دربي مدينة سيئون ينتهي بالتعادل في بطولة كأس حضرموت الثامنة    تضامن حضرموت يحلق بجاره الشعب إلى نهائي البطولة الرمضانية لكرة السلة لأندية حضرموت بفوزه على سيئون    الارياني: مليشيا الحوثي استغلت أحداث غزه لصرف الأنظار عن نهبها للإيرادات والمرتبات    رعاية حوثية للغش في الامتحانات الثانوية لتجهيل المجتمع ومحاربة التعليم    مجلس وزارة الشؤون الإجتماعية والعمل يناقش عدداً من القضايا المدرجة في جدول أعماله    "مسام" ينتزع 797 لغماً خلال الأسبوع الرابع من شهر أبريل زرعتها المليشيات الحوثية    الصين تبدأ بافتتاح كليات لتعليم اللغة الصينية في اليمن    تشيلسي يسعى لتحقيق رقم مميز امام توتنهام    استشهاد أسيرين من غزة بسجون الاحتلال نتيجة التعذيب أحدهما الطبيب عدنان البرش    صواريخ الحوثي تُبحِر نحو المجهول: ماذا تخفي طموحات زعيم الحوثيين؟...صحفي يجيب    المنخفض الجوي في اليمن يلحق الضرر ب5 آلاف أسرة نازحة جراء المنخفض الجوي باليمن    انهيار حوثي جديد: 5 من كبار الضباط يسقطون في ميدان المعركة    نائب رئيس نادي الطليعة يوضح الملصق الدعائي بباص النادي تم باتفاق مع الادارة    شاب سعودي يقتل أخته لعدم رضاه عن قيادتها السيارة    كان طفلا يرعى الغنم فانفجر به لغم حوثي.. شاهد البطل الذي رفع العلم وصور الرئيس العليمي بيديه المبتورتين يروي قصته    الهلال يلتقي النصر بنهائي كأس ملك السعودية    تعز.. حملة أمنية تزيل 43 من المباني والاستحداثات المخالفة للقانون    أثر جانبي خطير لأدوية حرقة المعدة    توضيح من أمن عدن بشأن مطاردة ناشط موالٍ للانتقالي    أهالي اللحوم الشرقية يناشدون مدير كهرباء المنطقة الثانية    صدام ودهس وارتطام.. مقتل وإصابة نحو 400 شخص في حوادث سير في عدد من المحافظات اليمنية خلال شهر    ضلت تقاوم وتصرخ طوال أسابيع ولا مجيب .. كهرباء عدن تحتضر    قيادي حوثي يخاطب الشرعية: لو كنتم ورقة رابحة لكان ذلك مجدياً في 9 سنوات    الخميني والتصوف    نجل القاضي قطران: والدي يتعرض لضغوط للاعتراف بالتخطيط لانقلاب وحالته الصحية تتدهور ونقل الى المستشفى قبل ايام    انهيار كارثي.. الريال اليمني يتراجع إلى أدنى مستوى منذ أشهر (أسعار الصرف)    إنريكي: ليس لدينا ما نخسره في باريس    جماعة الحوثي تعيد فتح المتحفين الوطني والموروث الشعبي بصنعاء بعد أن افرغوه من محتواه وكل ما يتعلق بثورة 26 سبتمبر    جريدة أمريكية: على امريكا دعم استقلال اليمن الجنوبي    محلل سياسي: لقاء الأحزاب اليمنية في عدن خبث ودهاء أمريكي    بن الوزير يدعم تولي أحد قادة التمرد الإخواني في منصب أمني كبير    الرئيس الزُبيدي يُعزَّي الشيخ محمد بن زايد بوفاة عمه الشيخ طحنون آل نهيان    15 دقيقة قبل النوم تنجيك من عذاب القبر.. داوم عليها ولا تتركها    أولاد "الزنداني وربعه" لهم الدنيا والآخرة وأولاد العامة لهم الآخرة فقط    خطوة قوية للبنك المركزي في عدن.. بتعاون مع دولة عربية شقيقة    سفاح يثير الرعب في عدن: جرائم مروعة ودعوات للقبض عليه    يمكنك ترك هاتفك ومحفظتك على الطاولة.. شقيقة كريستيانو رونالدو تصف مدى الأمن والأمان في السعودية    مخاوف الحوثيين من حرب دولية تدفعهم للقبول باتفاق هدنة مع الحكومة وواشنطن تريد هزيمتهم عسكرياً    الحوثيون يعلنون استعدادهم لدعم إيران في حرب إقليمية: تصعيد التوتر في المنطقة بعد هجمات على السفن    مبلغ مالي كبير وحجة إلى بيت الله الحرام وسلاح شخصي.. ثاني تكريم للشاب البطل الذي أذهل الجميع باستقبال الرئيس العليمي في مارب    غارسيا يتحدث عن مستقبله    مكتب التربية بالمهرة يعلن تعليق الدراسة غدا الخميس بسبب الحالة الجوية    انتقالي لحج يستعيد مقر اتحاد أدباء وكتاب الجنوب بعد إن كان مقتحما منذ حرب 2015    مياه الصرف الصحي تغرق شوارع مدينة القاعدة وتحذيرات من كارثة صحية    إبن وزير العدل سارق المنح الدراسية يعين في منصب رفيع بتليمن (وثائق)    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و568 منذ 7 أكتوبر    كيف تسبب الحوثي بتحويل عمال اليمن إلى فقراء؟    هربت من اليمن وفحصت في فرنسا.. بيع قطعة أثرية يمنية نادرة في الخارج وسط تجاهل حكومي    المخا ستفوج لاول مرة بينما صنعاء تعتبر الثالثة لمطاري جدة والمدينة المنورة    هذا ما يحدث بصنعاء وتتكتم جماعة الحوثي الكشف عنه !    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    اعتراف رسمي وتعويضات قد تصل للملايين.. وفيات و اصابة بالجلطات و أمراض خطيرة بعد لقاح كورونا !    وزارة الأوقاف بالعاصمة عدن تُحذر من تفويج حجاج بدون تأشيرة رسمية وتُؤكّد على أهمية التصاريح(وثيقة)    عودة تفشي وباء الكوليرا في إب    القرءان املاء رباني لا عثماني... الفرق بين امرأة وامرأت    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شرف الدين: غياب الشراكة بين الاسلاميين والعلمانين في دول الربيع العربي سيضعف روح الثورات ويصيب الشعوب بالإحباط
في ورقة مقدمة لمؤتمر التحولات الديمقراطية في الوطن العربي بتونس
نشر في الوحدوي يوم 04 - 05 - 2013

اكد الكاتب والصحفي اليمني محمود شرف الدين على اهمية الشراكة بين الاسلاميين والعلمانيين في مرحلة ما بعد ثورات الربيع العربي لحماية الثورة وترسيخ الدولة الديمقراطية المدنية الحديثة، الامر الذي يتطلب العمل معا على قاعدة الوفاق والشراكة ومغادرة الماضي بصراعاته وخلافاته ،والالتقاء على القواسم المشتركة.
