تتجه الأحداث في الجنوب نحو مسارات جديدة خاصة بعد تصاعد الخلافات بين مكونات الحراك من جهة أو ما يتعلق بعدم اتفاقهم مع قوى المعارضة في الثورة الشبابية والتي وصلت حد التصادم والاشتباكات المسلحة. وحذر ناشطون من أن عدم احتواء تلك الخلافات والانقسامات في ظل الوضع الراهن وتداخل الصراع في الساحة الجنوبية بين الثوار والحراك والسلطة وعناصر تنظيم القاعدة، من شأنه تحويل المنطقة إلى ساحة صراع مفتوحة. هذه التحذيرات تزامنت مع مصادمات دامية مساء الجمعة الفائتة في مدينة عدن. سقط خلالها قتيل وأكثر من 15 جريحا عقب اعتراض أنصار الحراك الجنوبي مسيرة لشباب الثورة مؤيدة للوحدة. وتبادل أتباع الحراك الجنوبي وشباب الثورة من المحسوبين على حزب التجمع اليمني للإصلاح بعدن، الاتهامات حول الضلوع وراء الاشتباكات التي جرت في شارع المعلا، وخلفت عشرات الجرحى بين صفوف المحتجين وذلك على إثر خلاف حول شرعية الانتخابات الرئاسية المبكرة المقررة في 12 فبراير الجاري. وقالت مصادر محلية وشهود عيان إن المواجهات التي جرت بين العشرات من شباب الثورة المؤيدين إقامة الانتخابات الرئاسية المبكرة ، وبين شباب الحراك الجنوبي ، بدأت عند اعتراض شباب الحراك لمسيرة حاشدة لشباب الثورة وأحزاب المعارضة في عدن، احتفاء بالذكرى الأولى لإندلاع الثورة السلمية الشبابية في 3فبراير من العام الماضي. وقد انطلقت المسيرة من جولة حجيف بجانب مؤسسة الكهرباء بمديرية المعلا ، غير أن أنصار الحراك اعترضوها فور وصولها إلى الشارع الرئيسي لمدينة المعلا واشتبكوا مع المشاركين فيها بالعصي والهروات وتبادلوا التراشق بالاحجار ما أٍسفر عن إصابة قرابة 15 شخصا من الجانبين التي تعيد للواجهة مشاهد العنف التي جرت في الفترة السابقة بين قوات الامن وشباب الحراك في شارع مدرم الرئيسي بالمعلا والتي انتهت بإغلاق الشارع. و قال رئيس اللجنة التنظيمية علي قاسم إن المسيرة جاءت استجابة لدعوة شباب الثورة بعدن للاحتفال بالذكرى السنوية الأولى لاندلاع الثورة السلمية، متهما مسلحين قال انهم كانوا يرفعون علم الجنوب أمام البنك العربي المجاور لقسم شرطة المعلا "بإطلاق نار كثيف على المسيرة بشكل مباشر ورشق المسيرة بالحجارة و إطلاق قنابل الغاز، مما أدى إلى اختناق المشاركين السلميين و إصابة العشرات بطلقات نارية في العنق والبطن" وفق قوله. متحدثا عن تواجد وتمركز "مسلحين ملثمين قناصة" فوق أعلى أسطح أبنية الشارع الرئيسي و استخدام أسلحة متوسطة ( رشاش معدل). ووصف علي قاسم - القيادي في الثورة الشبابية بعدن:" ماجرى ب"البلطجة المفضوحة" التي قال إن :" الجناح العسكري للحراك" يقف وراءها، وبينما نفى تمثيل - من اتهمهم بالضلوع وراء مواجهات اليوم من أنصار الحراك- للقضية الجنوبية التي قال إنهم يسيئون لها إساءة بالغة و لا يمثلونها ، فقد اتهم أفراد الأمن بالتواطؤ معهم. غير أن الرئيس الجنوبي السابق علي سالم البيض أتهم من وصفها ب"مليشيات حزب الإصلاح " بارتكاب جرائم في حق أبناء عدن والجنوب عموما. وطالب البيض في تصريح صحفي ، منظمات حقوق الإنسان المحلية والعربية والدولية العمل على إدانة الجرائم المستمرة التي يتعرض لها أبناء الجنوب في مجازر مستمرة ترتكبها من اسماها بقوى "الشر الإرهابية". ودان البيض تلك المواجهات وقال ندين بشدة ما تقوم به قوى الظلام التابعة لحزب الإصلاح بمساندة من ما تسمى ب (حكومة الوفاق) من جرائم في حق أبناء عدن والجنوب عموما المعتصمين سلميا والتي لا تختلف عن ما كان يرتكبه نظام الاحتلال السابق برئاسة المخلوع (علي صالح) ومن هنا نشهد العالم على هذه الجرائم التي يرتكبها هؤلاء المجرمون والذي بلغت حدا لا يطاق". إلى ذلك قال القيادي في الحراك الجنوبي العميد/ناصر الطويل إن أطرافاً معروفة تقف خلف الاعتداء الذي حدث على مسيرة المعلا من قبل عناصر ترفع العلم الجنوبي. وكشف عن مؤامرة تتربص بمدينة عدن يراد منها تحويل المحافظة إلى منطقة فوضى. وعما إذا كانت المجاميع المسلحة