وصل الرئيس الأمريكي جورج بوش امس الجمعة الى الكويت المحطة الخليجية الاولى ضمن جولته في المنطقة والتي تشمل ايضا البحرين والامارات والسعودية اضافة الى مصر، وشهدت البحرين عشية وصول بوش اليها تظاهرتي احتجاج على الزيارة، وطالب نواب في برلمان المملكة الرئيس الأمريكي ب"وقفة حق" مع القضية الفلسطينية، ونددت جماعة الاخوان المسلمين الاردنية بجولة بوش في المنطقة، واعتبرتها "جولة تلذذ بآلام الشعب الفلسطيني"، واعتبرت إيران ان بوش يزور المنطقة من أجل "خلق أعداء وهميين". وبث التلفزيون الكويتي مشاهد تظهر الرئيس الأمريكي اثر وصوله في طائرته الرئاسية التي اقلته الى الكويت بعد ثلاثة ايام امضاها في "إسرائيل" وزار خلالها الضفة الغربية لساعات معدودة. وكان في استقبال بوش أمير الكويت الشيخ صباح الاحمد الذي عانقه بحرارة. وكان في الاستقبال ايضا ولي العهد ورئيس الوزراء ورئيس مجلس الامة وغالبية كبار المسؤولين. يشتمل برنامج عمل الرئيس الأمريكي في الكويت على عقد محادثات مع الامير، وتفقد القوات الأمريكية المتركزة في الكويت اليوم السبت. ومن المفترض ان يلتقي بوش كذلك عشر ناشطات كويتيات لمناقشة تطور الديمقراطية في الكويت. وكان التلفزيون الكويتي بث في وقت سابق الجمعة شريطا وثائقيا يشيد بالعلاقات الكويتية الأمريكية ووصفها بأنها "استراتيجية" مستذكرا الدور الأمريكي في تحرير الكويت عام 1991. وتؤوي الكويت على اراضيها احدى اكبر القواعد الأمريكية في المنطقة، وهي معسكر عريفجان الذي يشكل مقرا لحوالى 15 الف عسكري أمريكي. وتستخدم القوات الأمريكية الكويت نقطة عبور لجنودها من والى العراق. إلا ان الكويت، شأنها شأن باقي دول الخليج، قلقة حيال امكانية سعي بوش الى تجنيد الدعم للقيام بعمل عسكري ضد إيران بالرغم من قلق الخليجيين ازاء البرنامج النووي الإيراني وازاء تنامي نفوذ الجار الاقليمي. وكان مسؤولون كويتيون كبار، بمن فيهم وزيرا الخارجية والدفاع، اكدوا ان الكويت لن تسمح لواشنطن باستخدام اراضيها لشن ضربة ضد طهران. وقبيل وصول بوش امس، وجهت بعض الصحف الكويتية انتقادات لاذعة للرئيس الأمريكي. وكتبت صحيفة "الرأي" الكويتية في افتتاحية على صفحتها الاولى "يا فخامة الرئيس، المنطقة تريد مبادرات ذكية لا قنابل ذكية". اضافت ان المنطقة "تريد تكنولوجيا عابرة للقارات لا صواريخ عابرة للقارات، تريد اتفاقات علمية واقتصادية وتجارية ومالية لا صفقات تسليحية، تريد للسياسة الأمريكية ان تستعيد المبادئ التي جرفتها المصالح". البحرين المحطة الثانية في جولة بوش الخليجية والتي سيصلها اليوم السبت، شهدت أمس الجمعة تظاهرتين صغيرتين نظمهما ناشطون في منظمات شبابية امام مكتب الامم المتحدة في المنامة وفي قرية الدراز غرب المملكة احتجاجا على الزيارة المرتقبة. وتجمع عشرات من ناشطي ست جمعيات شبابية بحرينية وهم يحملون لافتات مناوئة للولايات المتحدة في اعتصام قصير امام مكتب منظمات الامم المتحدة، وبعضها حمل شعارات مثل "جورج بوش قاتل الابرياء" و"التحية للمقاومة في العراق وفلسطين". وجاء في بيان للمنظمات الشبابية تلي اثناء الاعتصام "ان المنظمات الشبابية ترى ان اللاعب الرئيسي في اشعال فتيل الأزمات في الشرق الاوسط هي الادارة الأمريكية التي تدعم خلال نصف قرن ونيف الكيان الصهيوني دعما غير محدود مستخدمة