أسبوعان يمران دونما مشاركة لتلك القوى الجنوبية الساعية -من الخارج- لإيجاد دولة الجنوب، وقدم أحمد فريد الصريمة ورفاقه من داخل الحوار ما يمكن أن يقوله غيرهم، فأخذت لها طابع التمثيل أمام الرأي العام، وهو ما أحست الرموز الجنوبية في الخارج والداخل المقاطعة للحوار بثقلهم الذي أعطاهم وجاهة كممثلين عن القضية الجنوبية، وحين برز الصريمة ومحمد علي أحمد في صنعاء كانت بعض القيادات الجنوبية في دبي تسعى بشكل مستميت لفرض مشاركتهم، ولكن بطريقة الندية. عبدالرحمن الجفري ومحسن بن فريد ومن اتفق معهما في لقاء دبي 9 مارس الماضي مع جمال بن عمر؛ الأكثر جهدا في تنسيق لحوار يجمع بين شتات القوى الجنوبية في الخارج والداخل دون أن تستثني أحداً، فقد وجها لجمال بن عمر طالباً فيه اتخاذ الخطوات العملية لتنفيذ ما جاء في اللقاء المنعقد في دبي مطلع مارس الماضي حول التنسيق مع مجلس التعاون لدول الخليج العربية لرعاية لقاء جنوبي للقوى الجنوبية المختلفة، وقدما صيغة الحوار على أن يكون ندياً وفق مرجعية واضحة وشراكة (دولية - إقليمية) حول القضية الجنوبية. في المقابل يبدو أن محمد علي أحمد يشعر هو ومن شارك في الحوار أن البساط يمكن أن يسحب من تحتهم بعد أن كانت الاضواء متجهة إليهم إذا ما تشكلت قيادة فاعلة في المؤتمر المزمع انعقاده في 27 أبريل، وذلك حينما قال عبدالرحمن الجفري: "المأمول هو توحيد الجهود والآليات والمواقف وتشكيل قيادة جنوبية مؤتلفة أو هيئة تنسيقية قيادية عليا تمثل كل تلك القوى، كمرجعية، يفسح الطريق فيها لشراكة فاعلة لقيادات جديدة وشابة ولشراكة فعلية للمرأة". ولذلك يأتي نقد محمد علي أحمد "أن الذين يلعبون بعواطف شعب الجنوب ويوهمون الجميع بأنهم سيفرضون على المجتمع الدولي والاقليمي مؤتمرات خاصة بالقضية غير هذا المؤتمر الذي نحن بصدده، والذي دعينا إليه من قبل المجتمع الدولي وسنواصل المشاركة بفعالية في مراحله القادمة، خصوصا وقد تم تشكيل لجانه الأساسية التسع، لن يتكرر أي مؤتمر غيره إلا في رؤوس الواهمين، الذين تعودوا على النسخ والتفريخ والتشكيك والكذب على شعب الجنوب الطيب. وبما أن الحوار الجنوبي جنوبي صار من المؤكد انعقاده بحضور جمال بن عمر يحاول خلال الكلمة التي ألقاها خلال الأسبوع الجاري محمد علي أحمد أن يُظهر الإنجازات التي قدمها تمثيلهم في الحوار، وأن قرار الدخول في الحوار كما يقول "قرار صائب، وما يؤكد ذلك هو ما تحقق لقضيتنا الجنوبية من وجود قوي واعتراف اقليمي ودولي رسمي وشرعي بفضل تمسكنا بحق شعب الجنوب في الحرية وتقرير المصير واستعادة دولتنا الجنوبية الحرة المستقلة كاملة السيادة" . وفي رده على تساؤلات لكثير من الجنوبيين يقول محمد علي أحمد: "إن المؤتمر الوطني لشعب الجنوب أكد منذ الجلسة الأولى والذي عبر في كلمته التي ألقاها القيادي خالد بامدهف باسم الحراك الجنوبي: أن الوحدة انتهت رسميا منذ انتهاء حرب صيف 1994م، مضيفا " كما أكدنا للجميع حقنا وحق شعبنا في الجنوب في استمرار نضالنا السلمي وتمسكنا بهدفنا بالحرية واستعادة دولتنا الجنوبية الحرة المستقلة كاملة السيادة على أساس ما أكدناه رسميا ومعنا كل الجنوبيين المخلصين الصادقين المشاركين في الحوار، والذين تمسكوا بكل الأسس والشروط التي دخلنا الحوار على أساسها، وأهمها الندية في الحوار بين الشمال والجنوب بالتساوي والضمانات والموقع المناسب للتحاور حول القضية الجنوبية خارج شطري اليمن دون سقوف أو خطوط". ويوجه محمد علي أحمد نقده بطريقة غير مباشرة لنظرائه المشتركين في القضية الجنوبية، والذين هم خارج الحوار الوطني، إذ يقول "إن كل ما طرحناه وحققناه هي انتصارات جديدة ورسمية بإشراف إقليمي ودولي واعتراف رسمي سجل في محفل دولي واقليمي ومحلي و(ليس كلاماً في الهواء) أو اللعب بعواطف شعبنا في الجنوب". وأكد أن قرار المشاركة في الحوار باسم "المؤتمر الوطني لشعب الجنوب" جاء بناء على قناعة ومعرفة بأن الحوار الذي دعوا إليه من قبل المجتمع الدولي هو لصالح القضية