طالب الدكتور عبدالحميد الأنصاري، عميد كلية الشريعة والقانون السابق بجامعة قطر إلى الخلاص من عقيدة "احتكار الجنة" والتبرؤ من ثقافة "فجر نفسك وأدخل الجنة" اللتين تؤديان لانتحار الشباب المسلم بدعوى الجهاد. ووصف هذه المفاهيم بأنها مواريث معيقة للحركة تجاه المستقبل، ولا خلاص إلا بتحبيب شبابنا في الحياة والانتاج، والمعرفة والعلم، وإعلان القطيعة المعرفية الشاملة مع الينابيع المسمومة التي لوثت عقول أبنائنا وصورت لهم العالم متآمراً ضد المسلمين. وقال في حوار مع "العربية.نت" مطلع الشهر الجاري إنه لا أمل إلا في التصالح مع الذات ومع الآخر الحضاري، ولا طريق آخر إلا بالافادة من الحضارة المعاصرة، بنزع شعارات العداء وبتغيير (ثقافة الكراهية) وأنه على منابرنا التعليمية والدينية الإقلاع عن المنهج "الإقصائي". وأضاف أن مفهوم الجهاد يجب أن لايكون قصرا على القتال، بل يجب أن يتعداه الى مفهوم العمل والكفاح ومشاركة الأمم نجاحها. وتابع: إذا أردنا كسب المستقبل، علينا تفكيك بنية (الفكر التكفيري) وتصحيح مفهوم "الجهاد" فالجهاد بالمعنى القتالي مهمة "الجيوش الرسمية" لا الأفراد ولا الجماعات. جهاد الأفراد والجماعات جهاد في ميادين التنمية والإصلاح والتربية والانتاج، ولا يمكن الخلاص إلا بتجاوز أوهام الفكر التآمري العالمي على العرب والمسلمين أوالغزو الفكري الذي يستهدف ثقافة المسلمين، . واستطرد الدكتور عبدالحميد الأنصاري بأن ما تعرض له المسلمون تاريخيا من فتن وصراعات وانقسامات كان أشد وأعظم، موضحا بأن مظالم المسلمين لبعضهم بعضا -على مر التاريخ الاسلامي ومنذ الخلافة الراشدة- أعظم من مظالم الآخرين لهم. العرب في ظل الإسلام جرأوا على ما لا يجرؤ عليه العرب في جاهليتهم، لقد خربوا الكعبة بالمنجنيق واستباحوا المدينةالمنورة وصلبوا ومثلوا بالجثث، و ما نشاهده عبر الساحة من صراعات وتفجيرات دموية ليس بسبب القوى العظمى وإنما هو اندفاع المخزونات القمعية المكبوتة التي اختزنتها الأرض العربية على امتداد نصف قرن بفعل منابر تعليمية ودينية. وقال الأنصاري إن المناهج العربية عامة لا تفرخ إرهابيين، لكنها تهيئ من عندهم القابلية لأفكار التطرف، ومن ينزلقون إلى أحضان الجماعات المتشددة بسهولة، ومن يمكن توظيفهم وتجنيدهم لخدمة المخططات الإرهابية ضد أوطانهم. واتهم تلك المناهج بأنها لا هم لها إلا التحذير من الغزو الفكري الغربي، والعولمة الخبيثة، ومؤامرات الغرب ومخططات التنصير والمبشرين، ولم تهتم تلك المناهج التعليمية في تقوية مناعة طلابنا تجاه الغزو الفكري الداخلي، وغزو الغلو والتشدد والتطرف والتعصب.