باتت التكهنات تغلب على المشهد السياسي اليمني أكثر من الحقائق لما ستؤول إليه الأوضاع ..لقد بدا المشهد خلال الأسبوع الحالي مترقباً للمواقف الخارجية والتي بدأت بزيارة مساعد وزير الخارجية الأمريكي "فيلتمان "إلى صنعاء ومن ثم صدور بيان من مجلس الأمن الدولي متضمناً الإشارة للأحداث في اليمن منهياً شهورا من الخلاف منع المجلس من التحدث بصوت واحد بشأن الاضطرابات المتصاعدة.في حين تواصلت المظاهرات والمسيرات المنددة بالمواقف المتخاذلة للولايات المتحدةالأمريكية وبعض دول مجلس التعاون الخليجي إزاء الثورة الشبابية الشعبية. وعلى ما يبدو فإن زيارة فيلتمان لليمن قد ساعدت على إعادة تحريك الجهود السياسية إلى الأمام ، حيث تصدرت واشنطن جهود الحل السياسي للحالة اليمنية المستعصية وسط تباين الأطراف المحلية من عملية استئناف هذه الجهود القائمة أساسا على المبادرة الخليجية. وأكد فيلتنمان للمعارضة أن حكومته تؤيد نقل السلطة للنائب فورا والذي يتولى الرئاسة المؤقتة ثم يتم الشروع في تشكيل حكومة وحدة وطنية وذلك وفقاً للمبادرة الخليجية على اعتبار أنها أرضية للحوار وليس كأساس وهو ما أبدت أحزاب المشترك الموافقة عليه. وقال مساعد وزيرة الخارجية الأميركية للشرق الأوسط في مؤتمر صحفي عقده بمقر السفارة الأميركية بصنعاء " نرى أن انتقالا فوريا سلميا ومنظما للسلطة يصب في مصلحة الشعب اليمني".وأضاف "إن الولاياتالمتحدة الأميركية تشجع الأطراف السياسية على الحوار والحل السلمي للتحديات المتعددة التي تواجهها اليمن". وأكد "إن التحديات التي يواجهها اليمن خطيرة ومتعددة من ضمنها مشاكل التموين النفطي وتأثيرها على الحياة اليومية ومتطلباتها المتنوعة".. مشيرا إلى أنه لمس خلال زياراته لبعض دول مجلس التعاون الخليجي، اهتمام دول المجلس بالوضع اليمني، مدللاً على ذلك الاهتمام بالمبادرة المقدمة من قبلهم ، نافياً أن تكون بلاده من حرر بنود المبادرة. وفيما يخص لقاءاته مع نائب الرئيس عبد ربه منصور هادي، ووزير الخارجية الدكتور أبوبكر القربي، والقيادات الحكومية والاقتصادية، وقيادات المعارضة وممثلي منظمات المجتمع المدني قال المسؤول الأمريكي إن تلك اللقاءات هدفت إلى الحصول على فهم أفضل ومشترك للتطورات الحالية ومناقشة الخطوات التي يمكن اتخاذها لإيجاد الحل الذي يحقق تطلعات الشعب اليمني. اللافت في لقاءات المسؤول الأمريكي أنه استثنى منها أطراف الصراع المسلح الذي انفجر الشهر الماضي في منطقة الحصبة بصنعاء(نجل الرئيس وأبناء الشيخ الأحمر) أو القيادات المنشقة عن الجيش وفي مقدمتهم اللواء علي محسن الأحمر. وحث فيلتمان جميع الأطراف اليمنية على الاشتراك في حوار سلمي يتقدم باليمن إلى الأمام..مجدداً التأكيد على دعم الولاياتالمتحدة والمجتمع الدولي للمبادرة المقدمة من دول مجلس التعاون الخليجي، بما تضمنته من بنود تعد مساراً موثوقاً لمواجهة تحديات الوضع السياسي اليمني. وأكد تشجيع بلاده لكافة الأحزاب على التحرك السريع للحوار ليتسنى للشعب اليمني تحقيق الأمن وتعزيز الوحدة ونيل الازدهار المستحق عن جدارة..