السلطة المحلية بحضرموت تصدر بيانًا هامًا تؤكد فيه تأييدها للقرارات والتوجهات المتخذة من المجلس الانتقالي الجنوبي    بالفيديو .. وزارة الداخلية تعلن دعمها الكامل لتحركات المجلس الانتقالي وتطالب الرئيس الزبيدي بإعلان دولة الجنوب العربي    الإعلامية مايا العبسي تعلن اعتزال تقديم برنامج "طائر السعيدة"    الصحفي والمناضل السياسي الراحل عبدالرحمن سيف إسماعيل    استثمار سعودي - أوروبي لتطوير حلول طويلة الأمد لتخزين الطاقة    ميسي يتربّع على قمة رياضيي القرن ال21    الرياض: تحركات مليشيا الانتقالي تصعيد غير مبرر وتمت دون التنسيق معنا    الأميّة المرورية.. خطر صامت يفتك بالطرق وأرواح الناس    ويتكوف يكشف موعد بدء المرحلة الثانية وحماس تحذر من خروقات إسرائيل    باكستان تبرم صفقة أسلحة ب 4.6 مليار دولار مع قوات حفتر في ليبيا    أرسنال يهزم كريستال بالاس بعد 16 ركلة ترجيح ويتأهل إلى نصف نهائي كأس الرابطة    شرعية "الروم سيرفس": بيع الوطن بنظام التعهيد    تركيا تدق ناقوس الخطر.. 15 مليون مدمن    بيان بن دغر وأحزابه يلوّح بالتصعيد ضد الجنوب ويستحضر تاريخ السحل والقتل    الجنوب العربي: دولة تتشكل من رحم الواقع    ذا كريدل": اليمن ساحة "حرب باردة" بين الرياض وأبو ظبي    حضرموت.. قتلى وجرحى جراء اشتباكات بين قوات عسكرية ومسلحين    نيجيريا.. قتلى وجرحى بانفجار "عبوة ناسفة" استهدفت جامع    سلامة قلبك يا حاشد    الأحزاب والمكوّنات السياسية تدعو المجلس الرئاسي إلى حماية مؤسسات الدولة وتحمل مسؤولياته الوطنية    المدير التنفيذي للجمعية اليمنية للإعلام الرياضي بشير سنان يكرم الزملاء المصوّرين الصحفيين الذين شاركوا في تغطية بطولات كبرى أُقيمت في دولة قطر عام 2025    الصحفي المتخصص بالإعلام الاقتصادي نجيب إسماعيل نجيب العدوفي ..    ذمار.. مقتل مواطن برصاص راجع إثر اشتباك عائلي مع نجله    النائب العام يأمر بالتحقيق في اكتشاف محطات تكرير مخالفة بالخشعة    الجزائر تفتتح مشوارها بأمم إفريقيا بفوز ساحق على السودان"    تعود لاكثر من 300 عام : اكتشاف قبور اثرية وتحديد هويتها في ذمار    مؤسسة الاتصالات تكرم أصحاب قصص النجاح من المعاقين ذوي الهمم    شباب عبس يتجاوز حسيني لحج في تجمع الحديدة وشباب البيضاء يتجاوز وحدة حضرموت في تجمع لودر    ضبط محطات غير قانونية لتكرير المشتقات النفطية في الخشعة بحضرموت    لملس يتفقد سير أعمال تأهيل مكتب التعليم الفني بالعاصمة عدن    أبناء العمري وأسرة شهيد الواجب عبدالحكيم فاضل أحمد فريد العمري يشكرون رئيس انتقالي لحج على مواساته    الدولار يتجه نحو أسوأ أداء سنوي له منذ أكثر من 20 عاما    الرئيس الزُبيدي: نثمن دور الإمارات التنموي والإنساني    مصلحة الجمارك تؤيد خطوات الرئيس الزُبيدي لإعلان دولة الجنوب    الرئيس الزُبيدي يطّلع على سير العمل في مشروع سد حسان بمحافظة أبين    الحديدة تدشن فعاليات جمعة رجب بلقاء موسع يجمع العلماء والقيادات    هيئة الزكاة تدشن برامج صحية واجتماعية جديدة في صعدة    "أهازيج البراعم".. إصدار شعري جديد للأطفال يصدر في صنعاء    هدوء في البورصات الأوروبية بمناسبة العطلات بعد سلسلة مستويات قياسية    رئيس