في خضم الرسائل المتبادلة بين حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم وتكتل اللقاء المشترك بشأن إيجاد آلية معينة لتنفيذ اتفاق فبراير، تشهد علاقة الطرفين ببعضهما حالة من التأرجح بين التوتر والتهدئة وهو ما يظهر جلياً من خلال خطابيهما الإعلامي . الأسبوع الجاري أفرد إعلام السلطة الرسمي وحزبها الحاكم مساحات واسعة لمهاجمة اللقاء المشترك ، بعد قيام الأخير بتوقيع اتفاق مع جماعة الحوثيين بواسطة اللجنة التحضيرية للحوار الوطني المنبثقة عنه وتنفيذه مهرجانات شهر "الغضب" في عدد من المحافظات والذي كان قال إنها ستبدأ من مطلع ابريل الجاري غير انها تأخرت إلى منتصفه. لقد جددت السلطة اتهاماتها للمشترك بالتورط في " دعم المتمردين في صعدة وأعمال العنف والفوضى في الجنوب " في حين أصدرت أحزاب التحالف الوطني الديمقراطي التي يقودها الحزب الحاكم بيانأ هاجمت فيه المشترك بشدة وقالت إنه ظل يسعى وبدأب واضح إلى إدخال الوطن في حالة من الأزمات المفتعلة والفوضى والتدمير وإشعال الحرائق نكاية بالنظام، وظناً منه بأن ذلك هو الطريق الذي يؤدي لوصوله إلى السلطة، ولو عبر الأشلاء والدماء والدمار. وأضاف البيان " في كل يوم كانت تتكشف حقائق تلك الممارسات الطائشة واللامسئولة والنهج التدميري الخاطئ الذي ظلت تنتهجه أحزاب اللقاء المشترك في التماهي وإقامة التحالفات المشبوهة مع العناصر التخريبية الخارجة على الدستور والنظام والقانون من العناصر الانفصالية التي ظلت تدعو إلى تمزيق الوطن، وارتكبت -وما تزال- الأعمال الإجرامية من تخريب وقطع للطرقات ونهب للسيارات والممتلكات العامة والخاصة وإحراق للمحلات التجارية والاعتداء والقتل لبعض إخوانهم المواطنين من المحافظات الشمالية وكذا التحالف مع العناصر الحوثية التي أشعلت الفتنة في محافظة صعدة وحرف سفيان، ونتج عنها سقوط الآلاف من الشهداء والجرحى والمعوقين من أبناء القوات المسلحة والأمن والقوات الشعبية والمواطنين الأبرياء؛ بالإضافة إلى تدمير الاقتصاد الوطني، وخلق المعاناة القاسية لآلاف من النازحين" مؤكداً بأن أحزاب اللقاء المشترك، وما يُسمى ب(لجنة التشاور الوطني) "قد مثلا دوماً الحاضن والساند السياسي والإعلامي لتلك العناصر، وهو ما كشف عنه مؤخراً، بعد أن زالت كل الأقنعة بالتوقيع على وثيقة التحالف بين الجانبين في (ضحيان)، وهو ما يجعل أحزاب اللقاء المشترك، ومن تحالف معها يتحملون المسئولية الأخلاقية والجنائية في كل ما يتعرض له الوطن والمواطنين من جرائم وأضرار، باعتبار تلك الدماء الزكية والارواح التي أزهقت أولئك جميعاً شركاء في ذلك الجرم. وهدد البيان بنشر ما قال إنها ملفات قيادات المشترك المليئة بقضايا الفساد وبكافة أشكاله السياسي والإداري والمالي، أو الاجتماعي. وأعاد تحالف الحزب الحاكم أسباب التدهور الاقتصادي وتردي الوضع المعيشي للشعب إلى النشاط السياسي لأحزاب المشترك لممارساته التصعيدية التي أدت - بحسب البيان- إلى عرقلة جهود التنمية وتنفير المستثمرين وتعطيل السياحة . وكان الآلاف من أنصار المشترك شاركوا في مهرجانات الخميس الفائت التي نظمت في أربع محافظات وحمل فيها المشترك،الحزب الحاكم،ما آلت إليه أوضاع البلاد الاقتصادية والسياسية،متهماً في الوقت ذاته السلطة بأنها السبب وراء صناعة الأزمات في البلد،وأنها بلغت بالأوضاع إلى حد لم يعد يطاق. وحثت الأحزاب السلطة بوقف كافة الانتهاكات القمعية