من التضحيات إلى بناء الدولة.. وثيقة بن بريك نداء اللحظة التاريخية    ورقة قانونية (Legal Paper) قراءة في القرارات الدولية والوضع الجنوبي    فرحان المنتصر: منتخب الناشئين قدم مباراة جيدة لكنه افتقد للحظ    فريق التوجيه والرقابة الرئاسي يلتقي بتنفيذية انتقالي الحوطة بلحج    بينهم أكاديميون ومعلمون وحفّاظ.. مليشيا الحوثي ترهب أبناء إب بحملات اختطاف    هيئة التعليم والشباب والرياضة تشيد بتنظيم البطولة الوطنية لكرة السلة وتتفقد أعمال الصيانة في الصالة الرياضية المغلقة بالمكلا    عرضان لخريجي دورات " طوفان الأقصى "في المحابشة    قيادي انتقالي: المركزي يقود عصابة الصرافين لسرقة المنحة السعودية    اليوم الرابع من الغضب.. «إعصار المشهري» يعصف بإخوان تعز    الرئيس المشاط يعزي في وفاة اللواء عبدالرحمن حسان    محمد الحوثي: الشعب سيمضي مع القيادة حتى الحرية والاستقلال الكاملين    جامعة سبأ تحصد المركز الخامس في البطولة الرابعة للسباحة    الأمانة العامة للإصلاح: المواقف السعودية ستظل محفورة في ذاكرة الشعب اليمني    وقفة نسائية في المحويت بذكرى ثورة 21 سبتمبر    إيطاليا تستبعد الكيان الصهيوني من "معرض السياحة الدولي"    وزارة الإعلام تطلق مسابقة "أجمل صورة للعلم الوطني" للموسم الثاني    قراءة في كتاب دليل السراة في الفن والأدب اليمني لمصطفى راجح    المنحة السعودية المزمع وصولها في مهب افلام المعبقي    صنعاء.. اعتقال قطران ونجله بعد اقتحام منزلهما في همدان    الأمم المتحدة:الوضع الإنساني المتدهور في اليمن ينذر بكارثة إنسانية    الأرصاد يخفض التحذير إلى تنبيه ويتوقع هطولاً مطرياً على أجزاء من المرتفعات والسواحل    الوفد الحكومي برئاسة لملس يختتم زيارته إلى مدينة شنغهاي بالصين    الإصلاح ينعى الشيخ عبد الملك الحدابي ويشيد بسيرته وعطائه    المركز الأمريكي لمكافحة الإرهاب يحذر من تنامي خطر "القاعدة" في اليمن    فخ المنحة السعودية:    التعايش الإنساني.. خيار البقاء    عبد الملك في رحاب الملك    جراح السيلاوي يؤكد جاهزيته لمواجهة قوية في بطولة "الطريق إلى دبي"    ينطلق من إيطاليا.. أسطول بحري جديد لكسر حصار غزة    إصلاح حضرموت ينظم مهرجاناً خطابياً وفنياً حاشداً بذكرى التأسيس وأعياد الثورة    مدرب الاتحاد يفكر بالوحدة وليس النصر    مانشستر يونايتد يتنفس الصعداء بانتصار شاق على تشيلسي    إصابة 8 جنود صهاينة بانقلاب آلية عسكرية    بطولة إسبانيا: ريال مدريد يواصل صدارته بانتصار على إسبانيول    الدكتور عبدالله العليمي يشيد بالجهد الدولي الداعم لتعزيز الأمن البحري في بلادنا    السعودية تعلن تقديم دعم مالي للحكومة اليمنية ب مليار و380 مليون ريال سعودي    شباب المعافر يُسقط اتحاد إب ويبلغ نهائي بطولة بيسان    لقاء أمريكي قطري وسط أنباء عن مقترح أميركي حول غزة    صنعاء.. البنك المركزي