الانتخابات نظام متكامل يعنى بتحقيق مبدأ التداول السلمي للسلطة وتمكين الشعب من اختيار حكامه ومراقبتهم ومحاسبتهم واستبدالهم ، وذلك جوهر نظام الحكم الديمقراطي التعددي، وبدون ذلك لا معنى للحديث عن نظام ديمقراطي تعددي وقد نص الدستور في المادتين (4،5) على ذلك. مادة (4): الشعب مالك السلطة ومصدرها، ويمارسها بشكل مباشر عن طريق الاستفتاء والانتخابات العامة، كما يزاولها بطريقة غير مباشرة عن طريق الهيئات التشريعية والتنفيذية والقضائية وعن طريق المجالس المحلية المنتخبة. مادة (5): يقوم النظام السياسي للجمهورية على التعددية السياسية والحزبية وذلك بهدف تداول السلطة سلمياً... الخ والانتخابات نظام عام تتفرع عنه أنظمة جزئية تسمى بمجموعها (المنظومة الانتخابية)، وكمدخل للحديث عن جوهر الاختلال في المنظومة الانتخابية نحدد أولا مكونات المنظومة الانتخابية وهي: 1. التقسيم الإداري والانتخابي. 2. سجلات قيد الناخبين. 3. الإدارة الانتخابية. 4. النظام الانتخابي. 5. التشريعات الانتخابية. 6. الثقافة الانتخابية. من خلال هذه الورقة سنتطرق –إن شاء الله- بصورة إجمالية إلى ابرز مظاهر الاختلال في كل من هذه المكونات ، ليتسنى لنا بعد ذلك الحكم على مدى تلبية المنظومة الانتخابية بوضعها الحالي على تجسيد المبادئ الدستورية سالفة الذكر والتي تمثل جوهر النظام السياسي التعددي. أولا: مظاهر الاختلال في التقسيم الإداري والانتخابي: ففي إطار التقسيم الإداري: نصت الماد (145) من الدستور على: تقسم أراضي الجمهورية اليمنية إلى وحدات إدارية، يبين القانون عددها وحدودها وتقسيماتها والأسس والمعايير العلمية التي يقوم عليها التقسيم الإداري، كما يبين القانون طريقة ترشيح وانتخاب أو اختيار وتعيين رؤسائها، ويحدد اختصاصاتهم، واختصاصات رؤساء المصالح فيها. ونصت المادة (6) من قانون السلطة المحلية رقم (4) لسنة 2000م على: يقوم التقسيم الإداري للجمهورية على دراسات علمية لجملة من العوامل والمحددات تستهدف ترسيخ وتعزيز الوحدة الوطنية والنماء الاقتصادي والأمن والسلام الاجتماعي وتتمثل هذه العوامل في الآتي: أ- العوامل السكانية. ب- العوامل الاقتصادية. ج- العوامل الاجتماعية. د- العوامل الجغرافية والطبيعية. فكما نلاحظ أوكل الدستور تحديد معايير التقسيم الإداري إلى القانون الذي نص على أربعة معايير فضفاضة وغير محددة الأمر الذي ترك الباب مفتوحا لتفصيل التقسيم بصورة اثر ت فيها المصالح السياسية ومصالح القوى التقليدية التي تتعامل مع بعض مناطق البلاد بلغة التملك للأرض والبشر والحجر ، ويمكن أن نأخذ بعض الشواهد على ذلك. (أ) اختلال المعيار السكاني: أكدت البيانات المعلنة للتعداد السكاني 2004م على مستوى المديريات الاختلال القائم في المعيار السكاني حيث نجد ان مديرية (زمخ ومنوخ) في محافظة حضرموت تعدادها السكاني حسب 2004م 1520 مواطن بينما مديرية (المكلا) في نفس المحافظة تعدادها 187072 ، وكلا المديريتين ممثله في مجلس المحافظة بالتساوي !! وكذلك مديرية (كمران) بمحافظة الحديدة تعدادها 2512 ، بنما مديرية (بيت الفقيه) من نفس المحافظة تعدادها 242086 ، وكلا المديريتين لهما نفس التمثيل في مجلس المحافظة. (ب) اختلال المعيار الجغرافي: اما من الناحية الجغرافية فانك ترى في تقسيم المديريات العجب، فلن نشير هنا التعسف في رسم حدود المديريات ودخول أجزاء من ميرية في أخرى او أخريات وإنما نشير الى وجود مديريات مكونه من اكثر من كتلة جغرافية منفصلة تماما عن الاخرى، منها على سبيل المثال، مديرية القناوص في محافظة الحديدة مقسمة الى اربع كتل جغرافية منفصلة ، ومديرية ولد ربيع بمحافظة البيضاء مقسمة الى