كشف تقرير أوروبي عن اتخاذ الاتحاد الأوربي عدداً من الإجراءات إزاء تباطؤ الإصلاحات في اليمن ومن ذلك تعليق دعمه للمشاريع الممولة من قبله وكذا تخفيض مقدار المعونات السنوية لليمن. التقرير الصادر عن المفوضية الأوروبية قال إن البعثة الأوروبية واجهت الكثير من الصعوبات أثناء مرحلة تنفيذ مشاريعها في اليمن بسبب القدرة الضعيفة لحكومة الأخيرة والتعقيدات الإدارية وهو ما جعل الاتحاد الاوروبي يعلق عددا من المشاريع في هذا البلد وكذلك يخفض من مقدار المعونات المالية" مشيرا إلى أن السبب الرئيسي لذلك هو القدرة المتدنية والأداء السيئ للحكومة اليمنية. واعتبرت المفوضية الأوروبية اليمن بأنها من الدول الأقل تطورا في العالم والأفقر في الشرق الأوسط وأن وضع الدولة فيها هش للغاية، إضافة إلى معاناتها من العديد من المشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية المعقدة "والتي يزيد من تعقيدها عدم قدرة الحكومة على تحويل التزاماتها في الإصلاحات إلى سياسات عملية ملموسة". مشيرا إلى أن الحكومة اليمنية لجأت منذ عدة أعوام إلى القيام برفع برنامج الإصلاحات إلى الأمام من أجل بناء دولة حديثة بعد أن تعرضت لضغوط كبيرة من قبل الدول المانحة التي ضغطت من أجل قيام الحكومة بإصلاحات سياسية واضحة خاصة فيما يتعلق بحقوق الإنسان ومكافحة الفساد وحرية الصحافة وهو ما دفع الحكومة لتبني ما يسمى ب"مصفوفة عمل للإصلاحات الشاملة في مجال الحكم الرشيد". غير أن تقرير المفوضية الأوروبية حول الاستراتيجية اليمنية للفترة من 2000 إلى 2013 وصف تطور الديمقراطية بأنه يسير بخطوات بطيئة، مؤكدا بأن التقدم نحو تحقيق ديمقراطية حقيقية في السنوات الأخيرة يعتبر بطيئا جدا "حيث ساهمت الانتخابات التي تجري في اليمن في تعزيز سلطة الحكومة وتعزيز المؤتمر الشعبي الحاكم" وذلك من خلال القرارات التي زادت من الامتيازات الخاصة بالسلطة التنفيذية وتقليص صلاحيات مجلس النواب وتوسيع صلاحيات مجلس الشورى المعين من قبل الرئيس". وقالت المفوضية الأوروبية في تقريرها: إن نتائج الانتخابات التي أجريت كانت لصالح الحزب الحاكم وأن أحزاب المعارضة عانت في كل تلك الانتخابات من محدودية وصولها إلى وسائل الإعلام نتيجة للسيطرة الكاملة للحكومة على الإذاعة والتلفزيون اللذين يشكلان أهمية كبيرة في بلد تبلغ نسبة الأمية فيه أكثر من 50%. وفيما يتعلق بأوضاع حقوق الإنسان وحرية الإعلام أشارت المفوضية إلى أن اليمن تعد من أوائل الدول في المنطقة التي توقع على الاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان "إلا أنها تتجاهل الكثير من الحقوق السياسية والاجتماعية لشرائح كبيرة في المجتمع، فالتعذيب والعقوبات الجائرة ما تزال مستمرة، إضافة إلى قمع الصحفيين الذين يواجهون إجراءات تعسفية مثل السجن والملاحقات والغرامات رغم أن الدستور اليمني يكفل حرية التعبير والصحافة في حدود القانون". تقرير المفوضية الأوروبية الذي شمل العديد من الأوضاع في اليمن والأداء الحكومي أكد أن القضاء يعد الأضعف بين السلطات الثلاث "حيث يواجه عدداً من العوائق أهمها الفساد وتدخل السلطة التنفيذية في أعماله وكذلك سوء الإدارة وهو ما جعل اليمنيين يعتبرون القضاء آخر ما يمكن أن يلجأوا إليه". وعلق التقرير على ذلك بالقول "الإصلاح القضائي في اليمن ما زال بحاجة ماسة إلى الجدية". وحول الإصلاحات السياسية قالت المفوضية الأوروبية إن ما تحقق في هذا الجانب قليل جدا بالرغم من الالتزامات التي تم الاتفاق