مجلس الشورى يعزي في وفاة الدكتور "بامشموس"    دور الهيئة النسائية في ترسيخ قيم "جمعة رجب" وحماية المجتمع من طمس الهوية    تحذير طبي برودة القدمين المستمرة تنذر بأمراض خطيرة    تضامن حضرموت يواجه مساء اليوم النهضة العماني في كأس الخليج للأندية    تونس تضرب أوغندا بثلاثية    اختتام دورة تدريبية لفرسان التنمية في مديريتي الملاجم وردمان في محافظة البيضاء    وفاة رئيس الأركان الليبي ومرافقيه في تحطم طائرة في أنقرة    إغلاق مطار سقطرى وإلغاء رحلة قادمة من أبوظبي    البنك المركزي يوقف تراخيص فروع شركات صرافة بعدن ومأرب    الفواكه المجففة تمنح الطاقة والدفء في الشتاء    هيئة الآثار: نقوش سبأ القديمة تتعرض للاقتلاع والتهريب    تكريم الفائزات ببطولة الرماية المفتوحة في صنعاء    هيئة المواصفات والمقاييس تحذر من منتج حليب أطفال ملوث ببكتيريا خطرة    تحذيرات طبية من خطورة تجمعات مياه المجاري في عدد من الأحياء بمدينة إب    مرض الفشل الكلوي (33)    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    لملس والعاقل يدشنان مهرجان عدن الدولي للشعوب والتراث    تحرير حضرموت: اللطمة التي أفقدت قوى الاحتلال صوابها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكم التدوير الوظيفي في وظائف السلك الدبلوماسي والقنصلي
نشر في الوسط يوم 29 - 12 - 2012


سفير متقاعد/ غالب سعيد العدوفي
سفير متقاعد/ غالب سعيد العدوفي
1- تمهيد:
بعد مرور حوالى ثلاث سنوات على صدور قانون (التدوير الوظيفي) ، وبعد طول انتظار وترقب خاصة بعد توقيع اتفاق نقل السلطة وتشكيل حكومة الوفاق الوطني ، وفقاً للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمّنة ، صدرت اللائحة التنفيذية للقانون رقم (31) لسنة 2009م بشأن التدوير الوظيفي ، وذلك بموجب قرار رئيس مجلس الوزراء ، رقم (214) لسنة 2012م والصادر بتأريخ 14 شوال 1433ه الموافق 1 سبتمبر 2012م ، على الرغم من أن المادة (27) من القانون قضت بأن تصدر اللائحة التنفيذية بقرار من رئيس مجلس الوزراء ، خلال مدة أقصاها ثلاثة أشهر.
وقد نصت المادة (5) من اللائحة على أن (( يسري القانون وهذه اللائحة على موظفي وحدات الخدمة العامة بما في ذلك الموظفون الإداريون في السلطتين التشريعية والقضائية ، ومنتسبو القوات المسلحة والأمن وموظفو السلك الدبلوماسي والقنصلي وموظفو المؤسسات والشركات والمصانع والهيئات العامة والمختلطة وموظفو جميع الوحدات المدرجة في الموازنات العامة والموازنات الملحقة والمستقلة والمحددة بالمادة (6) من هذه اللائحة)).
وصنّفت المادة (9) مدد التدوير الوظيفي إلى ثلاث مجموعات حيث حددت المدة للمجموعة الأولى بأربع سنوات، وحددتها في المجموعة الثانية بثلاث سنوات ، أما المجموعة الثالثة فقد حددت مدتها بسنتين. وفي الفقرة الفرعية (ب) من المادة (9) حددت مدة الخدمة لأعضاء السلك الدبلوماسي والقنصلي العاملين في الخارج بأربع سنوات ، أي وردت هذه الفئة ضمن فئات المجموعة الأولى ، حيث نصّت الفقرة (ب) على ما يلي:
" الموظفون المعينون في وظائف خارج النطاق الجغرافي للجمهورية ( أعضاء السلك الدبلوماسي والقنصلي ومندوبي اليمن في المنظمات الدولية والإقليمية )".