التي ترفع العلم الجنوبي تتبع الحراك قال الطويل: بالنسبة للسلاح نحن لم نتسلح و لا توجد لدينا قدرة على امتلاك السلاح، متهماً قيادة المؤتمر الشعبي العام بعدن كونه لديه الإمكانيات لتوزيع السلاح، مستنكراً صمت السلطة المحلية و الأجهزة الأمنية على انتشار السلاح بيد الشباب بشكل كبير. وتتحدث أطراف سياسية عن أن الحراك يعاني أزمة قيادة لتوحيد نشاطه تحت أهداف معينة إذ لا يزال ينقسم بين فريق مؤيد لفك الارتباط وآخر يدعو لحل القضية الجنوبية في إطار الوحدة. وتشعر قيادات الحراك الجنوبي بالإقصاء من قبل قوى الثورة الشمالية وهو ما دفع بعضها إلى توجيه دعوات لإحراق البطاقة الانتخابية وعدم المشاركة في انتخاب عبدربه منصور هادي رئيسا للجمهورية رغم انتمائه إلى المحافظات الجنوبية. كما أن هذا التصادم مع قوى الشمال جاء بالتزامن مع خلافات وانقسامات داخل الحراك نفسه. وكان مؤسس الحراك الجنوبي العميد ناصر النوبة فاجأ الجميع بتصريحات اتهم فيها الرئيس الجنوبي السابق علي سالم البيض -الذي يقود تيار الحراك المطالب بالانفصال- بمحاولة شق عصا الحراك الجنوبي بأموال إيرانية. ونقلت صحيفة "الشرق" السعودية على لسان النوبة قوله "إن التنسيق بين طهران وقوى الحراك الجنوبي بدأ منذ فترة". وأضاف "أن إيران استدعت عدداً من الشباب منتصف العام الماضي لتدريبهم". وينقسم الحراك الجنوبي إلى فصيلين، يضم كل منهما عددا من المكونات، يتزعم الرئيس الجنوبي السابق علي سالم البيض الفصيل المطالب بالانفصال، في حين يقود الرئيس الجنوبي الأسبق علي ناصر محمد التيار المنادي بحكم فدرالي. من جهته اعتبر الأمين العام للحراك الجنوبي قاسم عسكر جبران في حديث للجزيرة نت أن "هناك رؤى مختلفة لكون الحراك هو حركة شعبية جماهيرية ويمثل أطرافا سياسية متعددة ولذلك يبرز ما يمكن تسميته بتباين في وجهات النظر". وأضاف "نحن نعتبر الحراك عملية سياسية كبيرة وهناك إرهاصات متعددة وبعض التباينات حول الطريقة والأسلوب والمواقف من بعض القضايا لكن الهدف العام للجميع واحد". وردا على سؤال بشأن قيام عناصر محسوبة على الحراك بأعمال مسلحة أكد جبران على أن خيار الحراك الإستراتيجي هو النضال السلمي ورفض كل أشكال العمل المسلح والتطرف". وكان الناشط السياسي بعدن النائب في البرلمان اليمني عبد الباري دغيش حذر من أن واقع الحال في الجنوب بات ينبئ عن تدهور كبير على كافة المستويات وبالأخص في الجانب الأمني. وقال إنه ما لم يتدارك (الفرقاء الشركاء) ويستشعروا المسؤولية تجاه الوطن دون التلويح من قبل أي طرف بفرض الخيارات السياسية بالقوة فإن الأمور في الجنوب ستقود إلى مزيد من التعقيد. وأضاف "هناك أطروحات من قبل البعض تحذر وتهدد من سيذهب إلى المشاركة في انتخابات 21 فبراير المقبل ونحن نحتاج لبحث القواسم المشتركة والالتقاء عندها وتغليب منطق الحوار والتوافق". وشدد على أن مبادئ النضال السلمي والديمقراطية تحرم الحق لأي طرف بممارسة العنف أو التلويح به وتهديد الآخرين بسبب خياراتهم السياسية أو قناعتهم الفكرية وتعطي الحق لأي طرف بالدعوة لخياراته السياسية بالوسائل والأساليب السلمية فقط دون اللجوء إلى ممارسة العنف. وعادت أعمال العنف الممارسة من قبل قوات الأمن في الجنوب بحق المحتجين إلى الواجهة ،حيث تسببت الأحداث التي اندلعت الاحد الماضي بين عناصر الحراك وقوات الأمن في المكلا ، إلى مقتل شابين. وكانت صدمات عنيفة وقعت في حي (الشرج) بمدينة المكلا بعد ساعات من قيام جنود الأمن بإزاحة مخيم نصبه أنصار الحراك الجنوبي بجولة "بن غزون" بحي "الشرج". وفيما ذكرت مصادر معارضة إن الامن اقتحم المخيم لتحريض عناصر الحراك على رفض الانتخابات الرئاسية القادمة،في حين اشارت مصادر اخرى إلى أن الاشتباكات جاءت على اثر نصب منصة في المنطقة تحد من مرور السيارات. كما اقتحم انصار الحراك قسم شرطة باعبود وقاموا بإخراج زملائهم الذين اعتقلتهم قوات الأمن خلال الاشتباكات في مخيم أطلق عليه: ساحة جيل التحرير.