وأكد شرف الدين في ورقة مقدمة لمؤتمر التحولات الديمقراطية في الوطن العربي الذي انعقد في تونس الشهر الماضي إن عودة الإسلاميين والعلمانيين إلى الماضي البغيض بخلافاته وتناقضاته سيجعل من الروح الثورية فريسة للإحباط الذي سيقتل كل معنى جميل للثورة وقيمها ونضالها السلمي كما سيؤثر على امن الوطن واستقراره وستعيد المواطن العربي إلى حالته السابقة من حيث الخنوع والاستسلام لليأس والقبول بالأنظمة الشمولية وبالتالي تكريس الاستبداد.
واستعرض رئيس تحرير صحيفة الوحدوي الناصرية في ورقته نماذج ايجابية للتوافق بين الاسلاميين والعلمانيين وصولاً إلى تقديم رؤية لأرضية مشتركة تجمع الطرفين على قاعدة الشراكة واستحضار قيم الحوار والتفاهم ونبذ الخلافات والإقصاء.
كما تناولت الورقة حالة الصراع بين الاسلاميين والعلمانيين واستشهدت بالنموذج المصري، بينما اعتبرت تجربة اللقاء المشترك في المن نموذجا حيا لحالة التوافق بين الاسلاميين والعلمانيين، فيما تطرقت للعلاقة القائمة بين الطرفين في تونس. واستعرضت الورقة خطوات التوافق وأرضية التعايش.

(الوحدوي نت) ينشر نص الورقة:

العلاقة بين الإسلاميين والعلمانيين وكيفية بناء أرضية مشتركة بينهما
ورقة مقدمة لمؤتمر التحولات الديمقراطية في الوطن العربي تونس
29-30 مارس 2013م

مقدمة:
اشكر مركز دراسة الاسلام والديمقراطية ممثلا بالأخ الدكتور رضوان المصمودي وفريقه الناجح على تنظيم هذه الفعالية ،واتاحة الفرصة لي لأتشرف بالحديث امامكم ،
فقد وافيت من صنعاء يحملني عزم وخلف ضلوعي يلهث اليمنُ
اليمن الذي انطلقت ثورته في 11فبراير 2011م بهتاف الشعب التونسي العظيم الذي نظمه الشاعر العربي الكبير التونسي الثائر ابو القاسم الشابي رحمه الله :
اذا الشعب يوما اراد الحياة فلابد ان يستجيب القدر
ولابد لليل ان ينجلي ولا بد للقيد ان ينكسر
سيداتي سادتي :
ان المصلحة العليا للأوطان والشعوب تتطلب من قوى الثورة المختلفة (علمانيين وإسلاميين) في مرحلة ما بعد ثورات الربيع العربي إدراك أهمية الشراكة في حماية الثورة وترسيخ الدولة الديمقراطية المدنية الحديثة بالعمل معا على قاعدة الوفاق والشراكة ومغادرة الماضي بصراعاته وخلافاته ،والالتقاء على القواسم المشتركة المتمثلة في بناء الأوطان وتحقيق مطالب الشعوب الثائرة الطامحة إلى الديمقراطية والمواطنة المتساوية والحياة المعيشية الكريمة ؛ ما لم يتمثل شركاء الثورة ذلك قولاً وعملاً فان الصراع سيحل محل الوفاق وسيعيق ترسيخ الثورة وبناء الدولة وإنهاك الوطن في خلافات أيدلوجية وسياسية تحول دون تحقيق طموحات وتطلعات الشعوب الثائرة وسيدفع بها في اتجاه الحنين إلى النظام البائد بشموليته واستبداده وفساده.
إن عودة الإسلاميين والعلمانيين إلى الماضي البغيض بخلافاته وتناقضاته سيجعل من الروح الثورية فريسة للإحباط الذي سيقتل كل معنى جميل للثورة وقيمها ونضالها السلمي كما سيؤثر على امن الوطن واستقراره.
والأدهى من ذلك أنها ستعيد المواطن العربي إلى حالته السابقة من حيث الخنوع والاستسلام لليأس والقبول بالأنظمة الشمولية وبالتالي تكريس الاستبداد.
