رسميا: بوتافوغو البرازيلي يضم الحارس المخضرم نيتو    السهام يكتسح النور بخماسية في بطولة بيسان    وديا ... تشيلسي يتخطى ليفركوزن    السعودية ومصر ترفضان احتلال غزة وتطالبان بوقف الإبادة في القطاع    مأرب تحتضن العرس الجماعي الأول ل 260 عريساً وعروس من أبناء البيضاء    وفاة ستة مواطنين بينهم نائب رئيس جامعة لحج في حادث مروّع بطور الباحة    مسؤول إسرائيلي: نعمل على محو الدولة الفلسطينية    مقتل ضابطين برصاص جنود في محافظتي أبين وشبوة    السامعي يوجه رسالة شكر وتقدير وعرفان لكل المتضامنين معه ويؤكد استمراره في أداء واجبه الوطني    مستشفى الثورة… حين يتحوّل صرح العلاج إلى أنقاض    الرئيس المشاط يعزّي في وفاة الشاعر الكبير والأديب كريم الحنكي    وزير التجارة يكشف أسباب تعافي الريال ويؤكد أن الأسعار في طريقها للاستقرار(حوار)    السهام يقسو على النور بخماسية ويتصدر المجموعة الثالثة في بطولة بيسان 2025    واشنطن: استقلالية البنك المركزي اليمني ضرورة لإنقاذ الاقتصاد ومنع الانهيار    هبوط العملة.. والأسعار ترتفع بالريال السعودي!!    الفاو: أسعار الغذاء العالمية تسجل أعلى مستوى خلال يوليو منذ أكثر منذ عامين    إعلاميون ونشطاء يحيون أربعينية فقيد الوطن "الحميري" ويستعرضون مأثره    مليونية صنعاء.. جاهزون لمواجهة كل مؤامرات الأعداء    القبض على 5 متورطين في أعمال شغب بزنجبار    "الجهاد": قرار الكابينت باحتلال كامل غزة فصل جديد من فصول الإبادة    الأمم المتحدة تعلن وصول سوء التغذية الحاد بين الأطفال بغزة لأعلى مستوى    رباعية نصراوية تكتسح ريو آفي    الأرصاد يتوقع أمطار رعدية واضطراب في البحر خلال الساعات المقبلة    الشهيد علي حسن المعلم    الذهب يسجل مستويات قياسية مدعومًا بالرسوم الجمركية الأمريكية    الإدارة الأمريكية تُضاعف مكافأة القبض على الرئيس الفنزويلي وكراكاس تصف القرار ب"المثير للشفقة"    200 كاتب بريطاني يطالبون بمقاطعة إسرائيل    اشتباكات مسلحة عنيفة بين فصائل المرتزقة في عدن    تفشي فيروس خطير في ألمانيا مسجلا 16 إصابة ووفاة ثلاثة    فياريال الإسباني يعلن ضم لاعب الوسط الغاني توماس بارتي    اكتشاف معبد عمره 6 قرون في تركيا بالصدفة    دراسة تحذّر من خطر شاشات الهواتف والتلفاز على صحة القلب والشرايين!    باوزير: تريم فضحت تهديدات بن حبريش ضد النخبة الحضرمية    لماذا يخجل أبناء تعز من الإنتساب إلى مدينتهم وقراهم    في تريم لم تُخلق النخلة لتموت    إنسانية عوراء    المحتجون الحضارم يبتكرون طريقة لتعطيل شاحنات الحوثي المارة بتريم    يحق لبن حبريش قطع الطريق على وقود كهرباء الساحل لأشهر ولا يحق لأبناء تريم التعبير عن مطالهم    الراجع قوي: عندما يصبح الارتفاع المفاجئ للريال اليمني رصاصة طائشة    وتؤكد بأنها على انعقاد دائم وان على التجار رفض تسليم الزيادة    وسط تصاعد التنافس في تجارة الحبوب .. وصول شحنة قمح إلى ميناء المكلا    تغاريد حرة .. عندما يسودنا الفساد    