صعدة.. حرب مفتوحة شكلت نافذة للتدخلات الخارجية تعالت أصوات المنظمات الإنسانية إزاء الأوضاع المتفاقمة في صعدة، فيما السلطة والحوثيون يتجهان نحو مواصلة المعارك على عكس دعواتهما المتبادلة عبر وسائل الإعلام لوقف الاقتتال خلال شهر رمضان الجاري. رئيس الجمهورية في خطابه بمناسبة حلول شهر رمضان أعلن منحه الحوثيين فرصة أخيرة "للجنوح للسلم والعودة إلى جادة الصواب" وأعاد الرئيس إعلانه هذا إلى احترامه للشهر الفضيل وحرصه على حقن الدماء وتحقيق السلام، غير انه أكد أن هذا لن يتم إلا على أساس الالتزام غير المشروط من قبل الحوثيين وخلال الأيام القادمة بالشروط التي أعلنتها اللجنة الأمنية العليا قبل أسبوعين، بالمقابل جدد عبدالملك الحوثي القائد الميداني للحوثيين دعوته للحوار وحل جميع القضايا سلميا وإيقاف الحرب. وذكر الحوثي -في تهنئته للأمتين العربية والإسلامية بمناسبة شهر رمضان- الجميع بالكارثة الإنسانية التي يعيشها النازحون في صعدة والتي انقطعت أرزاقهم وشردوا من منازلهم وتقطعت بهم السبل -حسب قوله-. كما رحب الحوثي بأي دعوة لوقف نزيف الدم اليمني وتحقيق العدل والمساواة وترسيخ مبادئ العيش الكريم وإطلاق السجناء وعودة الناس إلى قراهم ومنازلهم. وفيما يبدي الحوثي استعداده للتفاوض ويجدد دعوته للعودة لتنفيذ اتفاق الدوحة التي أعلنت السلطة خطأ العمل به فإن إعلان رئيس الجمهورية عن فرصة أخيرة للحوثيين لوقف القتال اشترط لها الالتزام بشروط اللجنة الأمنية العليا وهو ما يرفضه الحوثيون وتتمثل اشتراطات اللجنة الأمنية العليا على الحوثيين بالانسحاب من جميع المديريات ورفع كافة النقاط المعيقة لحركة المواطنين والنزول من جبال ومواقع التمترس وتسليم المعدات التي تم الاستيلاء عليها مدنية وعسكرية إضافة إلى الكشف عن مصير المختطفين من الأطباء الاجانب وتسليم المختطفين من المواطنين وعدم التدخل في شئون السلطة المحلية. وفي حال رفض الحوثيون شروط اللجنة الأمنية العليا قال رئيس الجمهورية إنه سيقوم بما يفرضه عليه واجب المسئولية الوطنية "سنواجه هذه الفتنة بحسم وبكل ما نملك من الإمكانات والطاقات". واعتبر الرئيس شهر رمضان للجهاد والانتصار مؤكداً بأن "الوطن سيظل قويا في مواجهة كل المتآمرين والمخربين وأصحاب المشاريع الصغيرة وقادرا على إلحاق الهزيمة بهم بفضل القوات المسلحة والأمن". على الصعيد الميداني تشهد عدد من المناطق مواجهات متواصلة حيث شن الحوثيون مطلع الأسبوع الحالي هجوما عنيفا على الجيش من الجبهة الشرقية لمدينة صعدة استخدموا فيها مختلف الأسلحة. ونقل عن مصدر عسكري قوله إن الحوثيين حاولوا فتح جبهة جديدة لمدينة صعدة باتجاه منطقة آل سالم، حيث دارت هناك اشتباكات عنيفة، مشيرا إلى سقوط قتلى في صفوف الحوثيين. وأوضح المصدر العسكري أن الحوثيين كانوا قد فتحوا جبهة أولى من منطقة طريق العند المهاذر خط صنعاء إلى جانب فتح جبهة ثانية على مدخل مدينة صعدة مؤكدا أن الجيش صد هجوما في وقت سابق للحوثيين في منطقة الجوازات والأمن المركزي والقصر الجمهوري. وتحدثت السلطة عن قتل قواتها اثنين من قادة جماعة الحوثيين في حرف سفيان وهما محسن القعود وصالح جرمان وهو ما نفاه المكتب الإعلامي للحوثيين الذي قال إن ما تردد كذب وافتراء وهو متعمد