إعلان الرئيس التونسي زين العابدين بن علي إجراء تعديل مؤقت لدستور بلاده أثار موجة من التساؤلات عن النوايا المعلنة لهذا التعديل، والتي قال الرئيس التونسي أنها تهدف إلى تخفيف شروط الترشح للانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها في 2009 والمتوقع أن يخوضها أيضا بن علي للمرة الخامسة على التوالي. رد الفعل الفوري والمباشر جاء على لسان أحد خصوم بن علي، المعارض التونسي المخضرم أحمد نجيب الشابي، الذي اعتبر أن التعديل في صورة إتمامه بالصيغة التي طرحها الرئيس التونسي «ستعمل على إقصائه وأيضا إقصاء المعارض مصطفى بن جعفر» ،وهو الأمين العام للتكتل من أجل العمل والحريات، وبذلك فإن الاستثناء يكاد يتحول إلى قاعدة في الدستور التونسي منذ سنة 1999 تاريخ أول انتخابات تونسية رئاسية اعتمد فيها مبدأ «تيسير شروط الترشح». وهي الخطوة التي اعتبرتها السلطة مكسبا سياسيا يتيح مبدأ التنافسية على منصب الرئاسة في تونس الذي اتسم بالقداسة منذ منتصف السبعينات حينما تم تنقيح الدستور ليسمح واستثنائيا باعتبار الحبيب بورقيبة رئيسا لتونس مدى الحياة. فمن وجهة نظر الشابي تكون السلطة أو على الأقل الأطراف النافذة في مؤسساتها قد «وجدت الفرصة مواتية من الناحية الدستورية للنيل منه كخصم عنيد سطع نجمه في السنوات الأخيرة، وكمعارض لا يستجيب لمعايير الوفاق» التي حددتها السلطة مع بقية الأحزاب الأخرى وهي القبول بالحد الأدنى الممكن دون التطرق إلى الخطوط الحمراء التي لا تزال في تونس تتعلق بمنصب رئيس الجمهورية». فعلى الرغم من أن بن علي نفسه قبل بمبدأ أن ينافسه آخرون على الرئاسة في انتخابات قيل حولها الكلام الكثير، فإن السلطة لا تغفل تحركات المعارضين وبينهم الشابي في وقت هي في أمس الحاجة فيه إلى إقناع شركائها الأوروبيين بسجلها في مجال حقوق الإنسان وهي نقطة الضعف التي استند عليها الشابي ليتحرك داخليا وخارجيا مشهرا بالنظام. ليس هذا فحسب فالقطيعة التي بدت حتمية بين الشابي والسلطة اتخذت بعدا جديدا في شهر أكتوبر 2005، حينما كانت السلطة توجه جميع طاقاتها لاستضافة القمة العالمية لمجتمع المعلومات وهي المناسبة التي استثمرها الشابي مع ما بات يعرف في تونس ب«مجموعة 18 أكتوبر» المجموعة التي تتألف من تيارات سياسية تختلف في كل شيء إلا في خصومتها مع نظام الرئيس بن علي. فقد تمكنت هذه المجموعة من خلال إضراب عن الطعام استمر نحو شهر ونصف من لفت أنظار العالم وحولت الاهتمام من حدث جندت له تونس كل طاقاتها وإمكاناتها إلى ملف حقوق الإنسان، وهي المعركة التي يرى كثيرون أن نجيب الشابي ومن معه قد كسبها ليتحول إثرها إلى خصم عنيد واجهته السلطة بسيل من الاتهامات، بينها «الاستقواء بالأجنبي»، وذلك من خلال لقاءات عقدها الشابي مع عدد من الدبلوماسيين الغربيين. فمن وجهة نظر السلطة خرق الشابي جميع قواعد العلاقات السياسية معها، وبات منذ أمد بعيد الأمين العام الوحيد لحزب قانوني معارض لا يحظى باستقبالات الرئيس التونسي ولا حتى بحضور المناسبات البروتوكولية الرسمية التي يحضرها نظراؤه من الأحزاب الأخرى ، وهذه القطيعة هي التي اشترطت في الانتخابات الماضية في ما يتعلق بالترشح لرئاسة الجمهورية أن يكون المترشح من المكتب السياسي لحزب معارض له تمثيل في البرلمان لا يقل عن عضو على الأقل، وهو الشرط الذي لم يمكن الشابي من إضفاء شرعية على ترشحه الرمزي في انتخابات 2004. لكن خصومة