عاد الهدوء للحالمة عدن وأناسها وشوارعها الغارقة في لوحاتها الملفتة ، و المناظر الموزعة عبر شواطئها وأزقتها التي لفّ عليها يوما ما وحش اليأس يوم 13 يناير 1986م ،وأراد أن يكرر ذات السيناريو يوم أمس أكدت هذه المدينه الجميلة المتسعة اتساع وحدة 22 مايو 90 عصيانها على كل متربص لفتنة كان يراد لها أن تتجدد . استحضرت الحالمة عدن وأبناءها أمس وحولهم كل اليمنيين الشرفاء مراتب التاريخ بأبطالها و شجعانها منذ آلاف السنين ، ليصفع أبنائها وبوعيهم الدائم كل متربص دائم باحث عن نتوءات مشوِهة و انحناءات صارخة منفرة. ومع سعات مساء الأحد كانت ولا تزال عدن وأبناءها وكل اليمنيين ذلك الدرس الذي يستعصي على البعض فهمة وهو استحالة العودة بواقع مليء بالبهجة والانجاز والتطور والحرية والكرامة، الى واقع دامٍ ومشئوم مقترن بالموت والسحل والفزع والنهب والتخريب والتدمير لكل شيء.» معتبرة أن من يتوهم أو يعتقد بأن التاريخ سينسى من اقترف تلك الأعمال المشينة هو خاطئ. حرب البيانات بين الاحزاب وفيما عادت عدن لهدوئها الجميل بعد فتنة كان لإيراد لها أن تغتفر على مر التاريخ بأيادي لطخت بدماء الأبرياء والشهداء في 13 يناير 86 ، خرجت الأحزاب والقوى السياسية اليمنية لحرب البيانات والاتهامات المتبادلة عن تلك الفتنة التي انطفئت بوعي أبناء عدن الشرفاء مع انها خلفت قتيلين و14 مصابا. وقبل ذلك تبادلت الأجهزة الأمنية واللجنة المنظمة والمختلفة في آن معا لمهرجان -في ذكرى مذبحة 13 يناير 86 –ويمثلها الحزبين الرئيسيين في المشترك (الاشتراكي اليمني والاصلاح "الاخوان المسلمين في اليمن" من جهة وقيادات المتقاعدين والتصالح والتسامح التي تمثل حركة تاج الداعية لانفصال الجنوب عن الشمال من جهة أخرى نتيجة محاولة كل طرف تصدر قيادات الفعالية وفرض رؤيته وخطابه السياسية عليها، تبادلت الاتهامات حول المتسبب في إطلاق النار وقتل مواطنين في الفعالية وجرح 14 أخرا حسب أنباء مؤكدة من السلطة المحلية بعدن. مع مساء اليوم كانت حرب البيانات قد بدأت فالأمانة العامة للحزب الاشتراكي اليمني ومكتبه السياسي وبشكل منفرد عن تكتل اللقاء المشترك المعارض قالت ان قمع الأمن لجماهير التصالح والتسامح بعدن "عملاً إجرامياً بشعاً وإضافة جديدة إلى مجموعة الأعمال المغامرة التي ارتكبتها السلطة ولاتزال بحق الحركة الاجتماعية السلمية في المحافظات الجنوبية وبقية المحافظات اليمنية". وتقدمت أمانة الاشتراكي العامة ومكتبه السياسي بالعزاء والمواساة "لذوي قتلى وجرحى الاعتداء السلطوي الغاشم ضد فعالية التسامح والتصالح". ودعا الاجتماع المشترك برئاسة أمين عام الاشتراكي الدكتور ياسين سعيد نعمان "أعضاء الحزب وكوادره إلى التحلي بروح الجسارة الوطنية المعروفة لديهم والالتحام الوثيق بالحركة الشعبية الاجتماعية والتواجد المتواصل في مقدمة كافة الفعاليات السلمية بدون تردد والعمل على تعزيز هذا الحراك التاريخي وتوسيعه إلى كافة المناطق اليمنية لتشكيل حركة نهوض سياسية واجتماعية وطنية سلمية شاملة، تجبر السلطة على الرضوخ لمطالب الشعب". وقال بيان صدر عن اجتماع أمانة الاشتراكي ومكتبه السياسي يوم الأحد إن قمع السلطة لمهرجان التصالح والتسامح بعدن يؤكد أنها "لاتمتلك مشروعاً سياسياً وطنياً، يقدم الحلول للمشكلات التي تطرحها الحركة الاحتجاجية السلمية إنما تحمل مشروعاً للهيمنة والقوة وانتهاك القوانين والحقوق المشروعة". وأضاف أن مشروع السلطة "ليس دفاعاً عن الوحدة كما تزعم (السلطة) زوراً وبهتاناً وإنما دفاعاً عن المصالح غير المشروعة التي كونتها فئة ضئيلة من الفاسدين والمتنفذين جراء أعمال الفيد ونهب الأراضي والسطو الهمجي على الممتلكات العامة والخاصة وتحويل الثروات الوطنية إلى ملكيات خاصة في واحدة من