للناشطين السياسيين والحقوقيين والحراك السلمي في المحافظات الجنوبية،ورفع المظاهر العسكرية الاستثنائية وحالة الطوارئ غير المعلنة وإيقاف الحصار العسكري المفروض على العديد من مدن وقرى وطرقات محافظاتي الضالع ولحج وإطلاق جميع المعتقلين والمخفيين قسريا على ذمة الحراك الجنوبي وحرب صعدة. وحذرت في بيان من مغبة أي تعديلات دستورية من شأنها تعزيز سلطة الفرد والاستبداد أو ينتقص من الحقوق والحريات،ويلتف على التعددية السياسية والتداول السلمي للسلطة. وفي الغضون أعلنت السلطة عن أن وفدا من حزب البعث العربي السوري سيزور اليمن خلال الأيام القليلة المقبلة وذلك في إطار المساعي التي يقوم بها الحزب لتقريب وجهات النظر بين المؤتمر الشعبي العام وأحزاب اللقاء المشترك والجلوس على طاولة الحوار وتغليب المصلحة العامة على المصلحة الشخصية إزاء القضايا التي تهم الوطن. وكان حزب البعث السوري تقدم بمبادرة لحل الخلافات بين الطرفين غير انها توجت بالفشل . وفي أول رد فعل للمشترك إزاء إعلان السلطة عن عودة الوساطة السورية طالب ناطقه الرسمي المؤتمر الشعبي العام بتحديد موقفه من الوساطة السورية السابقة قبل الحديث عن وساطة جديدة. ونفى محمد النعيمي علم المشترك بذلك. وبالرغم من إشارة السلطة إلى تبادل الرسلئل بين المؤتمر الشعبي العام والمشترك ، فإنها عمدت إلى التصعيد وشن هجوم على قيادات المشترك ، التي قالت إنها تمارس الفساد السياسي في البلاد، مستغلة المناخ الديمقراطي واتهمتها ب"التحلل من كل الضوابط الدستورية والديمقراطية التي تستمد منها مشروعية عملها من خلال دعواتها إلى تنظيم الاعتصامات من وقت لآخر بغرض التصعيد والتحريض على العنف والفوضى". وساقت السلطة عبر افتتاحية صحيفة الثورة اتهامات عديدة للمشترك أبرزها "ممارسة الفساد السياسي واختلاق الأزمات وتسميم الحياة السياسية وإشعال الحرائق والتحالف مع عناصر الفتنة في صعدة على حساب دماء الشهداء والجرحى والمعاقين من أبناء المؤسسة العسكرية والأمنية والمواطنين، وكذا الانسياق إلى توفير الغطاء للعناصر الانفصالية والدفاع عن الخارجين على الدستور والنظام والقانون من المخربين وقطاع الطرق ومحترفي اللصوصية والمجرمين الذين يعتدون على حرمات المواطنين ودمائهم وأرواحهم وأعراضهم وممتلكاتهم ويعملون على إقلاق السكينة العامة وزعزعة الأمن والاستقرار والترويج للنعرات المناطقية وثقافة الكراهية والبغضاء المسيئة للوحدة الوطنية ". وفي إشارة واضحة لتحميل السلطة مسؤولية فشل الحوار قالت الصحيفة "نظراً لأن هذه القوى السياسية والحزبية قد استمرأت إنتاج الأزمات والتكسب والتمصلح من وراء فسادها السياسي، فإنه وكلما لاحت في الأفق بارقة أمل لاحتواء ما تفتعله من الأزمات وتهيأت المناخات الملائمة لتحقيق التوافق الوطني وتعزيز عوامل الثقة بين مكونات العملية السياسية، اتجهت تلك القوى إلى تعكير الأجواء وإقامة التحالفات المشبوهة والإيغال في التصعيد والتأجيج". وتوعدت السلطة في افتتاحية إصدار آخر لذات الصحيفة بمقاضاة قيادات المشترك لتورطهم في تمرد صعدة بدليل الاتفاق الموقع مؤخراً مع الحوثيين، غير أن السلطة ذاتها أنهت حربها مع الحوثيين أيضاً بموجب اتفاق . وتحت عنوان "شركاء في الجرم" قالت صحيفة الثورة :إن أحزاب المشترك التي دأبت على إنكار حقيقة تحالفها مع عناصر الفتنة الحوثية في محافظة صعدة، تُقر اليوم ومن خلال الوثيقة التي جرى