تستمر المواجهات العنيفة في مختلف جبهات القتال في محافظة تعز، ثالث كبرى المدن اليمنية، وسقط خلال مواجهات اليومين الماضيين قتلى وجرحى من جانبي الشرعية والانقلاب، إلى جانب مدنيين قتلوا جراء القصف المستمر من قبل ميليشيات الانقلاب على مساكنهم في مدينة تعز، وقرى وأرياف المحافظة. وتواصل قوات الشرعية تصديها لهجمات الميليشيات الانقلابية على مواقعها في مختلف جبهات القتال، وكبدوهم الخسائر الكبيرة في الأرواح والعتاد. وقالت مصادر ميدانية في المقاومة الشعبية ل«الشرق الأوسط» إن «قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية كسرت هجمات الميليشيات الانقلابية في الجبهة الشرقية، ومنعتهم أيضًا من التقدم إلى مواقع الجيش والمقاومة في الصومعة في منطقة جبهة الزنوج وعصيفرة، شمال المدينة، ومحيط اللواء 35 مدرع، وجبل هان الاستراتيجي، غربًا». وأضافت المصادر أن «الميليشيات تواصل الدفع بالتعزيزات العسكرية الكبيرة بعدما أصبحوا يعيشون في حالة تخبط كبيرة جراء الخسائر التي يتلقونها جراء المواجهات، وكذلك غارات التحالف العربي التي تستهدفهم باستمرار، بل إنهم أصبحوا يعيشون الذعر النفسي». ودكت مدفعية المقاومة الشعبية مواقع الميليشيات الانقلابية في منطقة الحرير والأربعين شمال شرق المدينة، واستطاعوا إصابة الأهداف بدقة كبيرة، وفقًا لمصادر المقاومة، التي أضافت أن القوات كبدت الانقلاب خسائر كبيرة في العتاد وخسائر بشرية، إضافة إلى سقوط قتلى وجرح ما يقارب 11 عنصرًا من عناصر الميليشيات بجوار مستشفى ابن سيناء بقذيفة هاون، حيث كانوا يتجهزون للهجوم على مواقع المقاومة الشعبية في حي الدعوة وحسنات، شرق المدينة. كما تم استهداف طقم عسكري للميليشيات كان على متنه 7 أفراد بقذيفة هاون أدت إلى إعطاب الطقم، وسقوط قتلى وجرحى من الميليشيات، ومثلهم سقوط 6 أفراد من عناصر الميليشيات الانقلابية بقذيفة هاون أخرى كانوا مجتمعين في جولة القصر الجمهوري. إلى ذلك، قال شهود عيان ل«الشرق الأوسط» إن طيران التحالف كثف من تحليقه المستمر على سماء تعز، وأرياف المحافظة، واستهدف أمس تجمعات للميليشيات الانقلابية في مفرق شرعب بتعز، غرب المدينة. كما استهدفت غارات طيران التحالف العربي مواقع لميليشيات الحوثي، والمخلوع صالح الانقلابية في منطقة حذران، غرب تعز. من جهة أخرى، كشفت منظمة حقوقية، غير حكومية، بالأرقام عن حالات التعذيب والوفيات التي يتعرض لها المدنيون في سجون ميليشيات الحوثي والموالين لها من قوات المخلوع صالح الانقلابية. جاء ذلك خلال تدشين المنظمة الوطنية للتنمية الإنسانية في مدينة تعز، أمس (السبت)، الحملة الوطنية «لمناهضة التعذيب» للمختطفين في سجون ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح الانقلابية. وخلال التدشين، استعرض المنظمون تقريرا صادرا عن التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان، وفيها حالات التعذيب التي تعرض لها مختطفون في اليمن خلال الفترة من يوليو (تموز) 2014 وحتى سبتمبر (أيلول) 2016. ووثق التقرير «274 حالة تعذيب، احتلت محافظة ذمار المرتبة الأولى من حيث عدد حالات التعذيب، ومن ثم محافظاتلحج وإب وأمانة العاصمة صنعاءوتعز والحديدة والبيضاء وعدن وعمران». وكشف التقرير عن تسجيل «57 حالة وفاة مختطفين داخل سجون الميليشيات خلال الفترة نفسها، بينها 26 حالة وفاة تحت التعذيب و12 حالة إعدام وتصفية بالرصاص الحي لمختطفين داخل السجون و12 حالة وفاة نتيجة استخدام مختطفين دروعا بشرية من قبل الميليشيات الانقلابية في محافظات عدة، أبرزها ذمار»، إضافة إلى تسجيل «10 حالات وفاة لمختطفين مدنيين داخل سجون ميليشيات الحوثي وصالح نتيجة تدهور صحتهم وعدم السماح لهم بتلقي العلاج بشكل كامل». وذكر التقرير تسجيله ل«203 حالات تعذيب جسدي ونفسي تعرض لها المختطفون المدنيون في سجون الميليشيات الانقلابية، جراء استخدام مختلف وسائل التعذيب»، مشيرا إلى أن «الأرقام المعلنة لا تمثل كل حالات التعذيب في اليمن، وإنما تمثل فقط الحالات التي تم التحقيق فيها من قبل فريق الرصد». وبحسب التقرير الصادر الذي تم عرضه، فقد ذكرت إحصائيات حقوقية أن حالات التعذيب في اليمن بلغت 4698، موزعة على 17 محافظة يمنية، وذلك خلال الفترة من يوليو 2014 وحتى أبريل 2016. في السياق ذاته، أعلنت المنظمة الوطنية مع شركائها المحليين والدوليين إطلاق حملة إلكترونية مرفقة بوسم (هاشتاغ) #أوقفوا_التعذيب_في_اليمن باللغات العربية والإنجليزية والفرنسية. وتهدف الحملة إلى «إبراز قضية التعذيب الذي تمارسه ميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية على معارضيها وخصومها السياسيين المختطفون لديها». من جهة أخرى، واحتفاء باليوم العالمي للسلام، نظمت مؤسسة «تمدين شباب»، منظمة مجتمع مدني غير حكومية، ورشة عمل خاصة بعنوان «الآثار الاجتماعية للصراع في تعز وسبل تعزيز التعايش والسلام الاجتماعي». وتهدف الورشة إلى إيجاد تشخيص موضوعي ودقيق لمجمل الصراع في محافظة تعز وآثاره المجتمعية، إضافة إلى هدفها في خلق دعم مجتمعي مساند وضغط دولي باتجاه صناعة السلام. وقدم المنظمون في الورشة عرضا متكاملا في المؤسسة توضح بالأرقام «حجم الخسائر والأضرار المادية التي لحقت بالمجتمع في تعز جراء المواجهات»، كما تطرقوا إلى «الانعكاسات السلبية والآثار المعنوية السيئة في تعز جراء الأحداث على وحدة النسيج الاجتماعي». وتطرق المشاركون في الورشة إلى مجموعة من التصورات والحلول التي من شأنها الحد من «آثار الحرب على التعايش السلمي بين مكونات المجتمع المحلي وتفعيل أدوار اجتماعية معينة في خدمة السلم الاجتماعي بمشاركة فئات المجتمع كافة، إضافة إلى تسليط الضوء حول دور منظمات المجتمع المدني في هذا الخصوص».