سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
إصرار الحاكم في تجاهل الأزمة ودعم الفساد ينذر بكارثة شعارها: دفاعا عن السلطة ليسقط الوطن تقرير حديث يستبعد حدوث تغيير مستقبلي دون مراجعة مفردات النظام الانتخابي
تزامنا مع مرور العام الأول من الانتخابات الرئاسية والمحلية التي أقيمت في 20 سبتمبر الفائت تبدو صورة الوطن أكثر قتامه والأوضاع العامة أكثر سوء . ورغم أن العام الأول من الوعود الرئاسية كشف زيف تلك الوعود وعرى صدق توجهات النظام في الإصلاح واقتناص الفرصة التاريخية لإيقاف عبث 29 عاما من الهبر والفشل . إلا أن المؤسف هو تلذذ نظام الحكم بتعذيب المواطنين بجرع سعريه مميتة , وتفسيره للاحتقانات والأزمات الوطنية التي صنعتها سياسته الخاطئة في إدارة البلادة بمجرد مزايدة سياسية . ولان نظام الحكم دائما ما يتغنى بشرعيته التي يدعي كسبها من الشعب عبر صندوق الانتخابات فأننا اليوم سنورد تقرير حديث يكشف زيف هذه الشرعية المنقوصة , ويعري سياسة السلطة الخائبة , كما يبرز التحديات التي تواجهها اليوم . وأعتبر التقرير الاستراتيجي لعام 2006م أن الانتخابات الرئاسية الأخيرة كشفت مدى هشاشة حزب المؤتمر الشعبي العام في قدرته على كسب الناخبين من خلال اعتماده الكبير على آليات الدولة وأجهزتها المختلفة واعتماد منتسبيه على مرشحهم الرئيس صالح في استمالة الناخبين ودعوته لهم بالتصويت لشعار المؤتمر بغض النظر عن طبيعة مرشحيه. التقرير استبعد حدوث تغيير مستقبلي داخل اليمن بعيدا عن المراجعة الكاملة لمفردات النظام الانتخابي وإصلاح النظام السياسي واعتماد الديمقراطية البرلمانية ونظام الغرفتين المنتخبتين في السلطة التشريعية واعتماد انتخاب المحافظين ومديري المديريات وإصلاح القضاء بما يكفل استقلاله بشكل تام عن السلطة التنفيذية وإصلاح الخدمة المدنية بما يحقق حيادية الوظيفة العامة وإصلاح الإعلام الرسمي بما يكفل حياده. ولن تنتصر الديمقراطية اليمنية دون إجراء انتخابات حرة ونزيه وشفافة ومتكافئة وعادلة وتنافسية حسب التقرير الذي أكد أن تطوير الديمقراطية يبدأ بتطوير ثقافة المجتمع المدني القائم على مبدأ الحوار والتسامح السياسي والقبول بالآخر وحل الخلافات السياسية بالطرق السلمية . كما يتوقف المستقبل السياسي للرئيس علي عبدالله صالح بمدى قدرته على الوفاء بالحد الأدني من التزاماته تجاه الشعب والمجتمع الدولي, بحيث يبدأ تنفيذ برنامجه الانتخابي والمتضمن جملة من الالتزامات الاقتصادية والديمقراطية,ابرزها مكافحة الفساد بجدية,و التخفيف من الفاسدين الذين اثقلوا كاهل حكمه, وبناء مؤسسات حقيقية وحديثة للدولة, ومكافحة الفقر والبطالة خلال عامين, وضبط موارد النفط, واستقلال القضاء وتوازن السلطات والحريات العامة والخدمات الاساسية و تدوير الوظيفة العامة وإنهاء الجرع السعرية وايقاف غلاء الاسعار. ومقارنة بين هذه الالتزامات وقضية الايفاء بها او حتى الشروع بتحقيقها , تبرز لنا مشكلة التنكر لكل هذه الالتزامات , والسير باتجاه ترسيخ مثل هكذا واقع يحكمه الفساد