نصائح من كاتب محب لوطنه    الجنوب على مفترق طرق: الشراكة أو الضياع    الذهب عند ذروته: ارتفاع قياسي في الأسعار    الإمارات تدعو مجددًا مجلس الأمن لتحمل مسؤولياته لردع إسرائيل    مقتل 24 شخصا بانفجارات في باكستان    تعرف على هوية الفائز بجائزة الكرة الذهبية 2025    يامال وفيكي يتوجان بجائزة «كوبا».. ودوناروما الحارس الأفضل    ديمبيلي.. المهرج الأنيق يتوج بالكرة الذهبية    بعد 14 عاما.. مارسيليا يُسقِط باريس في ال«فيلودروم»    قوات الإصلاح في تعز تحمي قتلة "افتهان المشهري"    احترام القانون اساس الأمن والاستقرار ..الاجراءات تجاه ماموري الضبط القضائي انموذجا    الرئيس الزُبيدي يلتقي رئيس اللجنة الدولية للإنقاذ ويشيد بجهودها الإغاثية والتنموية في بلادنا    الرئيس الزُبيدي: مشاركتنا في الجمعية العامة للأمم المتحدة لعرض الحقائق على الأرض ونقل تطلعات شعبنا بالاستقلال والسلام    المقالح: الولاية هلاك متعمد لسلطتكم    في عيدها الوطني الحادي عشر .. 21 سبتمبر.. ثورة انتصار الإرادة واستعادة السيادة    في تقرير لها حول استهداف مقر صحيفتي " 26 سبتمبر " و" اليمن ".. لجنة حماية الصحفيين الدولية: "إسرائيل" تحولت إلى قاتل إقليمي للصحفيين    في مهرجان شبابي كشفي شهدته العاصمة صنعاء احتفاءٍ بالعيد ال 11 لثورة 21 سبتمبر..    عبقرية "سورج" مع برشلونة جعلته اقوي جهاز فني في أوروبا..!    الدوري الايطالي: نابولي يواصل انطلاقته المثالية بانتصار مثير على بيزا    حين تُغتال الكلمة.. وداعاً عبدالعزيز الشيخ    تجارب سيادية لا تُنسى: ثروة الجنوب السمكية    جدد موقف اليمن الثابت لنصرة فلسطين .. قائد الثورة: مسارنا الثوري مستمر في مواجهة الأعداء    غموض يكتنف اختفاء شاعر في صنعاء    إلى أرواح أبنائي الشهيدين    رئيس مجلس القيادة يصل نيويورك للمشاركة في اجتماعات الأمم المتحدة    حين يُتّهم الجائع بأنه عميل: خبز حافي وتهم بالعمالة..!    ثورة ال 21 من سبتمبر .. تحول مفصلي في واقع القطاع الزراعي    ريال مدريد لن يرسل وفدا إلى حفل الكرة الذهبية    منارة عدن المنسية.. إعادة ترميم الفندق واجب وطني    صحة بنجلادش : وفاة 12 شخصًا وإصابة 740 آخرين بحمى الضنك    التحويلات المالية للمغتربين ودورها في الاقتصاد    11 عاما على «نكبة» اليمن.. هل بدأت رحلة انهيار الحوثيين؟    وزارة الاقتصاد: توطين الصناعات حجر الزاوية لبناء الاقتصاد    القاتل الصامت يودي بحياة خمسة أطفال من أسرة واحدة في محافظة إب    لقاء تشاوري بين النيابة العامة وهيئة الأراضي لمناقشة قضايا أملاك الدولة بالوادي والصحراء    انتقالي مديرية الضالع يكرم طلاب الثانوية المتفوقين للعام الدراسي 2024/2025    نائب وزير الإعلام والثقافة والسياحة ومدير صيرة يتفقدان أعمال تأهيل سينما أروى بصيرة    صحة البيئة بالمنصورة تشن حملة واسعة لسحب وإتلاف "شمة الحوت" من الأسواق    وفاة خمس نساء من أسرة واحدة غرقا في أبين    عدن.. البنك المركزي يكشف عن استخدامات المنحة السعودية ومستقبل أسعار الصرف خلال الفترة القادمة    خبير طقس: اضطراب مداري يتجه تاثيره خلال الساعات القادمة نحو خليج عدن    هبوط جماعي للأسهم الأوروبية!    