في الوقت الذي وافق فيه ممثلو الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن إضافة لألمانيا في اجتماعهم بواشنطن على مشروع قرار جديد بفرض عقوبات على إيران، بدا الجانب الأمريكي أقل سعادة بهذه الموافقة المبدئية إذ أراد صقور ادارة بوش قراراً أكثر تشددا. جاء هذا بينما طرحت أفكار جديدة داخلية في واشنطن تقترح عزل رئيس وكالة الطاقة النووية البرادعي من منصبه بتحالف من الدول الغربية لتطويق ايران، واتخاذ الاجراءات اللازمة ضدها بما فيه المواجهة العسكرية بمعزل عن تقارير الوكالة الدولية التي قدمها البرادعي مؤكداً فيها انه بخلاف بند واحد فإن تفسيرات إيران لأنشطتها النووية تتوافق وما توصلت إليه الوكالة الدولية. وتماشياً مع هذه الأفكار فإن أصواتاً يمينية أمريكية معروفة بعلاقتها القوية بإدارة بوش وخصوصاً بديك تشيني ومنهم دانيال بلتيكا نائبة رئيس معهد الأمريكان انتربرايز ذات التوجه اليميني انتقدت بشدة محمد البرادعي ومتهمة إياه بتنفيذ مهمة وضعها لنفسه وهي عرقلة مجهودات الولايات المتحدة للحد من البرنامج النووي الإيراني بغض النظر عما إذا كان النظام الإيراني يقوم بخرق المعاهدات أو السعي للحصول على سلاح نووي. اتهمت بلتيكا المعروفة بتأييدها المطلق ل"إسرائيل" البرادعي بالحد من مهمة الوكالة والقيام بتصرفات تجعل العمل العسكري ضد إيران أكثر احتمالاً، وبأنه أي البرادعي استخدم جائزة نوبل للسلام التي حصل عليها ليظهر بمظهر المحامي المهتم بالسلام والعدالة ويرتفع عن الآلاعيب السياسية. وأضافت "في الواقع فالبرادعي شخص مُسيّس إلى حد كبير وتحركه كراهيته للغرب و"إسرائيل" ومحاولاته المتصاعدة من خلال "حملته الصليبية" تلك يركز فيها على انقاذ الأنظمة التي يحبها في مواجهة الاتهامات الموجهة لها بمخالفة قوانين منع الانتشار النووي". وكانت بلتيكا بالاشتراك مع يميني آخر أيضاً محسوب على تيار المحافظين الجدد وهو مايكل روبن خبير السياسات بمعهد الأمريكان انتربرايز قد تشاركا في شن هجوم شديد على البرادعي حمل عنوان "الأجندة الحقيقية للبرادعي"، حاولا من خلاله اتهامه بتنظيف سجل طهران وبأنه "سهل حصول إيران على شهادة حسن سلوك عبر الوكالة التي يترأسها، وبأنه منذ توليه منصب مدير الوكالة في العام 97 ومن دون أن تشعر الوكالة الدولية للطاقة كان لدى ايران برنامج سري للتخصيب، وكانت تجرى محاولات سرية لتصميم أسلحة سرية، بينما كانت الهند وباكستان تفجران قنابلهما النووية، وكان عبدالقادر خان يصدر التكنولوجيا النووية حول العالم،كما اعترف رئيس ليبيا معمر القذافي في العام 2003 بأنه كان لديه برنامج أسلحة لم يشعر به أحد، وعندما قامت "إسرائيل" مؤخراً بتدمير ما يعتبره الكثيرون بأنه مركز سري نووي، شاهدنا البرادعي يتحدث لسيمور هيرش بأنه لا يعتقد ان المبنى الذي دمرته "إسرائيل" منشأة نووية رغم ان وكالته لم تتفقد قط هذا الموقع على الأرض". وانتقدت بلتيكا ومعها روبن تصريحات للبرادعي أذاعها التلفزيون المصري في الخامس من فبراير/شباط الحالي حث فيها الدول العربية للمضي في الاتجاه المضاد لما حاول بوش فعله خلال زيارته للشرق الأوسط للضغط على طهران، وقال البرادعي "ان ايران بدأت تتعاون ولا يجب الضغط عليها". وزعمت بلتيكا وروبن بأن مرؤوسي البرادعي داخل الوكالة (الخبراء الفنيين) اشتكوا من ان تقرير الأخير حول ايران تمت إعادة كتابته ليوافق الأهداف السياسية للمدير "أي البرادعي"! وأضافت بلتيكا التي وضعت قائمة لأعمال البرادعي المستحقة للهجوم بأنه عام 2004 حاول ان يمحو ما كتب عن محاولات إيران شراء معدن بريليوم وهو أحد مكونات الأسلحة النووية من وثائق الوكالة. وانتقد تقرير بلتيكا - روبن الذي نشرته صحيفة "الوول ستريت" أمس الأول تصريحات سبق للبرادعي قولها منذ سنوات قال فيها "انه يجب التخلي عن فكرة ان يكون مسموح أخلاقياً لدول بالسعي نحو أسلحة دمار شامل لحاجتها الأمنية، بينما يكون مرفوضاً أيضاً أخلاقياً وغير مقبول سعي دول أخرى للحصول على سلاح". وهي التصريحات التي فهم منها ان البرادعي قصد فيها "إسرائيل". (الخليج)