ومما تجدر الإشارة إليه أن المآخذ التي سنوردها بشأن اللائحة التنفيذية ، هي نفس المآخذ المنطبقة على قانون التدوير الوظيفي كما سنرى.
2- عيوب ومآخذ اللائحة التنفيذية :
قبل أن نتعرف على النصوص القانونية التي تحدد مدة الخدمة لأعضاء البعثات التمثيلية الدبلوماسية والقنصلية في الخارج وفقاً لقانون السلك الدبلوماسي والقنصلي، سنتناول بالتحليل نصوص اللائحة التنفيذية بشأن التدوير الوظيفي والمتعلقة بأعضاء السلك الدبلوماسي والقنصلي ، وبالتالي التعرف على العيوب والثغرات التي وردت في اللائحة المذكورة .
أولاً: أغفلت اللائحة التنفيذية - ربما عن قصد - الإشارة إلى القانون رقم (2) لسنة 1991م بشأن السلك الدبلوماسي والقنصلي واللائحة التنفيذية ، في ديباجة اللائحة . أسوة بالقوانين التي تم تضمينها في الديباجة ، سواء قانون الخدمة المدنية وقوانين الكوادر المستقلة عن القانون العام مثل قانون الخدمة العسكرية وقانون هيئة الشرطة وقانون الهيئات والمؤسسات والشركات العامة ، تطبيقاً لأحكام المادة (3) فقرة (ب) من القانون رقم (19) لسنة 1991م بشأن الخدمة المدنية التي استثنت كلاً من ((العسكريين في القوات المسلحة والداخلية والأمن عدا العاملين بشروط الخدمة المدنية ، وشاغلي الوظائف القضائية وشاغلي وظائف السلك الدبلوماسي والقنصلي ، وأي كادرات تنظم أوضاعها وشروط خدمتها قوانين خاصة بها..)).
والغريب في الأمر أن اللائحة التنفيذية لقانون التدوير الوظيفي أدخلت أعضاء السلك الدبلوماسي والقنصلي ومندوبي اليمن في المنظمات الدولية والإقليمية ضمن الفئات الخاضعة لأحكامها ، كما أكدته المادة (5) من الفصل الثاني المعنون (الأهداف والإدارة ونطاق السريان) ، وتتجاهل في الوقت ذاته إضافة قانون السلك الدبلوماسي والقنصلي ولائحته التنفيذية إلى الديباجة ، مما يعزز الشك لدينا أن هذا التجاهل هو أمر مقصود من قبل واضعي نصوص اللائحة . ومعلوم أن حكم الديباجة هو أن فقراتها تتضمن ما سيرد في صلب المادة التشريعية من نصوص وأحكام .
ثانياً: عالجت الفقرة (ب) من المادة (9) من اللائحة التنفيذية لقانون التدوير الوظيفي وضع (الموظفون المعينون في وظائف خارج النطاق الجغرافي للجمهورية ) بإضافتهم كما سبق أن رأينا إلى الفئات الخاضعة لعملية التدوير الوظيفي ، وبالعودة إلى التعريفات الواردة في المادة (2) من الفصل الأول تحت عنوان (التسمية والتعاريف) ، لم نجد كلمة (الجمهورية) ضمن التعاريف التي نصت عليها اللائحة حيث كان من المفترض أن يكون أول تعريف في المادة ، وقبل تعريف (الوزارة) و(الوزير) ... إلخ ، وهذا عيب تشريعي واضح وقع فيه من صاغ (مشروع) اللائحة ، وينبغي استدراكه في تعديل مستقبلي .
ثالثاً: حددت اللائحة في الفقرة (ب) من المادة (9) المشار إليها في الفقرة السابقة فئة (الموظفون المعينون في وظائف خارج النطاق الجغرافي للجمهورية) وعرّفتهم بأنهم (أعضاء السلك الدبلوماسي والقنصلي ومندوبو اليمن في المنظمات الدولية والإقليمية).