ثلاث كتل منفصلة ، وتجد مديريات مقسمة الى كتلتين مثل ، مديريتي الحزم والقفر من محافظة اب ، ومديريتي صبر الموادم والمسراخ بمحافظة تعز ، ومديرية الصفراء بمحافظة صعده ، ومديرية الطيال بمحافظة صنعاء ، ومديرية حجه بمحافظة حجه ، ومديريتي السوادية وردمان بمحافظة البيضاء . أما في إطار التقسيم الانتخابي : فقد جاء في المادة (63) من الدستور: يتألف مجلس النواب من ثلاثمائة عضو وعضو واحد، ينتخبون بطريق الاقتراع السري العام الحر المباشر المتساوي ، وتقسم الجمهورية إلى دوائر انتخابية متساوية من حيث العدد السكاني مع التجاوز عن نسبة (5%) زيادة أو نقصاناً وينتخب عن كل دائرة عضو واحد. وجاء في المادة (24) في سياق الحديث عن مهام اللجنة العليا واختصاصاتها، الفقرة (أ) : " تقسيم الجمهورية إلى دوائر انتخابية وتحديدها على أساس مبدأ المساواة بين السكان مع مراعاة العوامل الجغرافية والاجتماعية ويصدر بذلك قرار جمهوري". نلاحظ من خلال نصوص الدستور والقانون أن المعيار السكاني هو الأساس الذي يقوم عليه التقسيم الانتخابي وبصورة محددة وحاسمة ، مع تأكيد النص القانوني على مراعاة العامل الجغرافي والاجتماعي، وان كنا نرى إقحام العامل الاجتماعي له أبعاد سياسية أكثر منها اجتماعية بهدف إيجاد مبررات للعبث بالتقسيم، ومع ذلك فان التقسيم الانتخابي يعاني من اختلال واضح في كلا المعيارين. (أ) اختلال المعيار السكاني: الجدول التالي يشير إلى مدى الاختلال في هذا المعيار من خلال نتائج تعداد1994 م (لم تتوفر بعد إحصائية سكانية على مستوى الدائرة والمركز في ضوء تعداد 2004م): المتوسط الحد الأعلى الحد الأدنى المتوسط (طبيعي) اقل من الحد الأدنى أعلى من الحد الأعلى 54015 56715 51315 207 59 35 من خلال الجدول نلاحظ أن النصاب الطبيعي لعدد السكان في إطار كل دائرة هو (54.015) والحد الأعلى بعد إضافة ال 5% حسب النص الدستوري (56.715)، والحد الأدنى بعد حذف ال 5% حسب النص الدستوري. عدد الدوائر في اطار الوضع الطبيعي (207) بنسبة 69%، و (94) دائرة بنسبة 31% تتجاوز الحد القانوني زيادة ونقصا. حيث كان اقل قوام دائرة من السكان 34892، بينما كان أعلى قوام دائرة من السكان 92326. اما لو اخذنا مؤشرات فقط من تعداد 2004م بحسب ما اعلن من بيانات على مستوى المديريات، فان الوضع أسوء بكثير، حيث نجد على سبيل المثال مديرية صنعاء القديمة تعدادها السكاني 63445 وهي ممثلة بدائرتين نيابيتن، وفي المقابل مديرية السبعين تعدادها 430824 وهي ممثلة بدائرتين ايضا. (ب) اختلال العامل الجغرافي: حيث تم تفصيل الدوائر ورسم حدودها من خلال لجان خاصة من السلطة وحزبها وفي جو يفتقر الى ابسط صور الشفافية والشراكة، حيث تم اعمال البعد السياسي ، لصالح الحزب الحاكم والمتنفذين من قياداته، وللاضرار بالمعارضة من خلال تشتيت اماكن تواجدها وحضورها بصورة تعسفية ، واذا كنا قد اشرنا الى صور من التعسف في اعمال المعيار الجغرافي في التقسيم الاداري، فاننا نعد ذلك مؤشرا بان ماحدث في التقسيم الانتخابي يتجاوز ذلك. (ت) التوائم مع التقسيم الإداري: تعاني عدد (12) دائرة انتخابية من التداخل في مكوناتها بين أكثر من محافظة وهو امر يمثل إشكالية إدارية تلقي بضلال سلبية على أداء الإدارة الانتخابية . (ث) تشتت الوحدة السكانية بين أكثر من وحدة انتخابية: حيث تدخل الوحدة السكانية الواحدة في مكونات أكثر من وحدة انتخابية، مما يفتح مجالا للتزوير في التسجيل والانتخاب، ويؤثر في القدرة على قياس مدى سلامة ومصداقية التمثيل. ثانيا : مظاهر الاختلال في السجل الانتخابي : يمثل السجل الانتخابي احد أهم مكونات المنظومة الانتخابية، وقد كانت ولا زالت