والعشوائية وغياب مؤسسات الدولة. وانتقالا من يمن ماقبل 20 سبتمبر 2006م الى يمن اليوم سادت الاعتصامات والمظاهرات , وكافة اشكال النظال السلمي الرافض للفشل الحكومي في ادارات البلاد , وبرزت الاحتقانات الشعبية بفعل السياسة الفاشلة في ادارة البلد , وتنكر الحاكم لوعوده الانتخابية وبرنامجه الدعائي , والمخزي في الامر ان الحاكم يفر من التزاماته الوطنية بيمن جديد ومستقبل افضل إلى إختلاق الازمات والتنصل عن خوض المعركة التنموية ومحاربة الفساد ولاصلاح الانتخابي والسياسي في البلد. وعودة إلى التقرير الذي ذهب إلى صعوبة التنبؤ بحدوث تحسن وتطور في المسار الديمقراطي بعد الانتخابات التي أجريت في 2006م مالم تجرى إصلاحات حقيقية في البلاد وعلى رأسها الإصلاح السياسي والإداري . فان التقرير اوصى بعدم التعويل على مزيد من العمليات الانتخابية في إحداث تحول ديمقراطي في المجتمع اليمني دون وجود إرادة حقيقية لصنع هذا التحول، معتبرا غياب تلك الإرادة يحول الديمقراطية في بلادنا إلى فكاهة وتسلية. التقرير الصادر عن المركز اليمني للدراسات الاستراتيجية يشدد على ضرورة إدراك المؤتمر الشعبي العام انه يدير السلطة والبلاد ولا يملكهما وأن العملية السياسية ليست اعتماد على الاغلبية العددية فقط. واشاد التقرير بتوحد المعارضة ونزولها بمرشح حقيقي ومنافس بقوة لمرشح المؤتمر الحاكم مما اعطى العملية الانتخابية مذاقا ونكهة فريد , انعكست ايجابيا على تعزيز العديد من قيم الديمقراطية ونجاح مؤتمر المانحين بلندن وقبول اليمن للترشح لصندوق الألفية , معتبرا ان هذا الانجازا يحسب للمعارضة على الصعيد الوطني ويقوى موقفها اذا تم استثماره. وأكد ان المهرجانات الانتخابية اسهمت في تحريك الحياة السياسية اليمنية بالاتجاه الايجابي بغض النظر عن الجمود الذي رافقها بعد اعلان النتائج. وعاد بنا التقرير الى ما رافق الانتخابات الرئاسية الماضية من استخدام للورقة الامنية والدينية في العملية الديمقراطية وهو ما تسبب حسب التقرير في ضياع أعداد كبيرة من الأصوات امام مرشح المشترك للرئاسة , وتازيم أجواء الحوار بين الأحزاب السياسية في السلطة والمعارضة. داعيا المعارضة الى ترسيخ التحول الديمقراطي من خلال المزيد من الحوارات والنزول للجماهير وتعريفها بحقوقها السياسية والقانونية والدستورية وكيفية ممارسة النضال السلمي لنيل تلك الحقوق وترسيخ لديها الثقافة المدنية واهمية الدولة الحديثة والمجتمع المدني ودولة القانون والتعايش المشترك والتسامح والقبول بالاخر ونبذ العنف والتطرف والغلو. وإمعانا في مضمون التقرير والواقع المعاش الملتهب بالارتفاع الجنوني للاسعار وواتساع رقعة البطالة ومحدودية الدخل , وغياب السياسات المواجهة لازمة الاقتصادية والسياسية في البلد . والاصرار في رفض اصلاح الانظام الانتخابي وتوفير مقومات النزاهة والحرية في العمليات الانتخابية , فضلا عن تعامي السلطة عن الحياة التجويعية التي يعيشها معظم ابناء الشعب . فان اليمن تسير باتجاه الكارثة التي تهدد الوطن دفاعا عن السلطة.