ايتها السيدات ايها السادة:
في هذه الورقة سأسلط الضوء على العلاقة بين الإسلاميين والعلمانيين بعد ثورات الربيع العربي من حيث الصراع والوفاق مستعرضاً نماذج ايجابية للتوافق وصولاً إلى تقديم رؤية لأرضية مشتركة تجمع الطرفين على قاعدة الشراكة واستحضار قيم الحوار والتفاهم ونبذ الخلافات والإقصاء.

أولا: العلاقة بين الإسلاميين والعلمانيين
تتفاوت هذه العلاقات بين التعايش والصراع، وسأكتفي في هذه العجالة بتقديم نموذجين لحالة الصراع وحالة التعايش:
أ- حالة الصراع:
يتجسد في العلاقة القائمة بين العلمانيين والإسلاميين في مصر قبل ثورة 25 يناير وبعدها، حيث لم تشهد فترة ما قبل الثورة أي تقارب أو توافق على القضايا المشتركة التي توحدهم في مواجهة نظام مبارك طوال فترة حكمه، رغم تساوي الطرفين في الاضطهاد، وبقائهما خارج السلطة، وممارسة المعارضة كل حسب رؤيته.. لماذا؟
هناك عدة عوامل أهمها:
1- انعدام الثقة:
ساهمت في إذكائها الممارسات التالية:
- اجترار الماضي بصراعاته وسلبياته .
- وتغذية النظام للخلافات؛ للحيلولة دون التقارب بين القوى المعارضة إسلاميين وعلمانيين.
- البعض أعطى وعوداً ولم يلتزم بها مهما تكن حساباته فإنها تعتبر عامل ساهم في هز الثقة كما حدث مع الإخوان الذين دخلوا الانتخابات الرئاسية رغم وعدهم بعدم المنافسة فيها.
- لم تشهد مصر تحالفاً بين الطرفين الإسلامي والعلماني رغم وجود كثير من القواسم المشتركة أثناء معارضتهما للنظام السابق إلا في ثورة 25 يناير خلف الشباب .
وقد حقق هذا الاصطفاف أهدافه المتمثلة في إسقاط النظام ،هذا الالتحام العجيب ، جسدته صورة لموقف عظيم جداً ؛ كشفت عن سر النجاح للثورة في اسقاط النظام هذه الصورة تضم ثوار أقباط يشكلون حزام حماية أمنية على الثوار المسلمين وهم يؤدون الصلاة في التحرير أثناء الثورة.
2- انقسام قوى الثورة :
بعد سقوط النظام تمزقت قوى الثورة ،فبدأ العمل الانفرادي ،كل في فلك يسبحون ؛نتيجة عدم استغلال القوى الثورية لزخم الثورة بتشكيل قيادة مشتركة لقوى الثورة، تتولى الحديث باسمها وتوحيد موقفها في التخاطب مع المجلس العسكري ،الأمر الذي نجحت قوى الثورة اليمنية في تلافيه؛ بتشكيل وإعلان مجلس وطني لقوى الثورة، يضم كل أطياف المجتمع وقواه الثورية واستطاعت بذلك ان تبقى جبهة قوية متماسكة لما يقارب عامين تحت هذا المسمى، لكن في مصر كان المجلس العسكري بحاجة للتفاوض مع قوى الثورة فوجدها ممزقة والإخوان يشكلون اكبر كيان منظم فباشر التفاوض والترتيب والمساومة والاتفاق معهم بمعزل عن البقية ،وهنا لم يحرص الإخوان على إشراك بقية قوى الثورة ومن هنا بدأ الخلل .
3- الافتقار للخبرة:
في العمل السياسي ألتشاركي أثناء وجودهما في المعارضة، حيث حرص النظام على أن يظلا خارج السلطة بالتزوير المتكرر للانتخابات ،وعدم إشراكه أي طرف معه في السلطة ؛بل ظلا فترة طويلة خارج السلطة محدودة النشاط وأحيانا ضمن تصنيف الحظر .
4- عدم إدراك أهمية الشراكة:
عقب سقوط النظام لم تقم قوى الثورة بقراءة دقيقة وصحيحة للواقع والمحيط السياسي ،وبالتالي لم تكن تمتلك المعلومة الصحيحة عن القوة النائمة المتبقية للنظام السابق ،وربما تناستها بفعل غرور ونشوة الانتصار وبالتالي لم يقفوا عند نقطة مهمة تتمثل في:
حاجة الثورة للحماية من قبل جميع قوى الثورة بالاشتراك في إدارة الدولة لأربع سنوات على الأقل يشترك فيها الجميع على تلبية متطلبات الشعب الاقتصادية وتوطيد أساس بناء الدولة المدنية الديمقراطية ؛ وغياب هذا العامل مثل خطأ فادح كان من شأنه ان يجعل من الانتخابات الرئاسية اداة تعيد إنتاج النظام السابق .
5- الاستحواذ :
سعى الإسلاميون إلى السيطرة على مجلسي الشعب والشورى والجمعية التأسيسية ومن ثم الدخول في المنافسة على الرئاسة؛ وبالتالي الحكومة اعتماداً على الشعور بالثقل الأمر الذي عزز من هذا الصراع وولد الخوف لدى القوى العلمانية من الإقصاء؛ خاصة في ظل مساعي الإسلاميين لوضع إعلانات دستورية تكسب أخطاءهم الحصانة من القضاء ، وتغيير النائب العام ولذلك وجد العلمانيون أنفسهم أمام نظام مستبد آخر لكنه إسلامي .