الشابي مع النظام لم تتوقف عند حدود التعنت، ففي شهر سبتمبر الماضي أقدم صحبة الأمانة العامة لحزبه مية الجريبي، على إضراب عن الطعام في مقر الحزب احتجاجا على قرار قضائي يقضي بإخراج الحزب من مقره في العاصمة ومن مدن أخرى، بعد أن تحول الحزب إلى غطاء قانوني لجميع الاتجاهات المعارضة للنظام، وهو ما يشكل ضغطا على السلطة حاول الشابي توظيفه إعلاميا من خلال الجولات الداخلية والخارجية التي قام بها، والذي توجه بإعلانه الترشح لرئاسة الجمهورية ليكون بذلك أول من يعلن هذه النية جهارا وبجدية في تونس قبل أكثر من عام على موعد الانتخابات. وما تخشاه السلطة التي يبدو أنها بهذه الخطوة التي اعتبرها الشابي تهدف لإقصائه تحاول حصر المنافسة في أضيق الحدود، تماما مثلما حصل في انتخابات 2004 حينما كانت أعلى نسبة يحصل عليها ابرز المرشحين لا تتعدى 3 في المئة وهو ما يؤشر بوضوح أن هذه الخطوة الدستورية تسبق ربما إعلان الرئيس التونسي زين العابدين بن علي الترشح للانتخابات المقبلة، لولاية خامسة، وهو الأمر الذي سيتم حسمه في مؤتمر التجمع الدستوري الديمقراطي للحزب الحاكم في شهر أغسطس المقبل. ولعل ذلك يبرز في الشعار الذي اختاره الرئيس التونسي في نفس الخطاب الأخير ليكون شعار مؤتمر الحزب وهو «التحدي». فالأمر يتجاوز الخلافات السياسية إلى ما هو أعمق وهو الملف الاقتصادي والتحديات التي تواجهها البلاد في ظل التقلبات العالمية وارتفاع أسعار النفط ودخول اتفاقية الشراكة مع أوروبا حيز التطبيق مع ما يفرضه ذلك من التزامات كبيرة تعد بحق تحديات للحزب الحاكم في تونس ولابن علي على وجه التحديد. خريطة الأحزاب السياسية في تونس توجد في تونس ثمانية أحزاب سياسية معترف بها قانونيا، أي انها تعمل وفق تراخيص من السلطات. ورغم تعدد ألوان واتجاهات هذه الأحزاب فإنها مجتمعة لم تتمكن من إحداث فارق كبير في المشهد السياسي التونسي، الذي يكاد يكون محتكرا بالكامل من قبل الحزب الحاكم (التجمع الدستوري الديمقراطي). التجمع الدستوري الديمقراطي حزب الأغلبية المهيمن على الحياة السياسية في البلاد منذ الاستقلال في عام 1956 وقد تأسس 1920 تحت اسم الحزب الحر الدستوري التونسي أو حزب الدستور. وفي سنة 1934، وعلى إثر انشقاق حدث في صلب هذا الحزب تولى الزعيم الحبيب بورقيبة تأسيس حزب جديد بات يعرف بالحزب الدستوري الجديد. وبقرار من مؤتمر بنزرت المنعقد في أكتوبر 1964 أصبح يسمى الحزب الاشتراكي الدستوري بعد أن دخلت تونس في حقبة الستينات تجربة اشتراكية لم يكتب لها النجاح . وبعد تحول السابع من نوفمبر 1987 الذي قاده الرئيس زين العابدين بن علي والذي كان في حينها أمينا عاما لهذا الحزب بوصفه الوزير الأول في حكومة الحبيب بورقيبة ، صادقت اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي الدستوري في اجتماعها المنعقد يوم 27 فيفري 1988 على تسميته باسم التجمع الدستوري الديمقراطي. ،للتجمع الدستوري الديمقراطي صحيفتان ناطقتان باسمه هما الحرية وتصدر يوميا باللغة العربية ولورونوفو وتصدر يوميا باللغة الفرنسية ويسيطر التجمع الدستوري الديمقراطي على غالبية مقاعد البرلمان ومجلس المستشارين ومختلف أصحاب القرار في المؤسسات الحكومية. حركة الديمقراطيين الاشتراكيين وهي من أوائل الأحزاب السياسية المعارضة لحكم الحبيب بورقيبة قادها ما يعرف بالتيار الديمقراطي الذي كان يضم عددا من وزراء بورقيبة ومن أبرزهم مؤسسها أحمد