مشكلة عدم سلامة السجل الانتخابي واثخانه بالعديد من صور العبث والتزوير، ام المشاكل واهم المثالب في العمليات الانتخابية، حيث مثل تزوير سجلات الناخبين اهم مداخل الحزب الحاكم وسلطته لتزوير الانتخابات من وقت مبكر والحفاظ على بقائهم في السلطة، ولضمان سهولة العبث في سجلات الناخبين حرص الحزب الحاكم وسلطته على ترك منافذ في القانون تمكنهم من شرعنة التزوير ومن اهم هذه المنافذ: 1. تعدد الموطن الانتخابي في اطار ثلاثة مواطن حسب نص الفقرة (د) من المادة (2) من قانون الانتخابات رقم 13 لسنة 2001م التي عرفت الموطن الانتخابي بأنه : المكان الذي يقيم فيه الشخص عادة أو الذي به محل عمله الرئيسي أو مقر عائلته ولو لم يكن مقيماً فيه، حيث مكن هذا التعدد من تكرار التسجيل لاكثر من مرة وبدون عناء، بل وساعد على تضخم السجل بصورة غير طبيعية، حيث ان المقيدين في السجلات بحسب موطن العمل مثل الجنود والطلاب والموظفين، تكون فترة بقائهم في نفس المكان المقيدين فيه محدودة وغالبا ان لم يكن من المؤكد انتقالهم بعد فترة تطول او تقصر الى مكان اخر، ويقيدون فيه من جديد، فيما تبقى اسمائهم في نفس المكان السابق، هذا التضخم يستفيد منه الحزب الحاكم - في ظل تفرده بقطاع المعلومات في اللجنة العليا - في العبث والتغيير في صور وبيانات الناخبين التي يتم اخراجها الكترونيا لتتم بها عمليات الاقتراع كما هو معلوم ، حيث ان الاقتراع لا يتم بموجب السجل اليدوي المصور، وهذا يقودنا للتأكيد على ان السجل الاكتروني المصور هو اهم وسائل الحزب الحاكم لتزوير الانتخاتبات لانه كما اشرنا هو المتفرد باعداده داخل اللجنة العليا او خارجها ، ولعل ذلك ما يفسر استماتته في رفض تسليم احزاب اللقاء المشترك نسخة الكترونية منه بموجب اتفاق مبادئ 18 يونيو 2006م. 2. آلية التثبت من عمر الناخب ، حيث نصت المادة (11) من قانون الانتخابات رقم 13 لسنة 2001م: على لجان إعداد الجداول التثبت من عمر المواطن الذي يطلب قيد اسمه في جدول الناخبين والتأكد من بلوغه السن القانونية ببطاقة إثبات الهوية الشخصية أو أي وثيقة رسمية أخرى تحمل صورة صاحبها أو بشهادة العاقل والأمين بعد أخذ اليمين منهم. فقد استخدمت هذه المادة كمنفذ لتسجيل صغار السن واحيانا كثيرة استخدم العقال وغيرهم من صغار متنفذي الحزب الحاكم للتأكد من هويات طالبي القيد ومن وجود موطن قيد لهم في نطاق الدائرة الانتخابية ، فكان طالب القيد يسجل في نطاق اكثر من مركز من مراكز الدائرة اكثر من مرة بنفس الصورة وباسماء مختلفه معتمدا في ذلك على تقنية التزوير بالتعريف، ولعل حجم المقيدين بالتعريف في جداول الناخبين يفوق التوقع، ولذلك كان هذا النوع من البيانات غير معلن في البيانات التي يتم نشرها ، وقد سبق أن نشرنا سابقا نماذج للمقيدين من صغار السن ومن المقيدين اكثر من مرة بصورة واحدة وبيانات مختلفه. 3. تقييد وتعقيد إجراءات تصحيح حيث اعدت اللجنة العليا دليل الطعون الانتخابية،الناظم لمختلف مراحل الطعون في السجل الانتخابي ابتداء من تقديم طلبات الادراج والحذف امام اللجان الاساسية وانتهاء بالطعن امام محاكم الاستئناف ، وففي الوقت الذي كان المنتظر تيسير اجراءات الطعون وضبط دقتها كحق ضمنه القانون , اذا باللجنة تعقد اجراءاتها وتصعبها، درجة اصبح فيها الطموح لحذف اسم مكرر او صغير سن من أصعب المهمات، ففي الوقت الذي اطلقت المادة (13) من قانون الانتخابات العامة رقم 13 لسنة 2001 م الحق للناخب في طلب حذف من ادرج في السجل الانتخابي بغير حق ولم تقيده بعدد معين , نص دليل الطعون الذي اصدرته اللجنة العليا في الفقرة (2) من المادة(7) صفحة(13) على: ( ان لا يزيد عدد الاسماء