اجتماع للجان الفنية لدمج وتحديث الهياكل التنظيمية لوحدات الخدمة برئاسة الحوالي    براءة العلويين من البيع والتنازل عن الجولان لإسرائيل    "إنهم يقومون بكل الأعمال القذرة نيابة عنا"    الراحلون دون وداع۔۔۔    السعودية تسرق لحن زامل يمني شهير "ما نبالي" في عيدها الوطني    عبد الملك في رحاب الملك    التعايش الإنساني.. خيار البقاء    على خلفية إضراب عمّال النظافة وهطول الأمطار.. شوارع تعز تتحول إلى مستنقعات ومخاوف من تفشّي الأوبئة    على خلفية إضراب عمّال النظافة وهطول الأمطار.. شوارع تعز تتحول إلى مستنقعات ومخاوف من تفشّي الأوبئة    الكوليرا تفتك ب2500 شخصًا في السودان    موت يا حمار    العرب أمة بلا روح العروبة: صناعة الحاكم الغريب    خواطر سرية..( الحبر الأحمر )    في محراب النفس المترعة..    بدء أعمال المؤتمر الدولي الثالث للرسول الأعظم في صنعاء    العليمي وشرعية الأعمى في بيت من لحم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إطلالة على الهبة الحضرمية من زاويتها المعرفية
نشر في الوسط يوم 22 - 01 - 2014

بادي ذي بدء نود أن نشير أنه وبقطع النظر عن الحوار عن طبيعة الهبه الحضرمية التي شهدها وطننا بعد طول غياب، فإن تناول المسألة من جانبها المباشر أو بمعنى آخر تناولها من حيث مجرياتها ونتائجها أو من جانبها المعرفي (معطى ثورة) فلا يمكننا أن ننسى أنه طوال مدة من الزمن التي ابتليت حضرموت بالغبن والظلم الذي وتحديداً منذ أن ضُمت قسراً في العام 1967 م إلى ما يسمى حينها بجمهورية اليمن الجنوبية، دون أن يكون لها أو لشعبها رأي في ما كتب حينها عليها، وبعدها وتحديداً في 22 مايو 1990 م زج بها مرة أخرى في وحدة اندماجية مع الجمهورية العربية اليمنية، أطلق عليها دولة الجمهورية اليمنية وتحت دعاوي وحدة اليمن الطبيعية أو عودة الفرع إلى الأصل، كل هذا وحضرموت خارجة السياق (مقهورة الإرادة ) لا تستطيع أن تعلن عن هويتها وكينونتها المسلوبة جهراً، الأمر الذي أدى في نهاية المطاف إلى انفصال المجتمع الحضرمي عن هذه السلطة الغريبة عليه وعلى كينونته وهويته الثقافية، وأصبح هذا شرطاً من شروط السياق للهبة السلمية وهو الذي يفسر ذلك التجانس الذي هو حاصل الآن والذي أصبح عليه المجتمع في هذا الوطن (الحضرمي) في مواجهة سلطة غريبة عليه وإن ادعت بتمثيله غطاء لمصالح تجنيها من خيراته دون أن يكون له ولو النذر اليسير من هذا المعطى الطبيعي لثرواته التي تزخر بها أرضه.
وبناءً عليه فقد أحدثت هذه الهبه على امتداد حضرموت الكبرى من أدناها إلى أقصاها وتداعى معه إخوته في الجنوب مؤييدين، مؤازرين، مسلمين له الراية مقتديين، بأنه هو الرائد وهو صاحب قصب السبق، مسجلا ومدوناً لاختراع حضرمي لم يتم تداوله من قبل وسوف يسجل باسمه وضمن هويته الحضارية المتميزة .