كرة الطائرة الشاطئية المغربية.. إنجازات غير مسبوقة وتطور مستمر    القرعة تضع اليمن في المجموعة الثانية في تصفيات كأس آسيا للناشئين    إب.. قيادي حوثي يختطف مواطناً لإجباره على تحكيمه في قضية أمام القضاء    الرئيس المشاط يعزي في وفاة احد كبار مشائخ حاشد    محافظ إب يدشن أعمال التوسعة في ساحة الرسول الأعظم بالمدينة    عصابة حوثية تعتدي على موقع أثري في إب    الصراع في الجهوية اليمانية قديم جدا    وفاة وإصابة 9 مواطنين بصواعق رعدية في الضالع وذمار    دراسة أمريكية جديدة: الشفاء من السكري ممكن .. ولكن!    هيئة الآثار تنشر قائمة جديدة بالآثار اليمنية المنهوبة    اجتماع بالمواصفات يناقش تحضيرات تدشين فعاليات ذكرى المولد النبوي    مجلس الوزراء يقر خطة إحياء ذكرى المولد النبوي للعام 1447ه    لا تليق بها الفاصلة    حملة رقابية لضبط أسعار الأدوية في المنصورة بالعاصمة عدن    من أين لك هذا المال؟!    تساؤلات............ هل مانعيشه من علامات الساعه؟ وماذا اعددناء لها؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حضارة تحتضر
نشر في الوسط يوم 15 - 07 - 2009

صنعاء القديمة درة نفيسة آيلة للسقوط استطلاع رشيد الحداد صنعاء القديمة ملتقى العصور وفاتنة لا يضاهي جمالها سوى سحر الطبيعة الخلابة، عاصرت دهورا وأزمنة ولم تشك عبثية تلك العصور بل قهرت كل المخاطر وتغلبت على كل الآهات، ولكن حالها في حاضر غريب متناقض مع كل متغيرات الزمن، صنع من صنعاء الصنعة البديعة قصة مأساة تعايش أهلها معها منذ سنوات، فدررها النفيسة معرضة للانهيار ومكانتها التاريخية معرضة للاندثار تحت أكوام التجاهل والنسيان.. لنسمع سويا أنات أقدم مدينة تاريخية إلى الفقرات التالية: لوحة بديعة ومتحف مفتوح تقع صنعاء القديمة فلكيا على خط طول 44.12 شرقا وعلى دائرة عرض 15.21 شمالا ومكانيا تقع وسط الهضبة اليمنية على ارتفاع 2500 متر على مستوى سطح البحر ويميل موقعها إلى الاستواء العام ويتسم مناخها بالاعتدال.. مسمياتها كانت محل خلاف العديد من المصادر التاريخية، فقد قيل إن مسماها نسبة إلى الصنعة في ذاتها وكذا إلى صنعاء بن آزال بن يقطن بن عابد الذي يعود إلى عهده بناؤها ولها أكثر من مسمى، فهي مدينة سام بن نوح الذي تجمع المصادر التاريخية أنه أول من أسسها وتسمى مدينة آزال بن يقطن ومهما اختلفت المسميات، فصنعاء القديمة صنعة إنسانية بديعة وشاهد حي على عظمة الإنسان اليمني القديم وقدرته على صناعة حاضره عبر تلك الفترات التاريخية، فالعصور جميعها اجتمعت خلف أسوارها الخارجية ليشكل الفن المعماري التقليدي الفريد والتخطيط العمراني الأصيل لوحة جمالها، كما جسد الحكمة اليمانية في أسوارها الحصينة التي صدت العدوان الخارجي وساعدت في الحفاظ على هويتها ومع التوسع العمراني اندثر ذلك السور الحصين الذي كان يمتد إلى 12 كم ولم يعد منه أقل من 5 كم غالبيتها مقطعة الأوصال نظرا لاندثار أبوابها السبعة التي لم يبق منها سوى باب اليمن التاريخي، بوابة صنعاء الرئيسية