الجنوبية، وأن هذه المشاركة لا تلغي حق الجنوب في استمرار المطالبة بتحقيق هدفه المتمثل بالحرية وتقرير المصير واستعادة الدولة الجنوبية حسب محمد علي أحمد. وقد ذهب محمد علي أحمد إلى ما هو أكثر من مهاجمته لمن وصفهم بالذين "يتكلمون في الهواء"، بل عرّض على أن تمثيلهم في الحوار هو واجهة للقضية الجنوبية، حيث قال: "إن ما يحدث اليوم لا يستهدفهم كأشخاص - أي المشاركين في الحوار- بل يستهدف القضية الجنوبية". الجنوب يرد تصريحات محمد علي أحمد التي ظهر بها وكأنه المخلص للجنوب والممثل في آن، أثارت حفيظة بعض القيادات والسياسيين في الجنوب، حيث اعتبر أن تصريحات بن علي فيها انتقاص لأهمية المؤتمر الذي يعد لإقامته بحضور جمال بن عمر وبرعاية من مجلس التعاون الخليجي، ونقل موقع "عدن الغد" عن نشطاء في الحراك، أن تصريحات محمد علي أحمد الأخيرة تعكس مخاوفه من تقديم قيادات جنوبية في المنفى لجهود سياسية تعود بالنفع على القضية الجنوبية ومحاولة تقديم نفسه وتياره السياسي على أنه الوحيد الممثل للجنوب وصاحب الرأي السديد عقب مشاركته في الحوار. ووجه سياسيون نقدهم ل بن علي، حيث يقول الكاتب في الحراك الجنوبي عبدالله أحمد السياري: "انتقل محمد علي احمد من مرحله غير الآبه برغبة شعب الجنوب في أن لا يشارك الجنوبيون في حوارهم إلى مرحله متقدمه ومؤسفة، وهي محاوله (وتلك فاشلة لا محالة) إحباط آمال الجنوبيين في أن حراكهم تجاه نيل الاستقلال سيعترف به دوليا ويأتي بأكله. ويضيف: "يريدنا محمد علي أحمد أن نعتقد أن لا أمل للجنوبيين إلا عن طريقه هو ومشاركته في الحوار". وأضاف بالقول: "المرحلة الثانية التي انتقل إليها السيد محمد علي احمد استطراد، ونتيجة حتمية للمرحلة الأولى فمحمد علي احمد - بغض النظر عما يتوق إليه الجنوبيون- ينظر لفشل الحوار كفشل له ونجاحه كنجاح له، وفي المقابل ينظر إلى نجاح الحراك بمنأى عن حوارهم فشلاً له، وتلك استنتاجات من قبله كاملة الصحة من منطلق نظرته وتصرفه كنتيجة حتمية لمشاركته في الحوار. ولهذا تجده أنه وأحمد الصريمة يرون في تدويل قضيه الجنوب وحلها خارج إطار حوارهم كابوسا لا يُطاق ففيه نهايتهم حتى ممن يساندونهم الآن في صنعاء، أما نهايتهم السياسية كجنوبيين ذي حظوة فقد انتهت منذ قبولهم ومن ثم دخولهم الحوار- حسب قوله. وتابع قائلا: "لابد أن كلام جمال بن عمر منذ يومين بأن العصيان المدني الجنوبي ذو تأثير، بالغ تجاه زيادة أعداد الجنوبيين المطالبين "بالانفصال" كان مزعجا لمحمد علي احمد ومجموعته، ففيه تأكيد بتأثير العصيان المدني ومن ثم اعتراف ضمني بأن هذا هو طريقهم-وليس الحوار- الذي سيؤدي إلى نجاح مساعيهم (أو هكذا يجب أن يستنتج الجنوبيون من كلام بن عمر). ويتساءل السياري حيث يقول: "وأنا اسأل وماذا يزعج محمد علي احمد في أن يكون هناك مؤتمر برعاية دولية لقضية الجنوب، حتى وإن كان هذا توهماً حسب قوله.. "أليس هذا جيدا لقضية وطنه؟". أما السياسي سالم صالح محمد فقد قال: إنه لا يوجد من يمتلك صك تمثيل الشعب الجنوبي وعدم امتلاك الحلول السحرية للمشاكل المعقدة في الوقت الراهن. وقال "سالم" في رده حول اللقاء المرتقب للقيادات الجنوبية مع المبعوث الاممي جمال بن عمر نهاية الشهر الجاري: "نحن اليوم أمام مفترق طرق.. في أي طريق نختار، وهذا سؤال نوجهه للجميع في الجنوب والشمال ولكافة القيادات في الداخل والخارج. مضيفا: في تقديري الشخصي كيف يمكن أن نساعد بعضنا البعض، وفي الوقت الذي نطلب فيه مساعدة الأشقاء والأصدقاء علينا أن نمد أيدينا لمساعدة بعضنا البعض واحترام آراء الجميع دون إقصاء أو تخوين وتكفير وتهميش وعدم مصادرة حق الآخرين، فيكفينا ما حدث خلال نصف قرن من الزمان. و أوضح "أن اللقاء (الجنوبي - الجنوبي) سوف يستوعب كافة الفعاليات السياسية والاجتماعية دون استثناء للخروج برؤية موحدة وقيادة موحدة تمتلك الحد الأدنى من التمثيل في أي حوار سوف يقام أو أي تفاوض ندي متكافئ بين الأطراف، الذي يخرج باتفاقات ترضي وتلبي مصالح الشعب.