التوقيع عليها الاسبوع الماضي بين هذه القوى الحزبية والعناصر الحوثية بأنها كانت وستظل حليفاً استراتيجياً لعناصر الفتنة وداعمة لمواقفها التدميرية والتخريبية، وأنها بذلك الدعم كانت شريكاً في كل ما اقترفته عناصر الفتنة من جرائم راح ضحيتها الآلاف من الشهداء والجرحى، سواء من المواطنين أو رجال القوات المسلحة والأمن، وشريكاً أيضاً في كل ما حاق بمحافظة صعدة من خراب ودمار وما لحق بالوطن من خسائر فادحة جراء تلك الفتنة والتي ما كان لها أن تستمر بجولاتها الست لو لم تجد من يغذيها ويعمل على تشجيعها ويوفر لعناصرها الغطاء السياسي والإعلامي والمعنوي والمادي ".وأضافت " بعد ظهور كل هذه الوقائع، تكون احزاب المشترك قد وضعت نفسها أمام مسؤولية مباشرة عن كل الدماء التي سفكت والأرواح التي أزهقت والنفوس التي أرهبت وأفزعت والممتلكات التي أتلفت ونهبت في محافظة صعدة وحرف سفيان وكذا بعض مديريات عدد من المحافظات الجنوبية والشرقية، وصار من حق الشعب اليمني أن يلاحق قضائياً أولئك المغامرين والمقامرين من قيادات تلك القوى السياسية والحزبية". واتخذت السلطة من توقيع الحوثيين والمشترك على محضر اتفاق ثنائي فرصة لمهاجمة الأخير بالرغم من سطحية الاتفاق سياسياً والذي يتضمن دعم الجهود الرامية إلى تطبيع الأوضاع في محافظة صعدة في إطار معالجة وطنية شاملة والتأكيد على أهمية وضرورة الحوار الوطني كآلية حضارية لمعالجة مختلف المشكلات الوطنية والمشاركة في فعاليات الحوار الوطني المفضي إلى مؤتمر حوار وطني شامل لايستثني أحداً فضلاً عن تأييد مشروع رؤية الإنقاذ الوطني الشامل والتأكيد على التعدد والتنوع في إطار الوحدة ومبدأ التسامح والقبول بالآخر وترسيخ مبدأ المواطنة المتساوية وسيادة القانون واحترام الحقوق والحريات العامة بما يفضي إلى تحقيق أمن واستقرار الانسان اليمني وحقه في حياة حرة وكريمة. وفي ظل هذا التصعيد تتواصل الرسائل المتبادلة بين الطرفين وكان آخرها رد أحزاب المشترك على رسالة المؤتمر حول تشكيل لجنة الحوار وتنفيذ اتفاق فبراير وكذا مشروع محضر الاجتماع الذي سيتم توقيعه مع المؤتمر وفيما خضعت رسالة التغطية لذات المناكفة التي جاءت بها رسالة المؤتمر واللتين لم تضيفا شيئاً غير محاولة تحميل كل للآخر مسئولية عرقلة وتأخير الاتفاق بدا مشروع المحضر متوافقا في بنوده مع مشروع المؤتمر ومختلفا في بنود أخرى في الألفاظ والصياغة فقط. وبحسب مشروع المشترك فقد استحدث بنداً تاسعاً لم يأت في محضر المؤتمر بخصوص إطلاق سراح المعتقلين السياسيين والصحفيين والكتاب ووقف المحاكمات والمطاردات للسياسيين وأصحاب الرأي والتوقف عن قمع الاحتجاجات والاعتصامات السلمية وغيرها من مظاهر العمل السياسي السلمي. بينما أورد محضر المؤتمر بنودا أخرى. حدد فيها كلية الشرطة مكانا للاجتماع الأول فيما مجلس الشورى المكان اللاحق لاجتماعاتها وهو ما جعله المشترك قرارا خاصاً باللجنة، كما أورد المؤتمر نصا ألزم فيه الأطراف المشاركة في الحوار بعدم القيام بأي أعمال تحريضية من شأنها التأثير على إجراء الحوار ونصا آخر يجعل جميع الحوارات التي تجريها لجنة التهيئة والإعداد الوطني الشامل محكومة بالمادة الأولى من دستور الجمهورية اليمنية التي تنص على أن"الجمهورية اليمنية دولة عربية مستقلة ذات سيادة وهي وحدة لا تتجزأ ولا يجوز التخلي عن أي جزء منها والشعب اليمني جزء من الأمتين العربية والإسلامية".