ويطلق عليه باب الحرية، صممه مهندس تركي إبان الاحتلال العثماني، يبلغ ارتفاعه 5 أمتار وعرضه 7 أمتار، مادة بنائه من الياجور والأحجار والطوب والقضاض وبابه الخشبي من الطنب وتم تصبيغه بمادة النحاس مما زاده قوة ويقع في الجزء الجنوبي، بالإضافة إلى باب شعوب ويقع في الجزء الشمالي وباب الشقاديف ويقع وسط المدينة وباب البلقة جنوب المدينة وباب سران ويقع غربي صنعاء وشرقي بير العزب أحياء المدينة وباب حزيمة وباب البلقة بالإضافة إلى باب قاع اليهود وباب الروم وباب شرارة وباب السبحة أي السباح وجميع هذه الأبواب لم تعد سوى مسميات دون وجود لها سوى باب اليمن وكانت صنعاء القديمة من حيث البناء المعماري -تخطيطا وتنظيميا وخصوصية- درة نفيسة ومتحفا مفتوحا يشكو عبثية الحاضر وحداثته التي كادت تقضي على ألق تلك المدينة التي احتضنت كافة العصور وقهرت الأزمنة وظلت صامدة بسمسراتها ومساجدها وأسواقها وأحيائها ومعاصرها وقصورها التاريخية وبساتينها التي تدل على الحكمة التي كادت أن تندثر مع اندثار أقدم مدينة تاريخية يمنية ومرانعها وحمامتها البخارية التي يعود تاريخها إلى 6 آلاف عام وغيولها التي جفت بعددها ال55 بئرا، فملامح اندثار الأصالة تؤكده دلالات الحاضر المأساوي، فمن 50 معصرة لا يوجد سوى أقل من 8 معاصر و30 سمسرة لم يعد منها سوى 17 سمسرة، غالبية معالمها التاريخية طمست كقصر غمدان القصر العظيم المبني على أربعة أوجه الأول وجه أصفر والثاني وجه أصفر ووجه أبيض ووجه أحمر وبني، في داخله سبعة سقوف بين كل سقفين أربعون ذراعاً أصبحت جميعها مخابز للكدم إلى جانب غرفة القليس ومعالم أخرى بالإضافة إلى مساجدها العامرة بعددها ال106 مساجد أشهرها الجامع الكبير وبساتينه التي كانت تصل إلى 109 بساتين ولم يبق منها سوى 49 بستانا وأسواقها التي فقدت خصوصياتها وفنونها المعمارية التي تعاني من خدش الحداثة في طرازها الفريد ومبانيها التقليدية بعددها 9827 منزلا والتي تحتضر. مخاطر متعددة تهدد 30% من المنازل بالزوال أو بفقدان الأصالة، من ذلك انتهاء عمر بعض مبانيها الافتراضي وتهالك أخرى وتشقق ثالثة وهبوط رابعة وانهيار خامسة، فقيمة هذه المدينة التاريخية والاجتماعية والإنسانية كتراث وإرث إنساني وحضاري لم يشفع لها لأن تكون محل اهتمام جدي لدى الجهات الحكومية، فعراقة ومكانة المدينة وخصوصيتها تواجه ويلات التجاهل ف30% من مباني صنعاء القديمة مهددة بالانهيار وليس بالتدهور كون الأخير قد مرت عليه عقود زمنية وأدرك رسميا بل دوليا من قبل دول مانحة منذ 84م وتحت مسمى الحملة الدولية لحماية صنعاء القديمة والتي ساهمت بإعادة سورها، فذلك الكم المعرض للانهيار من منازل صنعاء القديمة تعود أسبابه إلى تسرب مياه الصرف الصحي ومياه الشرب والتي أدت إلى تشقق المنازل وتخلخل أساساتها جراء طوفان المياه المتسربة نتيجة الرصف الخاطئ للشوارع دون مراعاة خصوصيات المدينة التاريخية وحسب الدراسات فقد أشارت إلى أن الخطأ في رصف الشوارع بالحجارة كان باستخدام الصبيات تحت الحجارة