مشيراً إلى مواصلة التنسيق والتشاور الأميركي مع الأصدقاء والشركاء بما فيهم دول مجلس التعاون الخليجي حول اليمن، وأن إحداث التحول السلمي والمنظم للسلطة سيضع البلد في مسار أفضل على طريق التقدم والازدهار. وفيما يتعلق بحادثة جامع النهدين، أكد تقديم الولاياتالمتحدة دعما لعملية التحقيقات.وقال إن التحقيقات لا تزال قائمة وفي مراحلها الأولية.و أضاف "لا توجد لدينا معلومات مؤكدة حول صحة صالح"، لكنه قال إنه " يتعين على اليمنيين شق طريقهم لتنفيذ المبادرة"..معبرا عن اعتقاده أن الرئيس صالح سيتخذ القرار المناسب الذي يضع فيه مصالح اليمن كأولوية وفوق إي اعتبار"، متوقعا أن يكون " دعم الرئيس صالح للمبادرة الذي أعلن عنه سابقاً ما يزال قائما". ونفى فيلتمان لقاءه بقائد الحرس الجمهوري احمد علي عبد الله صالح أو كل من الشيخ صادق الأحمر واللواء علي محسن الأحمر.وأشار إلى أن جميع الأطراف في السلطة والمعارضة يؤكدون التزامهم بمحاربة الإرهاب والقاعدة، معبرا عن أمله في رؤية الانتقال السلمي للسلطة يحدث الآن، والمدعوم بقوة المبادرة الخليجية التي تعتبر أفضل ما توصل إليه واتفق بشأنه جميع الأطراف، حسب تعبيره. وفيما ذكرت معلومات أن تفاهماً جرى بين السلطة والمعارضة على تغيير بنود في المبادرة تجاوزها الوضع الحالي قال :" نحن نعتبر المبادرة الخليجية اتفاقا يمنيا،وإذا قرر اليمنيون تغيير بعض بنودها فهذا شأن يعود إليهم وليس لنا". وعن زيارته للمملكة العربية السعودية، قال إنها " تأتي في إطار جولته وكجزء من سفرياته التي تغطي عمله في المنطقة"، مشيرا إلى أن "الخليجيين يودون أن يروا انتقالا فوريا للسلطة". وحول إمكانية تدخل مجلس الأمن في حال توسعت الحالة اليمنية أكثر ، قال "أدرك أن أعضاء مجلس الأمن يدركون مسئولياتهم ويعرفون أن هذه تعتبر إحدى أهم قضاياهم العالقة"، مضيفاُ "ولكني أعلم يقينا انه إذا بدأتم بانتقال سلمي للسلطة فإنكم سترسلون إشارات جيدة نحو مجلس الأمن وستستلمون إشارات جيدة من المجلس". وتابع: "نحن بدورنا سنشجع أصدقاء اليمن أنه بحيث إذا شرعتم بالمضي قدما فإن بلادكم ستكون بحاجة إلى دعم المجتمع الدولي لحل كافة الأزمات الأخرى المتبقية". وبالتزامن مع زيارة المسؤول الأمريكي لصنعاء ،خرج مجلس الأمن الدولي ببيان حث فيه كل الأطراف السياسية في اليمن على إظهار أقصى ضبط للنفس والمشاركة في حوار سياسي شامل. وفي جلسة تعد الأولى من نوعها حيال الوضع في اليمن عبر مجلس الأمن الدولي عن قلقه الشديد لتدهور الأوضاع الأمنية والإنسانية في اليمن. هذا الموقف من الأسرة الدولية في مجلس الأمن جاء لينهي شهورا من الخلاف منعت المجلس المؤلف من 15 دولة من التحدث بصوت واحد بشأن الاضطرابات في البلاد. وقال المجلس إن أعضاءه رحبوا "بجهود الوساطة المستمرة لمجلس التعاون الخليجي لمساعدة الأطراف اليمنية على التوصل لاتفاق للمضي قدما للأمام." وأضاف: