لم تخرج القمة العربية ال 26 في شرم الشيخ (شمال شرقي مصر) عن سابقاتها من قمم عربية "عادية" أو "طارئة"؛ قرارات أُعدت قبل انعقاد القمة وأُعلنت ونُشرت، وخطب وكلمات، وتصفيق، وقبلها "استقبالات" و"قبلات" في التشريفات، و"يبقى الحال على ما هو عليه".. واقع عربي لم يتغير، كل دولة لها سياساتها واستراتيجياتها ومواقفها، وهذا ما ظهر في كلمات الملوك والرؤساء العرب الذين تحدثوا في افتتاحيات القمة؛ حيث دعا هادي لضرب بلاده والتقرب إلى المملكة والخليج بشتم إيران والحوثيين. أما رئيس النظام المصري، فحاول أن يسوق لمشروع قرار "تشكيل قوة عربية"، يحل بها مشاكله الداخلية، ويضمن استمرار الدعم الخليجي، ويشغل الجيش المصري في معارك خارج الحدود بتصدير أزماته.. فيما أكد العاهل السعودي على استمرار "عاصفة الحزم" "حتى تنعم اليمن بالأمن والاستقرار، وقال: "لم نكن نتمنى اللجوء لهذا القرار، وإن الرياض تفتح بابها للقوى الراغبة في المحافظة على اليمن".. ولم يجد أمير الكويت ما يهاجمه سوى الربيع العربي، وقال: "ما يسمى الربيع العربي لم يسفر عنه سوى عدم الاستقرار وتراجع معدلات التنمية". كذلك حال رئيس السلطة الفلسطينية الذي استغل كلمته بالتحريض على "حماس" وتكرار "عاصفة الحزم" في فلسطين. انقطاع الصوت.. وغياب 7 رؤساء شهدت القاعة الرئيسة للقمة العربية في افتتاحيتها عدة مشاهد خطفت الأضواء خلال الجلستين الافتتاحية والأولى، تمت إذاعتهما على الهواء مباشرة، بدأت بانقطاع الصوت خلال كلمات 4 رؤساء، كان أول عطل فني مع رئيس النظام المصري عبدالفتاح السيسي، ثاني المتحدثين في القمة، قبل أن يتكرر بالترتيب مع أمير قطر، ثم الرئيس الفلسطيني، وأخيرًا مع الرئيس الموريتاني، وغياب ممثل سوريا، فضلًا عن غياب 7 رؤساء عن الحضور، وكان ملك الأردن "عبدالله الثاني" هو الزعيم الوحيد الذي لم يتحدث، والسيسي يستبدل هتافه من "تحيا مصر" إلى "تحيا الأمة العربية"، وأمير قطر يشكر مصر على حفاوة الاستقبال، وسوريا "مقعد" بلا ممثل من المعارضة، ولا من النظام. أما الملاحظة الثانية فكانت استقبال السيسي لأمير دولة قطر، بالعناق والقبلات في مطار شرم الشيخ، وهو الاستقبال الذي كشف حفاوة استقبال مصرية بالضيف القطري في مشهد لفت الأنظار بشدة، بعد الحملات الإعلامية الموجهة من النظام ضد قطر قيادة ودولة وشعبًا وسياسة واتهامات بالخيانة والغدر وقضايا أمام القضاء تتهم مرسي بالتخابر مع قطر. - علامات استفهام كثيرة أُثيرت حول غياب الشيخ محمد بن زايد والشيخ محمد بن راشد عن القمة العربية في شرم الشيخ وتخفيض مستوى المشاركة الإماراتية، الذي حضر حاكم الفجيرة، فيما كان لافتًا بمقابل حضور ملوك السعودية وقطروالكويت خفضت الإمارات تمثيلها الدبلوماسي، على نحو غير متوقع، لأسباب مجهولة، فيما حضر حاكم الفجيرة، وأرجعها البعض لخلاف إماراتي سعودي حول ضرب طائرات السعودية لقوات الرئيس السابق علي صالح ونجله اللذين تتحالف معهما الإمارات، بجانب الحوثيين. فيما سيطرت عملية "عاصفة الحزم" في اليمن ومشروع إنشاء قوة ردع عربية مشتركة على أعمال القمة بحضور 22 من الزعماء والقادة العرب، وشدد غالبية القادة في كلماتهم على استمرار هذه العملية ل "إعادة الشرعية في اليمن"، ومحاربة الإرهاب وضرورة تشكيل القوة العربية المشتركة. بيان ختامي جاهز وكعادة القمم العربية، كان البيان الختامي جاهزًا عقب كلمات الرؤساء مباشرة، وتم تسريبه من مصادر دبلوماسية بالمؤتمر لفضائيات بلادها، ولم يأتِ مشروع البيان الختامي، الذي رفعه وزراء الخارجية للقادة، بجديد؛ حيث تضمن الدعوة لإنشاء قوة عسكرية عربية تشارك فيها الدول اختياريًّا، بسبب اعتراض العراق والجزائر؛ حيث رفضت العراق "أي تدخل عسكري من أية دولة في شؤون أية دولة أخرى"، ودعت لاعتماد الحوار سبيلًا للحل. ونص البيان على أن: "تتدخل هذه القوة عسكريًا لمواجهة التحديات التي تهدد أمن وسلامة أي من الدول الأعضاء بناء على طلب من الدولة المعنية". وفيما يتعلق بالأحداث الجارية في اليمن، أيد البيان الختامي الإجراءات العسكرية التي يقوم بها التحالف الذي تقوده السعودية ضمن عملية عاصفة الحزم، مطالبًا الحوثيين بالانسحاب الفوري من العاصمة صنعاء والمؤسسات الحكومية، وتسليم سلاحهم للسلطات الشرعية.