درجت الحكومة على إنشاء عشرات الصناديق المتخصصة خلال الأعوام الماضية وذلك في إطار برنامجها الاقتصادي، تبين فيما بعد فشل هذه الخطوة، فاتخذت الحكومة عدداً من الإجراءات إزاءها توزعت بين الدمج والإلغاء والخصخصة، غير أن إجراءاتها هذه خلقت العديد من المشاكل لإهمالها الكادر الوظيفي. هذه الأيام يناقش مجلس النواب مشروع قانون صندوق تنمية المهارات البديل لصندوق التدريب المهني والذي لا يزال الجدل حوله متعاظماً من يوم لآخر وفي جلسة النواب مطلع الأسبوع الحالي أقر البرلمان مقترح الحكومة القاضي بتضمين إيراد الصندوق ريالا واحدا عن كل كيس أسمنت وريالين عن كل علبة سجائر إضافة للإيرادات المتضمنة في القانون النافذ لصندوق التدريب المشتملة على 1% من مرتبات وأجور العاملين لدى أصحاب العمل، وخمسة آلاف ريال عن كل تصريح عمل يمنح لغير اليمني، وعائدات الودائع المصرفية والمساعدات والتبرعات. وحول ذات المقترح أبدى عدد من النواب اعتراضهم باعتبار صندوق تنمية المهارات الجديد أصبح تابعا للقطاع الخاص وليس الحكومة وفقا للقانون الجديد وفيما يواصل المجلس مناقشة مشروع القانون الجديد للصندوق تمهيدا لإقراره في صورته النهائية، كانت خلافات دارت في نقاشات النواب السابقة لذات الموضوع حتى أن نواب عبروا عن رفضهم لمشروع القانون، ومؤيدين رأي اللجنة الدستورية التي أوصت بالإبقاء على الصندوق المراد استبداله بآخر، كون مشروع قانون الصندوق البديل تضمن مخالفات دستورية وقانونية فضلا عن إغفاله لوضع الكادر الوظيفي الحالي الذين نفذوا اعتصامات احتجاجية على ذلك الأسبوع الماضي أمام مجلس النواب. وقالت اللجنة الدستورية إن عدم تحديد مشروع القانون لتبعية الصندوق الجديد يعني عدم وجود ما يضمن الالتزام بسياسات الدولة، مشيرة إلى عدم تضمن القانون الجديد لمعالجات واضحة لاستيعاب الكادر الوظيفي للصندوق الحالي، غير أن وزير التعليم الفني والتدريب المهني إبراهيم حجري الذي كان حاضرا الجلسة أوضح بأن "مشروع القانون يكفل إشراف الحكومة وضمان تنفيذ الصندوق الجديد لسياساتها" وطمأن النواب بأن القانون الجديد لن يمس حقوق موظفي صندوق التدريب التقني والمهني السابق. يشار إلى أن مشروع القانون الجديد ينص على إنشاء صندوق تنمية المهارات ويحل محل صندوق التدريب المهني والتقني التابع لوزارة التعليم الفني والمهني ووفقا لمشروع القانون يعامل الصندوق الجديد معاملة منشآت القطاع الخاص ونصت المادة (28) منه على أن تكون ميزانيته مستقلة وتخضع لفحص الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة. ومن المؤكد أن استبدال صندوق التدريب المهني بآخر ليس معالجة للاختلالات التي تعانيها جميع الصناديق وإنما ستكون تكريسا للفشل وتفشي الفساد. وبحسب المعلومات الرسمية فقد أسس صندوق التدريب المهني بالقرار الجمهوري رقم (15) لسنة 1995م بهدف رفع مستوى كفاءة العاملين بالقطاعين الخاص والعام، لكنه فشل في ذلك، مكتفيا بالعبث بأموال المساهمين دون هدف أو جدوى اقتصادية. ومن خلال الإطلاع على تقرير الرقابة المختصر بنتائج المراجعة المستندية لنفقات صندوق التدريب المهني والتقني وتطوير المهارات للسنة المالية المنتهية في 31/12/2002م والذي أعده الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة يتضح مدى القصور في أداء الصندوق ومن ذلك: - القيام ببعض العمليات المالية الخاصة بنفقات التدريب بالخصم من حساب الفائض المدور وعدم تسجيلها في استخدامها ضمن حساب نفقات التدريب بالمخالفة لقواعد المحاسبة المتعارف عليها وقواعد النظام المحاسبي الموحد وهو ما أدى إلى إظهار الاستخدامات بأقل من قيمتها الحقيقية، بلغ ما تم الوقوف عليه من هذه العمليات مبلغ (12.584.238) ريالاً. - قيد مبلغ (50.000.000) ريال في ح/ نفقات التدريب وهو المبلغ المنصرف مقابل دعم المخيمات والمراكز الصيفية