من قبل السلطة للتعويض عن الفشل الميداني لقواتها، مشيرا إلى استيلائهم على (24) موقعاً عسكرياً كما أعلنت السلطة تمكن قواتها المسلحة مطلع الأسبوع الحالي من التطهير الكامل لمنطقة حرف سفيان وتوجيه ضربات قوية للعناصر الحوثية وإجبارها على الاستسلام أو الفرار". وقالت المصادر الحكومية إنه ألقي القبض على العديد من العناصر الحوثية وأنه تم اكتشاف أكثر من 100 جثة لحوثيين على جوانب الطرقات خارج مدينة حرف سفيان غير ان السلطة عادت ونفت هذا الخبر عبر مصدر مسئول.. وتتواصل العمليات العسكرية بصعدة وحرف سفيان للأسبوع الثالث على التوالي خلفت خلالها العديد من القتلى والجرحى من الجانبين. وقال مكتب الحوثي إن طائرات الميج تواصل شن غارات جوية على مختلف مناطق محافظة صعدة ومنها ضحيان ، حيدان، العند، والطلح والملاحيظ وذو سفيان. ونقلت وكالة الأنباء "سبأ" عن مصادر عسكرية قولها إن الجيش تمكن السبت الفائت من السيطرة على التبة الحمراء وإخلائها من العناصر المتمردة فيما وجه من وصفتهم ب"نسور الجو" من أفراد القوات الجوية ضربات جوية ناجحة وموجعة لعدد من أوكار العناصر التخريبية في منطقتي مطرة والنقعة، مشيرا إلى أن الجيش يشن حاليا هجمات ضد الحوثيين في منطقة مران وأنه تم استسلام عدد منهم. بالمقابل قال المتحدث باسم الحوثي إنهم استولوا على منطقة ذو سفيان بحرف سفيان وأسروا 80 جنديا فضلا عن استيلائهم على معدات عسكرية. ونفى ما أعلنته السلطة عن تفجير قواتها مخازن لأسلحة إيرانية تابعة لهم "ما يقال من تفجير خمسة مخازن أسلحة (إيرانية) كلام يدعو للسخرية". وفيما كانت أعلنت السلطة عن توافد الحشود القبلية من مختلف المحافظات اليمنية لمساندتها في قتال الحوثيين، فإنها تدفع بمجندين جدد إلى أرض المعارك قبل أن يتم تدريبهم وهو ما يجعلهم فرائس سهلة لقناصات المتمردين أو يلجأون للفرار. وسرت أنباء عن نصب السلطة لنقاط عسكرية لترصد الفارين من مقاتليها. وأكدت مصادر محلية بمديرية عبس محافظة حجة السبت الفائت حدوث اشتباكات وإطلاق نار كثيف بين جنود عادوا من صعدة عبر مديرية عبس وجنود آخرين في نقطة عسكرية استحدثت على مدخل المديرية للتصدي للجنود الفارين من صعدة استمر أكثر من نصف ساعة. وأوضحت تلك المصادر لموقع حزب الإصلاح الإخباري بأن تبادل إطلاق النار كان من الجهتين أثناء محاولة الجنود الذين ينتمون للعصيمات وهم ممن تم إلحاقهم بالتجنيد مؤخرا من العبور من النقطة. وفي اتجاه آخر فتحت المعارك في صعدة بابا للتدخلات الخارجية، فبعد أن كانت الخارجية الأمريكية تطرقت الأسبوع الماضي لما يدور في اليمن من معارك دعت سفارتها بصنعاء السلطة والحوثيين إلى العودة إلى وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه العام المنصرم. وقالت السفارة الأمريكية إنها تتابع وبقلق بالغ استمرار النزاع المسلح في صعدة وأنه ينبغي على السلطة والحوثيين تجنب اتخاذ أي إجراء من شأنه تعريض المدنيين في المناطق المتأثرة للخطر". أما بالنسبة لإيران فقد دفعت بوسائلها الإعلامية -حسب اتهامات السلطة- إلى دعم المتمردين إعلاميا ونشر أخبار كاذبة عن سير المعارك وعن مشاركة سعودية في المواجهات. وفي هذا الإطار كذب مصدر مسئول ما أورده موقع قناة العالم الإيرانية حول