6- التحالف مع التشدد:
لقد ارتكب الإخوان خطا فادحاً بدا تمثل في تحالفهم مع التشدد ( السلفيين حزب النور وما فيه من قوى جهادية وتكفيرية متخفية لها علاقة بالجهاد والجماعة الإسلامية ) لمواجهة تحالف القوى اليسارية والقومية والمستقلة في كيان جبهة الإنقاذ (العلمانيين)، وهذا الأمر ؛ اضر ؛ بل نسف ،ما حاول الإخوان إقناع الداخل والخارج به ،من أنهم يمثلون الإسلام المعتدل نظرا لممارسات الاتية:
- محاصرة مدينة الإنتاج الإعلامي باعتبارها أمر يخالف الإسلام
- إقحام الشريعة في الصراع ،رغم أنها ليست محل خلاف فأصبحت تظاهرات الإسلاميين المؤيدة لرئيسهم تسمى بحماية الشرعية والشريعة، وفيها ترفع شعارات العنف ،واعلان البعض تجديد اسلامهم لانهم شاركوا في مظاهرات التحرير ضد الإخوان و آخرون يدعون للمواجهة ويبشرون بالقول : (قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار).
- فتاوى التكفير والتخوين وجواز القتل للمعارضين وإلصاق صفة الخليفة الراشد وأمير المؤمنين بالرئيس بالإضافة إلى مقترحات بنصوص دستورية تطالب بأسلمه المجتمع وتدخله في تطبيق أخلاقه والتدخل من قبل الأشخاص في حياة الناس الشخصية وعلاقتهم بخالقهم ، تمهيدا لإنشاء هيئة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من خلال مطالبة البعض النص في الدستور على مسئولية المجتمع في العبادات وغيرها،كل هذا زاد من الفجوة وسخونة مشهد الصراع.
7- تشكيل التأسيسية وفقاً للأغلبية:
نصت لائحة عملها على أن القرارات تصدر بالأغلبية في حال فشل التوافق،وهنا تم إغفال مبدأ أن الدساتير توضع بالتوافق بين القوى لا بالأغلبية التي يسفر عنها في اغلب الأحيان عقد اجتماعي قد لا يمثل الجميع ولا يحمي حقوق الأقلية.
8- رفض تقديم التنازلات:
الانتخابات البرلمانية، التي أوجدت قوة للإخوان والسلفيين، مقابل تدنٍّ للعلمانيين، وهنا اختل التوازن، وحضر الغرور للإخوان وحلفائهم السلفيين، ما ولّد خوفا لدى العلمانيين والأقباط من نزعة استحواذ الإخوان على كل شيء، وبدأ الخلاف من الجمعية التأسيسية، كما ان تدني مستوى النضج السياسي، أدى إلى زيادة التمترس بين الجانبين والمكابرة عن تقديم التنازلات المطلوبة وبالذات من الحاكم.
ب- حالة التوافق:
هذه الحالة تجسدت في تكتل أحزاب اللقاء المشترك في اليمن، حيث شكّل قيام هذا التكتل نقلة سياسية وثقافية نوعية على مستوى الساحة الوطنية اليمنية. وتجاوز هذا التكتل كل العوائق الفكرية والثقافية والتباينات السياسية، وتحول إلى تجربة فريدة في الوطن العربي والإسلامي؛ كونه أول تكتل من نوعه يضم أحزاباً إسلامية وقومية ويسارية وليبرالية، أعلن عنه في 2000، ومستمر حتى اليوم ويتكون من الأحزاب التالية:
1. التجمع اليمني للإصلاح (إسلامي).
2. الحزب الاشتراكي اليمني (يساري).
3. التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري (قومي).
4. حزب البعث العربي الاشتراكي (قومي).
5. اتحاد القوى الشعبية (ليبرالي).
6. حزب الحق (ديني).
تبرز أهمية هذا التحالف ،والذي دفع بي إلى تقديمه كتجربة تستحق الوقوف والدراسة والاقتفاء من انه لا يوجد احد من اطرافه في السلطة ؛بل كان جميعهم في المعارضة ،يتلقون الضربات من النظام بشكل مستمر؛ لكنهم ظلوا في تماسك وعلاقة متينة ،ووفق أنظمة ولوائح ونهج سلمي، فلم تستطع السلطة بقوتها ومالها وأجهزتها أن تفت في عضده رغم ضرباتها القوية والمخططة، والتي سنشير لها في مكان آخر من هذه الورقة.
ونستعرض هنا مكاسب نجاح هذا التعايش:
1. خطوات التوافق الهامة:
- في 2000م التقت أحزاب هذا التكتل من إسلاميين وعلمانيين لمواجهة سعي النظام إلى الإنفراد في وضع التشريعات الانتخابية والدخول في الانتخابات منفرداً،وتطورت العلاقة وأحس الجميع بالحاجة الوطني لهذا الكيان في مواجهة خطوات النظام لجر الوطن نحو الهاوية فتطورت العلاقة الى تحقيق الاتي:
- خوض الانتخابات النيابية في 2003م بقائمة موحدة للقاء المشترك في معظم الدوائر الانتخابية التي شاركوا فيها، وترك التنسيق فيها للفروع على مستوى الدوائر الانتخابية ما عزز الثقة .
- في 2005 أنجز وثيقتين هما "برنامج الإصلاح الوطني الشامل" و"اللائحة التنظيمية لتكتل اللقاء المشترك".
- في 2006 خاض الانتخابات الرئاسية بمرشح واحد منافس للرئيس علي صالح حينها، هو المهندس فيصل بن شملان، وتم تزوير النتيجة رغم أن مرشح المشترك كان هو الفائز.
- برنامج انتخابي واحد في انتخابات المجالس المحلية 2006م
- اللائحة الأساسية المنظمة لعمل اللقاء المشترك في 2005م
- رؤية لمتطلبات انتخابات حرة ونزيهة والإطار السياسي لها في 2009م
- مقر خاص ولجان ولقاء أسبوعي دوري وفعاليات مشتركة في القمة وفي القاعدة.