التي أقامتها وزارة الشباب والرياضة بموجب قرار مجلس الوزراء، برغم أن حساب نفقات التدريب مخصص لأغراض وأهداف محددة في القانون الخاص بالصندوق والخاصة بإعادة تمويل البرامج التدريبية التي يستفيد منها العاملون في الجهات التي تسدد مساهمات الصندوق وهو ما لا ينطبق على ما تم صرفه للمراكز الصيفية. - خصم مبلغ (143.445.000) ريال من الحساب الجاري للصندوق طرف البنك المركزي وذلك بموجب مذكرة وزارة المالية بحجة سداد قيمة الأرض المخصصة للصندوق والكائنة في منطقة بير عبيد من أملاك المؤسسة العامة للتجارة الخارجية والحبوب تحت التصفية وبموجب محضر تسليم الأرض الموقع بين إدارة الصندوق ولجنة التصفية بالرغم من أن الأرض المذكورة لم يتم تسليمها فعليا للصندوق، حيث تبين أن الأرض كانت مبنية ومقام عليها أحد المعاهد التابعة لوزارة التعليم الفني. - بلغ إجمالي السلف المؤقتة والسلف على الأجور كما في 31/12/2008م مبلغ (4.620.175) ريالاً دون اتخاذ الإجراءات اللازمة لتسويتها. - انخفاض نسبة الإنفاق المتعلقة بالتدريب وهو النشاط الرئيسي للصندوق حيث أظهر ح/ خ الصندوق للعام المالي 2008م الاستخدامات الفعلية في جانب دعم برامج التدريب مبلغ (494.089.211) ريالاً بصافي وفر قدره (585.982.789) ريالات بنسبة 54% من إجمالي الربط المقدر والبالغ (1.080.072.000) ريال. - قيام الصندوق بالاستثمار في أذون الخزانة، وودائع لدى البنوك بلغ رصيدها كما في 31/12/2008م مبلغ (1.871.131.120) ريالاً وبما يتعارض مع أهداف إنشاء الصندوق. - عدم وجود معايير مالية معتمدة لدى المسئولين في الصندوق، خاصة اللجنة الفنية المستفيدة من إعادة تمويل البرامج التدريبية من حيث أسمائهم ومؤهلاتهم والوظائف التي يشغلونها وغيرها من البيانات. - صرف مبلغ (800.000) ريال للعام المالي 2008م مقابل بدل جلسات لأعضاء مجلس الإدارة لعدد 4 اجتماعات، حيث لوحظ عدم وجود أساس قانوني لقيمة البدل المحتسب وبواقع 25.000 ريال لكل شخص في الجلسة الواحدة بواقع 125 دولارا. - عدم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لاسترداد عدد 3 سيارات سلمت كعهدة لمدراء سابقين للصندوق ولا تزال بحوزتهم رغم انتهاء عملهم في الصندوق . من جانبه المهندس عادل الأغبري مستشار وزارة التعليم الفني والتدريب المهني اقترح عدداً من المعالجات لتطوير أداء الصندوق ومنها: - تفعيل مبدأ الرقابة المشتركة الداخلية ممثلة برقابة القطاع الخاص بحكم رئاسته لمجلس الإدارة خارجية وتسير في شقين رقابة الجهاز المركزي، رقابة وزارة التعليم الفني بحكم إشرافها على صندوق التدريب المهني، وحق تغيير المخالفين فيه بما يخوله قانون الصندوق وعلى رأسهم مدير عام الصندوق. - على وزارة التعليم الفني الأخذ في خططها العامة برامج صيفية تشجيعية وتعريفية بالتدريب المهني تمول من اعتمادات صندوق التدريب بدلا من المجازفة وتمويل أنشطة وزارة الشباب والرياضة. - المساهمة في بناء بعض المراكز التخصصية الصغيرة والتي تهتم بالتدريب اللغوي وبرامج الحاسوب، بدلا من الاستثمار في أذون الخزانة. - تقديم دراسات ومقترحات لتطوير ورفع كفاءة أداء الصندوق بدلا من السعي الجاد لقياداته في خصخصته والاستحواذ على أصوله المادية وبموجب المادة 24 من القانون سالف الذكر إذا حل الصندوق أحيلت موجوداته إلى الجهة المعنية بالتدريب المهني والتقني بقرار مجلس الوزراء بناء على عرض الوزير بعد تصفية التزاماته بقرار مجلس الوزراء أن تتحملها الجهة المحالة إليها موجوداته. - التنسيق الجاد والفعال بين وزارة التعليم الفني والصندوق والقطاع الخاص لخلق رؤى مشتركة تسهم في إصلاح آلية الجهتين بدلا من الاستعانة بالحلول الجاهزة. - إخراج الدراسات المتعددة والخاصة بتطوير عمل الصندوق والتي أكل عليها الدهر وشرب وقد تعفنت في أدراج كبار مسئولي الصندوق ليتم الاستفادة منها.