القائم بأعمال رئيس هيئة مكافحة الفساد يكرم والد الشهيد ذي يزن يحيى علي الراعي    عين الوطن الساهرة (2)..الوعي.. الشريك الصامت في خندق الأمن    زيارة ومناورة ومبادرة مؤامرات سعودية جديدة على اليمن    احتجاج على تهميش الثقافة: كيف تُقوِّض "أيديولوجيا النجاة العاجلة" بناء المجتمعات المرنة في الوطن العربي    إيران تفكك شبكة تجسس مرتبطة بالولايات المتحدة وإسرائيل    بيان تحذيري من الداخلية    اليوم انطلاق بطولة الشركات تحت شعار "شهداء على طريق القدس"    الفساد اليمني.. منظومة لا تُحارب بل تُدار    وزير الإعلام الإرياني متهم بتهريب مخطوطات عبرية نادرة    عسل شبوة يغزو معارض الصين التجارية في شنغهاي    تمرد إخواني في مأرب يضع مجلس القيادة أمام امتحان مصيري    حلّ القضية الجنوبية يسهل حلّ المشكلة اليمنية يا عرب    أبين.. الأمن يتهاوى بين فوهات البنادق وصراع الجبايات وصمت السلطات    الواقع الثقافي اليمني في ظل حالة "اللاسلم واللاحرب"    تغاريد حرة .. انكشاف يكبر واحتقان يتوسع قبل ان يتحول إلى غضب    كلمة الحق هي المغامرة الأكثر خطورة    "فيديو" جسم مجهول قبالة سواحل اليمن يتحدى صاروخ أمريكي ويحدث صدمة في الكونغرس    قاضٍ يوجه رسالة مفتوحة للحوثي مطالباً بالإفراج عن المخفيين قسرياً في صنعاء    قرار جديد في تعز لضبط رسوم المدارس الأهلية وإعفاء أبناء الشهداء والجرحى من الدفع    الهجرة الدولية تعلن استئناف رصد حركة الهجرة في اليمن    الجريمة المزدوجة    مشاريع نوعية تنهض بشبكة الطرق في أمانة العاصمة    ارشادات صحية حول اسباب جلطات الشتاء؟    النفط يتجاوز 65 دولارا للبرميل للمرة الأولى منذ 3 نوفمبر    قراءة تحليلية لنص "خطوبة وخيبة" ل"أحمد سيف حاشد"    انتقالي الطلح يقدم كمية من الكتب المدرسية لإدارة مكتب التربية والتعليم بالمديرية    مواطنون يعثرون على جثة مواطن قتيلا في إب بظروف غامضة    اليونيسيف: إسرائيل تمنع وصول اللقاحات وحليب الأطفال الى غزة    لملس يبحث مع وفد حكومي هولندي سبل تطوير مؤسسة مياه عدن    الحرارة المحسوسة تلامس الصفر المئوي والأرصاد يحذر من برودة شديدة على المرتفعات ويتوقع أمطاراً على أجزاء من 5 محافظات    الحديدة أولا    الاتصالات تنفي شائعات مصادرة أرصدة المشتركين    رئيس بوروندي يستقبل قادة الرياضة الأفريقية    مصر تخنق إثيوبيا دبلوماسياً من بوابة جيبوتي    الشاذلي يبحث عن شخصية داعمة لرئاسة نادي الشعلة    جولف السعودية تفتح آفاقاً جديدة لتمكين المرأة في الرياضة والإعلام ببطولة أرامكو – شينزن    القبض على المتهمين بقتل القباطي في تعز    نائب وزير الشباب والرياضة يطلع على الترتيبات النهائية لانطلاق بطولة 30 نوفمبر للاتحاد العام لالتقاط الاوتاد على كأس الشهيد الغماري    حكاية وادي زبيد (2): الأربعين المَطّارة ونظام "المِدَد" الأعرق    قيمة الجواسيس والعملاء وعقوبتهم في قوانين الأرض والسماء    لصوصية طيران اليمنية.. استنزاف دماء المغتربين (وثيقة)    ريال مدريد يقرر بيع فينيسيوس جونيور    عدن في قلب وذكريات الملكة إليزابيث الثانية: زيارة خلدتها الذاكرة البريطانية والعربية    البروفيسور الترب يحضر مناقشة رسالة الماجستير للدارس مصطفى محمود    5 عناصر تعزّز المناعة في الشتاء!    