إن المجلس رحب أيضا بخطة مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ومقره جنيف لإرسال فريق من المحققين إلى اليمن لتقييم الوضع هناك. وعبر مجلس الأمن عن "القلق العميق" إزاء الوضع في اليمن . وقال مبعوثون إن المجلس حاول في البداية الاتفاق على بيان عام للصحافة في ابريل لكن روسيا والصين عرقلتا الاتفاق. وتصدر بيانات المجلس بالإجماع مما يعني أن كل عضو في المجلس يمكن أن يستخدم حق الاعتراض (النقض) ضدها. وتحث الولاياتالمتحدة الرئيس علي عبد الله صالح على تسليم السلطة لنائبه بموجب اقتراح من دول مجلس التعاون الخليجي يهدف إلى إنهاء القلاقل التي دفعت اليمن إلى حافة حرب أهلية. وفي إطار التعاون المشترك بين أمريكاواليمن أكد فيلتمان أن تحقيق التقدم في اليمن من خلال التحول المنظم والسلمي سيجعل الولاياتالمتحدة تواصل تعاونها وتعزز شراكتها مع حكومة وشعب اليمن في سبيل تحقيق هذا الازدهار. وفيما قال بلاغ للسفارة الأمريكيةبصنعاء إن فيلتمان ألتقى بنائب الرئيس عبد ربه منصور هادي ووزير الخارجية أبو بكر القربي..إضافة إلى لقائه كبار المسئولين الحكوميين وأعضاء في الحزب الحاكم والمعارضة والطلاب ورجال الأعمال وناشطين من المجتمع المدني، اليمني ، فإن الشباب المعتصمين في الساحات رفضوا الالتقاء به احتجاجا على ما اسموه بالموقف السلبي لأمريكا تجاه ثورتهم الشبابية. وكشفت المصادر عن ترتيبات لخروج مشرف للرئيس علي عبدالله صالح من السلطة تتضمن إعلان تنحيه في 17 يوليو القادم، والذي يصادف الذكرى ال33 لتوليه الحكم عام 1978. وفيما رضخت المعارضة لإملاءات الخارج في البحث عن مخرج للأزمة عبر توافق سياسي وهو ما اعتبره الشباب الثوار خذلاناً لهم ، توقع الأمين العام للجنة الحوار الوطني حميد الأحمر التوصل إلى انفراج لتحقيق حل سياسي وقال في مقابلة مع صحيفة فايننشال تايمز إنه "التقى نائب الرئيس عبد ربه منصور هادي للمرة الأولى الأسبوع الماضي في اجتماع حضره أيضاً اللواء المنشق عن الجيش علي محسن الأحمر ويمكن أن يمهّد الطريق للأول لتولي الرئاسة في الأسابيع المقبلة". وأضاف الأحمر إن نائب الرئيس هادي "يدرك تماماً خطورة الوضع، وأبلغناه أن اليمن ليس شركة عائلية أو مزرعة خاصة، وأنه كلما طال انتظارنا كلما صار الوضع أسوأ". وتوقع إمكانية التوصل قريباً إلى اتفاق مبدئي لتشكيل حكومة توافق وطني، وتعيين هادي كرئيس مؤقت حتى الانتخابات الوطنية، كونه "أفضل شخص لقيادة اليمن في هذا الوقت العصيب". وفيما عد إقراراً بالتأثير السلبي لقوى التقليد على مسار الثورة الشبابية السلمية قال الأحمر "سنقوم بدعم هادي وتهدئة القبائل، وإعادة كتابة الدستور، وتحويل اليمن إلى عضو فاعل في المجتمع الدولي، وليس مصدراً للمتاعب ودولة مارقة تديرها أسرة". وأضاف الأحمر إنه يتفهم مخاوف المحتجين بشأن ما إذا كان اليمن سيصبح مختلفاً كثيراً في حال تولى اللواء محسن وحزب التجمع اليمني للإصلاح السلطة، و"سيبقى نتيجة ذلك بعيداً عن