المطلوب حذفهم عن عشرة اشخاص)، وفي الفقرة (2) من المادة (8) الصفحة (14) اشترطت لقبول الطعن ان يقوم الطاعن بنفسه باعلان من طعن فيهم واخذ توقيعاتهم بالعلم في الاستمارة المخصصة لذلك، هنا نتساءل كيف يصنع من يريد ان يطعن في أسماء وهمية في السجل، او غير معروفة لانها من خارج الموطن او سجلت بحكم موطن العمل كما اشرنا سابقا، لقد كان الاولى للقيام بهذا الدور العقال والامناء الذين قاموا بالتعريف, لكن من الواضح جدا أن لمقصود فقط هو التعجيز لان الهدف هو بقاء السجل بهذا الوضع، كما أن الدليل المشاراليه حصر حق الطعن واجراءاته في اطار الدائرة النيابية ، مع ان هناك على سبيل المثال حالات تكرار بين دائرة واخرى من نفس المحافظة او محافظتين مختلفتين لم يتم تحديد آلية للتعامل مع هذا النوع من الاختلال وللطعن في السجل ككتلة واحدة. 4. لم تراع نصوص القانون النافذ والأدلة التنفيذية مخاطر السجل الالكتروني التي سبق أن المحنا اليها، فالسجل الذي يعد من لجان مشكلة من الاحزاب وفي ظل رقابة متبادلة الى حد ما، ليس هو السجل الذي تتم بموجبه كافة العمليات الانتخابية، فهي تتم بموجب سجل الكتروني مجهول المنشأ والمصدر لم يشارك احد في انشائه سوى فريق محدد من قبل الحزب الحاكم عبر اغلبيته المسيطرة على اللجنة العليا وخصوصا قطاع المعلومات، بل لا احد يدري هل يجري اعداده داخل اللجنة او خارجها، فالمفترض أن السجلات الالكترونية التي يتم اخراجها لمختلف العمليات الانتخابية يجب ان تخضع من قبل لجان مشتركة لمطابقة شفافة للبيانات والصور بالسجلات اليدوية المصورة، لكن هذا لا يحدث على الاطلاق . أما من الناحية الإحصائية لحجم العبث المتوقع في سجلات الناخبين فقد سبق ان نشر اللقاء المشترك بعض البيانات قبيل انتخابات 2006م، غير اننا لن نعيد هنا نشر هذه الأرقام لسببين: 1. ان البيانات السابقة اعتمدنا فيها على المتوفر لدينا من بيانات السجل التي قمنا نحن بادخالها الكترونيا ومن ثم معالجتها. 2. توفر معلومات دقيقة من واقع السجل الالكتروني المحفوظ لدى اللجنة العليا. وبالتالي فإنما سنورده من إحصائيات ومعلومات ، جديدة ويكشف عنها لأول مرة، وهي النتائج الأولية التي توصل إليها الفريق الفني الذي كلف بتشكيله وإدارته نائب رئيس اللجنة العليا بموجب اتفاق الفريق القانوني المشكل من المشترك والمؤتمر لمراجعة السجل وتصحيحه حسب اتفاق مبادئ 18 يونيو 2006م، لكننا قبل ان نورد هذه الاحصائيات نعرج اولا على مقارنة اولية بين عدد المسجلين في جداول الناخبين، وعدد السكان الذين اعمارهم اكبر من او يساوي 18 سنة حسب تعداد 2004م، وفيما يلي ابرز نتائج المقارنة: 1. بلغ عدد المحافظات التي نسبة المسجلين فيها من الذكور اكبر من او تساوي 100% من عدد السكان الذكور الذين اعمارهم اكبر من او تساوي 18 عام 19 محافظة من اجمالي 21 محافظة، والمحافظتان المستثناه هما عدن والجوف. 2. بلغ عدد المحافظات التي نسبة المسجلين فيها من الاناث اكبر من او تساوي 100% من عدد السكان الاناث اللواتي اعمارهن اكبر من او تساوي 18 عام محافظتان هما المهرة والمحويت. 3. بلغ عدد المحافظات التي نسبة المسجلين فيها اجمالا اكبر من او يساوي 100% من عدد السكان الذين اعمارهم اكبر من او تساوي 18 عام 12 محافظة هن (تعز، اب، ابين، البيضاء، المهره، ذمار، صنعاء ، المحويت، حجه، مارب، عمران، الضالع). 