قراءة تحليلية لنص "خصي العقول" ل"أحمد سيف حاشد"    عالم أزهري يحذر: الطلاق ب"الفرانكو" غير معترف به شرعا    الدوري الايطالي: الانتر يضرب لاتسيو في ميلانو ويتصدر الترتيب برفقة روما    الدوري الاسباني: برشلونة يعود من ملعب سلتا فيغو بانتصار كبير ويقلص الفارق مع ريال مدريد    تيجان المجد    ثقافة الاستعلاء .. مهوى السقوط..!!    الشهادة .. بين التقديس الإنساني والمفهوم القرآني    الزعوري: العلاقات اليمنية السعودية تتجاوز حدود الجغرافيا والدين واللغة لتصل إلى درجة النسيج الاجتماعي الواحد    كم خطوة تحتاج يوميا لتؤخر شيخوخة دماغك؟    مأرب.. تسجيل 61 حالة وفاة وإصابة بمرض الدفتيريا منذ بداية العام    كما تدين تدان .. في الخير قبل الشر    الزكاة تدشن تحصيل وصرف زكاة الحبوب في جبل المحويت    "جنوب يتناحر.. بعد أن كان جسداً واحداً"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إطلالة على الهبة الحضرمية من زاويتها المعرفية
نشر في الوسط يوم 22 - 01 - 2014

بادي ذي بدء نود أن نشير أنه وبقطع النظر عن الحوار عن طبيعة الهبه الحضرمية التي شهدها وطننا بعد طول غياب، فإن تناول المسألة من جانبها المباشر أو بمعنى آخر تناولها من حيث مجرياتها ونتائجها أو من جانبها المعرفي (معطى ثورة) فلا يمكننا أن ننسى أنه طوال مدة من الزمن التي ابتليت حضرموت بالغبن والظلم الذي وتحديداً منذ أن ضُمت قسراً في العام 1967 م إلى ما يسمى حينها بجمهورية اليمن الجنوبية، دون أن يكون لها أو لشعبها رأي في ما كتب حينها عليها، وبعدها وتحديداً في 22 مايو 1990 م زج بها مرة أخرى في وحدة اندماجية مع الجمهورية العربية اليمنية، أطلق عليها دولة الجمهورية اليمنية وتحت دعاوي وحدة اليمن الطبيعية أو عودة الفرع إلى الأصل، كل هذا وحضرموت خارجة السياق (مقهورة الإرادة ) لا تستطيع أن تعلن عن هويتها وكينونتها المسلوبة جهراً، الأمر الذي أدى في نهاية المطاف إلى انفصال المجتمع الحضرمي عن هذه السلطة الغريبة عليه وعلى كينونته وهويته الثقافية، وأصبح هذا شرطاً من شروط السياق للهبة السلمية وهو الذي يفسر ذلك التجانس الذي هو حاصل الآن والذي أصبح عليه المجتمع في هذا الوطن (الحضرمي) في مواجهة سلطة غريبة عليه وإن ادعت بتمثيله غطاء لمصالح تجنيها من خيراته دون أن يكون له ولو النذر اليسير من هذا المعطى الطبيعي لثرواته التي تزخر بها أرضه.
وبناءً عليه فقد أحدثت هذه الهبه على امتداد حضرموت الكبرى من أدناها إلى أقصاها وتداعى معه إخوته في الجنوب مؤييدين، مؤازرين، مسلمين له الراية مقتديين، بأنه هو الرائد وهو صاحب قصب السبق، مسجلا ومدوناً لاختراع حضرمي لم يتم تداوله من قبل وسوف يسجل باسمه وضمن هويته الحضارية المتميزة .
