يسابق الحوثيون الزمن لاستمالة مشايخ وزعماء القبائل في صنعاء والمناطق المحيطة بها، وضمهم لصفوفهم، بالتزامن مع استمرار تقدم قوات الجيش الوطني والمقاومة في مناطق واسعة بمديرية نهم (شرق صنعاء)، واقترابها من مديرية بني حشيش. وبحسب مصادر قبلية، فقد التقى رئيس "اللجنة الثورية العليا" التابعة للحوثيين محمد علي الحوثي خلال الأيام الماضية مشايخ من مديريات الحيمة الداخلية وأرحب وبني حشيش، وحثهم على الوقوف معهم في معركة "الشرف والكرامة"، وحاول من خلال كلماته إثارة البعد المناطقي بتخويفهم من تسليم مناطقهم لمن يريدون "احتلالهم"، على حد قوله. ويأمل الحوثيون كسب رجال القبائل لصفوفهم أو تحييدهم عن مواجهتهم والحيلولة دون وقوفهم مع الشرعية، على غرار دخولهم صنعاء في 21 سبتمبر/أيلول 2015 دون مواجهة، كما يستهدفون من يعدونهم خصوما لهم، خاصة بمديرية أرحب (شمال العاصمة) بشراء ولاء المشايخ بتعيينات إدارية بأجهزة الدولة. محاولة خاسرة الناطق باسم المقاومة بصنعاء عبد الله الشندقي، رأى تحركات الحوثيين لكسب ولاء القبائل محاولة خاسرة تعبر عن حالة خوف من انفضاض القبائل التي كانت تواليهم بعد انكشاف حقيقة مشروعهم، وتعرضها للانتهاكات سواء بقتل رجالها أو تهجيرهم أو تفجير المنازل. وأكد -في حديث للجزيرة نت- أن الكثير من هذه القبائل تقف مع الشرعية وتساند المقاومة في معارك مديرية نهم، وبعضها ينتظر دورها عند انتقال المواجهات إلى مديرياتها. كما استبعد الباحث الاجتماعي محمد بن محمد تأييد قبائل حزام صنعاء للحوثيين، على غرار العام الماضي، بعدما ظهروا على حقيقتهم متنكرين لشعارات الشراكة الوطنية بممارسة الإقصاء بحق الآخرين، وتعرض بعض من أيدوهم للأذى. وأضاف للجزيرة نت "لكن هذا لا يعني تأييد القبائل لشرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي، لشعورهم بخذلانه بعدم مواجهة الحوثيين عند دخولهم صنعاء عام 2014، ما لم يحصل تغيير يعيد لهم الثقة من قبيل الدفع بشخصيات عسكرية مثل اللواء علي محسن الأحمر مستشار الرئيس لشؤون الدفاع والأمن. خطاب تعبوي من جانبه، عزا الكاتب والمحلل السياسي عبد العزيز المجيدي التحركات الحوثية إلى أمرين: الأول يرتبط بوصول قوات الجيش الوطني والمقاومة إلى تخوم العاصمة، والثاني أن الحوثيين يعدّون هذه المناطق خزان إمداد لهم بالمقاتلين. وأشار في حديث للجزيرة نت إلى أن الحوثيين يستنفرون جهودهم تحت عناوين متداخلة، عبر الارتباطات العصبية والقبلية والمذهبية والمناطقية، واستثمار الفقر والأمية في هذه المناطق، وهو ما يزيد الاندفاع نحو خطاب العصبيات والبحث عن المال، كما حصل عند اجتياح صنعاء. لكنه استدرك بأن القبائل وزعاماتها براجماتية أكثر، وهي تنحاز لمن تميل الكفة لصالحه، طمعا في ترتيب وضعها في المستقبل، وتحقيق مكسب آني بالحصول على المال. واقترح المجيدي على السلطة الشرعية والتحالف التصعيد ميدانيا بإسقاط بعض المديريات الرئيسية أو إشعال قتال فيها، لتسريع تفكيك تحالف الانقلابيين، وتمكين شخصيات مؤثرة وذات مصداقية من تلك المحافظات لكسب ود القبائل المحيطة بصنعاء. وشدد في الوقت ذاته على أن "الأهم هو الدفع بقوات جيش وطني من أبناء تلك المناطق ليكونوا هم كتلة العمل العسكري على الأرض، لتجنب تعقيدات الحساسيات المناطقية والمذهبية".