4. بلغت اعلى نسبة للمسجلين ذكور 143% في محافظة مارب، و140% محافظة صعده، و 138% محافظة صنعاء، بينما كانت اقل نسبة 82% في الجوف، و88% في عدن. 5. بلغت اعلى نسبة للمسجلين اناث 106% محافظة المهرة و103% محافظة المحويت، و96% محافظة صنعاء، بينما كانت اقل نسبة 52% محافظة الجوف، و55% محافظة صعده. 6. بلغت اعلى نسبة للمسجلين اجمالا 117% في محافظتي المهره وصنعاء و 116% محافظة مارب بينما كانت اقل نسبة 68% محافظة الجوف و 82% محافظة عدن. من خلال المؤشرات الإحصائية السابقة يتضح حجم التضخم والعبث الذي أصاب جداول الناخبين، وهي نسب اقلها لا يوجد في اعرق الديمقراطيات حول العالم. ننتقل الى عرض النتائج الاولية التي توصل اليها الفريق الفني الذي عمل تحت ادارة نائب رئيس اللجنة العليا بموجب اتفاق مبادئ 18 يونيو 2006 ، وقبل ذلك ننبه إلى: 1. أن عملية الفحص التي تمت كانت في إطار البيانات المتاحة فقط ولحالات الاشتباه التي يمكن معالجتها الكترونيا في اطار تكرار القيد وقيد صغار السن، وحالات نقص البيانات أو خطأها، بمعنى أن حالات التزوير الأخرى مثل التكرار ببيانات مختلفة وصورة واحده، وكذلك القيد في خارج الموطن الانتخابي، وحالات الوفاة وتغير الموطن، كل تلك الحالات من غير الممكن التوصل إليها من خلال الفحص المركزي. 2. انه بعد استكمال عملية الفحص الأولي والتوصل إلى نتائج ببعض حالات الاشتباه ، انتقل الفريق إلى الفحص اليدوي من خلال مطابقة البيانات بالصور لتأكيد حالات الاشتباه أو نفيها ، وبعد أن توصل الفريق إلى تأكيد عشرات الآلاف من حالات الاشتباه ، وإثناء مغادرة الفريق مقر اللجنة للراحة، تعرضت كافة النتائج التي توصل إليها الفريق الفني لعملية عبث وتخريب بهدف إعاقة الفريق من التوصل إلى أي نتائج تكشف ولو جزئيا عدم سلامة السجل وتطعن في مشروعيته التي تنبني عليها مشروعية نتائج الانتخابات برمتها، الأمر الذي دفع الفريق إلى إعادة عملية الفحص والتدقيق من جديد واستطاع خلال فترة قصيرة إعادة نسبة لا باس بها من النتائج كما سيأتي. 3. أن هذا الفحص وهذه النتائج تمت بعد أن أعلنت اللجنة العليا أنها قد قامت بتصحيح السجل وحذف المكررين وصغار السن ، الأمر الذي لا يدع مجالا للشك في ضلوع اللجنة العليا في جريمة تزوير جداول الناخبين بشكل مباشر. وفيما يلي أهم النتائج 1. بلغ عدد حالات التطابق في الاسم الخماسي(473.666) ناخب وناخبه ، بعد المراجعة اليدوية لمقارنة البيانات والصور، تم التأكد من تكرار فعلي لعدد (190.000) ناخب في 291 دائرة تم استكمال العمل فيها، أما بالنسبة للإناث فقد تم التأكد من تكرار (12.000) ناخبه في 70 دائرة تم استكمال العمل فيها. 2. بلغ عدد حالات التطابق في الاسم الثلاثي مع اللقب (1.180.256) ناخب وناخبه. 3. لم يتمكن الفريق من الوصول إلى حالات التطابق في الاسم الرباعي لعجز الأجهزة التي خصصتها اللجنة للفريق عن إكمال عملية المعالجة لهذه الحالة. 4. بلغ عدد المقيدين دون السن القانونية أي من مواليد ما فوق العام 1988م حسب تاريخ الميلاد المقيد في السجل (8.780). 5. بلغ عدد حالات الاشتباه من صغار السن للمواليد بين عامي 1985 و 1988 (873.609) ناخب وناخبه. 6. عدد حالات الاشتباه من صغار السن من الناخبين المقيدين بحسب المهنة (طالب) والمؤهل (أساسي) والمسجلين عام 2006م (170.781) ناخب وناخبه. 7. وجد الفريق عدد (15.830) ناخب وناخبه بدون رقم بطاقة انتخابية. 8. وجد الفريق عدد (33.204) ناخب وناخبه يحملون رقم بطاقة (9) مكرر. 9. وجد الفريق عدد (354.176) بطاقة انتخابية أرقامها مكررة، غطى ذلك التكرار (791.474) بطاقة انتخابية. 10. وجد الفريق عدد البطاقات الانتخابية التي يزيد رقمها عن العشرة مليون (952.958) بطاقة انتخابية. 