إنه كشكل من أشكال التعبير عن التذمر من وطأة واقع اقتصادي واجتماعي وأمني ما انفك يتأزم يوماً بعد يوم.
وفي هذا الإطار مثل الفشل الذريع للمرحلة الانتقالية على المستوى الأمني وكذا المستويين الاقتصاي والاجتماعي الأرضية الخصبة التي نمى عليها التذمر .
وفي هذا الخصوص علينا أن نعود لاستقراء التاريخ قديمه وحديثه ونقارنه بمسيرة شعوب أخرى كي نقف على أهمية الحرية كمكسب تاريخي وحضاري، إذ هي شرط من شروط النهوض بالحضارات إذا أحسن المجتمع فهمها وإذا تم إشراك النخب في عملية البناء، وتم فتح أفق ثقافي وحضاري للهبة ولم يتم اختزالها عند بعدها المطلبي .
ولكننا على يقين من أن هذه الهبه هي الخطوة الأولى نحو إعادة البسمة على الشفاه الحضرمية كما أنها النواة الأولى نحو إعادة الماضي الزاهي الذي كنا نتفيأ ظله في ربوع وطننا الحبيب دون منغصات وبدون أحقاد لأن اللحمة كانت واحدة، لم تشبها شائبة ولم يطرق بابها معتد آثم ، ولا غريب ٍ عن الديار ، ولكن ولكي تكون البداية صحيحة ومؤسسة وراسخة لن تزعزعها براكين الأرض وزلزالها فإننا نتصور الآتي :
أولاً : إيجاد صيغة توافقية يجمع عليها كل طلائع الشعب الحضرمي وكل فصائله التي شاركت وساندت، ودعمت هبته المباركة .
ثانياً: الانصهار في بوتقة تنظيمية يتوافق عليها الجميع دونما استثناء.
ثالثاً: بلورة المطالب التي تقدمت بها طلائع الهبه بكل مسمياتها مضافا إليها جميع ما يجمع حياض الوطن ويحدد رسم معالمه الحضرمية على كل ذرة رمل من هذه الأرض الطاهرة .
رابعاً: الحفاظ على الثروة - من الطامعين فيها والمتربصين بها- سواء كانت نفطية أو من جميع مصادر أرضنا الطيبة ومياهنا وبحارنا بامتداداتها المتنوعة وأن تؤول حماية هذه الثروة والإشراف عليها إلى لجنة تشكل من جميع طلائع الهبه أو الإطار التنظيمي إذا تم التوافق عليه.
خامساً: إن الهبه السلمية لشعبنا سوف تستمر كحركة نضالية سلمية حاملة للقضية الحضرمية وإن أي معالجة جزئية انتقائية لا تستهدف جوهر الأزمة، فإنها حتماً وبكل تأكيد لن تزيد الأوضاع إلا مزيداً من التعقيد ولن يكون لها أي قبول لدى جماهير شعبنا .
لقد أحدثت هذه الهبه القطيعه المطلوبة، والتي تستطيع أن تمكن المجتمع بكل فئاته من المساهمة في بناء مستقبله وتطويره لا أن تفرض الدولة رؤيتها مهما ادعت أنها ذاهبة لانجاز الوعود التي طالبت بها الهبه ولكن ذلك لم يحصل ولن يحصل في ظل ضعف وقلة حيلة هذه الدولة. وفي هذا السياق نقول إنه مخطئ من يعتقد أن الهبه الحضرمية جاءت ضد الدولة كنظام وقانون وعدالة، بل إنها جاءت ضد غياب الدولة ونقائصها وعدم قدرتها على تحقيق مصلحة العدل والمساواة في المواطنة وإيقاف نهب الثروات من هذا الوطن الذي كان أهله بحاجة إلى خيراته وتنميتها داخل بلادهم، وإذا كان البعض من ذوي النفوذ في صنعاء (اليمن ) يحاول أن يعطي الأمور تفسيراً يتناسب مع هواه ومصالحه الشخصية التي جناها من هذه البلاد بغير وجه حق وهو في حقيقة الأمر لا ينتمي إلى هذه التربة البتة إلا بحكم الضم القسري وفي غيبة من رقابة الشعب الحضرمي صاحب المصلحة الحقيقة في هذا الوطن .
