حقيقة لا ينكرها إلا جاحد وهي أن التهاميين عاشوا ويعيشون اليوم مأساة حقيقية وبمعنى الكلمة فإن كانت مأساتهم أشبه بمأساة سكان دارفور السودانية فإنه من المستحيل أن يصبح مصيرهم أشبه بمصير الهنود الحمر سكان أمريكا الأصليين والذين انقرضوا بسبب ما لاقوه من ضيوفهم الأوروبيين.. نعم اليوم التهاميون يواجهون بعد سياسة المن والأذى ففي الماضي القريب عمل البعض على إقصائهم من الوظائف العامة بل والخاصة أيضا رغم أن فيهم ومنهم أصحاب مؤهلات عليا وخبرات إدارية وفنية ومهنية تؤهلهم ليتبوأوا مراكز عليا كما أن فيهم ومنهم قيادات عسكرية وسياسية ساهمت في صنع القرار السياسي والبناء التنموي ووصلوا إلى أعلى المراتب في السلطة مدنيا وعسكريا وأثبتوا جدارتهم الإدارية والسياسية وفي أحلك الظروف السياسية التي مرت بها بلادنا فلم يكونوا في يوم من الأيام مبتزين سياسيا أو مناطقيا أو جهويا وإنما كانوا وظلوا وما زالوا وطنيين لم يساوموا بمواقفهم الوطنية ولم يقايضوا تضحياتهم بمصالح ذاتية أنانية عرف التهاميون بالوفاء لوطنهم الغالي لكن لم يقابل وفاؤهم بوفاء، فقد تعرضوا وما زالوا لعملية الإقصاء والتهميش واليوم يواجهون سياسة المن والأذى من قبل البعض من خلال تلك الأبواق النشاز مثل نحن عملنا لكم، قدمنا لكم، لولا نحن ما كنتم، لولا نحن لكنتم كذا وكذا. هكذا أصبح الخطاب تجاه التهاميين وفي مسقط رأسهم بل ويطلق البعض عليهم أنهم أخدام. الغريب أن أصحاب هذا الخطاب استحوذوا على مفاصل الإدارات والوظائف وبدعم مناطقي فقط. غير أن التهاميين وإن كانوا لاقوا هذا الخطاب بالتسامح من وازع ديني ووطني فإن محاولات البعض الاستعلاء ومواصلة التنكيل والتهميش والإقصاء دفع بالتهاميين لكسر حاجز الخوف خاصة بعد ما لاقوه من أذى واستيقظ المارد الأسمر اليوم مطالبا بحقه في العيش بكرامة وفي ظل مواطنة متساوية تحقق العدالة الاجتماعية المنشودة غير أن هذه المطالب قوبلت بالرفض بل والتمادي في البطش بالتهاميين ففي حين أصبح الحراك التهامي فريضة وطنية تطور الأمر بمواجهته بقبضة حديدية ورصاص حي لم تواجهه إلا إلى أجساد سمراء نحيلة تحاول نيل حقوقها بطرق مشروعة.. فعلا أصبحت تهامة اليوم تحت النار وضحايا الجبروت.. ففي حين لم تعترف حكومة (النفاق الوطني) عفوا أقصد (الوفاق الوطني) بقضيتهم تعرض حراكهم السلمي لطلقات الرصاص الحي ولمسيلات الدموع الحديثة فما حدث يوم الخميس الدامي مؤشراً خطيراً يواجهه التهاميون أشبه بما واجهه الأكراد إبان حكم صدام حسين إن لم نقل أشبه بما لاقاه الهنود الحمر، فهل أصبح الدم التهامي رخيصاً إلى هذه الدرجة؟ وهل التهاميون أبناء وطن؟ أم محتلون في وطنهم؟، لكن لم ولن يستسلم التهاميون للبطش الأمني والمن والأذى مهما حاول العسكر بترسانتهم العسكرية والفئوية من تطهير الجذر التهامي المتعمق في تربة أرضنا الطاهر مهما كلفهم التضحيات في سبيل تحقيق مطالبهم المشروعة في مواطنة متساوية. ماذا بعد؟ على مر العقود الماضية تعاملت الأجهزة الأمنية مع مواطني تهامة بنوع من امتصاص الغضب والتعامل بمسئولية، وإن كانت سياسة (فرق تسد) هي الوسيلة الوحيدة لفرض القبضة الحديدية إلا أن التهاميين فوجئوا خلال تواصل حراكهم السلمي بوابل من الرصاص الحي وبدون مبرر سقط خلالها شهداء أبرياء وجرحى، ولأول مرة في حياتهم زاد من احتقان الشارع التهامي وأفقد هولاكو تهامة صوابه فهل تكون رصاصاته ميلادا جديدا لتحقيق طموحات وآمال التهاميين البسطاء، فقط على هولاكو تهامة أن يتذكر قصة الحجاج مع سعيد بن جبير حتى لا يردد فاقدا وعيه (مالي ومال دماء أبناء تهامة مالي ومال دماء أبناء تهامة). أما التهاميون اليوم فيرددون (ارحموا حالنا لا رحم حالكم).