المستيري وقد شكلت هذه الحركة ظغطا كبيرا على نظام بورقيبة لقدرتها الفعلية على توفير قاعدة عمل سياسي مقابل لعمل الحزب الحاكم . وقد برزت الحركة فعليا في أول انتخابات تشريعية تعددية قبل بها بورقيبة عام 81 لكنه سرعان ما تراجع عنها ليتم تزوير الانتخابات وإقصاء الحركة التي تشير بعض التقارير إلى حصولها على نحو خمس عدد أصوات الناخبين في انتخابات 1981 وقد الاعتراف القانوني بالحركة في 19 نوفمبر 1983 وتصدر صحيفة أسبوعية «المستقبل»كانت منبرا ديمقراطيا مهما في تونس في حقبة الثمانينات لكن سرعان ما تراجع دور الحركة بفعل الأزمات الداخلية والانشقاقات التي تعيشها وللحركة أعضاء في البرلمان. حزب الوحدة الشعبية وهو تيار اشتراكي قام في أعقاب فشل التجربة الاشتراكية وسجن مهندسها أحمد بن صالح ومن ثمة فراره من السجن إلى الخارج وقد انشقت الحركة ليحصل فصيل منها على الترخيص القانوني في 19 نوفمبر 1983 وللحزب صحيفة أسبوعية تصدر بانتظام وهي صحيفة الوحدة ، ويتميز هذا الحزب بالاعتدال وبمبدأ المشاركة مع السلطة وعدم الضغط عليها وله سبعة نواب في البرلمان وقد ترشح كل من أمينها العام السابق محمد بلحاج عمر للرئاسة في انتخابات عام 1999 وترشح أمينها العام الحالي في انتخابات 2004 ، وهو مهيئ للترشح في الانتخابات القادمة بمقتضى التعديل الدستوري الجديد. الحزب الاجتماعي التحرّري يعد من الأحزاب التي تم الاعتراف بها بعد تحول 7 نوفمبر يوم 12 سبتمبر 1988 ولكن نشاطه ظل لسنوات يقتصر على الصالونات المغلقة وعلى النخب الفكرية وقد شهد الحزب فترة ركود دامت لسنوات طويلة بفعل الخلافات التي دارت في صلبه رغم ترشح أمينه العام السابق للرئاسة في انتخابات 2004 وعدم حصوله على أية نسب تذكر وللحزب مجلة شهرية اسمها الأفق والمعروف عنه مساندة لمشاريع السلطة ولسياسة الرئيس بن علي. الحزب الديمقراطي التقدمي هو أيضا من الأحزاب الفتية لكن منذ تأسيسه في 12 سبتمبر 1988 كان يسير في نهج مخالف لبقية الأحزاب السياسية حيث قاطع في مناسبات عدة الانتخابات البلدية وأيضا التشريعية له مواقف لا تحتمل المرونة مع السلطة بلغت في 2002 حدود القطيعة التامة معها حيث يعد الحزب الوحيد الذي عارض تعديل الدستور للسماح لبن علي بولاية رابعة تحول الحزب إلى مظلة قانونية لمختلف التيارات السياسية المعارضة لبن علي مما شكل قلقا فعليا للسلطة. الاتحاد الديمقراطي الوحدوي من الأحزاب التي تعرف بأحزاب التغيير وهي الأحزاب التي نشأت بعد 1987 يعد الحزب الشرعي الوحيد من ذوي التوجهات القومية العربية يعتبر قريبا من السلطة وقد ترشح أمينه العام السابق عبد الرحمان التليلي للرئاسة عام 1999 وهو الآن في السجن بسبب قضايا مالية. حركة التجديد وهو ما كان يعرف سابقا بالحزب الشيوعي التونسي كان يشكل معارضة فعلية لحكم الرئيس الحبيب بورقيبة وأيضا في مرحلة بن علي وقد قدم مرشحا لرئاسيات 2004 وهو محمد علي الحلواني الذي كان وفق مراقبين أكثر مرشحا جدية في الانتخابات وللحزب مجلة عنوانها الطريق الجديد. التكتّل الديمقراطي من أجل العمل والحريات وهو من الأحزاب الفتية جدا إذ تم الاعتراف به قانونيا يوم 25 أكتوبر 2002 وهو من الأحزاب التي لا يرضي أداؤها السلطات وللحزب صحيفة معارضة تنتقد بشدة مختلف الجوانب الحياتية وأداء السلطات تحمل اسم «مواطنون». حزب الخضر للتقدم وهو أحدث الأحزاب في تونس تم الإعلان عن منحه الترخيص يوم 3 مارس 2006 