عليها مع الحكومة اليمنية وأولها في مؤتمر صنعاء المنعقد في يناير 2004م. واعتبر التقرير إصلاح الخدمة المدنية واحدا من التحديات الرئيسة للحكومة اليمنية "حيث تكمن المشكلة الأولى في حجم التضخم في الوظيفة العامة الذي يتسم بالنفقات العالية نتيجة للعدد الكبير ممن تم توظيفهم والكفاءة المتدنية". وأشارت المفوضية في تقريرها إلى أنه تم إجهاض عدة محاولات لمعالجة وإصلاح الخدمة المدنية نتيجة لاعتبارات سياسية واجتماعية. وفيما يتعلق بالإصلاحات الاقتصادية قال التقرير "على الرغم من إبداء الحكومة اليمنية استعدادها لتنفيذ الإصلاحات، لكن مسار تلك الإصلاحات لا يزال بطيئا، وكذلك فإن الرقابة الداخلية غير مقنعة". وأوضحت المفوضية في استشرافها لمستقبل اليمن بأن تحسين الحكم يعتبر شرطا أساسيا ومهما للخطط الهادفة إلى تعزيز التنمية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، مشيرة إلى أن البعثة الأوربية واجهت الكثير من الصعوبات أثناء تنفيذ مشاريعها في اليمن بسبب القدرات الضعيفة للحكومة وتعاظم التعقيدات الإدارية "وهو ما جعل الاتحاد الأوروبي يعلق عددا من المشاريع في اليمن وكذلك يخفض من مقدار المعونات المالية". وقالت المفوضية إن الفقر يشكل تحدياً آخر في اليمن نظرا للتضخم وانحسار إنتاج النفط وسوء الإدارة، مشددة على ضرورة الاستثمار في الاقتصاد اليمني وتشجيع القطاع الخاص. غير أن المفوضية شككت في قدرة الحكومة على السيطرة على الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية". وشددت في تقريرها على ضرورة ترسيخ الحكم الرشيد في اليمن باعتباره مطلباً أساسياً خصوصا في مجال تعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان ومحاربة الفساد وإصلاح القضاء فضلا عن كونه الضمان الوحيد لتوفير مناخ استثماري آمن وإدارة أمثل للموارد المالية التي من شأنها تحسين الظروف المعيشية لليمنيين. من جهة أخرى التقى الاحد الفائت ثلاثة من سفراء دول الاتحاد الأوروبي رئيس الجمهورية وأبلغوه بملاحظاتهم حول عدم التزام الحكومة بتحقيق تقدم سريع في الإصلاحات. السفراء الذين استقبلهم رئيس الجمهورية هم (تيم تورلو سفير المملكة المتحدة، وهاري بوكيما سفير هولندا، ومايكل دويس نائب السفير الألماني، فضلا عن سفير أمريكا ستيفن شس). وبحسب وكالة الأنباء الرسمية فإنه جرى خلال اللقاء استعراض علاقات اليمن مع الدول المانحة، إضافة إلى استعراض لتوجهات الحكومة للمرحلة القادمة والتي تضمنت عشر أولويات تهدف إلى تعزيز قدرات العمل الحكومي وضمان استيعاب العمالة اليمنية في دول الجوار، بالإضافة إلى دراسة إمكانية تخفيض دعم المشتقات النفطية وحلول عاجلة لقضايا شحة المياه وتعزيز فرض سيادة القانون والمضي قدما في عملية الإصلاح. مشيرة إلى أن السفراء أعربوا عن ارتياحهم لقيام الحكومة بتحديد أولويات للمرحلة القادمة، وتأكيدهم على دعمهم لها في إطار تنفيذ تلك الأولويات.. بالمقابل عبر رئيس الجمهورية عن شكره وتقديره للدعم الذي تقدمه الدول المانحة بهدف إصلاح وتعزيز الأوضاع المالية والإدارية والاقتصادية في اليمن ووفقا للخبر الرسمي فقد وجه رئيس الجمهورية بتشكيل مكتب تنفيذي تحت إشرافه وبرئاسة رئيس الوزراء وعضوية الجهات الحكومية ذات العلاقة وتكون مهمة هذا المكتب متابعة وتنفيذ أولويات الحكومة للمرحلة القادمة وأن يقدم لرئيس الجمهورية تقريرا شهريا حول مستوى التقدم المحرز في تنفيذ حزمة الأولويات الحكومية ومعالجة الصعوبات التي قد تعترض تنفيذها.