في اليمن النفوذ القوي هو الذي يحدد مسارات البلاد ويصنع التحولات ،أو يهيمن على القوى الفاعلة فيه ،فحين أقدمت وزارة الإعلام على قص مقالي رأي من مجلة 'النيوزوييك' ،لم يتضامن معي أحد إلا صحيفة الوحدوي, وموقع الوحدوي نت . لم أتعجب من ذلك، ذلك أمر بديهي ، لأنني وببساطة صحفي لا يحضى بأي نفوذ ، ولا وجود له في خارطة تفكير رؤساء الصحف اليمنية ،الذين تحمكهم لاوعيا أفكار مشوهة وتقاليد بالية ، فأغلبهم مجرد ألسنة وأسنة أقلام تتحدث عن الحقوق والحريات في إطار ما تحدده قوى النفوذ القوية أو مقدار ما يحظى به المنتهك من نفوذ مؤثر. وزارة الإعلام أقدمت على قص مقالين لي من العددان 418،419 من المجلة ،الموزع أكد أن الوزارة اتصلت شفهيا به ووجهت بإعدام رأيي شطبا من 'النيوزوييك' ،انتهاك واضح أقدم عليه وزير الإعلام 'اللوزي' ،تغييب للرأي يتلوه تغييب ربما للكاتب ذاته من مساحة الحياة الوطنية، ذلك أمر متوقع ، لم يتضامن معي أحدا سوى صمت مطبق ، رغم صراخي مدادا وصوتا ، تجاهل تام قوبل به قلمي وصوتي ،حياتي معرضة للخطر ، وروحي تترقب لحظة إزهاق مميت لها، وكأن الأمر لا يعني دعاة الحقوق والحريات ومنظمات المنح والفيد في البلاد ،وصحافة حزبية ومستقلة ، جلها مملوكة لأحزاب أيدلوجية فارزة ،وشخصيات نافذة في السلطة لا تجيد فعل التضامن إلا مع من تحدد هي. كان يفترض أن لا أكتب ،لكن إن لم أتضامن مع نفسي فمن سيتضامن معي.؟! كما أنه لابد من كشف الأغطية، وهتك أستار المخفي لحقيقة منظمات المجتمع المدني ومراكز حماية الحريات وصحافة البيع والشراء والتلميع على حساب الحقوق والحريات الخاصة والعامة . جريمتي أني كتبت عن ممارسة النظام السياسي الحاكم ،و هتكت خبايا ما يدور في البلاد ،أوضحت حقيقة ان البلاد لم تعد مستقرة في زاوية آمنة ،جريمتي أني نقدت انتهازية شخصيات قبلية في المعارضة تمارس تزييف وعي الشعب وتلتف على مطالبة بمخاتلة واضحة تجعلها قريبة من النظام بطريقة تبدو كما لو أنها ضده أمام الشعب ،وهو ما لا يفترض بها كمعارضة، ثمة مجازر ترتكب في البلاد ،صعده تنزف جثث ودما، الضحايا يمنيين من الجانبين ،والجنوب محتقن وغاضب وغير راضٍ عن وضع كهذا أقصاه من خارطة الشراكة الوطنية التي رتبتها الوحدة اليمنية في 22مايو 1990م . منظمات حقوق الإنسان والحريات اشترى كما يبدو النظام ضمائرها ، وأخرس صوتها بدراهم معدودة ،وبعض الصحافة تنكبت دورها الوطني المفترض لتعمل ضد منطق مجابهة الظلم ،والكتم ،والإخراس .