اتفاق سعودي يمني على إقامة غرفة عمليات مشتركة ضد العناصر الحوثية. وأسف موقع وزارة الدفاع الإخباري لما قال إن وسائل إعلام إيرانية جندت نفسها لتكون بوقا صدئا للعناصر الحوثية الخارجة عن النظام والقانون. وسبق لقناة العالم أن بثت خبرا يفيد بتدخل الطيران الحربي السعودي في الهجمات التي يشنها الجيش ضد الحوثيين وهو ما نفاه الجيش اليمني. وقالت القناة إن الحرب على الحوثيين تمت بطلب سعودي مباشر وأن اليمن تلقت وعودا من السعودية بدعم مالي وسياسي واسع في العمليات العسكرية. من جهتها أعلنت إيران احترامها لوحدة الأراضي اليمنية وقال المتحدث باسم خارجيتها حسن قشقوي: نحن نحترم وحدة أراضي اليمن ونعتقد أنه يجب إرساء السلام والهدوء في هذا البلد" وأضاف "مسألة صعدة هي مسألة داخلية ونأمل أن يعود السلام هناك من خلال حل سلمي لأن سفك الدماء لا يمكن أن يكون حلا". وكان وزير الإعلام اتهم إيران ضمنا الأسبوع الماضي بدعم "المتمردين" في صعدة. كما دعت بريطانيا الحكومة اليمنية إلى السعي للتوصل إلى تسوية سلمية للصراع في صعدة. وفيما جددت الحكومة تأكيدها تقديم كافة التسهيلات لمنظمات الإغاثة لإيصال معوناتها إلى النازحين، فإن دعوات المنظمات الإنسانية تتوالى لطرفي النزاع بالحرص على سلامة المدنيين وعدم تعريضهم للخطر. وفي هذا الشأن طالبت مفوضية الاممالمتحدة لشؤون اللاجئين السلطة والحوثيين بوقف اطلاق النار في منطقة القتال للسماح للمدنيين بالنزوح ولافساح المجال لعمال الاغاثة الدولية لإيصال المواد الانسانية العاجلة. وأعربت المفوضية في بيان لها عن قلقها المتزايد على مصير آلاف المدنيين في صعدة بسبب حدة وتصاعد القتال بين الطرفين، مطالبة بتوفير خمسة ملايين دولار من اجل الاستجابة لحالة الطوارئ الحالية. وذكرت المفوضية ان التقديرات تشير الى أن القتال في صعدة قد ادى الى تشريد 35 ألف شخص خلال الاسبوعين الماضيين فيما يبدو ان الوضع حرج هناك وفي عدة مناطق ودوائر قريبة من صعدة. وتشير تقديرات المفوضية الى انه منذ عام 2004 ومع استمرار هذا النزاع فان نحو 120 الف شخص قد تأثروا به ومن جهتها حملت منظمة العفو الدولية الحكومة اليمنية كامل المسؤولية عن حماية سلامة الجمهور ومعاقبة المجرمين، و مطالبتها بالتقيد في جميع الأوقات بمقتضيات القانون الدولي، بما في ذلك حظر التعذيب واحترام الحق في الحياة. وحثت المنظمة الرئيس على وجه الخصوص على ضمان تلقي جميع أفراد قوات الأمن اليمنية توجيهات بالتقيد بالمعايير الدولية المهمة، ولا سيما مبادئ الأممالمتحدة الأساسية بشأن استخدام القوة والأسلحة النارية، ومدونة الأممالمتحدة لقواعد سلوك الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين، كما حثته على محاسبة من يمارسون القتل غير القانوني أو غيره من الخروقات. وطالبت المنظمة في بيان لها الحكومة باتخاذ جميع الخطوات الممكنة لضمان أن لا يؤدي احتدام الاشتباكات الحالية بين قوات الحكومة وأنصار الحوثي إلى تكرار الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي وقعت أثناء الاضطرابات السابقة في محافظة صعدة. كما طلبت الحكومة تزويدها بالمعلومات المتعلقة بعدد الأشخاص المعتقلين في صعدة، وبأماكن احتجازهم، وحثت على توفير الحماية لهم ضد احتمالات