وعليه نستطيع أن نستخلص من خلال النص السابق الحقائق الآتية:
1- أغفلت الفقرة ، وقد يكون هذا الإغفال عن عمد أو عن قصور تشريعي ، النص على (أعضاء الملحقيات الفنية) وهم الذين يجري تعيينهم بإلحاقهم بإحدى البعثات الدبلوماسية عبر انتدابهم من قبل الوزارات التي يتبعونها ، ويعتبر كل منهم ضمن أعضاء البعثة .
وقد حددت المواد من 13-18 من الفصل الرابع والمعنون (بعثات التمثيل الدبلوماسي) من القانون رقم (2) لسنة 1991م بشأن السلك الدبلوماسي والقنصلي، كل ما يتعلق بالملحقيات الفنية مثل شروط إنشائها وشروط وضوابط تعيين أعضاء الملحقيات ومدد عملهم بالملحقية والأحكام والقواعد التي تسري بشأنهم خلال فترة عملهم في الخارج .
2- أدخلت الفقرة إلى جانب أعضاء السلك الدبلوماسي والقنصلي فئة (مندوبي اليمن في المنظمات الدولية والإقليمية)، بينما صنف قانون السلك الدبلوماسي والقنصلي (الوفود الدائمة والمكاتب لدى المنظمات الدولية والإقليمية ) ضمن بعثات التمثيل الدبلوماسي ، وبالتالي فقد مَيَّزَ القانون هنا بين فئتين من المنظمات :
الفئة الأولى : فئة الوفود الدائمة أو المندوبيات الدائمة لدى المنظمات الدولية والإقليمية ، وهذه الفئة تدخل ضمنها المنظمات التالية :
• وفد اليمن الدائم لدى منظمة الأمم المتحدة في نيويورك.
• وفد اليمن الدائم لدى المقر الأوروبي لمنظمة الأمم المتحدة في جنيف .
• وفد اليمن الدائم لدى جامعة الدول العربية في القاهرة .
الفئة الثانية : المكاتب التي يرأس كلاً منها مندوب لدى منظمة دولية أو إقليمية ، وهذه تدخل ضمنها المكاتب التالية :
• مكتب اليمن لدى منظمة التعاون الإسلامي في جدة .
• مكتب اليمن لدى منظمة التربية والثقافة والعلوم (اليونيسكو) في باريس.
• مكتب اليمن لدى منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) في روما .
• مكتب اليمن لدى منظمة التربية والثقافة والعلوم التابعة للجامعة العربية (إليكسو) في تونس.
• مكتب اليمن لدى منظمة التربية والثقافة والعلوم التابعة لمنظمة التعاون الإسلامي (إيسيسكو) في الرباط .
إن المنظمات التي أوردناها فيما سبق، هي تلك التي لبلادنا تمثيل دبلوماسي لديها ، إما عبر وفود دائمة بالنسبة للنوع الأول ، أو مكاتب مع النوع الثاني ، وهذه المنظمات يشغل وظيفة المندوبين فيها ، موظفون من كادر السلك الدبلوماسي في بعضها أو موظفون يتبعون وزارات أخرى في البعض الآخر ، وبالتالي فهم يُعتبرون في حكم الملحقين الفنيين وتنطبق بشأنهم القواعد والأحكام التي تنطبق على الملحقيات الفنية .
3- جاء صياغة الفقرة (ب) من المادة (9) متناقضة مع بعضها ، فبينما جاء صياغة الجزء الأول من الفقرة بصورة عامة ، جاء الجزء الثاني محدداً ومقيّداً لما ورد في جزء الفقرة الأول، وذلك من خلال تحديد المقصود من عبارة (الموظفون المعينون في وظائف خارج النطاق الجغرافي للجمهورية)، وبيّنتهم بأنهم :(أعضاء السلك الدبلوماسي والقنصلي .. الخ) .