السياسة لمدة سنتين على الأقل إذا ما خرج الرئيس صالح عن الصورة، كما أشار إلى تأكيد اللواء علي محسن أنه سيغادر اليمن في حال تخلى صالح وابناؤه عن مناصبهم". وأبدى الأحمر استياءه من أن الولاياتالمتحدة "لم تكن راغبة في تكثيف الضغوط على الرئيس صالح خوفاً من أن يؤدي ذلك إلى فقدان حرية الحركة في محاربة تنظيم القاعدة في اليمن". وقال "إن الولاياتالمتحدة تعتقد أن مصالحها الأمنية يمكن ضمانها فقط من خلال علاقاتها الشخصية مع بعض الناس كونها قلقة من التعامل مع الدولة أو المؤسسات، ونحن من طرفنا نضمن علاقات دولية جيدة من خلال إقامة المؤسسات وتحسين الأوضاع الاقتصادية بما يضمن الأمن للجميع، لأننا أفضل من يتعامل مع القبائل التي تؤوي تنظيم القاعدة، ونرى أن التحدث معها هو أفضل من العمليات السرية". وبالرغم من تشكل لجنة قبل أسبوعين من المؤتمر والمعارضة لتهدئة الأوضاع امنيا واعلاميا إلا أن التصعيد لا يزال مستمرا وخاصة من قبل الجانب الرسمي ومن ذلك أن أعلنت وزارة الداخلية أسماء 43 من المطلوبين أمنياً الذين يقومون بتفجير أنابيب النفط في محافظة مأرب وكذا الاعتداء على أبراج الكهرباء والمتسببين الرئيسيين في أزمة البترول وبقية المشتقات النفطية وانقطاع الكهرباء. وقالت الداخلية إن المتهمين من عناصر اللقاء المشترك ،في حين نفى المشترك ذلك وقال إن معظمهم أسماء بارزة في حزب المؤتمر الشعبي العام. وفيما تتجه القوى السياسية المعارضة نحو التوافق المبني على وساطة الخارج ، يبدي بعض حلفائها رفضاً شديداً لذلك وخاصة الحوثيين . وتأكيداً على الصمود والاستمرار في النضال السلمي في الثورة الشعبية ً خرج أبناء محافظة صعدة الجمعة الفائتة في مسيرة جماهيرية شارك فيها الآلاف من مختلف مديريات المحافظة المطالبين بإسقاط النظام . وأكد المشاركون في المسيرة ، رفضهم الكامل للتدخل الأمريكي في مسار الثورة اليمنية ورفعوا اللافتات التي كتبت عليها عبارات الرفض ل "لوصاية الخارج والخنوع والعمالة له , إسقاط النظام يعني إسقاط الوصاية " .. كما ردد المشاركون في المسيرة شعارات " عهداً منا للشهداء أن نسقط كل العملاء ،يا أمريكي صح النوم ، لا وصاية بعد اليوم ". بالمقابل يتعرض أنصار النظام لحملة تضليل واسعة من قبل بقايا أركانه بشأن صحة رئيسهم .. الأسبوع الفائت اشرأبت أعناق المئات منهم إلى السماء في انتظار وصول الطائرة الرئاسية للرئيس صالح , خاصة ممن وقعوا ضحية تصديق تصريحات قائمة من المسئولين على أن الرئيس صالح سيصل الجمعة المنصرمة بعد أن شاعوا ايضاً بأنه أدى العمرة –وهو ما نفته السعودية- وتسمر المئات أمام الفضائية وقناة سبأ في انتظار إعلان خبر وصول صالح وقد استعدوا بالألعاب والأعيرة النارية لإطلاقها ابتهاجا بالعود الحميد لصالح ، لكن لم يتم من ذلك شيئ . وقد تضاعفت عمليات التضليل للجماهير من قبل من تبقى من أتباع النظام، والذين يروّجون كل أسبوع ل(أكذوبة سياسية) حيال الحالة الصحية للرئيس صالح أو بشأن عودته للبلاد