يعيد التعامل مع شبكة تحويل أموال وكيانين مصرفيين    مستشفى الثورة في الحديدة يدشن مخيماً طبياً مجانياً للأطفال    تعز بين الدم والقمامة.. غضب شعبي يتصاعد ضد "العليمي"    انتقالي العاصمة عدن ينظم ورشة عمل عن مهارات الخدمة الاجتماعية والصحية بالمدارس    على خلفية إضراب عمّال النظافة وهطول الأمطار.. شوارع تعز تتحول إلى مستنقعات ومخاوف من تفشّي الأوبئة    على خلفية إضراب عمّال النظافة وهطول الأمطار.. شوارع تعز تتحول إلى مستنقعات ومخاوف من تفشّي الأوبئة    الشيخ عبدالملك داوود.. سيرة حب ومسيرة عطاء    بمشاركة 46 دار للنشر ومكتبة.. انطلاق فعاليات معرض شبوة للكتاب 2025    وفاة 4 من أسرة واحدة في حادث مروع بالجوف    إب.. وفاة طفلين وإصابة 8 آخرين اختناقا جراء استنشاقهم أول أكسيد الكربون    المركز الثقافي بالقاهرة يشهد توقيع التعايش الإنساني ..الواقع والمأمون    الكوليرا تفتك ب2500 شخصًا في السودان    الصمت شراكة في إثم الدم    موت يا حمار    العرب أمة بلا روح العروبة: صناعة الحاكم الغريب    خواطر سرية..( الحبر الأحمر )    اكتشاف نقطة ضعف جديدة في الخلايا السرطانية    في محراب النفس المترعة..    بدء أعمال المؤتمر الدولي الثالث للرسول الأعظم في صنعاء    العليمي وشرعية الأعمى في بيت من لحم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اوضح تداعيات أزمة الحكومة من اليمين إلى الاستقالة
في حديث غير صحفي.. بحاح يوثّق لِمَا حصل في أكثر فترات اليمن حرجًا والتباسًا
نشر في الوسط يوم 28 - 01 - 2015

في ظل وضع ملتبس كهذا، تتسيّد فيه التسريبات والكذب الفاجر، كان لا بد من أن نسمع الحقيقة لننقلها كما هي دون تجيير أو تحوير وكان التقائي، لأكثر من مرة، مع رئيس الحكومة المستقيل المهندس خالد بحاح، بمثابة فهم لحقيقة ما جرى ويجري.. ربما كان هذا الرجل الوحيد الذي رحبت به صحيفة "الوسط" سواء حين تم تعيينه وزيرًا للنفط أو رئيسًا للحكومة؛ لمعرفتي الشخصية، ومن خلال مواقف سابقة، بكونه رجلاً لا يُمكن أن يسمح بأن يظل في منصب على حساب التنازل بما يحتّمه واجبات هذا المنصب ومسؤولياته، إلا أنه، ومع ذلك، لم التقِ به حين كان مسؤولاً في منصب، وكان كل ما بيننا مكالمة هاتفية عقب إقالته من منصبه كوزير للنفط في عهد صالح، وتهديده بفضح فساد من تمت إقالتهم.. وأذكر أنه قال: "دعهم يفضحون لكي أقول كل ما عندي".. وبعد ذلك غادر اليمن سفيرًا.
أعترف أن الصورة لم تكن واضحة لديّ، وحين تكلّمنا كثيرًا في هذه اللقاءات، وسمعته يتحدث إلى زواره، وبالذات إلى وفد من مؤتمر الحوار
أدركت حقائق كثيرة، وهو ما كان لا بد أن أتشاركها مع القراء، فيما يسمح به النشر، وأؤكد هنا من أن ما سيُنشر لم يكن حديثًا صحفيًّا بقدر ما هو استجماع لأحاديث دوّنتها إيمانًا منّي بضرورة وصول الحقيقة كما هي دون تحريف.. وللقارئ بعد ذلك أن يحكم.
