تستطيع هيئة رئاسة مجلس النواب فرض إرادتها على لائحة المجلس وتمرير ما تريد حتى وإن كان أغلبية النواب يعارضون ذلك، لكن تلك الإرادة لا تصمد أمام فتوى فقهية حتى وإن كانت ضعيفة الحجة. مطلع الأسبوع الحالي فرض بضعة نواب اعتراضهم على قانون يجيز تمليك الأجانب للعقارات، مستندين إلى فتوى فقهية بتحريم ذلك وهو ما جعل هيئة رئاسة المجلس تحيل مشروع القانون مرة أخرى إلى لجنتي الخدمات وتقنين أحكام الشريعة لدراسته واستيعاب المقترحات بشأن ما اعتبره النواب المعترضين مخالفة شرعية في مادتيه الرابعة والخامسة المتعلقتين بتمليك الأجنبي وانتفاعه بأراضي الأوقاف. وخلال مناقشة تقرير اللجنة المشتركة من لجنتي الخدمات والعدل والأوقاف بشأن مشروع القانون في جلسة الأحد الماضي أبدى بضعة نواب اعتراضهم عليه باعتباره يمنح الأراضي اليمنية للأجانب وهو "أمر في غاية الخطورة" حسب النائب محمد الحاج الصالحي الذي قال -محذرا من مغبة الموافقة عليه- إن الأزمة القائمة في المحافظات الجنوبية كانت نتيجة للتصرف بأراضي الدولة من قبل اليمنيين، فكيف ستكون النتيجة إذا بيعت أراضي يمني للأجانب" وهو ربط غير واقعي. وفيما يتعلق بالفقرة (ب) من المادة الرابعة من مشروع القانون عبر النواب (عارف الصبري، فؤاد دحابة، زيد الشامي، عبدالكريم شيبان، صادق البعداني) وجميعهم من كتلة الإصلاح - عن رفضهم لها كونها تجيز للأجانب الانتفاع بأراضي الأوقاف. وقال النائب عارف الصبري إن ذلك مخالفة شرعية لإجازته التصرف في أموال الوقف خلافا لشروط الواقف". النائب الصبري واستنادا لخلفيته الفقهية اقترح حذف المادة الخامسة من مشروع القانون والتي تجيز للأجنبي امتلاك أراضي الدولة للاستثمار، مستدلا بالحديث القائل: "لا يجتمع دينان في جزيرة العرب" إيضاحاً منه بعدم جواز تمليك غير المسلمين شبرا واحدا في الجزيرة العربية، كما اعتبر الصبري تمليك الأجانب أراضي يمنية انتهاكا لسيادة البلد، وهو الأمر الذي كان ذهب إليه في بداية الجلسة النائب منصور الحنق ليرد عليه النائب محمد بن ناجي الشايف بالقول إنه يتم منح الأجانب أراضي في أقدس بقاع الأرض "مكةالمكرمة" وفي المقابل اعتبر الجانب الحكومي -ممثلا برئيس الهيئة العامة للأراضي والمساحة والتخطيط العمراني يحيى دويد- اعتراض النواب على المواد الأساسية، لمشروع القانون إفراغا لمحتواه، مشيرا إلى تجارب عدد من الدول العربية في هذا الجانب بهدف تشجيع الاستثمار. وأوضح دويد أن القانون يعالج في الأساس مشكلة المغتربين اليمنيين ممن حصلوا على جنسيات أخرى "في حال رغبوا في العودة للاستثمار في بلدهم" وقال غاضبا من اعتراض النواب "الأجانب ليسوا منتظرين على الأبواب حتى يتم تمليكهم عقارات ومساكن في الجمهورية اليمنية". وكان رئيس كتلة الإصلاح البرلمانية الدكتور عبدالرحمن بافضل قال في جلسة سابقة إنه مع مشروع القانون جملة وتفصيلا شريطة أن يكون لليمني نفس الحق في الدولة التي يمنح مواطنوها أراض للاستثمار في بلادنا". ولفت إلى أن هناك بعض الدول لا تسمح قوانينها للأجنبي بمزاولة التجارة وحق الاستثمار والتملك دون أن يسمي هذه الدول. وعلق وزير الدولة لشئون مجلس النواب والشورى أحمد الكحلاني متهكما على المعترضين بالقول: "ولنضيف للنص عبارة تمنع تملك اليمنيين لعقارات في دول أخرى". من جهة أخرى أيد نواب مقترحا للنائبين محمد قاسم النقيب ومنصور الزنداني تخفيض عدد أعضاء المجلس الأعلى للسياحة بحيث يقتصر على خمسة ممثلين للقطاع الخاص إضافة إلى وزراء السياحة والإعلام والثقافة والداخلية خلافا لما ورد في المادة الخامسة من مشروع قانون السياحة البديل الذي شرع البرلمان بمناقشته في جلسة الأحد الماضي. وبرر الزنداني المقترح بتجنب تعقيدات بوجه السياحة، فيما أشار النقيب إلى أن العدد الواصل لستة وعشرين عضواً في مجلس السياحة كبير