توفر فاكهة التين الشوكي على مدار العام في اليمن ظاهرة تبعث على الفضول ومثيرة للتساؤلات حول الأسباب التي جعلت هذه الفاكهة الموسمية متوافرة في كل فصول السنة يعرضها الباعة بلا انقطاع لدرجة انها باتت تنافس القات على حب اليمنيين. الوقوف على سر هذا الحضور الدائم للتين الشوكي يكشف أن وراء هذا المشروع الناجح فكرة تعود إلى ستينات القرن الماضي وان اتهم صاحبها وقتها بالجنون. وحيال هذا المشروع قال عادل مطهر، نجل المرحوم احمد مطهر الملقب بصديق المزارعين صاحب ومؤسس المشروع، إن تجربة زراعة التين الشوكي المعروف بالدارجة اليمنية ب «البلس» بدأت في العام 1965 بإقامة أول مزرعة نموذجية في غيمان منطقة خولان شرق العاصمة صنعاء. ويضيف أن الفكرة كانت في بدايتها مستهجنة لأن الناس والمزارعين لم يخطر على بال أحد منهم زراعة التين الشوكي ونقله من المرتفعات والجبال إلى وسط الحقول المحروثة والمروية ولذلك قوبلت أول مزرعة لهذه النبتة بالغرابة خاصة عندما وجودوا مؤسسها احمد مطهر يدخل عليها التقنيات والأساليب الحديثة سواء من حيث زراعتها وريها أو الاعتناء بها وتشذيبها وتوفير المدخلات الزراعية اللازمة المبتكرة التي وفرها للمرة الأولى صديق المزارعين العام 1966. ويشير نجل صاحب الفكرة إلى ان والده قام وقتها بتوزيع تلك المدخلات على المزارعين مجاناً ثم بدأ تدريبهم على إنشاء المزارع الصغيرة على غرار مزرعته النموذجية مصمما على إنجاح تجربته رغم أن أبناء المنطقة اتهموه ب «الجنون» خاصة لأنه كان يستخدم ابتكارات حديثة في عملية الزراعة والاعتناء والجمع والتسويق وعندما حقق عائداً اقتصادياً بالطرق العلمية التي كان يتبعها أقبل الناس على الفكرة حتى بلغت المساحة المزروعة بهذه الفاكهة 135 هكتارا.. وعدد المزارعين الذين يعملون فيها نحو 600 مزارع ويشتغل في حقولها عمالة وافدة من بقية المحافظات بلغت 1500 عامل. ويضيف عادل مطهر: «أما إجمالي فرص العمل التي وفرتها زراعة التين الشوكي بلغت في أمانة العاصمة 3600 فرصة عمل وباحتساب العاملين في الجني والتوزيع والبيع يرتفع العدد إلى 10000 عامل وعاملة في كل المحافظات، ووصلت الكمية المنتجة من التين الشوكي المزروع بالطرق الحديثة إلى أكثر من 10 آلاف طن في العام الواحد، وبلغت قيمة الانتاج حوالي 440 مليون ريال يمني، وفقا لما أكده رئيس جمعية التين الشوكي علي بن علي العراسي». كما بلغت قيمة الصادرات من التين الشوكي التي بدأت لأول مرة العام 2006 2007 حوالي 187 مليون ريال يمني معظمها إلى دول الخليج. وإزاء الأسباب التي دفعت صاحب التجربة إلى زراعة «البلس» يقول عادل مطهر إن «الفكرة لم تأت اعتباطاً وإنما عن دراسة مسبقة خلصت إلى أن المنطقة تعاني من شحة الموارد المائية وبالتالي لابد من إدخال نباتات تناسب هذا الوضع.. فوقع الاختيار على التين الشوكي لأنه يعطي الكثير ولا يأخذ إلا القليل من المياه». وعن الآليات المستخدمة التي جعلت هذه الثمرة تنتج في موسمين متتالين قال مطهر «قمنا بتطوير زراعة التين الشوكي بطرق حديثة وليست عشوائية ثم طبقنا برنامج ري محدد بكميات ومواعيد دقيقة وإذا تأخرت أسبوع لا تعطى النتائج نفسها، كما أننا اتبعنا طرقاً خاصة في عملية تقليب التربة، والتقليم، كما انتهجنا عملية فحص وتحليل التربة في المختبرات العلمية». وقال: «نتمنى أن يكون ما انتهينا إليه قاعدة عملية لإنتاج جميع الفواكه والخضار لأنها تجربة قابلة للتعميم والدليل النتائج المحققة في منطقة غيمان التي دفعت المزارعين إلى استبدال زراعة القات بالتين الشوكي، ونحن عازمون على تطوير التجربة وإدخال أساليب جديدة في عملية التسويق وقد بدأناها مؤخراً وذلك بالتغليف البلاستيكي لكل 12 حبة توزع مباشرة إلى المستهلك». (البيان)