والمعروف أن بعثات التمثيل الدبلوماسي والقنصلي ، بما فيها المندوبيات الدائمة ، لا يقتصر أعضاؤها على الموظفين الدبلوماسيين بل يوجد إلى جانبهم ، كما يحددهم قانون السلك الدبلوماسي والقنصلي ولائحته التنفيذية ، ما يعرفون بالموظفين الإداريين الذين يقومون بأعمال إدارية وفنية ومهنية ومعاوني الخدمة ، ومن ثم فإن الصياغة الحالية للجزء الثاني من الفقرة ، قد استبعدت هذه الفئة من الخضوع لمبدأ التدوير الوظيفي .
3- التدوير الوظيفي مبدأ أصيل في وظائف السلك الدبلوماسي والقنصلي :
تنص المادة (59) من القانون رقم (2) لسنة 1991م بشأن السلك الدبلوماسي والقنصلي على ما يلي:
((تحدد خدمة رؤساء البعثات التمثيلية الدبلوماسية والقنصلية والوفود الدائمة بالخارج وباقي العاملين في هذه البعثات بمدة لا تتجاوز أربع سنوات ويجوز تمديدها بقرار من رئيس الجمهورية)).
إن هذا النص الواضح والصريح والذي لا لبس فيه ولا غموض يقودنا إلى استنتاج الحقائق الآتية :
أولاً : إن التدوير الوظيفي هو مبدأ أصيل في وظائف السلك الدبلوماسي والقنصلي ، وقد تأسس في أول قانون للسلك الدبلوماسي صدر في بلادنا عام 1963م ، أي بعد عام من قيام ثورة 26 سبتمبر المجيدة ، ولا تستطيع أية جهة أن تزايد حول أصالة هذا المبدأ وحقيقة السبق الذي سجله على مستوى الجمهورية اليمنية .
ثانياً : ترقّى أهمية وأصالة هذا المبدأ في وظائف السلك الدبلوماسي إلى اقتصار النص عليه في قانون السلك الدبلوماسي والقنصلي دون لائحته التنفيذية التي اقتصرت على تنظيم القواعد المتصلة باستدعاء أعضاء البعثات التمثيلية من الخارج إلى ديوان عام وزارة الخارجية، دون التطرق إلى موضوع فترة الخدمة في هذه البعثات، بحيث تقل الاجتهادات أو تنعدم محاولات التمديد لهذه الفترة لأي سبب من الأسباب.
ثالثاً: أغلقت المادة الباب أمام طلبات الاستثناء من قرارات عودة أعضاء البعثات التمثيلية الذين انتهت فترة عملهم في الخارج ، إلى ديوان عام الوزارة مهما كانت أسباب تلك الطلبات، ووضعت الاستثناء بيد رئيس الجمهورية دون غيره. يستوي في ذلك أعضاء البعثات ورؤساء البعثات على حد سواء.
ولهذا التعديل الذي أدخل على هذه المادة عام 1999م قصة خلال تولي الأخ/عبدالقادر باجمال منصب وزير الخارجية في حكومة الدكتور عبدالكريم الإرياني ، كانت المادة بنصها الأصلي عام 1991م عند صدور القانون ، تميز بين فترة خدمة رؤساء البعثات الدبلوماسية وحددتها بمدة لا تتجاوز خمس سنوات ، بينما حددت فترة خدمة أعضاء البعثات بأربع سنوات ، كما أجازت للجنة شئون السلك تمديد فترة الخدمة بعد انقضاء مدة الأربع سنوات شريطة موافقة وزير الخارجية على ذلك كما هو شأن بقية توصيات اللجنة .
بدأ باجمال يتعرض لضغوط مختلفة بتعيين أو اقتراح تعيين عدد من الشخصيات المدنية والعسكرية والعامة ، في مناصب رؤساء بعثات دبلوماسية وقنصلية ، في الوقت ذاته كان أكثر السفراء رؤساء الدوائر بديوان عام وزارة الخارجية ينتظرون دورهم للخدمة في الخارج كرؤساء بعثات دبلوماسية أو قنصلية، فاهتدى إلى الحل الذي يوفر له استدعاء أكبر عدد من السفراء في الخارج ، وذلك بتخفيض فترة الخدمة من خمس سنوات إلى أربع سنوات ، وربط التمديد لما يزيد عن تلك الفترة ، برئيس الجمهورية ، كما سبق أن رأينا ، ومع ذلك لم يستطع باجمال تطبيق فترة الخدمة الجديدة ، إلا بحق السفراء أعضاء الكادر الدبلوماسي !