11. وجد الفريق عدد (74.375) ناخب وناخبه بتاريخ ميلاد فارغ ، و(28.500) بتاريخ ميلاد (9) مكرر. 12. وجد الفريق نواقص في أسماء أكثر من ثلاثمائة ألف ناخب وناخبه . هذه هي جداول الناخبين التي جرت بها الانتخابات الرئاسية والمحلية 2006م ، وهذا هو الانجاز الذي تفاخر به اللجنة العليا المنتهية ولايتها ، وهذا هو السجل الذي يسعى الحزب الحاكم لخوض الانتخابات القادمة به، فاي شرعية لانتخابات قامت او ستقوم به. ثالثا : مظاهر الاختلال في الإدارة الانتخابية للحديث عن جوهر الاختلال في الادارة الانتخابية سنتطرق الى ذلك من ناحيتين: 1. من حيث تكوين الادارة الانتخابية. 2. من حيث اداء الادارة الانتخابية. وفي البداية نشير الى أن الادارة الانتخابية يمكن تحديدها في التكوينات التالية: 1. اللجنة العليا للانتخابات. 2. الجهاز الاداري والمالي والفني في اللجنة العليا وفروعها (الامانة العامة) . 3. اللجان الإشرافية والأساسية والأصلية والفرعية التي تشكلها اللجنة العليا لتنفيذ العمليات الانتخابية . 4. اللجنة الامنية . فمن حيث التكوين والتشكيل ، نصت المادة 159 من الدستور على ان يحدد القانون طريقة اختيار وتعيين اعضاء اللجنة العليا ، وجاء القانون الذي فصلته الاغلبيات المتعاقبة في مجلس النواب بما يحفظ لها السيطرة المطلقة على اللجنة العليا ، جاء ليحدد اجراءات اختيار وتعيين اعضاء اللجنة العليا بترشيح من أغلبية مجلس النواب ، وتعيين من قبل رئيس حزب الأغلبية ، وبذلك يتحقق المراد ، مع المحافظة على وجود شكلي للمعارضة ليس له أي تأثير في اتخاذ القرار داخل اللجنة . اما الامانة العامة للجنة فان اغلبية اللجنة التي هي اغلبية الحزب الحاكم ترشح لرئيس حزب الاغلبية ثلاث شخصيات لشغل هذا الموقع يختار احدها ويصدر قرار تعيين بصورة موازية لقرار تعيين اللجنة ، بمعنى ان اللجنة بكاملها تعين بقرار جمهوري ، وأمين عام اللجنة يعين بقرار جمهوري ، وفي ذلك إشارة ضمنية الى الوضع القانوني والصلاحيات الواسعة التي يتمتع بها امين عام اللجنة ، لا نقول انها ليست لأي من اعضائها بل نقول انها توازي صلاحيات اللجنة مجتمعة . أما بقية شاغلي وظائف الجهاز المالي والإداري والفني في اللجنة وفروعها فرغم ان الفقرة (ج) من المادة (24) قد أكدت على التوظيف (عن طريق الإعلان وفقاً للشروط التي تضعها اللجنة) أي بما يضمن تكافؤ الفرص بين المتقدمين ، الا ان اللجنة العليا وطوال تاريخها وتاريخ هذا النص لم تعين موظفا واحدا بهذه الطريقة ، كان التعيين في الغالب بيد رئيس اللجنة الذي كان يرضي هذا وذاك من أعضاء اللجنة بتعيين بعض اقرباءه في القطاعات الهامشية او في وظائف ادارية ، ولعل من المناسب هنا ان نشير الى ان جميع رؤساء فروع اللجنة في المحافظات قد تم تعيينهم من قبل رئيس اللجنة المنتهية ولايتها بتفويض مطلق من اغلبيتها ، انها بالفعل صورة مشوهة لمؤسسة بمثل أهمية اللجنة العليا . اما اللجان الاشرافية والاساسية والاصلية والفرعية فان تشكيلها مفتاح ازمة سياسية تسبق كل انتخابات بسبب عمومية النصوص القانونية المتعلقة بذلك والتي اكدت على ان تشكيلها يجب ان يكون من الاحزاب بقرار من اللجنة العليا وان لا يتم تشكيل أي لجنة من حزب واحد ، ولعل من أسباب اعتبارها مفتاح لازمة سياسية قبيل كل انتخابات ، ان اللجنة العليا باغلبيتها التي تمثل الحزب الحاكم تتبنى بشكل مسبق خيار الحزب الحاكم في تشكيل هذه اللجان وفقا لمعيار الأصوات او المقاعد في مجلس النواب ، وتدخل هي نيابة عنه في معركة مفتوحة مع المعارضة ، تنتهي بتسوية سياسية رئاسية تنهي الازمة وتحفظ للحزب الحاكم تفوقه على المعارضة بنسبة تمكنه من السيطرة على القرار في ثلث اللجان التي تشكل على الاقل ، بعد أن تكون قد استفرغت جهدا ووقتا على حساب سلامة العمليات الانتخابية والتقيد بمواعيدها القانونية . أما اللجان الأمنية ، فهي تصنف على أنها من