وجه جوهانس فان دير كلاو منسق الإغاثة الإنسانية في اليمن نداء إلى العالم بخصوص اليمن وكشف في مقال له عن المعاناة الإنسانية التي يعيشها الشعب اليمني جراء الحصار الجائر الذي تقوم به المملكة على اليمن ويعد هذا المقال هو الثاني الذي يلفت فيه منسق الشؤون الإنسانية في اليمن نظر العالم إلى ماتعاني منه البلد وبحسب مصدر للوسط فأن جوهانس يكتب هذا لمقال رغم تحذير سابق من منظمته بعدم الكتابة العلنية في هذا الشأن إلا انه لم يستسلم ليكتب هذا المقال الأكثر وضوحا حول تداعي الحصار دون أن ينسى اعلان اندهاشه من قدر الشعب اليمني على الصمود رغم ذلك نص المقال نشهد كارثة إنسانية في اليمن، فالنزاع المتصاعد الذي بدأ في آذار (مارس) دمر حياة الشعب اليمني ليجعل 21.1 مليون مواطناً منهم في حاجة إلى مساعدات إنسانية بما يعادل 80 في المئة من الشعب اليمني برمته. وأثر النزاع في 12 مليون شخص منهم في شكل مباشر بمن فيهم سبعة ملايين طفل. ووصل عدد ضحايا النزاعات إلى 2800 قتيل و12500 جريح، واضطر مليون مواطن إلى الفرار من منازلهم بحثاً عن الأمن والسلامة، وفر من البلاد أكثر من 37 ألف مواطن. ثمة خلف هذه الأرقام العديد من حكايات المعاناة الإنسانية، إذ تمزقت أسر بين الفقدان والنزوح، وأصبح الرجال والنساء والأطفال يخشون على حياتهم، ووصلت معاناة الأسر إلى درجة لا يعرفون فيها السبيل إلى تأمين وجبتهم التالية، ولا يجدون المأوى ولا الماء ولا الدواء. وثمة أسر سخية استضافت عشرات الآلاف من النازحين باتت تشاهد شبكة الأمان الخاصة بها تستنزف. يدهشني ما أشاهده من قدرة لدى الشعب اليمني على الصمود، فعلى رغم أن آليات تكيفهم استنزفت طوال سنين من عدم الاستقرار والإدارة الضعيفة لشؤون الحكم وضعف سلطة وسيادة القانون والفقر الواسع الانتشار، أوصل هذا التصعيد الأخير في العنف المجتمع اليمني إلى حد الانكسار. ومما يزيد من سوء الآثار الإنسانية المترتبة على النزاع المستمر في اليمن وتجاهل القانون الإنساني الدولي، تناقص حجم الواردات التجارية الذي شل حركة البلاد وعرض حياة الملايين إلى الخطر. إن اليمن بلد كان يستورد 90 في المئة من مخزونه الغذائي قبل تصاعد وتيرة العنف. لذا فإن القيود المفروضة على الاستيراد كان لها بالغ الأثر في قدرة المواطنين على توفير الطعام لأسرهم. وارتفع سعر دقيق القمح بنسبة 94 في المئة وسعر السكر بنسبة 147 في المئة وسعر غاز الطبخ بنسبة 316 في المئة. وارتفع سعر الوقود المستخدم في طحن الحبوب الأساسية وعمليات نقل الغذاء بنسبة 1367 في المئة وهو غير موجود في سبعة من أصل 22 محافظة يمنية. تتداعى المرافق الأساسية في كل أنحاء البلاد، ما حرم ملايين اليمنيين من المياه النظيفة وخدمات الصرف الصحي والرعاية الصحية الأساسية. ووردتنا تقارير تفيد بتفشي الأمراض المعدية المميتة، مثل حمى الضنك والملاريا، أما أدوية الأمراض المزمنة مثل السكر والسرطان وارتفاع ضغط الدم، فنفدت. إن اليمنيين في حاجة ملحة إلى المساعدة، وأثر النزاع فيهم سيمتد لأجل طويل، فالدمار الذي لحق بالبنية التحتية المدنية بما فيها المنازل الخاصة، يعني أن سنوات يجب أن تمر حتى وإن انتهى النزاع غداً، قبل أن تكتمل الإصلاحات اللازمة لاستئناف الخدمات الأساسية، ولتعود الحياة الحضرية والريفية إلى سابق عهدها، وليعود النازحون إلى منازلهم، ولتتم عملية حصر وتفكيك الذخائر غير المنفجرة. وما يثير القلق أكثر هو الآثار طويلة المدى التي سيعانيها الأطفال، فالصدمة النفسية وحدها ستكون لها آثار كارثية، إذ ستتزامن مع تعطل النظام التعليمي في اليمن، ما يعني أن 47 في المئة من الأطفال في سن الدراسة هم خارج مقاعد الدراسة. والأسوأ من ذلك هي الإعاقات الجسدية والذهنية المستدامة لدى مئات آلاف الأطفال، والتي لا تمكن معالجتها ما لم يجرِ التحرك الآن للوقاية من سوء التغذية الحاد وعلاجه قبل أن يصبح مزمناً. وأطلق المجتمع الإنساني خطة منقحة للاستجابة الإنسانية في اليمن لمواجهة هذه المعاناة الإنسانية غير المقبولة واللامحتملة. وتسعى هذه الخطة إلى تخفيف المعاناة الإنسانية من خلال التركيز على التدخلات المنقذة للأرواح، خصوصاً تلك التي توفر الأمان الضروري والحماية العاجلة وتوفر الرعاية الصحية والطعام والماء والمأوى الضرورية للأسر المحتاجة والأشد عرضة للخطر. ويعِد شركاء العمل الإنساني لتنفيذ الخطة بزيادة وتيرة العمليات، وزيادة عدد العاملين في المجال الإنساني في البلاد، وتعزيز خطوط الإمداد إلى البلاد. اليمن هو بلد يعتمد على سخاء الأمم في كل أنحاء العالم لمساعدته في وقت شدته الحالي. يجب علينا جميعاً أن ندرك أن العمل الإنساني وحده لا يكفي، فإيجاد حل سياسي للأزمة اليمنية يمكنه أن يضع حداً لأعمال العنف ويوجد معادلة للتقدم المستدام يحتاج إليها اليمن بشدة. نقلا عن الحياة * المنسق الإنساني لليمن.