حق النقض عشرات المرات للتغطية على المجازر والجرائم "الإسرائيلية" بحق الشعب الفلسطيني". اضاف "اما على المستوى الاقتصادي فيأتي تأجيج نيران الحرب لابتزاز آخر للمنطقة عبر صفقات الاسلحة التي تستهلك فائض الموازنات المكتسب جراء ارتفاع اسعار النفط". وفي الدراز غرب العاصمة المنامة انطلقت تظاهرة ضمت نحو 200 شخص بعد صلاة الجمعة ورددت هتافات معادية للولايات المتحدة و"إسرائيل" مثل "الموت لأمريكا" و"الموت لإسرائيل". وقال المجلس الاسلامي العلمائي، في بيان تلقت وكالة فرانس برس نسخة منه "الامة لا تعيش الترحيب ولا القبول بهذه الزيارة التي لن تكون الا لتكريس واقع الغطرسة والهيمنة الاستكبارية" واعتبر الولايات المتحدة "رأس كل بلاء وشر وطغيان". وطالبت جمعيات سياسية بحرينية "برفض اي طلب للتطبيع مع إسرائيل" او "شن حرب على إيران" ودعت حكومات المنطقة الى عدم الانصياع لما أسمته "املاءات الرئيس الأمريكي بوش المتعلقة بالترويج لشن ضربة عسكرية على إيران". لكن حركة "حق" المعارضة التي قاطعت انتخابات ،2006 حاولت ان تتخذ موقفا اكثر براغماتية من الزيارة. وقال المتحدث باسم الحركة عبدالجليل السنكيس لوكالة فرانس برس "يقال ان الرئيس الأمريكي آت الى المنطقة لمباركة المشروع الأمريكي للديمقراطية. نريد ان نقول له ان لا ديمقراطية في البحرين". وسلمت الحركة الخميس السفارة الأمريكية رسالة طالبت فيها الرئيس الأمريكي بدعم "نضال البحرينيين للعيش بعزة وكرامة بعيدا من التهميش والقمع". وطالبت ايضا بالمساعدة على "احباط المؤامرة لتغيير التركيبة الديمغرافية" للبلد عبر عمليات تجنيس مفترضة. وأعلن الامين العام لجمعية العمل الوطني الديمقراطي "وعد" ابراهيم شريف ان جمعيات سياسية ومؤسسات مجتمع مدني ستعتصم ظهر السبت امام السفارة الأمريكية احتجاجا على سياسات الولايات المتحدة والزيارة، واشار الى ان المسؤولين الأمنيين وافقوا على المظاهرة السلمية. وكان عشرون نائبا قد اصدروا بيانا طالبوا فيه بوش ب"وقفة حق" مع القضية الفلسطينية، وان يتجنب محاولات العبث بأمن البلاد العربية والاسلامية، والنأي عن المخططات الجديدة الضارة المعلن عنها والخفي. واشار النواب في بيانهم الى ان العالم اصبح اكثر اضطرابا وصراعا وحروبا منذ ان تولى بوش الرئاسة الأمريكية. وفي الاردن نوه المراقب العام لجماعة الاخوان المسلمين سالم الفلاحات الى ان زيارة بوش جاءت في وقت تتوسع فيه المستوطنات امعانا في ايذاء مشاعر المسلمين والعرب وتعميقا لجراح الفلسطينيين، ودوسا على آلام المشردين والمحاصرين والمختطفين من ابناء الشعب الفلسطيني. وقال الفلاحات "ان بوش رئيس العنجهية الدولية آثر ألا ينهي حياته السياسية الا بهذا التلذذ بمراقبة مآسي الشعب الفلسطيني بدلا من انصافه او التوقف عن دعم الكيان الغاصب"، واعتبر الزيارة تأكيدا على رغبة بوش في اسباغ الشرعية على الاحتلال والغاء القرارات الدولية والانقلاب على الشعارات الأمريكية مثل العدل والحرية ومناصرة حقوق الانسان. الى جانب ذلك، قال ممثل المرشد الاعلى الإيراني في مجلس الامن القومي علي لاريجاني ان جولة بوش في المنطقة تهدف الى خلق اعداء وهميين، بعد ان استقر في يقين الجيران العرب ضرورة اعادة ترميم المنطقة والنأي بها عن اي قلاقل او اضطرابات او توترات تزعزع استقرارها وأمنها.