- مواقف موحدة وببيان واحد حيال كثير من القضايا والأحداث بصورة قللت من المواقف الانفرادية لكل حزب
- في 2009 أنشأ سكرتارية للتشاور الوطني، ومن ثم لجنة تحضيرية للحوار الوطني، ضم إليها مستقلين وكيانات أخرى سياسية واجتماعية وشخصيات مستقلة.
- قدم من خلال لجنة الحوار الوطني رؤية لإنقاذ الوطن شخصت المشكلة واقترحت لها الحلول ،وانضم شركاء آخرون للتحالف.
- لبى نداء الشباب، وشارك بفعالية في الثورة الشبابية الشعبية في فبراير 2011، وخلالها بقي متماسكاً، في حين انقسم الكيان الذي يضم علماء الدين في اليمن.
- تشكيل المجلس الوطني لقوى الثورة الشعبية السلمية، الذي يضم كل تيارات وقوى الثورة، بشكل توافقي.
- وقبل المشاركة في حكومة وفاق وطني بموجب المبادرة الخليجية التي نقلت السلطة في عملية سياسية بالتوافق للحيلولة دون الحرب التي كانت نذرها تلوح في جبهات عدة داخل اليمن، حيث أقرت تشكيل حكومة وفاق وطني برئاسة المعارضة ( المجلس الوطني الثوري) وبواقع 50% للمؤتمر الشعبي مقابل 50% للمشترك وشركائه بواقع 17حقيبة لكل طرف،والقبول بهذا من قبل المشترك وشركائه تأكيد على فضيلة القبول بالآخر والتنازل من اجل الوطن فالمؤتمر الشعبي العام كان حزب يقوده الرئيس المخلوع ولا زال يرأسه إلا أن الجلوس معه في حكومة واحدة ومناصفة رغم انضمام جزء كبير منه لقوى الثورة أكد فيه المشترك على الآتي :
- رفض سياسة الإقصاء
- منح المؤتمر الشعبي العام فرصة لإثبات ولاءه للوطن لا للأسرة الحاكمة المستبدة
- اعتبار أن الخلل كان في رأس السلطة الذي استخدم المؤتمر وسيلة لإفساده وتكريس شموليته وحكمه .
- إحداث التوازن في الحكومة الانتقالية.

جدول يجسد الشراكة داخل أحزاب اللقاء المشترك وشركائه في حكومة الوفاق الوطني
القوى نسبة التمثيل الحقائب

الإصلاح (إسلامي) 23.5 الداخلية التخطيط العدل التربية
الاشتراكي (يسار) 17.6 النقل الشئون القانونية وزير دولة
ناصر (قومي) 5.9 الإدارة المحلية
بعث (قومي) 5.9 التعليم المهني
اتحاد قوى شعبية (ليبرالي) 5.9 المياه والبيئة
حق (إسلامي) 5.9 وزير دولة
قوى ثورية أخرى 35.3 المالية الإعلام الكهرباء الثقافة الصناعة والتجارة حقوق الإنسان

2- 12 عاماً من التماسك:
بعد أن أعلن المشترك برنامجه للإصلاح الوطني الشامل، حرصت السلطة على اختراق هذا التكتل بجملة من الوسائل والطرق الملتوية، كمحاولة الاتفاق مع كل حزب على حدة، ومحاولة إغرائها، كما تعرض هذا الكيان لضربات تفكيك عاتية وموجهة، لكنها لم تفت في عضده، أو تنل من تماسكه، أورد هنا بعضاً منها:
أ- اغتيال الشهيد جار الله عمر في 28 ديسمبر 2002م من قبل شخص كان يقبع في سجون الأمن السياسي الشهيد جار الله عمر، الأمين العام المساعد للحزب الاشتراكي اليمني (يساري)وهو مهندس اللقاء المشترك، في حفل افتتاح المؤتمر العام الثالث لحزب الإصلاح (إسلامي) والمشترك كان لا يزال بعمر عامين وكانت هذه العملية المخططة تهدف إلى أمرين:
- فك عرى اللقاء المشترك.
- تفجير الصراع الدموي بين الحزبين
هذان كانا هما مبتغى نظام علي صالح الذي أطاحت به الثورة الشعبية في فبراير 2011م، من هذه الجريمة ،خاصة وان جار الله عمر كان يوصف بمهندس اللقاء المشترك، وتلقى حينها تهديدات عديدة من قبل إعلام المؤتمر الشعبي حزب علي صالح. وكان الشهيد جار الله عمر في ذلك المؤتمر قد ألقى كلمة الحزب الاشتراكي اليمني قبل مقتله بدقائق حدد فيها أسس الشراكة والوفاق وأهمية التفرغ لبناء الوطن والخروج به من أزماته إلى رحاب المستقبل، حيث قال: "إن الحزب الاشتراكي اليمني إذ يهنئ قيادة وقواعد التجمع اليمني للإصلاح على عقد مؤتمره هذا فإنه يعرب عن ارتياحه للخطاب الإعلامي والسياسي الراهن للتجمع اليمني للإصلاح القائم على القبول بالآخر والانفتاح واعتماد الحوار المتكافئ سبيلاً وحيداً للتوصل إلى حلول للقضايا والمشكلات التي تهم الوطن والمواطنين. لقد مرت العلاقات بين التجمع اليمني للإصلاح والحزب الاشتراكي اليمني بمحطات عديدة وهي اليوم أفضل من أي وقت مضى وقابلة للمزيد من التعاون والتنسيق ومهما كانت أوجه التباين الفكري والبرنامجي فإننا في الحزب الاشتراكي اليمني عازمون كل العزم على تغليب مصلحة الوطن وترسيخ أسس الديمقراطية وإبقاء الماضي وراء ظهورنا باعتباره تاريخاً والتطلع بكل عقولنا إلى المستقبل والتعامل مع كل القوى السياسية الفاعلة على قاعدة التعدد والقبول بالآخر، والحوار المتكافئ والتنافس الشريف، ومحاولة التوصل إلى سد ثغرات التجربة الديمقراطية وتوسيع هامشها المتاح والانتقال تدريجياً بالحياة السياسية اليمنية في الآتي من الزمن إلى رحاب الديمقراطية الناضجة والتداول السلمي للسلطة في ظل يمن ديمقراطي موحد ومزدهر أخيراً أكرر تحياتي وكل أعضاء الحزب الاشتراكي اليمني لهذا الجمع المبارك من أعضاء المؤتمر وخصوصاً الجيل الجديد منهم الذي يملأ هذه القاعة وهو مفعم بالعزيمة والحماس، وأقول لهم إن أنظار كل أبناء اليمن متجهة إلى هذه القاعة وهي تتطلع إليكم واثقين كل الثقة بأنكم ستخرجون في مؤتمركم هذا بكل ما ينفع الناس ويمكث في الأرض وبمزيد من التجديد والتأصيل النظري الشرعي للحرية والديمقراطية ومناهضة الاستبداد".