وهو حزب يدعو إلى الدفاع عن البيئة ويعد من المساندين للسلطة وفق المراقبين. بطاقة جغرافية تمتد تونس على مساحة 162155 كيلومتراً مربعاً ولها سواحل بطول 1300 كيلومترا على البحر الأبيض المتوسط تمتد شمال البلاد وشرقها. وتنقسم أراضيها إلى ثلاث مناطق مناخية كبرى هي: أراضي زراعة الحبوب في الشمال الغربي وجهة الساحل منطقة الزياتين في الوسط الشرقي والصحراء في الجنوب تتميز تونس بمناخ متوسطي معتدل ويتراوح معدل درجات الحرارة ما بين 4,11 و3,29 درجة مئوية. وتتمتع بأراض خصبة ومناظر طبيعية خلابة وتتميز المناطق الشمالية بشتاء بارد وممطر. أما المناطق الجنوبية فهي تتميز بمناخ شبه جاف. وتشكل حماية النظام البيئي ومكافحة التلوث إحدى الأولويات الحالية للحكومة. وأنشئت حتى الآن 6 حدائق وطنية و18 محمية طبيعية بهدف المحافظة على الثروات النباتية والحيوانية وإعادة إدخال أنواع جديدة وفصائل قد انقرضت لانعدام الحماية. تنفذ تونس عدة برامج وطنية لحماية السواحل وتوسيع المساحات الخضراء في المناطق العمرانية ومقاومة التصحّر، وتتمتع تونس بكنوز تاريخية نفيسة وبعديد المميزات السياحية. فالشواطئ الواسعة الجميلة والمواقع الأثرية الرائعة تجلب كل سنة أكثر من أربعة ملايين سائح قادمين خاصة من أوروبا. الشابي.. رفع سقف المعارضة المعارض التونسي أحمد نجيب الشابي، محام في العقد السادس من العمر، أمضى معظم حياته في المعارضة خلال فترة حكم الرئيس التونسي السابق الحبيب بورقيبة . نشط في صلب المنظمات الحقوقية وكان من المؤيدين لسياسات الرئيس التونسي بن علي في السنوات الأولى للتغيير، لكنه سرعان ما غير من تحالفاته السياسية وإتخذ مسارا مختلفا عن بقية أحزاب المعارضة في تونس، توجه خلال انتخابات 2004 في رسالة لأعضاء البرلمان طالبا تزكيته للترشح لكنه لم يحظ بإستجابة ولم يمكنه التعديل القانوني الاستثنائي في حينه من هذه الفرصة، حينما كان يفرض على المترشحين أن ينتموا إلى أحزاب ممثلة في البرلمان وهو ما لم يكن متاحا لحزبه . تخلى عن الأمانة العامة للحزب في شهر سبتمبر من السنة الماضية لحساب خليفته مية الجريبي، ليكتفي بمنصب مفوض العلاقات الخارجية للحزب، وهو المنصب الذي أتاح له لقاء عدد كبير من السياسيين الأجانب في أوروبا والولايات المتحدة الأميركية . حاول من خلال مظلة حزبه القانونية جمع مختلف الأطياف السياسية بما في ذلك التيارات الإسلامية المحظورة ،مثل «حركة النهضة» الخصم التقليدي للنظام في تونس ، وهو ما يعد في الأعراف السياسية التونسية «خطيئة كبرى» ، وقد صوتت اللجنة للحزب الديمقراطي التقدمي في شهر فبراير الماضي بغالبية واسعة على ترشيح الشابي، الذي يتولى إدارة تحرير صحيفة «الموقف» لسان حال الحزب التي أسسها منذ الثمانينيات للانتخابات الرئاسية التي ستجرى في تونس في أكتوبر 2009. وحصل الشابي على أصوات 46 عضوا من اللجنة المركزية مقابل رفض 16 اخرين وامتناع اثنين عن التصويت، وهو ما يعد سابقة في تونس حيث يجرؤ معارض للسلطة على إعلان ترشحه لأهم منصب في البلاد. يقول الشابي خلال الإعلان عن ترشحه انه يسعى إلى جعل هذا الاستحقاق فرصة لإبراز بدائل واقعية وجريئة للحد من اختلال التوازن بين السلطة والمعارضة، مشيرا إلى أنه سيعمل على فرض حق حزبه في الدعاية الانتخابية، داعيا الحكومة التونسية إلى «رفع الحواجز القانونية التي تعودت وضعها على طريق ترشحنا»، على حد قوله. (البيان الاماراتية)