إنه كشكل من أشكال التعبير عن التذمر من وطأة واقع اقتصادي واجتماعي وأمني ما انفك يتأزم يوماً بعد يوم.
وفي هذا الإطار مثل الفشل الذريع للمرحلة الانتقالية على المستوى الأمني وكذا المستويين الاقتصاي والاجتماعي الأرضية الخصبة التي نمى عليها التذمر .
وفي هذا الخصوص علينا أن نعود لاستقراء التاريخ قديمه وحديثه ونقارنه بمسيرة شعوب أخرى كي نقف على أهمية الحرية كمكسب تاريخي وحضاري، إذ هي شرط من شروط النهوض بالحضارات إذا أحسن المجتمع فهمها وإذا تم إشراك النخب في عملية البناء، وتم فتح أفق ثقافي وحضاري للهبة ولم يتم اختزالها عند بعدها المطلبي .
ولكننا على يقين من أن هذه الهبه هي الخطوة الأولى نحو إعادة البسمة على الشفاه الحضرمية كما أنها النواة الأولى نحو إعادة الماضي الزاهي الذي كنا نتفيأ ظله في ربوع وطننا الحبيب دون منغصات وبدون أحقاد لأن اللحمة كانت واحدة، لم تشبها شائبة ولم يطرق بابها معتد آثم ، ولا غريب ٍ عن الديار ، ولكن ولكي تكون البداية صحيحة ومؤسسة وراسخة لن تزعزعها براكين الأرض وزلزالها فإننا نتصور الآتي :
أولاً : إيجاد صيغة توافقية يجمع عليها كل طلائع الشعب الحضرمي وكل فصائله التي شاركت وساندت، ودعمت هبته المباركة .
ثانياً: الانصهار في بوتقة تنظيمية يتوافق عليها الجميع دونما استثناء.
ثالثاً: بلورة المطالب التي تقدمت بها طلائع الهبه بكل مسمياتها مضافا إليها جميع ما يجمع حياض الوطن ويحدد رسم معالمه الحضرمية على كل ذرة رمل من هذه الأرض الطاهرة .
رابعاً: الحفاظ على الثروة - من الطامعين فيها والمتربصين بها- سواء كانت نفطية أو من جميع مصادر أرضنا الطيبة ومياهنا وبحارنا بامتداداتها المتنوعة وأن تؤول حماية هذه الثروة والإشراف عليها إلى لجنة تشكل من جميع طلائع الهبه أو الإطار التنظيمي إذا تم التوافق عليه.
خامساً: إن الهبه السلمية لشعبنا سوف تستمر كحركة نضالية سلمية حاملة للقضية الحضرمية وإن أي معالجة جزئية انتقائية لا تستهدف جوهر الأزمة، فإنها حتماً وبكل تأكيد لن تزيد الأوضاع إلا مزيداً من التعقيد ولن يكون لها أي قبول لدى جماهير شعبنا .
لقد أحدثت هذه الهبه القطيعه المطلوبة، والتي تستطيع أن تمكن المجتمع بكل فئاته من المساهمة في بناء مستقبله وتطويره لا أن تفرض الدولة رؤيتها مهما ادعت أنها ذاهبة لانجاز الوعود التي طالبت بها الهبه ولكن ذلك لم يحصل ولن يحصل في ظل ضعف وقلة حيلة هذه الدولة. وفي هذا السياق نقول إنه مخطئ من يعتقد أن الهبه الحضرمية جاءت ضد الدولة كنظام وقانون وعدالة، بل إنها جاءت ضد غياب الدولة ونقائصها وعدم قدرتها على تحقيق مصلحة العدل والمساواة في المواطنة وإيقاف نهب الثروات من هذا الوطن الذي كان أهله بحاجة إلى خيراته وتنميتها داخل بلادهم، وإذا كان البعض من ذوي النفوذ في صنعاء (اليمن ) يحاول أن يعطي الأمور تفسيراً يتناسب مع هواه ومصالحه الشخصية التي جناها من هذه البلاد بغير وجه حق وهو في حقيقة الأمر لا ينتمي إلى هذه التربة البتة إلا بحكم الضم القسري وفي غيبة من رقابة الشعب الحضرمي صاحب المصلحة الحقيقة في هذا الوطن .