مضمون الجزء الاخير من كلمة مهندس اللقاء المشترك التأكيد على :
(- تغليب مصلحة الوطن – ترسيخ اسس الديمقراطية- نبذ الماضي – التعدد والقبول بالآخر- الحوار المتكافئ والتنافس الشريف- التداول السلمي – التأصيل للحرية والديمقراطية ومناهضة الاستبداد)
ب- تأجيج الخلافات والتذكير بالصراعات والطعن في عقيدة الطرفين، واستخدام الورقة الدينية، وإثارة قضايا خلافية كالمرأة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ودعم المتطرفين داخل الأحزاب الإسلامية واليسارية.
ج - محاولة الاتفاق مع حزب دون الآخرين لغرض سلخه من هذا التكتل بإغراءات مادية لشخصيات داخل الاحزاب.
د‌- اللعب بالورقة الأمنية والإرهاب كتلفيق تهمة الإرهاب على احد مرافقي مرشح المشترك في انتخابات الرئاسة 2006م وحكم القضاء ببراءته بعد ذلك.
ه‌- التحريض الرسمي عبر وسائل الإعلام على المشترك في أوساط القوات المسلحة والأمن وكيل تهم التخوين والإضرار بالوطن.
و‌- استخدام سلطة الدولة والمال العام في عملية تفريخ وشق لبعض أحزاب تكتل اللقاء المشترك واستنساخ صحفها والاستيلاء على مقراتها كما حدث مع حزب اتحاد القوى الشعبية وحزب البعث العربي الاشتراكي.
ز‌- عملية إقصاء واسعة لأعضاء وكوادر أحزاب المشترك من المواقع الوظيفية في الدولة.
هذه المتانة والقوة التي اكتسبه هذا التكتل جعلت منه تجربة تستحق الاقتفاء ؛كما ان له خطوات تمثل أرضية للتعايش المشترك، سنتطرق لها في جانب التعايش.

ثانياً: أرضية التعايش المشتركة:

النموذج التونسي إضافة إلى التجربة الفريدة لأحزاب اللقاء المشترك في اليمن على مدى 13 عاما من التوافق بين الإسلاميين والعلمانيين ، و اتخاذ خطوات فكرية وسياسية هي نقاط ثلاثة تشكل أرضية تعايش بين العلمانيين والإسلاميين في الوطن العربي إذا ما تم الأخذ بهن في تحديد شكل الدولة في بلدان ثورات الربيع العربي التي انطلقت من تونس بانطلاق شرارة ثورة الياسمين التي مثلت نقطة الانطلاقة الحقيقية لثورات الربيع العربية ،فقد تلا نجاحها اشتعال الثورة في مصر والتي بانتصارها اشتعلت الثورة في اليمن وسوريا وليبيا، وكنا نلحظ السلاسة والتقدم المتسارع لخطى الثورة في تونس من حيث الانتخابات ،والاتفاق على الشراكة بين قوى الثورة في تشكيل الرئاسة والحكومة ،الأمر الذي عزز من فرص تقدم بعض الثورات إلى الأمام، ففي الوقت الذي كان فيه الصراع على أشده بين قوى الثورة في مصر كان الكل يشيد بالنموذج التونسي حيث الوعي والاعتدال والحكمة وتغليب المصلحة الوطنية، الأمر الذي جعلني أقدمها كنموذج للتوافق بين الإسلاميين والعلمانيين في الوطن العربي إلى جانب اللقاء المشترك في اليمن، والذي سأتناوله بجانب من التفصيل في الآتي:
أ- النموذج التونسي :
لقد أرشدتنا مقولة فخامة الرئيس التونسي المنصف المرزوقي، في أحد أحاديثه: "اتفقنا على أن نبني البلاد ونكافح الفساد"، إلى القاسم المشترك الذي جعل من ما جرى في تونس نموذجاً للتعايش بين الإسلاميين والعلمانيين، من خلال:
- الاتفاق على الشراكة في إدارة البلاد وبنائها وتحقيق ما يصبو إليه ثوارها الذين خرجوا لدوافع اقتصادية لا دينية وعقائدية.
- كشف النموذج التونسي عن نضج سياسي لدى الطرفين؛ حيث قدم الإسلاميون من خلاله نموذجاً مطمئناً للداخل والخارج، عن الوجه الإسلامي المستنير الذي لا يسعى إلى الاستحواذ على السلطة، والمؤمن بالشراكة مع قوى الثورة الأخرى في بناء الوطن والحفاظ على الثورة، يدا بيد إسلاميين وعلمانيين في الرئاسة والحكومة.