رابعاً : طالما وأن مبدأ التدوير ، كان وما يزال ، مبدأً أصلياً في وظائف السلك الدبلوماسي والقنصلي ، فإن النص عليه في قانون التدوير الوظيفي ولائحته التنفيذية ، لا يزيده قوة، أو يضيف إليه عناصر جديدة غير تلك التي أوردها قانون السلك الدبلوماسي والقنصلي ، بل على العكس من ذلك أرى أن نص اللائحة التنفيذية أضاف تناقضاً واضحاً مع نص المادة (59) من قانون السلك الدبلوماسي ، ألا وهو الاستثناء الممنوح لرئيس الجمهورية في مسألة التمديد لما يزيد عن فترة الخدمة في الخارج والمحددة في المادة بأربع سنوات، بينما جاء نص اللائحة مطلقاً .
وفي هذه الحالة ، تطبق القاعدة القانونية التي تقول بأن الخاص يقيد العام، أي أنه في حالة تعارض النص أو تناقضه بين القانون الخاص والقانون العام ، فيطبق النص في القانون الخاص وهو في هذه الحالة قانون السلك الدبلوماسي والقنصلي .
4- التدوير الوظيفي والملحقيات الفنية :
رأينا في الفقرة السابقة بأن التدوير الوظيفي هو مبدأ أصل وقديم في وظائف السلك الدبلوماسي والقنصلي ، كما رأينا في الفقرة التي سبقتها كيف أن قانون السلك الدبلوماسي والقنصلي هو الذي نظم في عدد من مواده قواعد وأحكام العمل في ما يتعلق بشئون الملحقيات الفنية ، أي أنها تستمد شرعيتها القانونية من هذا القانون ، وأهمها الحكم الخاص بعمل الملحقين الفنيين في الخارج ، والذي أوردته المادة (17) من قانون السلك الدبلوماسي ، والتي تنص على ما يلي :
(( تحدد فترة العمل لموظفي الملحقيات الفنية المنتدبين في البعثات الدبلوماسية بما لا يزيد على أربع سنوات ، يعودون بعدها للعمل بالجهات التابعين لها)).
ويمكن لنا أن نستخلص من نص المادة السابق الحقائق التالية ، وذلك على غرار ما استخلصناه من حقائق فيما سبق من تناولات :
أولاً :أخذ قانون السلك الدبلوماسي والقنصلي بمبدأ التدوير الوظيفي المطبق بحق موظفي البعثات التمثيلية، وطبّقه على موظفي الملحقيات الفنية ، وذلك من حيث المدة ، ومن حيث شمول جميع موظفي الملحقيات المنتدبين من الداخل بدون استثناء.
ثانياً : هناك فارق جوهري في مدى تطبيق ذات المبدأ بحق أعضاء البعثات التمثيلية من كادر السلك الدبلوماسي والقنصلي ، وبحق أعضاء الملحقيات الفنية ،حيث تؤكد الحقائق أن تطبيق هذا المبدأ على الفئة الأولى يعتبر هو القاعدة ، بينما يعتبر هو الاستثناء بشأن موظفي الفئة الثانية، ولمن يريد الاستزادة ، عليه استخراج المعلومات المتعلقة بهذه المسألة ، من الدوائر المختصة بوزارتي الخارجية والتعليم العالي والبحث العلمي ، وكذا من قبل الوزارات التي لديها موظفون منتدبون في الملحقيات وهي (وزارة التجارة والصناعة ، وزارة الإعلام ، وزارة التربية والتعليم ، وزارة الدفاع ، وزارة المالية ..الخ).
