تواصلت امس في الكويت ردود الافعال النيابية المؤيدة والمرحبة باستقالة الحكومة، ورفض النواب والكتل السياسية تحميلهم مسؤولية ما آلت اليه الاوضاع من تأزم، وعاد الى الكويت امس الأمير الشيخ صباح الأحمد بعد قضاء عطلة خاصة في المغرب، وتنتظر جميع الفعاليات ما ستسفر عنه مشاوراته لحلحلة الأزمة الحالية، وأبلغت مصادر مطلعة "الخليج" ان سيناريوهات الحل باتت شبه محصورة في خيارين، الاول حل مجلس الأمة (البرلمان) حلا دستوريا والدعوة الى انتخابات جديد، وخلال 60 يوما كما ينص الدستور، ورجحت ان تجرى الانتخابات في حال اللجوء الى هذا الخيار منتصف مايو/ايار المقبل، والثاني قبول استقالة الحكومة وتشكيل حكومة جديدة. وأوضحت ان الخيارين يحتاجان الى التأني، نظرا للمحاذير التي تحيط بهما، لأن حل مجلس الأمة سوف يشحن الاجواء السياسية شهرين على الاقل، وسوف ترتفع حدة الشعارات والمزايدات التي لا تحتملها الاوضاع الداخلية والاقليمية في الوقت الراهن، بالاضافة الى ان الانتخابات ستجرى وفق قانون الدوائر الخمس الذي لا يمكن توقع نتائجه، وتبدي الاطراف النافذة خشية من اتيان الانتخابات بمجلس اكثر قوة ومعارضة، وذكرت ان مشكلة الخيار الثاني الرئيسية ستكون اسم رئيس مجلس الوزراء، بعد ان تزايدت حدة المطالبات باختياره من خارج ابناء الاسرة الحاكمة، وهو خيار مستبعد جدا حدوثه على الاقل في المرحلة الحالية، وقالت ان اعادة تكليف رئيس مجلس الوزراء الحالي الشيخ ناصر المحمد سوف يواجه باعتراضات سياسية ونيابية، فضلا عن ان اختيار غيره يتطلب مزيدا من الوقت، ولفتت الى انه في هذا الصدد يبقى المرشح الاقوى نائب رئيس الحرس الوطني الشيخ مشعل الاحمد، ورجحت ألا يصدر اي قرار متسرع، وقد يتأجل اعلان الموقف النهائي حتى بداية الاسبوع المقبل، خصوصاً ان غدا عطلة رسمية بمناسبة المولد النبوي الشريف وستتبعه العطلة الاسبوعية يومي الجمعة والسبت. ورفض رئيس مجلس الأمة جاسم الخرافي تحميل المجلس مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع الراهنة، وقال ان الحكومة تتحمل جزءا من السلبيات التي ذكرها الوزراء في كتاب الاستقالة، وأعرب عن ثقته بحكمة الأمير وانه سيتخذ ما يراه مناسباً. وأضاف "من حق الوزراء إبداء وجهة نظرهم وتقديم الاستقالة بالأسلوب الذي يرونه مناسبا، وكل هذه الإجراءات تمت وفق النصوص الدستورية، ومجلس الأمة لم يعقد جلسته الثلاثاء، بعد ان تلقينا رسالة الحكومة التي تعتزم فيها عدم حضور الجلسة". وقال الخرافي: هناك وجهة نظر أخرى تقول إنه ليس من الإنصاف تحميل مجلس الأمة كل ما يتعلق بالسلبيات، لان هناك من يعتقد ان الحكومة والوزراء ساهموا بهذه السلبيات التي ذكرت في الاستقالة، ولكن كما هو ملعوم ان كل ما يتعلق بموضوع الاستقالة هو بيد الأمير، وأي إجراء يتخذه سيكون محل تقدير واحترام، لما يتمتع به الأمير من مكانة لدى جميع السلطات". وعن اسباب حالة التوتر بين السلطتين، قال الخرافي "لا بد ان نكون صادقين مع بعضنا ونحن بحاجة الى تصفية النفوس ومعالجة المواضيع معالجة جذرية، لأن ترك هذه المواضيع من دون معالجة جذرية ليس بسبب المجلس فقط، لكن الحكومة كان لها دور في هذا الامر، ويجب ان تكون لدينا الجرأة لوضع النقاط على الحروف ونأمل ان نخرج بالنتيجة المطلوبة". وحول الترحيب النيابي الذي قوبلت به استقالة الوزراء، قال الخرافي انه لا يحب ان يكون في وضع المستمتع على الخلافات بين السلطتين، وأضاف "أحرص على ان يكون هناك وئام وان نتوصل إلى النتائج من خلال الحوار، واتمنى ان تكون لدينا جرأة في معالجة مواضيعنا بأسلوب حضاري وخلق وتقاليد نحن حريصون عليها، ولا يسعدني ان أرى هناك خلافات، لان مجتمعنا صغير ولا يتحمل هذه الخلافات". ووصف النائب خالد العدوة (إسلامي) الوضع الحالي بأنه متأزم والأزمة قائمة، وما لم تكن هناك فرصة أخيرة فبوادر الاستقالة الحكومية وحل المجلس خيار وارد ومطروح، ولفت إلى ان هناك محاولة لإيجاد مساحة للتفاهم في ظل التصادم بين المجلس والحكومة بمباركة ورعاية الأمير. وتمنى على الأمير الاستماع إلى النواب قبل أي حل يراه مناسباً للأزمة، ورأى ان مجلس الأمة قام بالدور المنشود والمطلوب منه، والخلاف بين النواب والحكومة وارد، ولا يمكن ان تكون الأوضاع هادئة على الدوام. وألمح العدوة إلى وجود مسعى لاحتواء الأزمة، ووصف ان الدور الذي يقوم به الخرافي كبير، وقال "فوضناه في الأمر مؤيدين له وواثقين بما يتخذه بشأن إيجاد صيغة للتفاهم". ونفى النائب مرزوق الحبيني من كتلة العمل الشعبي التي يترأسها زعيم المعارضة النائب احمد السعدون، ان يكون مجلس الأمة أحد الدوافع التي أدت بالحكومة إلى تقديم استقالتها، وقال ان الحكومة منذ الوهلة الأولى لتشكيلها كانت في حكم المستقيلة، بل أصبحت عبئا على نفسها وعلى رئيسها وعلى الكويت. ولفت إلى ان جميع الملفات والقضايا التي طرحت تحولت بسبب سوء إدارة الحكومة لها إلى أزمات مفتوحة، لم تستطع الحكومة حلها أو التعامل معها في معالجة جذرية، بدءا من قضية تأبين عماد مغنية، التي لم يكن مجلس الأمة طرفا فيها في حين كانت الحكومة الطرف الرئيسي فيها. وأعرب النائب الدكتور ناصر الصانع (اخوان مسلمون) عن خشيته ان تكون استقالة الحكومة لتفادي فتح بعض ملفات الفساد، وقال انه لن تنطلي على الكويتيين هذه الأمور ان كان هذا هو سبب الاستقالة الحكومية فعلاً، وقال ان مبررات الحكومة في الاستقالة التي تقدمت بها ضعيفة وغير مقبولة وغير مقنعه للشارع الكويتي، كما انه لا يجوز ان يحجر على أي نائب ممارسة مسؤولياته في كشف مواطن الخلل، واعتباره يسيء الى العلاقة بين السلطتين. (الخليج)