مما أدى إلى تكتم التربة وعدم تنفسها وانحباس الرطوبة ما أدى إلى هبوط عشرات المنازل وأثر على أساسات المباني فسبب التشققات وعلى مدى عشر سنوات بدأت تظهر آثار الرصف التي تعود إلى 99/2000م تصاعديا، وباعتبار الهيئة العامة للمحافظة على المدن التاريخية هي المعنية بالأمر والتي تقوم بمسح المباني المعرضة لخطر الانهيار وبناء على مدى خطورة السكن تقوم بإشعار صاحب المنزل بضرورة الترميم وتحمل الساكن أو المالك للمنزل مسئولية التأخير في حالة عدم التجاوب بإخلاء المبنى، ويعاني مالكوا أو ساكنوا تلك المباني من غياب سقف زمني لمستوى الإنجاز في إعادة تأهيل المبنى وترميمه ويضاف إلى تلك المعاناة معاناة المواطنين من عدم الالتزام بدفع إيجارات المنازل المؤقتة للساكنين الذين تم إخراجهم من منازلهم لغرض الترميم رغم إقرار اللجنة العليا للمحافظة على صنعاء القديمة بمسئولية أمانة العاصمة وتحميلها دفع الإيجارات للأهالي للحد من معاناتهم. صنعاء القديمة فريسة الإهمال على بعد ما يقارب 100 متر من باب اليمن يشكو منزل أسرة العبسي حاله، فعامان مضيا منذ أن غادر ساكنوه منزلهم الوحيد تلبية لإشعار الهيئة حسب تأكيد الساكنين الذين كلفوا أنفسهم بنقل الظلم الواقع على تلك الأسرة التي وصفت بأنها معدمة اقتصاديا تعيش حاليا في منازل آخرين ويعزو الأهالي سبب تأخر الهيئة في إعادة ترميم بيت العبسي إلى هبوط المنزل عدة مرات وبعد توغلنا في أزقة المدينة وحواريها برفقة أحد المواطنين الذي دلنا على العديد من المنازل المتضررة والآيلة للسقوط لاحظنا مدى الخطر المحدق بهذه المدينة التي تشكل بعدا تاريخيا ونسيجا معماريا متجانسا يصبح التفريط فيه جريمة إنسانية ولكن ما قد يكون مستحيلا يصير ممكنا في بلد يهتم ساسته وسلطاته المحلية بالمظهر الخارجي دون الاهتمام بالأعماق الحزينة كحزن التاريخ على مئات مباني صنعاء القديمة درة اليمن النفيسة التي أضحت فريسة الإهمال الرسمي، فمئات المباني في عدة أحياء بعضها قد اندثر والأخرى في طريقها للاندثار، فأكوام ترابية تدل على حجم الضرر الذي أصاب التاريخ الأصيل خصوصا وأن غالبية المنازل المندثرة قديمة جدا والتاريخ كلما تقادم كلما زادت قيمته الإنسانية والمثير للقلق أن هناك منازل آيلة للسقوط على مقربة من الهيئة العامة لحماية المدن التاريخية والحفاظ عليها أكثر ضررا وخطورة وهي المنازل الواقعة غربي الجامع الكبير وأخرى في حارة الحميدي وفي حارة القليس وفي حارة عيسى وفي حارة الأبهر والمنازل الأكثر تضررا تقع في الحواري الداخلية البعيدة من الأسواق الرئيسية وخلال زيارتنا وجدنا عشرات الأسر فرضت عليها الحياة وقسوتها أن تعيش في منازل تصل نسبة الخطورة فيها إلى 60% وقبل أن نهم بالخروج من مركز الدراسات التابع للهيئة وجدنا امرأة مسنة برفقة ابنتها قصدت المركز للإبلاغ عن سقوط جزء من المبنى الذي تعيش فيه في حارة زبارة منطقة المصباغة ولكن من يجير المستجار في هذه البلد إذا كان التاريخ يطلق استغاثات ولا يجد صدى، فمن لأولئك الغلابا