كان حديث بحاح متوازنًا وغير محرض، مع كل الأطراف التي زارته سواء أكانت داخلية أم خارجية، حريصًا على نجاح الحكومة الذي ستخلُفه، ومتفهمًا لِمَا جرى، وإنْ ليس في سياق ما ينبغي، وإنما بحكم ما تفرضه الثورات أو الانقلابات، إلا أن الموضوع اختلف حين التقى رئيس المجلس السياسي صالح الصماد ومدير مكتب زعيم "أنصار الله" السابق مهدي المشاط، السبت الماضي، باعتبار أنهما معنيّان بسماع كلمات لا تحتمل المواربة أو النفاق.
لقد أوضح لهما أنّ ما حصل في 19 و20 هو انقلاب متكامل الأركان..
وحين ردَّا عليه أنه انقلاب خفيف، أجاب: سمّوه ما شئتم.. انقلاب خفيف أو غيره، ولكن ما أعرفه هو أنه عندما تُحتل رئاسة الجمهورية هو انقلاب، وأركانه ثلاثة عناصر، هي: احتلال رئاسة الجمهورية، احتلال المؤسسات الإعلامية، إعلان البيان رقم واحد، وقد حصل مبكرًا، وأذيع من قِبل السيد عبدالملك في 20 من الشهر، بكلمته التي مثّلت وضوحًا في الاتجاه السياسي، حتى وإنْ أعلن بطريقة مختلفة من خلال كلمة السيد التي لم تُعلن قيام مجلس عسكري، وإنما بفرض الشراكة بالقوة، وهو ما يعني أن الرئيس والحكومة لن يمارسوا مهامهم، وكانت الرسالة واضحة، وهو ما يُمكن التعامل معه كأمرٍ واقع.
واستدرك: ولكن الاعتداء على شخص رئيس الجمهورية إلى منزله وإلى غرفة نومه يُعد - هنا - خروجًا عن العمل من الثوري الى اللا أخلاقي؛ لأنه حتى الثورات لها أخلاقيات، إذ يحصل أن يُغتال الرؤساء في الثورات والانقلابات في ظل الفوضى، إلا أن ما ما حصل كان تجاوزًا لكل شيء.
بحاح جدد نصيحته لزائريه بأن يمسكوا الدولة، وسوف يأتي الآخرون ليطالبوهم بالشراكة.. مشيرًا: أنتم قادرون على تعيين رئيس جمهورية ورئيس وزراء ووزراء، لن يقف أحدٌ أمامكم، ولكن.. هل تستطيعون أنْ تتشاركوا مع مكون أو اثنين أو ثلاثة، لكن في إطار عملية سياسية.. وكل مكون له أسلوبه.. الإصلاح يُمكن أن يجيّش الشارع، والمؤتمر له أسلوبه، ولكن أنتم اليوم في رأس الدولة، وحين عملتم هذه الخطوات المفروض أنكم قد جهزتم خططكم لاحتمالات عدة، إلا أنه، وفيما يبدو، أنكم لم تجهزوا لمثل هذه الخطوات.
وحين تحدّثا من أن ما قاما به القصد منه تحقيق الشراكة، رد عليهما: نحن من نطلب منكم الشراكة؛ كونها صارت لكم بالكامل.
وزاد: وبما أنكم فرضتم هذا الأمر، فيجب أن تديروا الدولة ومعكم مكونات أخرى، وإذا كنتم لا تقبلون بالإصلاح لأي اعتبارات، أمامكم المؤتمر، وهو حزب متمرس بإدارة الدولة، ويمكن أن يكون معكم شريك سياسي، وباعتباره يملك امتدادًا بشريًّا في مختلف البلد، بالإضافة إلى أنه هو الحزب الوحيد الذي يملك ثقافة دولة؛ لأن ثقافة "أنصار الله" ما زالت ثقافة ثورية، مع أني أنصح المكونات أن لا تكون طرفًا، وبالذات الشباب أو المكونات الأخرى، يجب أنْ يخرجوا من المعادلة مؤقتًا.