- تجنب فتح مواجهة مع أية مؤسسة من مؤسسات الدولة، كما حدث في مصر مع الإعلام والقضاء.
- عدم التحالف مع التشدد المتمثل في السلفيين، ما جعلها محل إشادة من قبل قوى وأحزاب تقدمية علمانية وغيرها.
إن هذا النموذج بحاجة إلى أن يقاوم ما يجري من محاولات لفك عراه بالتغلب على عوامل الصراع ومثيريه ،وتقديم التنازلات من اجل حماية الثورة ومصالح الوطن ، دون أن يشكل ذلك إضرارا بأحد بقدر ماهو انتصار للوطن ومصلحته العليا ، وهنا أجد في المقترح الذي كان قدمه السيد الجبالي لتشكيل حكومة تكنوقراط وطنية من الجميع، دليل واضح على النضج السياسي للإسلاميين في تونس الشقيقة، ومع أن ذلك لم يتم ربما للمساحة الضيقة التي مارست فيها جميع الأطراف العمل السياسي داخل الوطن واستمرارها عقود طويلة في المنفى ،بالرغم من كل ذلك ؛ إلا أنني أتعشم في خطوات أخرى أكثر ايجابية من الإخوة في حركة النهضة في مواصلة تقديم الدروس العملية للشراكة بين كافة القوى،من خلال :
- اتخاذ خطوات قوية في فرض القانون وكبح جماح التشدد والتطرف ومنع التدخل في حياة الناس وحماية حقوقهم.
- العمل على إشراك الجميع في الحوار حول وضع الدستور دون استثناء أحد، وتشكيل كيان توافقي مرن دون احتكار أو استحواذ.
ب- تجربة اللقاء المشترك في اليمن:
شكّل هذا الكيان نضجاً سياسياً وتجربة فريدة تستحق الوقوف، فقد اعتمد على ما يلي:
- أول قاسم مشترك له كان البحث في الوسائل الممكنة للتصدي لهذه السلطة التي انقلبت على الديمقراطية والدستور واتفاقيات الوحدة، ولا سيما عندما بدأت مشاريع قوى العنف والتطرف والاستبداد، تنافس المشاريع السلمية والديمقراطية، وتهددها بالتصفية، من خلال إفرازات انتخابات عام 1997، التي قضت فيها على العديد من الأحزاب والمستقلين.
- نجاح كل طرف في كبح جماح التطرف في الأحزاب الليبرالية والإسلامية، حيث اعتبر الإسلاميون أية شطحات أو آراء تشددية شخصية لا تحظى بدعم الحزب أو الجماعة.
- اتفاق الطرفين على أن أهم القضايا هي: العدالة والمساواة والتداول السلمي للسلطة والحفاظ على الوحدة وتحقيق النهوض الاقتصادي.
- التخلص من أوهام الفوارق واستدعاء الصراعات.
- تحقيق مصلحة الشعب والوطن، ولا فروق دينية أو امتيازات.
- الاتفاق على رئاسة دورية تقر الخطوط العامة.. وهيئة تنفيذية مشتركة تنفذ وتوجه عمل الجميع.
- عدم الإقصاء والتهميش للشركاء من قوى الثورة لأن ذلك يمثل إضراراً بالحياة السياسية وبالوطن عموماً وينم عن قصور في فهم طبيعة المخاطر والتحديات التي تواجه البلد.

ج- خطوات فكرية وسياسية:
يمكننا خلق أرضية للتوافق والعمل المشترك من خلال اتخاذ جملة من الخطوات الفكرية والسياسية، لخصتها رؤية للأستاذ محمد بن المختار الشنقيطي، رأيت أنها تشكل محور وقوف لخلق جزء من أرضية تعايش مشتركة، وتتمثل في( ):
1- إصلاح فقهنا السياسي الموروث، وعدم اتخاذ آراء ونظريات فقهية واجتهادية تكرس الصراع الذي كان قائماً منذ قرون في أسس العلاقة بين الطرفين.
• إن فقهنا السياسي الموروث، سقفه واطئ جدا في مجال الشرعية السياسية، والحريات العامة، والمساواة بين المواطنين.- الفتاوى الجامدة التي تؤصل للاستبداد وحرمان بعض فئات المجتمع من ممارسة حقوقها على غرار الفقيه الذي يرى أن "النسوة لا مدخل لهنّ في تخيّر الإمام وعقد الإمامة... ولا تعلق له بالعوام الذين لا يعدون من العلماء وذوي الأحلام، ولا مدخل لأهل الذمة في نصب الأئمة" (الجويني: غياث الأمم 1/49)،
• هناك التراث السياسي الذي يعتبر الدولة "حارسة للدين" ومرغمة للمجتمع على التدين، وهو إرغام دائما ما ينتهي بتدين مغشوش يحابي الظالمين الكبار ويشتد على المظلومين الصغار،على غرار هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
• عدم الخلط بين الأخلاق والقانون في الشريعة الإسلامية من أسوأ أنواع الخلط المنهجي في فقهنا السياسي اليوم، وقد منح السلطة المستبدة القاهرة فرصة التمظهر بمظهر المدافع عن الملة والأخلاق الحميدة، تعويضا عن شرعيتها السياسية، والتدخل في كل صغيرة وكبيرة من حياة الناس بأدواتها القمعية.
• في هذا الموروث يرى في حكم تولية أهل الذمة بعض شؤون البلاد الإسلامية ولاء لهم ):بالقول "ولما كانت التولية شقيقة الولاية كانت توليتهم نوعا من توليهم، وقد حكم تعالى بأن من تولاهم فإنه منهم، ولا يتم الإيمان إلا بالبراءة منهم".ابن القيم.