التعذيب أو غيره من ضروب المعاملة السيئة، وإما تقديمهم إلى محاكمة نزيهة على وجه السرعة أو الإفراج عنهم. وقالت إن التقارير تشير إلى أن عشرات المدنيين قد لقوا مصرعهم، بعضهم نتيجة للقصف الجوي من جانب القوات الحكومية، بينما ورد أن قوات الأمن قد ألقت القبض على من اشتبهت بأنهم من أنصار الحوثي في صعدة واعتقلتهم بمعزل عن العالم الخارجي. وقالت إنه بحسب ما ورد من أنباء فقد أدت المصادمات المسلحة التي بدأت منذ نحو أربعة أسابيع إلى تهجير الآلاف من أهالي صعدة والمناطق المجاورة لها من بيوتهم، وهم يواجهون الآن صعوبات في الوصول إلى المساعدات الإنسانية نظراً لإغلاق المنطقة بدرجة كبيرة في وجه الصحفيين والمنظمات الإنسانية من قبل القوات الحكومية. ووفقا للمنظمة فإن التقارير تشير إلى أن عشرات المدنيين قد لقوا مصرعهم، بعضهم نتيجة للقصف الجوي من جانب القوات الحكومية، بينما ورد أن قوات الأمن قد ألقت القبض على من اشتبهت بأنهم من أنصار الحوثي في صعدة واعتقلتهم بمعزل عن العالم الخارجي. وأكدت أن ماوردت من أنباء تثير بواعث قلق بأنهم قد يتعرضون للتعذيب ولغيره من ضروب المعاملة السيئة. ويقال إن عشرات الأشخاص قد قتلوا في الاشتباكات المسلحة، بمن فيهم جنود حكوميون، كما أكّد برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة أن النازحين اليمنيين جرّاء الحرب السادسة بين الجيش اليمني وأتباع عبد الملك الحوثي في صعدة "يزدادون بؤساً بسبب نقص التمويل لعمليات برنامج الأغذية العالمي". وقال البرنامج إن الصراع الدائر منذ خمسة أعوام في شمال محافظة صعدة اليمنية تسبّب في معاناة الكثيرين وتشريد عشرات الآلاف الذين يعتمد العديد منهم على الحصص الغذائية الشهرية التي يقوم بتوزيعها برنامج الأغذية العالمي. وازدادت محنتهم سوءاً الشهر الماضي عندما اضطر البرنامج إلى خفض الحصص الغذائية بمقدار النصف نتيجة نقص التمويل". وكشف المدير القطري لبرنامج الأغذية العالمي في اليمن جان كارلو تشيري أن الوضع الإنساني في صعدة قاس ومن المحتمل أن يزداد تدهوراً. ويحتاج برنامج الأغذية العالمي إلى الدعم للقيام بمهامه لتلبية احتياجات الأسر المتضرّرة جرّاء الصراع. وإزاء تفاقم مخاوف المنظمات الإنسانية من عدم وصول فرق الإغاثة للمدنيين والتعبير عن قلقها للأوضاع المأساوية في مناطق الصراع ،أكد وزير الخارجية الدكتور أبو بكر عبدالله القربي أن الحكومة اليمنية ستقدم كافة التسهيلات والمساعدات لمنظمات الإغاثة الدولية العاملة في اليمن بما يمكنها من إيصال معوناتها الى النازحين في صعدة وتجنيبهم آثار المواجهات القائمة مع "عناصر التخريب". وقال القربي في لقاء مع ممثلي منظمات الإغاثة الدولية والمنظمات الإنسانية غير الحكومية العاملة في اليمن إن الحكومة ستقدم كافة التسهيلات لها،مستعرضاً الأوضاع الإنسانية في محافظة صعدة والتي قال إنها ناجمة عن الأعمال التخريبية التي ترتكبها عناصر التخريب والتمرد الحوثية . من جهته شرح وزير الصحة العامة والسكان لممثلي منظمات الإغاثة جهود الحكومة للتخفيف من معاناة النازحين وتشكيل لجنة خاصة بمتابعة الأوضاع وتوفير الاحتياجات للمخيمات وإنشاء غرفة عمليات لمتابعة أوضاعهم والتنسيق بين الجهات الحكومية مع هذه المنظمات.