تحتل قضية الطاقة الصدارة في قائمة اهتمامات الحكومات حول العالم ، ونتيجة لتحرك العديد من دول العالم والتوجه إلى استخدام المصادر المتجددة لتوليد الطاقة بما يحد من الآثار المترتبة عن ظاهرة تغيير المناخ ، و التي أصبحت تؤرق الحكومات لما تسببه من خسائر اقتصادية فادحه تقدر بمئات مليارات الدولارات . تعددت في السنوات الأخيرة المشاريع العربية لاستغلال موارد الطبيعة - المتجددة و النظيفة- من أجل إنتاج الطاقة . في هذا التقرير نستعرض تجربة المملكة الاردنية الهاشمية المتمثلة بمشروع " شمس معان"
"معان" أحد كنوز الأردن الدفينة... في قلب الجنوبالأردني تقع مدينة معان المزدانة، التي تعد كنزاً وطنياً ، فهي غنية بمصادرها الطبيعية ابتداءً من الطاقة الشمسية وانتهاءً بالثروة المعدنية. تمتاز "معان" بموقعها الاستراتيجي المتمركز على مفترق الطرق ما بين الأسواق الاقتصادية المترامية في كل من السعودية والعراق وسوريا، كما أنها تعد محطة للحجاج والمعتمرين في طريقهم إلى الديار المقدسة، مما جعلها وجهة جذابة للمستثمرين وأصحاب المشاريع والزوار على حد سواء. ومما يعزز في نهضة معان، انتماؤها لبلد غني بالفرص المتنوعة؛ نجح في ترسيخ اسمه كوجهة استثمارية مختارة، يساعده في ذلك موقعه الاستراتيجي، ومناخه السياسي المستقر والآمن، واتفاقيات التجارة الحرة المتعددة مع الولاياتالمتحدة والعديد من الشركاء التجاريين، إضافة إلى توافر الموارد البشرية المؤهلة والكفاءات التي ينبض بها الأردن إجمالاً، مع أن معان نفسها تزخر بالمواهب البشرية الشابة والمؤهلة التي تزودها بها جامعة الحسين بن طلال.
منطقة "معان" التنموية ... في العام 2008م قامت الحكومة الأردنية بصياغة قانون المناطق التنموية والذي تمت المصادقة عليه من قبل البرلمان الأردني مباشرة، ونص القانون على العمل على تأسيس مناطق تنموية في شمال وجنوب المملكة، بهدف تحقيق الازدهار الاقتصادي والاجتماعي لجميع المواطنين الأردنيين. وكانت إحدى المناطق التي تم اختيارها لاستضافة المنطقة التنموية هي مدينة معان الواقعة في جنوبالأردن.
رؤية طموحة للمستقبل... جاء هذا القانون في أطار سعي الحكومة الأردنية لتحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية في الأردن، وتأمين فرص عمل جديدة لساكني تلك المناطق ، و جذب المستثمرين من خلال مأسسة مناخ استثماري ملائم للمشاريع الاستثمارية. و يعتبر مشروع شمس معان أحد المشاريع الرائدة في مجال الطاقة المتجددة في الأردن ، وهو أحد الحلول العملية لمشكلة الطاقة في الأردن، وقد صُمم المشروع طبقاً لأعلى المعايير العالمية وباستخدام الخلايا الضوئية المستدامة لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية ، وسيعمل على توليد 160 ميجاواط / ساعة سنويا. الأردن. تبلغ مساحة المجمع الشمسي الاول 5 كم مريع تم تأجيرها بالكامل الى 9 مطورين وذلك لتوليد ما قدرته 160 ميجا واط من الطاقة الكهربائية وذلك بواسطة تكنولوجيا الالواح الفلتوضوئية بحجم استثمار يبلغ 170 مليون دولار. تبلغ مساحة المجمع الشمسي الثاني 18.5 كم مربع ، كما سيمنع المشروع من انبعاث 90 ألف طن من ثاني أكسيد الكربون.
مميزات منطقة معان... تتمتع منطقة معان التنموية بالعديد من المزايا التنافسية في مجال الطاقة الشمسية من ابرزها: اعلى اشعاع شمسي مباشر (DNI) في الصحراء العربية وشمال افريقيا والجزيرة العربية, حيث يبلغ 2700 كيلو واط/ساعة/متر مربع/سنة . كما تمتاز بأعلى اشعاع شمسي كلي (GHI) في الصحراء العربية وشمال افريقيا والجزيرة العربية, حيث يبلغ 2300 كيلو واط/ساعة/متر مربع/سنة. أضافة إلى الطبيعة المنبسطة للأرض و الارتفاع عن سطع البحر، والانخفاض النسبي لنسبة الرطوبة والغبار ، و يمتاز موقعها بالقرب من شبكة الضغط العالي والمتوسط الوطنية، و جود مركز فني للتدريب في مجال الطاقة المتجددة. ما يزيد من أهمية هذا المشروع هو وجوده في مدينة معان التي تصنف على أنها من أكثر المناطق في العالم التي تتعرض لأشعة الشمس كما أن هناك مزايا تنافسية أخرى في مجال الطاقة المتجددة من حيث الطبيعة المنبسطة للأرض والارتفاع عن سطح البحر واعتدال الحرارة وانخفاض نسبة الرطوبة والغبار نسبيا.
شركة تطوير معان ... تأسست شركة تطوير معان بهدف العمل على تطوير منطقة معان التنموية والترويج لها, وهي عبارة عن مشروع يتكون من أربعة محاور رئيسية يساهم كل منها في رفع مستوى المعيشة في معان وجنوبالأردن وفي المملكة بأسرها. وقامت على هذا المشروع شركة الجنوب للإعمار والتطوير بالشراكة مع شركة المدن الصناعية وجامعة الحسين بن طلال، وشركة الجنوب للإعمار والتطوير هي شركة مملوكة بالكامل من صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية و تُعنى بتطوير المناطق الجنوبية من المملكة من خلال إقامة مشاريع متميزة تساهم في تحفيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية في تلك المناطق. تعمل هذا الشركة على الإشراف على نجاح وتنمية منطقة معان التنموية وتسعى لترسيخ صورة هذه المنطقة على أنها وجهة آمنة وجذابة للمستثمرين والمطورين، وعامل للتغيير الإيجابي في محافظة معان، بالإضافة إلى توفير بيئة ملائمة للاستثمار في هذا المنطقة التي تتميز عن غيرها من المناطق. ويعتبر هذا المشروع من ضمن الجهود التي تقوم بها حكومة المملكة الاردنية الهاشمية من أجل إيجاد مصادر نظيفة لتوليد الطاقة، وذلك من أجل الحفاظ على البيئة و تقليص الاعتماد استخدام الوقود الأحفوري ، خصوصاً وأن العديد من الدول تسعى على الحفاظ على البيئة من خلال استخدام الموارد المتجددة (النظيفة) في إنتاج الطاقة وذلك لمواجهة الآثار المترتبة على التغيير المناخي ، والذي يهدد العديد من اقتصاديات دول العالم ويلحق بها خسائر فادحة. أن قصة نجاح مشروع " معان " الاردنية نموذج رائع لتوفر الحلول لمشكلة الطاقة في الوطن العربي ، وأن أمكانية تنفيذ مثل هكذا مشاريع تحتاج إلى توفر إرادة سياسية مشجعة للاستثمار في مثل هكذا مشاريع ، من أجل الحفاظ على الموارد وتحقيق الرفاة الاقتصادي. .......