حين عرضا عليه الاستمرار في الحكومة، والعودة عن الاستقالة بهدوء.. أوضح لهما أن الحكومة جاءت لإصلاح ما نادت به ثورة 21 سبتمبر.. مشبّهً حكومته بالعلاج، أو المضاد الحيوي الذي أعطيت كجرعة معينة للمعالجة، ولكن بعد 22 يناير فإن هذه الحكومة لم تعد ذات فائدة، ولن تضيف شيئًا، لذلك فإن الطبيب حين يسحب جرعة لعدم فعاليتها فإنه يعطي جرعة أكبر منها، ولذا البلد بحاجة إلى مكون سياسي قوي، وحكومة أخرى في الظرف القادم.
وقال: إن الرئيس والحكومة ليس هما من قدما استقالتيهما، بقدر ما كتبها "أنصار الله" في يوم 19 من يناير..
وأشار: حاولنا - قدر ما نستطيع - أن نعتمد الشدة واللين، وكان ممكن أن نتحمل ونستمر، إلا أن ما حدث في 19 يناير قلب المعادلة بشكل كامل، وما حصل لا يعمله عاقل، إذ تم ضرب شخص رئيس الدولة ضربًا غير عادي، وتم إقصاؤه إلى الحد الذي لم أستطع شخصيًّا أن اتواصل معه، وكذلك مستشاريه، وحين انقطعت السبل غامرتُ وخرجتُ إليه، وحدث لي ما حدث من إطلاق كثيف للنار على سيارتي، وكان يمكن أن أُقتل، وشعرتُ حينها أن من الواجب وقف هذه الحرب المجنونة، وكنت خائفًا أن يُغتال الرئيس؛ لأن الضرب كان إلى داخل منزله.
ويضيف: إلا أنه مع ذلك تجاوزنا ما حصل أملاً بأن يعقل الناس، إلا أنه وفي اليوم التالي من يناير 20 تم معاودة ضرب منزل الرئيس، وأصيب وقُتل ما لا يقل عن 32 من حراسته وأسرته.
وأوضح: إلا أنه مع ذلك لم نقدم استقالة الحكومة أو نتعاطى معها بعاطفة، وتحملنا يومي 19 و20 بانتظار صدور البيان رقم واحد، واُعلن - فعلاً - يوم 20..
إبان يوم 22 كانت المكونات السياسية كلها مجتمعة في الموفمبيك بحضور بن عمر، وكان يمكن أن تصدر قرارات بتعيين الصماد نائب رئيس، والمشاط مستشارًا للرئيس، وكان واضحًا أنّ الأمور بدأت تأخذ مسارًا آخر، وبطريقة مختلفة،
وفعلاً أرسلت الاستقالة الساعة السادسة والنصف مساء إلى الرئيس، ونسخة منها إلى المكونات السياسية، وطلب مني الرئيس أن نلتقي، واعتذرت وطلب مني أن نُعلن استقالتي واستقالته معًا، واعتذرت أيضًا.. مؤكدًا: لم يكن هناك أي تنسيق بيني وبين الرئيس، ولا مع بن عمر الذي لم نلتقِ إلا بعد الأحداث، بل إنه على العكس فقد كان يضغط بأن لا نستقيل، إلا أنني كنتُ مصممًا، وبالذات بعد أنْ خرجت الأمور عن السيطرة، ولا نستطيع أن ننجر وراءها.
وزاد: لقد تم الإعلان عن الاستقالة بعد التشاور مع عدد كبير من الوزراء الذين جمعتهم، وشعرتُ بأنه من الممكن أن يستقيل كل وزير على حِدَة، إذ لم يعودوا يتحملون مثل هذا الوضع.
الاستقالة ليست قرارًا عاطفيًّا.. ولن أعود عنها
رئيس الحكومة: استقالتي ليست عاطفية، والعودة عنها مستحيل؛ لأنه من الصعب العمل في هكذا ظروف، وأيضًا لأنه صار لا بد من حكومة مختلفة، وأعتقد أن الأمور بيد "أنصار الله" بالكامل.