أكثر الأعمال جشعاً وبشاعة في إساءة استخدام السلطة". وتابع البيان القول: لقد غدرت سلطة النهب والفيد بالمشروع الوطني الديمقراطي الذي جاءت به وحدة 22 مايو 90 ومنذ نهاية حرب صيف 94، نفذت بدأب سياسات غير وطنية تقوم على ضرب كافة أشكال الشراكة الوطنية في السلطة والثروة وتدمير أجهزة الدولة الجنوبية السابقة وطرد موظفيها المدنيين والعسكريين والسطو على الحقوق والممتلكات وممارسة أشكال فجة من التمييز في المواطنة وتكريس قيم التخلف وإثارة كل أشكال الصراعات والعنف وإحياء النزاعات القديمة والتصدي لمساعي التصالح والتسامح". وقال البيان إن السلطة تسعى من خلال تلك الممارسات إلى تمزيق النسيج الوطني الاجتماعي "معتقدة أن تمزيق الشعب وإشغاله بالصراعات وأعمال الانتقام والثأر سيمكنها من التحكم برقاب الناس ومصائرهم إلى الأبد". وعبر الاجتماع المشترك للأمانة العامة والمكتب السياسي عن دعمه لفكرة التصالح والتسامح "باعتبارها عملاً نبيلاً وخطوة نحو إشاعة ثقافة التسامح على صعيد الوطن اليمني كله وتحقيق مصالحة وطنية شاملة، تخرج البلاد من مأزق الصراعات وآثار العنف والحروب". span lang="AR-YE" style="FONT-FAMILY: "Simplified Arabic"; mso-bidi-language: AR-YE"ولم ينسى البيان ان يهنئ جماهير الشعب اليمني في الداخل والخارج بالسنة الهجرية الجديدة قائلاً إن الهجرة النبوية "مثلت انعطافاً حاداً في التاريخ البشري". وبالمقابل دان المؤتمر الشعبي العام (الحزب الحاكم في اليمن )الأعمال التخريبية التي جرت في محافظة عدن بمناسبة وصفها المؤتمر بالمفتعلة التي كان يفترض أن تحترم بالسكينة والوقار وليس بالفوضى ومحاولة الانهيار. وقالت الأمانة العامة للمؤتمر الشعبي في بيان صادر عنها :إن تلك الدموع التي تحاول أن تذرف على شهداء 13 يناير كان يمكن أن توفر دون أن يصاب شهداء و جرحى جدد يتحمل مسئولية وقوعهم أولئك المتورطون في هذه الأحداث. وأشارت الأمانة العامة إلى حرص الحكومة على توفير كل السبل لتجنب أي صدام أو فوضى أو إنزلاق إلى المخاطر وذلك بالسماح للذين يريدون أن يعبروا عن وجهة نظرهم بهدوء وسكينة تامة دون إقلاق لأمن وطمأنينة الناس في محافظة عدن الذين قال البيان :إنهم أفزعوا و خوفوا وأرهبوا مما جعل البعض منهم يستقرون في منازلهم دون الذهاب إلى مقار أعمالهم... فضلاً عن تعطيل التعليم في عدد من المدارس بسبب العمليات الإرهابية والدعايات السوداء من قبل القوى الظلامية ..متسائلاً: فمن المسئول عما جرى ؟ ولماذا جرى ؟ وطالب المؤتمر الشعبي العام بمحاسبة المتسببين في خلق الفوضى التي سمحت لقوى التخريب أن تنال من أموال الناس وأرواحهم وممتلكاتهم حساباً عادلاً . وشدد بيان الأمانة العامة للمؤتمر على ضرورة أن تكون إجراءات التحقيق سوية وصادقة وعادلة ومعلنة دون أي حيف أو إجحاف أو فرضيات مسبقة ،مشيراً إلى أن الواقع الملموس والصورة المظلمة يظهران بأن تلك الأعمال قد تمت بتدبير متعمد وسبق ترصد وهو ما ينبغي أن تخضع كل تلك الأعمال للقانون والنظام لما تظهره على نحو واضح من تخريب وعبث بالأمن والسلام الاجتماعي. وفي الوقت الذي أشاد فيه المؤتمر الشعبي العام بدور أبناء مدينة عدن الذين عبروا عن رفضهم لمثل تلك الأعمال والممارسات طالب جماهير الشعب اليمني أن تكون على يقظه تامة وألا تسمح للغوغاء والمنحرفين وفاقدي الإحساس والضمير بأن يضروا بمصالحهم وينالوا من حقوقهم ويعطلوا أنشطتهم التنموية والاقتصادية أو التخريب والنيل من بناءهم الوطني الوحدوي العظيم . الى ذلك اكتفى حزب الاصلاح (الاخوان المسلمين ) الذي يرئس اللقاء المشترك بتصريح للقيادي الاخواني محسن باصرة نائب رئيس اللجنة التنفيذية لأحزاب اللقاء المشترك الذي قال : لبينا في قيادة أحزاب اللقاء المشترك دعوة