الذين يعيشون فوق سقف المخاطر ويعرضون أطفالهم وذويهم للموت في أول مطرة غزيرة تشهدها صنعاء التاريخية تصحيح الاخطار على مراحل "تصحيح أخطاء المشاريع الأولى: هكذا بادرنا الأهالي في حارة بحر رجرج حينما سألنا عن أسباب خلع الرصيف الحجري الأول فكان الرد "التراب أرحم"، مؤكدين أن الرصف الحجري أدى إلى هبوط منازلهم وتضررها واهتزازها عندما تمر سيارة صغيرة كانت أو كبيرة وفي ذات الحي التقينا العميد/ محمد الخباط عضو المجلي المحلي بصنعاء القديمة والذي أكد لنا أن الإنسيابات الجانبية تؤدي إلى دخول المياه إلى المنازل وأن المياه تظل تحتقن في عدة أماكن غير مستوية وأشار إلى أن المجلس المحلي لصنعاء القديمة الممول للمشروع سيقوم بتصحيح الأخطاء على عدة مراحل، المرحلة الأولى أو قطاعات حتى باب اليمن والحارات المجاورة القطاع الأول يليه القطاع الثاني ويشمل بستان السلطان والقطاع الثالث حارة القليس مع حارة الجلاء، معتبراً أن تلك الحارات متضررة بشكل كبير، مشيرا إلى آثار عدم التوازن في الرصف، مختتما تصريحه بالقول "هناك أماكن غير مستوية وأخرى عالية وكذلك منخفضة مما يسبب مشكلة للمنازل وخطورة على أساساتها" وحول الترميم اكتفى العميد الخباط بتوجيه سؤال للهيئة حول الخطة السنوية ل2009-2010م بالنسبة للترميم؟ وكان يحيى الروني أحد ساكني حارة الحصيصة قد أفاد بان الترميم يتأخر كثيرا أحيانا من سنة إلى أخرى بسب التعزيز المالي والأسر تدفع الثمن خصوصا الفقراء والمعدمين. الأصالة والتشوهات العمرانية الهيئة المعنية بالحفاظ على المدن التاريخية تحاول بذل الجهود للحد من التشوهات العمرانية الحديثة المخالفة لمواصفة البناء العمراني التقليدي ولكن ما تقوم به الهيئة نهارا يتم مخالفته ليلا باستحداث مباني ذات طابع عمراني حديث حتى وإن كان يغلب عليها الحجر الأسود إلا أنها تشكل صورة نشازاً ضمن تلك اللوحة العمرانية الأصيلة التي تحمل خصوصية طابع تراثي عام ضمن تركيبة تاريخية، فالمعروف في صنعاء القديمة البناء ليلا وفي مواسم العطل الرسمية والأعياد وكذلك يومي الخميس والجمعة، خصوصا في الأحياء الداخلية للمدينة التاريخية. وحول أسباب إقدام بعض المواطنين على البناء دون الأخذ في الاعتبار خصوصية الفن المعماري أكد عدد من المواطنين على ارتفاع تكاليف البناء العمراني التقليدي من جانب وعرقلة الهيئة لتراخيص البناء، وتحيل الهيئة من حين لآخر بعض المخالفين إلى نيابة الآثار والحفاظ على المدن التاريخية ويتهم المواطنون في صنعاء القديمة الهيئة بالتغاضي عن الكبار ومعاقبة الصغار حسب قولهم ويعزون الأسباب إلى عدم قدرة الهيئة على ترميم المنازل الآيلة للسقوط خلال فترة محددة وبسبب عدم سرعة البت في الترميم الذي يضطر معه بعض المواطنين القادرين إلى إعادة تأهيل منازلهم.. في حارة الجلاء التقينا بأحد مالكي حمام الجلاء -أحد الحمامات الشهيرة ببنائها التقليدي – حيث أكد لنا أن الهيئة لها دور كبير في ترميمه بالتعاون مع المالكين الذين دفعوا مبالغ كبيرة لإعادة الترميم، كون