إنه من الخطأ أن يعتقد في اعتبار الهبه الحضرمية مشروعاً مكتملا بذاته، والحال إن الهبه لا تبرمج مسبقا لأن أحد شروطها هو الصبغة الفجائية التي يقف عليها نجاحها، أو بمعنى أصح يعتمد أساس نجاحها الفجائية.
إن الهبه الحضرمية هي حالة قطع بالأساس، وقد حصل القطع في حضرموت من خلال شبه إسقاط للنظام مع بقاء المحافظة على رمز للدولة من خلال النظام الاداري والقانوني إن وجد .
وعلى الرغم من صعوبة الظروف الحالية وخيبات الترويكة وعلى رأسها الأحزاب الحضرمية التي تنتمي لتربة هذا الوطن نهجا ومسلكا وعقيدة فيما يسمى بالمرحلة الانتقالية والتي أوشكت على الانتهاء، فإن الغد واعد لحضرموت الخير والنماء والحضارة والإنسان، وخير ضمان لذلك حركية وحيوية المجتمع الحضرمي الذي عودنا منذُ أن وجد على وجه البسيطة بأنه السباق في فعل الحدث سواء كان في مهجره أو في مسقط رأسه الأول .
انكسار حاجز الخوف :
لقد انكسر حاجز الخوف ولن يعود الزمن إلى الوراء وعلى الجميع أن يتذكروا ذلك فحضرموت ما قبل الهبه ليست ما بعدها وليس بوسع أي سلطة أو متنفيذين داخل السلطة أو خارجها أن تمارس ذات السلوك القديم ولا الدعاوي الكاذبة باسم الوحدة والواحدية النضالية والمصير المشترك لوطن واحد.
لقد كانت حضرموت تعيش في ظل أنظمة تعاقبت عليها عنوة وبالقوة وهي غريبة عنها وعن أهلها وتربتها وهويتها وتمنح النخب الحاكمة القداسة ويتم التعامل معها وكأنها هي الوطن (أي النخب) ومن يتجرأ عليها يعرض نفسه لأشد العقوبة حتى ذكر اسم الوطن الغالي حضرموت يمنع على أهل الديار الحضرمية قوله أو الادعاء بالانتماء إليه باعتبار أن ذلك خروج عن (اليمننة) المفروضة قسراً، هذا إن كان هناك من يتجرأ فعلا في ظل مشاعر الخوف التي كانت تتملك الجميع، فضلا عن جحافل النفاق التي كانت تنشر أفكها ليل نهار .
ولكن كل ذلك لم يدفع شعبنا إلى اليأس ولا قواه الحية الطليعية إلى التراجع والاستسلام، بل واصلت نضالها حتى أوصلته إلى قمته في هبتها النضالية السلمية .
وفي الختام .. ليكن واضحا أن هذه التحولات التاريخية في بلادنا ما كان لها أن تمر بهذه السهولة إلا بالتضحيات التي بذلت و أرواح الشهداء الأبرار وفي المقدمة منهم المقدم (بن حبريش) الذي فجر الشرارة الأولى في دحر الطغيان، وعدم الرضوخ لجحافل الغزاة كائنا من كان، فانكسر بذلك حاجز الخوف ليمنحنا قدرة وحيوية وعزم لا يلين، وهنا لابد من طرح السؤال الآتي: هل أن هذا القطع ضمين لتحقيق الأهداف التي تحرك من أجلها شعب حضرموت في هبته المباركة بعد طول انتظار؟. ذلك يظل مرهون بعوامل أخرى .
12 ‫. يناير . 2014
أ. د . مبارك قاسم البطاطي
وادي دوعن - حضرموت


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.