2- فتحَ أبواب الحرية على مصاريعها أمام الجميع: بالعمل على توفير الحريات وحماية الحقوق، فأي تضييق على الحريات الصحفية أو النصوص التي تقيد من حق الإنسان المتضرر في الاحتجاج والتعبير عن رأيه بطريقة سلمية يعتبر استبداداً مهما كانت مبرراته.
3- تحقيق المساواة الدينية والسياسية بين المواطنين. يقو م هذا المبدأ على أساس أن العقد الاجتماعي للدولة المعاصرة ليس عقيدة مشتركة كما كان سابقاً ؛ بل عقد ملكية عقارية مشتركة يتساوى المواطنون فيها بالحق في غَلَّة العقار الذي هو الوطن، كما يتساوون في واجب الدفاع عن العقار وحسن أعماره. وهذا العقد الاجتماعي الجديد يستلزم مساواة بين المسلم وغير المسلم في الحقوق السياسية والحريات الدينية دون أي استثناء مهما كان. وأي تمييز سياسي بين المواطنين على أساس المعتقد اليوم سيكون خرقا لأساس العقد والعهد الذي تقوم عليه الدولة.

التوصيات
من كل ما سبق نخلص إلى استنتاج خلاصة مقترحات أسس علمية وواقعية تمثل أرضية مشتركة للشراكة بين الإسلاميين والعلمانيين :
1- وضع الدساتير وأسس الدول بالتوافق؛ كونها عقودا تنظم العلاقة بين أفراد المجتمع قلة وأكثرية والأغلبية في إدارة الدولة لا في وضع أسسها،وان كانت السنوات الأولى للثورة تقتضي أن يكون هناك شراكة في الحكم والإدارة لتثبيت دعائم الدولة المدنية الديمقراطية.
2- اعتبار الشريعة مصدر رئيسي للتشريع كأمر يتفق عليه الجميع على أنها جانبين: أخلاقي وقانوني: تتولى الدولة تطبيق الجانب الأخير منه لأنه يتعلق بالإضرار بالآخرين ،أما الجانب الأخلاقي من عبادة أو معصية فهو بين الإنسان وخالقه ، وافضل الاتفاق او الاكتفاء بالنص على الهوية العربية والاسلامية كما حدث هنا في تونس وكما سمعنا يوم امس.
3- اعتماد أسس الدولة المدنية في الدول التي نجحت فيها ثورات الربيع العربي، كمفهوم مقبول من الجميع .
4- عدم إقصاء الآخر باعتباره شريكاً في صنع هذه الثورة وشريكاً استفيد منه في توطيد أسس الدولة المتوافق عليها وفق منظور عصري ، والمشاركة في بنائها والحفاظ على الثورة وأهدافها ومكتسباتها، فمن مخاطر الاقصاء:
- إتاحة الفرصة لأعداء الثورة في الحركة بحرية وبمساحة واحدة لضرب قوى الثورة - اعادة إنتاج النظام السابق
- الثورة المضادة والعنف - زعزعة الأمن والاستقرار- إتاحة الفرصة لقوى خارجية في إذكاء وإشعال الفتنة لأهداف شتى- إثارة النعرات الطائفية والمناطقية والجهوية والفئوية والعرقية.
5- إشاعة الحريات وحماية حقوق الجميع.
6- عدم اقتفاء اثر الموروث الاجتهادي الفقهي الجامد بقواعده الفقهية القاصرة التي تكرس الصراع وتفرق المجتمع لأنها كانت في زمن غير زمننا وواقع غير واقعنا الحالي ،واستبدالها بالفكر الإسلامي المستنير والمتجدد الذي يقوم على القبول بالآخر وتحقيق مصالح الأوطان والشعوب ويوحد صفها وجهودها في الارتقاء بالوطن والنهوض به.
7- اعتبار التطرف أمر ينافي سماحة الإسلام وجوهره القائم على الوسطية والاعتدال،يتحمل الجميع مسئولية محاربته و كبح جماحه دون هوادة بالوسائل الناجعة .
8- تطبيق القانون على الحاكم والمحكوم على حد سواء.
9- تحقيق المساواة الدينية والسياسية بين المواطنين.
10- انتهاج الحوار الجاد الذي لا يستثني احداً؛ كقيمة حضارية على أساس إلزامية مخرجاته للحاكم والمحكوم لا على أنها مجرد مشورة يأخذ منها الحاكم ما يوافق هواه وينبذ الباقي وراء ظهره.
تلك بعض الأسس التي رأينا أنها تشكل أرضية مشتركة يمكن أن يتلاقى عليها الإسلاميون والعلمانيون العرب اليوم، بعد أن مهدت الثورات العربية لهذا التلاقي.
ختاماً كما ثرنا على الأنظمة المستبدة الفاسدة ونحن على قلب رجل واحد ،ينبغي علينا أن نثور على ماضينا الملطخ بالصراعات والتخلي عن رواسبها والتحلي بروح تسامح ثورية جديدة إسلامية وعلمانية حتى ننجح في بناء وطننا وتلبية متطلبات شعبنا العربي، والانتقال بأمتنا إلى مصافي الرقي ودروب التقدم.
واقول (اذا الشعب يوماً اراد الحياة ) فلابد ان يتوافق كل ابنائه بجهاتهم وانتماءاتهم المختلفة على ادارة شئونه وتحديد اسس دولته وحماية ثورته.
والله الموفق
محمود شرف الدين - [email protected]
مؤتمر الانتقال الديمقراطي في العالم العربي
مركز دراسة الاسلام والديمقراطية
تونس - السبت 30مارس 2013م


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.