إنه من الخطأ أن يعتقد في اعتبار الهبه الحضرمية مشروعاً مكتملا بذاته، والحال إن الهبه لا تبرمج مسبقا لأن أحد شروطها هو الصبغة الفجائية التي يقف عليها نجاحها، أو بمعنى أصح يعتمد أساس نجاحها الفجائية.
إن الهبه الحضرمية هي حالة قطع بالأساس، وقد حصل القطع في حضرموت من خلال شبه إسقاط للنظام مع بقاء المحافظة على رمز للدولة من خلال النظام الاداري والقانوني إن وجد .
وعلى الرغم من صعوبة الظروف الحالية وخيبات الترويكة وعلى رأسها الأحزاب الحضرمية التي تنتمي لتربة هذا الوطن نهجا ومسلكا وعقيدة فيما يسمى بالمرحلة الانتقالية والتي أوشكت على الانتهاء، فإن الغد واعد لحضرموت الخير والنماء والحضارة والإنسان، وخير ضمان لذلك حركية وحيوية المجتمع الحضرمي الذي عودنا منذُ أن وجد على وجه البسيطة بأنه السباق في فعل الحدث سواء كان في مهجره أو في مسقط رأسه الأول .
انكسار حاجز الخوف :
لقد انكسر حاجز الخوف ولن يعود الزمن إلى الوراء وعلى الجميع أن يتذكروا ذلك فحضرموت ما قبل الهبه ليست ما بعدها وليس بوسع أي سلطة أو متنفيذين داخل السلطة أو خارجها أن تمارس ذات السلوك القديم ولا الدعاوي الكاذبة باسم الوحدة والواحدية النضالية والمصير المشترك لوطن واحد.
لقد كانت حضرموت تعيش في ظل أنظمة تعاقبت عليها عنوة وبالقوة وهي غريبة عنها وعن أهلها وتربتها وهويتها وتمنح النخب الحاكمة القداسة ويتم التعامل معها وكأنها هي الوطن (أي النخب) ومن يتجرأ عليها يعرض نفسه لأشد العقوبة حتى ذكر اسم الوطن الغالي حضرموت يمنع على أهل الديار الحضرمية قوله أو الادعاء بالانتماء إليه باعتبار أن ذلك خروج عن (اليمننة) المفروضة قسراً، هذا إن كان هناك من يتجرأ فعلا في ظل مشاعر الخوف التي كانت تتملك الجميع، فضلا عن جحافل النفاق التي كانت تنشر أفكها ليل نهار .
ولكن كل ذلك لم يدفع شعبنا إلى اليأس ولا قواه الحية الطليعية إلى التراجع والاستسلام، بل واصلت نضالها حتى أوصلته إلى قمته في هبتها النضالية السلمية .
وفي الختام .. ليكن واضحا أن هذه التحولات التاريخية في بلادنا ما كان لها أن تمر بهذه السهولة إلا بالتضحيات التي بذلت و أرواح الشهداء الأبرار وفي المقدمة منهم المقدم (بن حبريش) الذي فجر الشرارة الأولى في دحر الطغيان، وعدم الرضوخ لجحافل الغزاة كائنا من كان، فانكسر بذلك حاجز الخوف ليمنحنا قدرة وحيوية وعزم لا يلين، وهنا لابد من طرح السؤال الآتي: هل أن هذا القطع ضمين لتحقيق الأهداف التي تحرك من أجلها شعب حضرموت في هبته المباركة بعد طول انتظار؟. ذلك يظل مرهون بعوامل أخرى .
12 ‫. يناير . 2014
أ. د . مبارك قاسم البطاطي
وادي دوعن - حضرموت


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.