وعن تسريبات عدة باحتمال عودته عن الاستقالة ابتسم متعجبًا.. وقال: لقد استغربتُ أن تكون الاستقالة مفاجئة ل"أنصار الله"؛ لأنه كان المفروض أن تكون عندهم خطط لمواجهة أي موقف محتمل.. ولمستُ من خلال متابعتي الإعلامية للقاءات مع قياداتها أنهم لم يكونوا جاهزين، إذ بدوا مرتبكين.
مشكلة البلد لم تعد شمالاً وجنوبًا بقدر ما هي شمال وشمال
وعن رد الفعل الجنوبي الذي بدا جهويًّا وانفصاليًّا.. أوضح: أنا لا أطرح القضية اليوم باعتبارها شمالاً وجنوبًا رغم ما حصل من تمزّق للنسيج الاجتماعي؛ لأن المشكلة اليوم لم تعد (شمال، جنوب)، وإنما صارت (شمال الشمال) مع الجنوب بامتداده الجغرافي، وليس السياسي القديم.
والتمزق حصل أكثر مع محافظات في الشمال مثل تعز وإب؛ لأن ردّة فعل الجنوب كانت طبيعية، ولو لاحظتم بيانات إقليم حضرموت لوجدتموها هادئة، وأقل قوة، وكان رد فعل عدن أقوى؛ لأنها تعاني من احتقانات عدّة، ولكنهم لم يدعوا إلى انفصال، وحصل التأزيم حين بدأ الحصار على الرئيس ورئيس الحكومة والجنوبيين، وبعدها اضطروا لإدخال الحكومة بكاملها في محاولة لإظهار عدم تقصد الجنوبيين، ولكن مع ذلك فإن النسيج الاجتماعي في اليمن كله قد تأثر.
وقال: "أنصار الله" كانوا خائفين من الجنوبيين أن يهربوا، وهي ردة فعل طبيعية في ظروف غير طبيعية كالتي حصلت باعتبار أن الروح الثورية هي الغالبة.
وحول أصل المشكلة وكيف وصلت إلى هذا الحدّ.. قال المهندس بحاح: التمييز العام هو ألا يُستخدم السلاح لفرض قرارات سياسية، وهذا ما يجب أن يتم الاتفاق عليه كمبدأ؛ لأن "أنصار الله" اليوم يمتلكون مليشيات يتم استخدامها، وغدًا المؤتمر أو الإصلاح يمكن أن يستخدم ذات الأسلوب، ولذا فإن الإطار العام الذي يجب أن يكون مرجعية الجميع هو الإقرار بأن نحل قضايانا بوسائل سياسية، وإذا لم نتفق على هذا المبدأ فإن الذرائع ستظل قائمة لكل مكون من أنه لم يتم تنفيذ هذا الشرط، أو ذاك فيقوم بفرضها بالقوة، كما حدث في19 و20 يناير، والذي تُمثل هذا المبدأ.
وزاد توضيحًا في كيفية وصول الأمر إلى هذا الحد من التعقيد.
للأسف "أنصار الله" لم يكن يعنيهم ما تُعاني منه الدولة حين تم تشكيل الحكومة من اقتصاد منهار إلى حدّ أننا كنّا لا نعرف بعد إنْ كنّ سنغطي مرتبات يناير أو لا، بل إلى حدّ أننا لم نستطع أنْ نعد ميزانية 2015.
الرئيس والحكومة ليسا مسؤولان فقط عن صعدة، لدينا 25 مليون إنسان،
في وقت كان الخليج يدعمون الميزانية بنسبة 25%، وتوقفوا، بينما وضْعنا الاستثماري معقّد بسبب ان الشارع يمتلئ بالمسلحين، كما أن الحكومة تشكّلت في ظل وضع غير عادي، ولهذا كنتُ أسمّي الحكومة "حكومة إنقاذ"، وكان همّنا أن ندير العجلة أولاً، وكنتُ أتمنى أن لا تكون أولويات الحكومة هي قضايا اللجان، قضية صعدة، وقضة الجنوب، أو اللجنة الاقتصادية، وحتى المناطق الوسطى شكّلوا لها لجنة، ولكن وبسبب الضغوط علينا كان لا بد أن نقرّها بسرعة.