الحمام مصدر رزق ل50 أسرة حسب قوله. مأساة بين الترميم والتشرد حي غربي الجامع الكبير بصنعاء القديمة أكثر الأحيا تضررا وخطورة على ساكنيه وعلى مدى ما يزيد عن 7 سنوات لا زال الخطر قائما رغم تدخل الهيئة العامة للمحافظة على المدن التاريخية لإنقاذ تسعة منازل من انهيار وشيك نظرا للتشققات والشروخ التي طرأت على حالها وهبوطها، أكبر تلك المنازل منزل يحيى محمد عصدة الذي التقته صحيفة الوسط وكشف لها مأساة 31 فردا هم مجموع ساكني منزله الكائن غربي الجامع يتحدث عصدة عن الكارثة التي حلت بالمنزل بتاريخ 15/2/2002م بالقول حلت الكارثة في ذلك اليوم عندما سمعنا دوي انفجار هز منزلنا وشعرنا بأنه سينهار ثم أخلينا المنزل بعد تلقينا إشعاراً من الهيئة بالخروج لغرض الترميم في 2002م دون تحديد سقف زمني ثم استخدموا عمالاً بدأوا بعملية الترميم من السطوح وتركوا الأساس المهم الذي يعوم وسط المياه وكل ما قامت به الهيئة ليس سوى تخريب منزل ثم ذهبوا ولم يعاودوا.. مأساة المواطن عصدة عمرها 7 سنوات دفعته إلى طرق كل أبواب الجهات الرسمية وغير الرسمية من وزارة الثقافة وأمانة العاصمة ومكتب
الرئاسة كون مدير مكتبه يرأس اللجنة العليا للحفاظ على صنعاء القديمة ووزارة حقوق الإنسان في عهد أمة العليم السوسوة، ثم منظمة هود وبمرارة يواصل حديثه عن الرد القاسي الذي تلقاه من وكيل أمانة العاصمة للشئون المالية عندما طالب بإصلاح المنازل ودفع الإيجارات للساكنين الذين أصبحوا مشردين ويتابع عصدة بالقول: ضاقت أحوالي وزاد هددنا الوكيل العمري وتكلم علينا أمام الناس ورغم أني اشتكيت به ولكن لا أحد ينصف المواطن المسكين في هذا البلد فأصحاب المنازل أصبحوا ضحية بين المؤجر والوكيل العمري رغم أن أمين العاصمة سبق أن وجه بتسليم الإيجارات لأصحاب المنازل المتضررة إلا أننا لم نستلم الإيجارات منذ بداية 2008م وأكد عصدة أن أمانة العاصمة دفعت الإيجارات مرتين فقط ولم تسلم لجميع أصحاب المنازل الذين أخلوا منازلهم لغرض الترميم منذ بداية 2008م وكشف عن وقوف مسئولين في الأمانة وفي الهيئة منهم مشرف الترميم الذي أكد أنه "لم يصلح بيتي رغم توقيعه في العقد"، وعزا وقوف تلك الجهات ضد ترميم منزله للجوئه إلى المنظمات والصحافة لمناصرة قضيته اللامتكافئة الأطراف واتهم عصدة المجالس المحلية بالتواطؤ والتجاهل لما يعانيه أصحاب المنازل المعروفين بالفقراء والمعدمين الذين يعيشون في حالة مأساوية وفي ختام تصريحه أكد عودته إلى منزله المهدد بالانهيار للسكن مع أولاده ال11 بسبب رفض أمانة العاصمة دفع الإيجارات ويضيف" أصبحت مهددا أنا وأطفالي وأخواني مشردين نخاف من الأمطار ونعيش تحت رحمة الويل رغم أن تكاليف الترميم تأتي من منظمات دولية". المنظمات الدولية قضت على الاعتمادات معاناة المواطنين والمخاطر المحدقة بأهم مدينة تاريخية تحمل هوية المجتمع وأسباب تعثر عملية الترميم كانت محور لقائنا بالمهندس/ محمد ناجي الصيادي- مدير عام التخطيط العمراني بالهيئة العامة للمحافظة على المدن التاريخية