الإخوة في هيئة التصالح والتسامح لحضور المهرجان الوطني التضامني التصالحي الذي أقيم في ساحة الهاشمي في ميدنة عدن, إلا أننا فوجئنا عند الساعة 11.30 بالاحتكاك المباشر بالمشاركين, أطلق خلالها الرصاص الحي والقنابل المسيلة للدموع، وقد سقط جراء ذلك شهيدان وعدد من الجرحى. وأضاف باصرة: كنا نأمل من السطلة أن ترعى مثل هذه الخطوات التصالحية وشطب تاريخ الماضي المؤلم لكنها بدلاً عن ذلك استعدت بإطلاق النار الحي والمباشر. وفيما عزى باصرة إسر الشهداء والجرحى, أكد ان حركة النضال السلمي بدأت ولن تنتهي إلا بانتزاع كافة الحقوق. نتائج التحقيقات للسلطات المحلية بعدن وفي سياق نتائج التحقيقات للشغب الذي حدث قال مدير امن محافظة عدن انه تم اعتقال 151 شخصاً ألقي عليهم القبض في اماكن مختلفة في السواحل واماكن مشبوهة وهم لا يمتلكون ما يثبت هوياتهم وتم التحفظ عليهم عليهم 24 ساعة للتحقيق معهم ومعرفة هوياتهم, مشيراً إلى انه تم اطلاقهم مع إبقاء 11 منهم كانت حركاتهم مشبوهة. اوضح ذلك في المؤتمر الصحفي الذي عقد مساء الأحد الاثنين الامين العام للمجلس المحلي بمحافظة عدن ومدير امن المحافظة, وتطرق عبدالكريم شائف فيها الى الاحداث التي شهدتها المحافظة عشية عقد مهرجان التصالح والتسامح الذي نظمته جمعيات المتقاعدين واحزاب اللقاء المشترك والفعاليات السياسية والمدنية في المحافظات الجنوبية, وذكر ان طلب الترخيص الخاص بإقامة المهرجان لم يصل اليهم الا عند الساعة الثانية عشر من اليوم السابق لاقامة المهرجان وان الترخيص الذي منح لهم جاء استشعارا لواجب المسئولية تجاه حق التعبير وقد حددت لهم 3 مواقع مختلفة لاقامة المهرجان هي ملعب الشيخ عثمان وملعب المنصورة وملعب 22 مايو بإعتبار انها اماكن مناسبة لإقامة مثل هذه المهرجانات. وأستدرك "ولكنهم أصروا على اقامته في فرزة الهاشمي رغم ما لهذا المكان من تبعات وأضرار بحركة السير وعمل الاخرين وسهولة تجمع الناس فيه وجاء قرار السماح لهم باقامة تلك الفعالية في ذلك المكان من قبل اللجنة الامنية العليا بالمحافظة حرصا منها على منحهم فرصة التعبير في ذالك المكان". وردا على سؤال من قبل احد الصحفيين عن من يتحمل نتائج ماحدث تجاه سماحهم لإقامة تلك الفعالية في ذلك المكان, أشار شائف الى ان اللجنة الامنية العليا هي من منحتهم ذالك, متطرقا الى ان الفعالية تمت بنجاح حتى النهاية ولولا مغادرة قادة تلك الفعالية المكان وتساهل الجهة المنظمة واللجان التنظيمية فيها, ماكان ليحدث ماحدث, مشيرا الى اصابة 7 اشخاص واثنان من رجال الامن اصابة احدهما بليغة جدا حد قوله بعد ان تعرضوا للإعتداء من قبل الجمهور فى محاولة لتجريدهم من السلاح. وأدى ذلك العراك والمهاترة بالسلاح - حسب توضيحات مدير امن عدن - الى حدوث اطلاق نار عشوائي نجم عنه اصابة ومقتل من قتل", مؤكداً ان من اصيبوا وقتلوا لا علاقة لهم بالفعالية, وقال شائف ان السلطة المحلية بادرت بالرعاية للقتلى وإسعاف المصابين والجرحى وتقديم المواساة لأسر القتلى, مشيراً إلى ماأعتبره "وجود تعبئة خاطئة من بعض القوى", وأضاف "وهناك توظيف للقضايا الوطنية لخدمة مصالح حزبية ضيقة وعلى حساب الأبرياء بإستغلال سيء منها للمناخ الديمقراطي الذي يشهد تطورا ملموسا". وقدم شائف شكره لابناء عدن الصابرين في تحملهم لأعباء هذه الاحتفالات التي تؤثر على سكينتهم و أمنهم وهدوءهم وأعمالهم, ووجه النصائح لمن وصفهم "دعاة الفتن الى الابتعاد عن الافكار الهدامة", مذكرا اياهم بأحزان الماضي وصنوف وانواع المآسي بسبب التفرقة, وأضاف "الشعب اليمني ونتيجة للأمن والهدوء الذي يعيشه البلد على مدى السنوات السابقة حقق الكثير من التقدم والتطور والتنمية", والتي اعتبرها ثمرة جهود القيادة السياسة والسلطة المحلية.