عاش قطاع غزة أمس يوماً مضاعفاً من المعاناة، فبعد توقف جزئي لإمدادات الوقود بعد عملية «كسر الحصار»، سادت في أجواء القطاع حالة استنفار أمني وترقب ما هو أسوأ مع بدء إسرائيل حملة دبلوماسية لحشد الرأي العام العالمي لعدوان واسع جديد على القطاع، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود أولمرت أنه سيكون رداً لا يمكن لحماس بعده أن تعمل بالشكل الذي تعمل به اليوم». في وقت تتواصل فصول المحاولات الأميركية للتوصل إلى حلول سلمية ولو آنية، إذ سارعت السلطة الفلسطينية إلى نفي صحة أنباء إسرائيلية عن توجه أميركي لإبرام تفاهمات تؤجل بحث قضية القدس لخمس سنوات، وتعطي الفلسطينيين صلاحيات إدارية وخدمية خلال هذه السنوات. وتوعد رئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود أولمرت بضرب حركة «حماس» بعد عملية «كسر الحصار». وقال اولمرت لنواب من حزب «كاديما»، «حماس مسؤولة عما يحدث في الجنوب. أعدكم ان الرد على حماس وتوغلت قوات إسرائيلية وسط وشمال قطاع غزة مساء أمس وداهمت عدة منازل واعتقلت مواطنين. وقال سكان محليون إن «قوات إسرائيلية معززة بعدة آليات عسكرية توغلت في منطقة وادي السلقا شرق دير البلح وسط قطاع غزة، واقتحم الجنود الإسرائيليون خمسة منازل وحولوها إلى ثكنات عسكرية». كما توغلت قوة إسرائيلية أخرى في حي الأمل في منطقة البورة، شرق بلدة بيت حانون شمال القطاع واعتقلت خمسة فلسطينيين واقتادتهم لداخل السياج الأمني بالقرب من الخط الأخضر. كما قالت مصادر إسرائيلية لصحيفة «هآرتس» الإسرائيلية أمس، إن الحملة الدبلوماسية والإعلامية «تستهدف تبرير أي إجراءات من الممكن أن تتخذها الدولة العبرية ضد غزة أو حركة «حماس» وتحميلها مسؤولية وقف الإمدادات الإنسانية إلى قطاع غزة، وهو ما اعتبرته الحركة تهيئة أجواء لشن عدوان واسع جديد على القطاع، وحذرت بلسان الناطق باسمها سامي أبوزهري من الاقدام على مثل هذه المغامرة. وقال نائب وزير الدفاع الإسرائيلي ماتان فيلناي «سنصفي حساباتنا مع حماس المسؤولة الوحيدة عن كل ما يجري في قطاع غزة. وسنختار الزمان والمكان المناسبين». إلى ذلك، قال مسؤول إسرائيلي إن معبر ناحال عوز الذي تمر منه المحروقات المخصصة لقطاع غزة أغلق «مؤقتاً» أمس، لكنه لفت إلى قرار إسرائيلي اتخذ أمس بمعاودة مد القطاع بالوقود خلال الأيام المقبلة لتأمين الحد الأدنى من الاحتياجات الإنسانية لسكانه. وحذر نائب رئيس جمعية أصحاب شركات البترول في القطاع الدكتور محمود الخزندار، من وقوع كارثة إنسانية خطيرة اثر إغلاق إسرائيل بوابة موقع «ناحال عوز». وقال الخزندار إن مشكلة الوقود والغاز تتفاقم مشيراً إلى أن إسرائيل لم تسمح بإدخال أي صنف من المحروقات إلى القطاع، محذراً من نفاد الكميات الشحيحة من البترول في القطاع وخاصة السولار الصناعي الذي يلزم لتشغيل محطة الكهرباء، إضافة إلى الغاز المنزلي المهم لحياة المواطنين اليومية. في موازاة ذلك، وعلى الجانب السياسي، نفى رئيس الوفد الفلسطيني المفاوض أحمد قريع ما نشرته أمس صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، عن اتفاق على تأجيل مفاوضات الوضع النهائي حول القدس لخمس سنوات، والاستعاضة عن ذلك بترتيب بعض نشاطات الحكم الذاتي للخدمات الإدارية والبلدية على بعض أحياء القدس لفترة تجريبية. وقال قريع للصحافيين في رام الله «هذا لم يحدث ولن يحدث» معلناً رفض السلطة «التام لأي تأجيل لأي من قضايا الحل النهائي، وتمسكها بوضع كافة قضايا الوضع النهائي على طاولة المفاوضات، وفي مقدمتها قضية القدس عاصمة الدولة والشعب الفلسطيني، وقضية اللاجئين». وأضاف «نحن نسعى لإنجاح المفاوضات والوصول إلى حل نهائي وشامل خلال هذا العام، ولا يمكن تأجيل أي من قضايا الحل النهائي كي نصل لسلام عادل وشامل ووضع آمن ومستقر في المنطقة». ورجحت مصادر في الوفد الفلسطيني المفاوض أن يكون مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية ايهود اولمرت، سرب هذا النبأ في محاولة منه لاختبار مواقف الفلسطينيين. وكانت «يديعوت احرنوت» نشرت ان الولايات المتحدة اقترحت على الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي إرجاء بحث الملفات المعقدة كالقدس واللاجئين والتوصل إلى اتفاق مبادئ في نهاية العام الجاري، وأوضحت الصحيفة ان هذا الاتفاق يضمن تأجيل قضية اللاجئين ويمنح الفلسطينيين صلاحيات مدنية خدماتية محدودة في القدس لمدة خمس سنوات تحصل بموجبه السلطة على صلاحيات مدنية خدماتية محدودة في الأحياء العربية في المدينة. ونقلت عن مسؤول إسرائيلي قوله ان الجانبين لن يكون أمامهما خيار وسيضطران إلى قبول الاقتراح إذا أصر الأميركيون على ضرورة التوصل إلى اتفاق مبادئ حتى نهاية العام الجاري وفقاً لتفاهمات أنابوليس. الوكالات