ثالثاً : هناك توافق وتناغم بين عدم إيراد اللائحة التنفيذية لقانون التدوير الوظيفي لموظفي الملحقيات الفنية ضمن فئات الموظفين الذين ينطبق بحقهم مبدأ التدوير الوظيفي ، وبين ما يجري على أرض الواقع العملي من تجاوز لمدة خدمة معظم هؤلاء الموظفين المحددة في المادة (17) من قانون السلك الدبلوماسي والقنصلي ، وعدم عودتهم إلى الداخل بعد انتهاء المدة القانونية المحددة ، وكدارس لهذه الجزئية من اللائحة التنفيذية لقانون التدوير الوظيفي ومحلل لموادها وأحكامها وما يتصل بها من أحكام ، أجد نفسي أطرح هذه التساؤلات آملاً أن أكون على خطأ في ما ذهبت إليه من وجود مثل هذا التناغم والتوافق.
5- الخاتمة :
مما لا شك فيه أن مبدأ التدوير الوظيفي في الوظيفة العامة هو من أهم الخطوات الإصلاحية والتي أدخلت مؤخراً على جهاز الخدمة المدنية في بلادنا الهادفة إلى إقامة الحكم الرشيد ، وتحديداً منذ صدور أول قانون منظم لهذا المبدأ عام 2009م ، ولكنه ظل في انتظار صدور لائحته التنفيذية ، كي ينطلق قطار التدوير الوظيفي في مختلف مسارات الوحدات الإدارية، وهذا ما تحقق أخيراً بصدور قرار مجلس الوزراء رقم (214) في الأول من سبتمبر 2012م.
وعلى الرغم من مرور حوالى ثلاث سنوات على صدور القانون ، وتأخر صدور اللائحة التنفيذية ، إلا أن النص الذي صدر شابه الكثير من القصور والعيوب في بعض مواده وأحكامه ، مما يعطي الانطباع بأنه أُعد على عجالة ولم يدرس بصورة متأنية ومستفيضة من قبل من أعدّ النص حينما كان مشروعاً ، وقُدم إلى مجلس الوزراء الذي أقره- كما يبدو- من القراءة الأولى .
وكخبير قانوني في التشريعات الخاصة بالسلك الدبلوماسي والقنصلي ، استرعى انتباهي النصوص الواردة في اللائحة التنفيذية ، والمتعلقة بالسلك الدبلوماسي ، فوجدت أنها تحمل عيوباً وثغرات لا تخطئها عين الشخص العادي ، ناهيك عن بصيرة الدارس وتمحيصه للنصوص ، وهذا ما تعرضت له في جزء من هذه الدراسة .
ومن جهة ثانية رأينا أن التدوير الوظيفي هو مبدأ أصيل في وظائف السلك الدبلوماسي والقنصلي ، ومتأصل في التشريعات اليمنية المتعلقة بشئون السلك ، ابتداءً من أول قانون صدر في بلادنا عام 1963م منظم لهذه الشئون ، ومروراً بالقانون الصادر عام 1976م ، وانتهاءً بقانون السلك الدبلوماسي والقنصلي الحالي الذي صدر عام 1991م ، وكلها حددت مدة عمل أعضاء البعثات التمثيلية في الخارج ، يعودون بعدها للعمل بديوان عام وزارة الخارجية .
وأخيرأً فإن إغفال اللائحة التنفيذية لفئة (الملحقين الفنيين) وعدم النص على سريان مبدأ التدوير الوظيفي بحقهم أسوة بزملائهم أعضاء السلك الدبلوماسي والقنصلي خلال فترة عمل الجميع في الخارج ، إنما نعتبره ثغرة كبيرة ما كان ينبغي على معدي (مشروع) اللائحة ، أن يقعوا فيها ، وكلي أمل أن يوجه الأخ وزير الخدمة المدنية والتأمينات ، في إعداد مشروع تعديل للائحة التنفيذية ، بهدف تلافي الثغرات التي ظهرت في بعض نصوصها ، ومنها ما تطرقت إليها في هذه الدراسة .
وختاماً لا بد من الإشارة إلى أن الإضراب الذي نظَّمه موظفو ديوان عام وزارة الخارجية مؤخراً، احتجاجاً على تعيين ملحقين فنيين تابعين لوزارة شئون المغتربين ، يحتاج منّا إلى إعداد دراسة مستقلة عن هذا النوع (الجديد) من (الملحقين) توضيحاً لكافة جوانب هذا الموضوع ، وفي مقدمتها الجوانب القانونية .
والله من وراء القصد..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.