اللجان المساعدة للجنة العليا ولجان ادارة الانتخابات، وليس للجنة العليا علاقة من قريب أو من بعيد في تعيينها وتشكيلها وادارتها على مستوى المركز والفروع والدوائر، الا في صرف المخصصات المالية. لقد حرص الحزب الحاكم على تمييع مفهوم امن الانتخابات فلم يفرق بين امن الانتخابات المتمثل في تامين وحراسة اللجان ومقراتها، وبين امن البلد بشكل عام، ولذا نجد رئيس الجمهورية هو الذي يعتمد الخطة الامنية للانتخابات ويراس اللجنة الامنية العليا على المستوى المركزي من الناحية الفعلية، بينما يراس كل محافظ اللجنة الامنية في محافظته، ليس الهدف بطبيعة الحال كما اثبتت التجارب هو تأمين الانتخابات، وانما احكام السيطرة عليها حتى تسير وفق الخطة المحددة لا تتجاوز النتائج المرسومة سلفا كما شهدناه في الانتخابات السابقة. أما من حيث اداء كافة مكونات الادارة الانتخابية ، فانه ومهما كان حجم المعارضة في أي لجنة، فان اجتماع اغلبية الحزب الحاكم في كافة اللجان، وتفرده بالجهاز المالي والإداري والفني للجنة وفروعها، وتفرده بتشكيل وادارة اللجان الامنية التي يرأسها على المستوى المركزي رئيس الجمهورية وعلى مستوى المحافظات المحافظين الذين تتبعهم كافة اجهزة الدولة، وهم في نفس الوقت رؤساء الحملات الانتخابية للحزب الحاكم كل في محافظته ، فاي تأثير لوجود المعارضة بعد ذلك. ساكتفي هنا بايراد بعض المؤشرات المختصرة عن اداء الادارة الانتخابية: 1. لم يحدث وعلى مدى تاريخ اللجنة العليا المنتهية ولايتها ولا ما سبقها أن اختلفت اللجنة مع الحزب الحاكم بل كانت كل قراراتها وإجراءاتها محل مباركة وترحيب منه. 2. لم نسمع طوال فترة اللجنة المنهية ولايتها وما سبقها عن تقديم أي شخص للقضاء بسبب انتهاك القانون ، فهل ذلك بسبب عدم وجود أي انتهاكات للقانون وان الانتخابات تسير بمنتهى النزاهة والالتزام بالقانون وماذا يمكن أن نسمي ما يحدث في الانتخابات من استخدام للمال العام والمنشآت ووسائل النقل العامة والوظيفة العامة والإعلام العام لصالح الحزب الحاكم ولازالت خلافا لصريح نصوص القانون، وماذا صنعت اللجنة العليا لفرض سيادة القانون ومنع الانتهاكات التي يتعرض لها. 3. كانت اللجنة العليا المنتهية ولايتها، في قضايا كثيرة طرفا مباشرا في عمليات تزوير وانتهاك للقانون اعترفت ببعضها على الهواء. 4. كانت اللجنة العليا المنتهية ولايتها طرفا مباشر في عملية العبث بجداول قيد الناخبين ووفرت الغطاء لما مورس فيه من عبث، وظلت مدافعا شرسا إزاء أي محاولات لإصلاحه. 5. مثلت اللجنة العليا المنتهية ولايتها فيما يتعلق بالشأن الانتخابي دور المباشر في المطعم الذي ليس له يد في إعداد الطبخة ، ويقتصر دوره فقط على تقديمها، (نتائج الانتخابات الأخيرة نموذجا). هذا غيض من فيض، فأي استقلال للإدارة الانتخابية يتحدثون عنه، وأي انتخابات حرة ونزيهة ستنتج عن إدارة هذا حالها. رابعا :مظاهر الاختلال في النظام الانتخابي يعد النظام الانتخابي احد أهم قواعد اللعبة التي تتم من خلالها الممارسة الديمقراطية، وتشهد الساحة الديمقراطية على مستوى العالم العديد من الأنظمة الانتخابية، يلبي كل نظام منها حجات ومتطلبات واقعية معينة، فالنظام الذي يصلح في بلد ما قد لا يكون صالحا في مكان آخر.. وهكذا بمعنى أن لكل بلد ظروفه ومشكلاته السياسية والاجتماعية التي تحدد نوع النظام الانتخابي المناسب له. ولن اخوض في هذه الورقة في الحديث عن تقييم النظام الانتخابي لان المقام لا يتسع لذلك لكن ساشير الى اهم ثغرات هذا النظام، وهي انه اقل كفائة في تحويل الأصوات الحاصل عليها كل حزب الى مقاعد بصورة لاتحقق التمثيل للناخبين وانما تعكس سطوة الطرف