الخلاف كان بين الروح الثورية ومفهوم الدولة عند الحكومة
وأفاد: تحدثنا مع الجماعة.. ساعِدونا ننتشل هذه الدولة، وهي مسألة انتظار سنة فقط، وكنا نقول: يا صعدة، يا جنوب.. لقد صبرتم سنوات طوال، فقط أتمّوا جميلكم واصبروا عامًا آخر، سيأتي دستور جديد يحلّ كل الإشكالات، ولكن الروح الثورية عند "أنصار الله" كانت غالبة، وهنا كان الخلاف بين الروح الثورية ومفهوم الدولة عند الحكومة، ولذا كانوا مصرين على نفاذ اللجان.
"أنصار الله" كانوا أكثر تركيزًا على حلّ مشكلة صعدة، وهذا طبيعي وليس "غلط"، ولكن المشكلة في الرؤية.. كيف يتحرك "أنصار الله"، وكيف تتحرك الدولة، وهنا حصل الخلاف بين الروح الثورية التي يؤمنون بها وبين روح العمل المؤسسي التي يجب أن تسير فيها الدولة.
صحيح أن الدولة بطيئة، إلا أنها ثابتة، بينما هم يجرون بسرعة، ولكن السرعة تكون قاتلة أحيانًا، وهو ما حصل حين قلبوا البلد بكاملها.
وعن ما يُقال عن تخلي الرئاسة والحكومة عن مسؤوليتهما حين قدما استقالتيهما في هذه الظروف.
وأشار: مع أن المفروض أن نتحدث عن المستقبل، إلا أن الموضوع أكبر من أنْ يتم اختزاله في هذه الصورة البلاغية البسيطة.. الرئيس ليس عبدربه، هو هيبة دولة ورئاسة الجمهورية، هذه الرئاسة تم الاستيلاء عليها، وهذا ليس له إلا محدد واحد.. إنه انقلاب بالمصطلح السياسي.
الحوثيون أشبه بطيّار درس نظريًّا، ولم يمارِس على الواقع.
وفي ما له علاقة بإمكانية نجاح الحوثيين في إدارة السلطة.. شبّه الحوثيين بأنهم مثل الطيّار الذي تعلّم قيادة الطائرة نظريًّا.. وهم ما زالوا في الإطار النظري.. والإخوة "أنصار الله" لن يتعلموا الدرس إلا حين يمسكون بدفة الحكم، وبدون شركاء، وتركيبتهم تميل إلى هذا الخيار.
وتجربة مثل هذه مرّت فيها الدول العربية، وفي اليمن في الخمسينيات والستينيات.
الشراكة مختلفة عندهم، القوميون لم يرضوا بالتحريريين في الجنوب.. الجمهوريون لم يرضوا بالملكيين في الشمال، وتركيبة التيارات الثورية هكذا طبيعتها.. ولذا فإن أحاديث السياسيين عند "أنصار الله" غير أحاديث اللجان الشعبية والثورية، ولذا يجب أن يُمنح "أنصار الله" الفرصة في الحكم، حتى وإنْ حصل عبث يمكن أن نتحمل العبث سنة أو سنتين، وبإذن الله ينجحون، ونحن كمواطنين نتمنى أن ينجحوا، ولا يمكن إلا أنْ نكون داعمين لهم.. والسؤال: هل يريدون أن يكون هناك من المكونات من يكون داعمًا لهم، أم يريدون أن يكونوا لوحدهم، كما هم الآن، وهم وحدهم من يختاروا شركاءهم.
أُحزية البيضة والدجاجة
كنا نطلب - فقط - من "أنصار الله" مساعدتنا بإيجاد محفزات للتنمية من خلال إبعاد المظاهر المسلحة من الشوارع، بينما هم أدخلونا في أُحزية "مَن الأول البيضة أم الدجاجة".. يقولوا استوعبونا أولا في أجهزة الدولة، ومع أن هذه الدولة تم استيعابها على مدى خمسين سنة.. هم يريدون استيعابهم بطريقة عنيفة وسريعة، وهو أمر صعب (اشتراط استيعابنا لنمشي أمر صعب)..