ويشمل كثيرا من الوزراء وما يستتبع ذلك من اعتمادات مالية تصرف على هيئة مكافآت. ورد وزير السياحة نبيل الفقيه بأن النص في المشروع عبر عن حرص الحكومة على التسهيلات الجاذبة للسياحة بإشراك كل وزارة تتقاطع في مهام مع وزارته، وحصل رأي الوزير على إقرار البرلمان لدى التصويت. وفي تعليقه على النائب الإصلاحي محمد الصالحي الذي قال إن المادة الرابعة من القانون الجديد تحظر الأفعال المخلة بالآداب داخل المنشآت السياحية فقط قال الفقيه: إن الفرق الاستعراضية تؤدي أعمالها داخل المنشآت السياحية وهي ملزمة وفق هذا القانون بعدم الإخلال بالآداب العامة" مضيفا "إن أي اختلالات خارج تلك المنشآت تدخل في اختصاص الجهات الأمنية وليس وزارة السياحة". وأوجبت تعديلات القانون على مستغلي المنشآت السياحية في اليمن إبراز أسعار الخدمات التي تقدمها في مكان ظاهر داخل المنشآت باللغتين العربية والإنجليزية، مشترطة في ذات الحين أن تكون نفس الأسعار المودعة في وزارة السياحة وداخل الغرف وقسم استقبال النزلاء بالنسبة للمنشآت الفندقية. وحظرت تعديلات قانون السياحة البديل رقم 40 لسنة 1999م على الشركات والفروع الأجنبية والوكالات والمنشآت الفردية السياحية قيادة الأفواج السياحية لأي موقع سياحي ما لم يكن بصحبتهم مرشد سياحي مرخص له. وفي مجال السياحة البيئية نصت التعديلات على أن تعمل الوزارة بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة لوضع خطط لتنمية السياحة في الشواطئ والجزر والمواقع التاريخية والطبيعية وكذا الاستفادة من المحميات البحرية والمدرجات الزراعية والوديان والكهوف والبيئات الصحراوية وتحديد وتنظيم استغلال الحمامات الطبيعية وتشجيع استثمارها مع عدم شغل أي موقع سياحي أو جزء منه أو إقامة أي منشآت سياحية في الموقع إلا بترخيص من وزارة السياحة. وقد اشتملت التعديلات استبدال رؤساء عدد من الهيئات بالوزارة في المجلس الأعلى للسياحة برئاسة رئيس الوزراء وعضوية (12) وزيراً ووكيلين بوزارة السياحة إضافة إلى إعادة صياغة سبع مواد في القانون النافذ. وفي ذات سياق زيادة نشاط الفتوى الفقهية لجأ عدد من أصحابها بمساندة نواب في البرلمان للاحتساب لدى القضاء ضد مجموعة من الاستثمارات في مجال المطاعم الصينية والتطبيب بالطريقة الصينية التقليدية. وسبق للمجالس المحلية بأمانة العاصمة أن وجهت بإغلاق تلك المطاعم إلا أن بعضها لم تثبت مخالفتها وأعيد فتحها وهو ما جعل نواباً يطلبون وزير العدل للإجابة على استفساراتهم بشأنها وفي جلسة أواخر الأسبوع المنصرم أوضح وزير العدل الدكتور غازي الأغبري أنه تم إحالة القضية المرفوعة من عدد من مواطني الحي السياسي بالعاصمة ضد عدد من المطاعم الصينية بتهمة ممارسة أعمال مخلة بالآداب إلى محكمة جنوب غرب الأمانة وصدر الحكم في بعضها فيما البعض الآخر لا يزال قيد نظر المحكمة. وأوضح الأغبري مطمئنا النائب الإصلاحي محمد الحزمي لدى رده على سؤال تقدم به الأخير حول حقيقة توجيهات عليا استندت عليها نيابة جنوب غرب الأمانة في عدم إحالة القضية الآنفة الذكر إلى المحكمة المختصة وأسباب إعادة فتح تلك المطاعم وإطلاق المضبوطات من الخمور التي ضبطت لديها أنه لم يتم الإفراج عن تلك المضبوطات وأنها لا زالت لدى النيابة العامة. واستبعد الأغبري ان تكون لأي مسئول في الدولة مصلحة في مخالفة تعاليم الشريعة الإسلامية ومواد القانون حسبما ذكره الحزمي -الذي اتهم خلال تعقيبه على إيضاحات الوزير- بعض النافذين دون أن يسميهم بامتلاك عدد من "أوكار الفساد" والتستر عليها ومن ضمنها المطاعم الصينية.. وقال الأغبري: كلنا في حماية الفضيلة والدستور والقانون" مشيرا إلى أنه لا يمكن لأي سلطة عليا أو سفلى التدخل في شئون النيابة، باعتبارها إحدى الهيئات القضائية التي يعد التدخل فيها جريمة يعاقب عليها القانون.