الأقوى، ومعروف في عالم النظم الانتخابية، ان نظام القائمة النسبية هو النظام الامثل لتحقيق عدالة تمثيل الاحزاب وفقا لعدد الاصوات التي حصل عليها كل حزب، فمن خلال اخذ نتائج انتخابات 2003 نموذجا نجد ان الحزب الحاكم مثلا حصل على 2464716 صوتا اهلته للحصول على 229 مقعدا وفقا لنظام الحالي بينما كان سيحصل في ظل نظام القائمة على عدد لا يزيد عن 124 مقعدا، وحصل الإصلاح على 1349774 صوتا أهلته للحصول على 45 مقعدا في الوقت الذي كان يستحق 68 مقعدا على الأقل، بينما حصل الحزب الاشتراكي على 291659 أهلته للحصول على 7 مقاعد في الوقت الذي كان يستحق 14 مقعدا على الأقل، وحصل التنظيم الوحدوي الناصري على 109720 صوتا أهلته للحصول على 3 مقاعد في الوقت الذي كان يستحق 6 مقاعد على الأقل، وبنفس الطريقة كان يمكن أن تدخل مجلس النواب ثلاثة أحزاب أخرى هي البعث القومي والتصحيح واتحاد القوى الشعبية بممثل واحد لكل منها. وهناك قضية مهمة في هذا السياق من المهم الإشارة إليها، هي إن النظام الانتخابي الحالي يحمل قابلية خاصة لتزوير الانتخابات ، حيث يمكن رسم نتائجه مسبقا من خلال دراسة الخارطة السياسية في إطارها الجغرافي والتحكم في حجم كل قوة أما من خلال رسم حدود الدوائر بطريقة معينة، أو العبث بعملية التسجيل في جداول الناخبين حسب مقتضيات الحاجة لإضعاف المنافس، وهو مالا يكون له جدوى اوتاثير في ظل نظام القائمة النسبية. خامسا: مظاهر الاختلال في التشريعات الانتخابية: لقد اشرنا أثناء الحديث إلى بعض مظاهر الاختلال في المنظومة التشريعية ، لكن وبشيء من الإيجاز يمكن أن نحدد مظاهر الاختلال في المنظومة التشريعية في الأتي: 1. وجود ثغرات في القانون تمثل مداخل للتزوير المريح ، فعلى سبيل المثال في القيد والتسجيل تعدد الموطن والتثبت من العمر عن طريق العاقل ، وفي الاقتراع المراكز الاستثنائية التي يتم الاقتراع فيها بدون سجلات قيد وبدون التقيد بالموطن الانتخابي ، وفي تشكيل اللجنة العليا رهنها بمزاج الأغلبية النيابية. 2. إهمال القانون لبعض جوانب العملية الانتخابية فعلى سبيل المثال لم ينظم القانون إجراءات تقديم الشكاوى الإدارية والطعون الانتخابية لكافة مراحل الانتخابات ، الأمر الذي افقد كثير من النصوص الجزائية المتعلقة بالمخالفات والجرائم الانتخابية مجرد حبر على ورق . 3. عمومية بعض النصوص القانونية وترك التفصيل فيها للجنة العليا التي تصوغ أدلة تنفيذية وتصدر تعليمات تخدم سياسات وتوجهات الحزب الحاكم في تزوير الانتخابات عبر مختلف محطات العملية الانتخابية من التقسيم الانتخابي وحتى إعلان النتائج . سادسا : مظاهر الاختلال في الثقافة الانتخابية: في هذا المحور اكتفي بإثارة بعض التساؤلات التي من خلال اجابتنا عليها يمكن ان نقرر هل اللجنة العليا والحزب الحاكم وسلطته ، يسير بالبلد في اتجاة تحول ديمقرطي حقيقي ، ويعمل على ترسيخ ثقافة التغيير بالانتخابات والممارسة الديمقراطية كبديل لخيارات التغيير الاخرى. 1. هل يعتقد الناخب اليمني أن الانتخابات بوضعها القائم هي طريقه لتغيير واقعه نحو الأفضل. 2. هل يعتقد الناخب اليمني أن الانتخابات بوضعها القائم يمكن ان تغير مسؤلا فاسدا، او توقف الاستنزاف المنظم لثروات الوطن ومقدراته. 3. هل تمثل الانتخابات للمواطن أكثر من فرصة لتوفير قيمة دجاجة وربطة قات يوم الاقتراع. 4. هل تمثل الانتخابات أكثر من موسم يظهر فيه المواطن ولاءه للقبيلة وشيخها، أو لمتنفذ يرى ارتباط مصالحه به. 5. هل منحنى اتجاهات المواطنين نحو الانتخابات في حال صعود أم هبوط. *ورقة حزب التجمع اليني للاصلاح في ندوة المنظومة الانتخابية.. الاختلالات والمعالجات 17/02/2008