الذي أفاد بان الهيئة تبذل جهودا للحفاظ على الطابع المعماري والحفاظ على المدينة، حيث تقوم برصد المنازل المتضررة على مستويين الأكثر تضررا ومتوسطة الضرر "ونناقش الميزانية بناء على الرصد ونرفع بها إلى وزارة المالية ثم نتفاجأ بنزول مبالغ زهيدة" مؤكدا أن الهيئة رصدت 30 مليوناً وعند نزول الموازنة تم رصد 6 ملايين فقط ولا تستطيع الهيئة إتمام الترميم نظرا لقلة المخصصات المالية بالنسبة لتكلفة البناء القديم الباهظة، وكشف الصيادي عن رصد 46 منزلاً بحاجة إلى ترميم لهذا العام و11 منزلاً قديماً جدا ذات طابع معماري فريد يجب الحفاظ عليها وكل ما تقوم به الهيئة من ترميم كل عام بحسب الاعتمادات المالية، وحول المساعدات الدولية سيما وأن هناك ثلاث منظمات دولية مهتمة بهذا الجانب هي "Ced,gtz,cim" أكد الصيادي أن تلك المنظمات تقدم مساعدات فنية فقط تخص المدن التاريخية وتقوم تلك المنظمات بصرف نسبة 75% من المساعدات المالية لشراء سيارات وأثاث وإيجارات لمقراتها وأجور للخبراء الذين يتبعونها والتي تصل من 500 إلى 600 دولار في اليوم بينما المدن التاريخية تستفيد بنسبة 25% من تلك الاعتمادات وحول البناء المخالف للطابع المعماري أكد الصيادي أن غالبية المباني الحديثة والمخالفة تم بناؤها قبل تأسيس الهيئة عام 90م والتي تمت خلال السنوات الأخيرة تعود إلى عدم وعي المواطن ومماطلة الهيئة بتقديم التراخيص فيلجأ المواطن إلى إعادة البناء في العطلات الرسمية والليل، وكشف الصيادي عن عدم وجود قانون للمحافظة على المدن التاريخية وسبق أن تقدمت الهيئة بمشروع قانون إلى مجلس النواب ولا زال حبيس أدراج المجلس منذ عدة سنوات والهيئة تعمل بموجب لائحة فقط، وقبل خروجنا من مركز الدراسات التابع للهيئة التقينا الأخ/ سمير الشوافي مدير إدارة الدراسات الذي أكد لنا أن منازل صنعاء القديمة تعود منها 33.4% للمواطنين و1.9% عامة و64.7% وقف و5.54% لملكيات مختلفة. وأن وظيفة المباني 20.6% متخصصة و73.6% سكنية و5.8% متعددة الوظائف وحول الحالة المعمارية يؤكد الشوافي بناء على الدراسات التي أجريت والنزول الميداني فإن نسبة 8% من المنازل سيئة و14.7% ممتازة و49.1% جيدة و26.2% عادية وحول المنازل المتضررة يشير إلى أن 5% غير مأهولة و92% من المنازل المتضررة مأهولة بالسكان و3% مأهولة جزئيا. وقبل أن نودع أصحاب المنازل المتضررة بحفظ الله نعبر عن أسفنا لما تقوم به أمانة العاصمة من جهود متناقضة مع جوهر الحضارة وأولياتها، فبينما ترصد مئات الملايين لمطاردة الباعة في شوارع العاصمة تتجاهل الخطر الحقيقي على أقدم مدينة تاريخية وهنا يفرض السؤال نفسه: أليس الأحرى بالأمانة والأمين والوكيل أن يوظفوا تلك الأموال لإنقاذ عراقة وأصالة صنعاء القديمة وإعادة تلك الأسر المشردة من منازلها إليها وترميم تلك المنازل التي تفوق المئات ويسكن فيها أصحابها رغم المخاطر لسوء حالتهم وضعف قوتهم على إلزام الجهات المعنية بترميم منازلهم.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.