أغلب الحكومة لم تكن محكومة بذهنية ضد أو مع طرف، وكنا نريد أن نمشي بشكل مؤسسي.. وعملية استيعاب الإخوة "أنصار الله" شكلت لها في إطار مصفوفة ضمن لجنة الحكومة صعدة، وكان التخطيط أن يتم خلال شهرين استيعاب كامل النقاط، التي منها استيعابهم في الجيش وغيره، ولكن الإخوة كانوا متسرعين جدًّا، وكل واحد كان يروح إلى الوزارة لينفذ بالقوة وبعساكره، وهو ما أربك المشهد بكامله، حيث اعتبرت اللجان الشعبية واللجان الثورية أنها قادرة على إعطاء توجيهات للحكومة لتكتب هكذا (عليكم تنفيذ عليكم العمل)، ومن هذا كثير.. ولذا كان عليها أن تحدد إما أنْ تتخذ المسار الثوري وتمشي عليه أو أنها تعطي الحكومة استقلالها الكامل، ويكون هناك حوار عبر المكونات السياسية، ويتم التعامل عبر الحكومة، لا أن يأتي كل شخص ثوري وبيده السلاح، ويغلق هذه الوزارة أو تلك.. ومثلاً هناك من تم استبعاد الجنوبيين من الجيش، فهل يمكن أن نعوضه عن عشرين عامًا ضاعت من عمره.
الوضع في اليمن معقد جدًّا
وعن رؤيته للمستقبل أكد رئيس الحكومة، الذي تقدم باستقالته، أن ذلك يعتمد على "أنصار الله" فيما إذا أرادوا أنْ يعملوا ضمن الدستور الحالي ومجلس النواب القائم.. ولاحظتُ أنهم يشككون بشرعيته، وهنا يمكن أن يعملوا في إطار إعلان دستوري، وهو ما يعني انقلابًا، وقد تم، وما تبقى هو أن يشكّلوا مجلسًا رئاسيًّا، ويتشكل إما كاملاً من "أنصار الله"، أو بالتعاون مع المكونات، وخلال أسبوع يكلَّف شخص بتشكيل الحكومة من مكوِّن أو مكونات، ومع أن مهمتها ليست سهلة، وستواجه نفس الصعوبات التي واجهتنا، بل أصعب.. ومَن يقرأ تحليل بيان دول الخليج سوف يعرف أن المهمة صعبة جدًّا.. ميزانية الدولة منذ الستينيات وحتى اليوم كانت تقريبا 100%، ووصلنا إلى حدود 35 % سواء عبر دعم أم قروض، فالوضع القادم سيكون أصعب، وأعبّر عن إشفاقي عليها.
لم أعد لأهرب ولا أنصح الرئيس بالعودة
وختامًا كانت الملاحظة الأخيرة حول عدم استمرار الحكومة لتسيير الأعمال، والذي رد عليها بتعجب، إذ قال: كيف وأنا والحكومة محاصرون من 19 يناير، وما زلت محاصرًا.. البعض يقول: إن رئيس الحكومة سيهرب، ولكن أنا رجعت من الخارج، فلماذا سأهرب، وعلى أي حال إرباك مثل هذا يحصل في المشاهد الثورية، والسؤال: كيف يمكن الخروج بأقل الخسائر، ويجب أن لا نتحدث عن الماضي، والآن على "أنصار الله" أن يعملوا على فك الحصار على الوزراء، وأن يتوقف التصعيد.
وعن عودة الرئيس قال: أتمنى
أن لا يعود، ولا أنصحه بالعودة؛
لأنه قد قدّم الكثير، وأصبح مرهقًا.. ولن يستطيع أنْ يقدّم شيئًا، ويجب البحث عن رئيس آخر لديه طاقة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.