الجوار بمصلحة البلد والدولة، لعلمه بالموقف الصارم لمعظم دول الخليج من جماعة الإخوان. مغامرة الحرب في محافظة عمران فتحت الطريق أمام ميليشيات الحوثي للزحف على العاصمة ويحمّل يمنيون جماعة الإخوان المسلمين، وجماعة الحوثي، على حدّ سواء مسؤولية ما آلت إليه أوضاع البلاد، مشيرين إلى أن مغامرة الحرب التي خاضها الإخوان في محافظة عمران باستخدام القبائل الموالية لهم، وكذلك لواء مدرّع في الجيش بقيادة الضابط التابع للجماعة العميد حميد القشيبي، هي ما أفضى إلى تغوّل ميليشيات الحوثي وزحفها على العاصمة ومحافظات أخرى بعد مقتل القشيبي. وجاءت دعوة حزب الإصلاح هذه بعد أن احترقت ورقة المصالحة مع جماعة الحوثي والتي كان هدفها إنقاذ ما يمكن إنقاذه في ظل تغوّل الجماعة الشيعية في اليمن وسيطرتها على مقاليد الدولة وشروعها في اجتثاث خصومها، وعلى رأسهم جماعة حزب الإصلاح. وكان إخوان اليمن فاجأوا الملاحظين منذ أسابيع بتدشين عملية مصالحة مع الحوثيين الذين سبق أن هزموهم في صنعاء وفي محافظات يمنية أخرى بأن بعثوا وفدا منهم للقاء عبدالملك الحوثي في صعدة، وصدر إثر اللقاء بيان ورد فيه “أنه تم الاتفاق على استمرار التواصل لإنهاء كل أسباب التوتّر ومعالجة التداعيات التي حدثت خلال الفترة الماضية”. وصنّف المراقبون تلك الخطوة التي خطاها إخوان اليمن باتجاه ألد أعدائهم “في سياق انحنائهم المعروف للعواصف وعدم لجوئهم إلى خيار المواجهة كما كان الحال في زمن الرئيس السابق علي عبدالله صالح الذي ظل الإخوان في تحالف معه حتى العام 2011 حين لاحت لهم الفرصة للانقضاض على حكمه”. وتكريسا لما سماه مراقبون ب”النفاق السياسي بين الحوثيين وجماعة الإخوان” قالت الجماعة الشيعية آنذاك إنّ اتفاقها مع حزب الإصلاح يهدف لفتح حوار “يؤسس لمرحلة جديدة من المحبة والتسامح والتعايش بين الطرفين”. لكنّ ما سمّاه حزب الإصلاح “تواصلا” مع الحوثيين لم يثمر على الأرض، حيث بدا عمليا أن الطرف الثاني لم يكن يهدف إلى أكثر من “تنويم” أعدائه ربحا للوقت، فيما يواصل عمليا حربه عليهم. وتبدت خيبة إخوان اليمن من المصالحة مع الحوثيين أمس بشكل جلي في بيان حزب الإصلاح الذي نشره على موقعه الإلكتروني وقال فيه إنه “في الوقت الذي كان ينتظر فيه تسليم ما تحت أيدي الحوثيين من مقرات وإعادة المنهوبات، إذا بهم يقدمون على تفجير العديد من مقرات الحزب في مديرية أرحب، مع استمرار احتلالهم للعشرات منها في أمانة العاصمة ومحافظاتعمرانوصنعاء وإب”. كما أعرب الحزب عن قلقه من تصاعد التدهور الأمني، وانتهاكات حقوق الإنسان، ومنها استمرار إزهاق أرواح العشرات من اليمنيين، وانتهاك حرمات منازل الخصوم السياسيين، وحالات الاختطاف والإخفاء القسري والتعذيب الممنهج للناشطين السياسيين، حسب البيان. وبدا الحزب في بيانه قلقا من عملية اجتثاثه من مؤسسات الدولة بعد أن كان يحتلّ مواقع هامة فيها، واصفا التعيينات الأخيرة للمسؤولين بأنها “استمرار لعملية الإقصاء للقوى السياسية لصالح جماعات العنف المسلح، وانتهاك صارخ لسائر الاتفاقات التي تحكم المرحلة”، وداعيا “الحوثيين لتنفيذ التزاماتهم وفقا لاتفاق السلم والشراكة، بسحب ميليشياتهم المسلحة من العاصمة وبقية المحافظات ووقف الممارسات غير القانونية في استهداف خصومهم السياسيين ومن يخالفونهم الرأي”. كما دعا الحزب جماعة الحوثي إلى “إعادة الممتلكات العامة والخاصة التي استولت عليها ميليشياتهم، وإخلاء مقرات حزب الإصلاح”. وكان مسلحون تابعون لجماعة الحوثي فجّروا خلال الأسابيع الماضية عددا من مقار حزب الإصلاح في مديرية أرحب شمالي صنعاء رغم اتفاق مبدئي بين الجماعة والحزب على التهدئة الإعلامية ووقف التحريض، والشروع في الحوار.