استكملت التحضيرات في المجلس النيابي اللبناني تمهيداً للحدث التاريخي الذي سيشهده اليوم بانتخاب الرئيس الثاني عشر للجمهورية اللبنانية بعد مخاض عسير وضع الجمهورية على مدى تسعة اشهر على حافة الحرب الأهلية، لينقذها اتفاق عربي ستمتد مفاعليه حتى إيصال قائد الجيش العماد ميشال سليمان الى كرسي الرئاسة في بعبدا. ويستقطب لبنان مجدداً اليوم الأضواء العربية والدولية مع قرار دول عدة ان تكون شاهداً على جلسة انتخاب الرئيس في ساحة النجمة، بدءاً من حضور أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، مروراً بحضور رؤساء حكومات ووزراء خارجية دول كان لها تأثير مباشر في أزمة لبنان او حلحلتها، وأبرز هؤلاء وزراء خارجية سورية والسعودية وإيران ومصر. كما يحضر مبعوث الامين العام للامم المتحدة لتنفيذ القرار 1559 تيري رود لارسن. ويعقد المجلس النيابي جلستين اعتباراً من الخامسة عصراً، الأولى تخصص لانتخاب الرئيس والثانية لأداء الرئيس القسم الدستوري، ويتوقع حضور 127 نائباً (من اصل 128، لعدم انتخاب بديل من النائب انطوان غانم الذي اغتيل في 19 أيلول/ سبتمبر 2007)، وذلك وسط إجراءات أمنية مشددة تمتد من مطار الرئيس رفيق الحريري الدولي في بيروت الى قلب بيروت وصولاً الى قصر بعبدا. ويرافق رئيس المجلس النيابي نبيه بري بعد جلسة الانتخاب التي سيقتصر حضورها على النواب، الرئيس المنتخب الى مبنى البرلمان لجلسة القسم، ويدخلان معاً مع أمير قطر ورئيس الحكومة فؤاد السنيورة ورئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان الى القاعة العامة التي سيكون حاضراً فيها رئيس الوزراء القطري ورئيس مجلس الشعب المصري فتحي سرور ورئيس المجلس النيابي العراقي محمود المشهداني، الذي وصل الى لبنان براً من طريق نقطة المصنع الحدودية، ووزراء خارجية الدول العربية الثماني التي أسهمت مع الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى في إخراج الحل للأزمة (اليمن، البحرين، الجزائر، المغرب، عمان، الأردن، جيبوتي والإمارات)، كذلك سيشارك وزراء خارجية السعودية الأمير سعود الفيصل وإيران منوشهر متقي وسورية وليد المعلم ومصر احمد ابو الغيط والعراق هوشيار زيباري وتركيا علي باباجان وفرنسا برنار كوشنير وإيطاليا فرنكو فراتيني وإسبانيا ميغل انخل موراتينوس والممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا ورئيسا الاتحاد البرلماني الدولي والعربي والسفراء المعتمدون في لبنان. وسيمثل مستشار الرئيس السوداني مصطفى عثمان إسماعيل، الرئيس عمر حسن احمد البشير ويصل اليوم على رأس وفد. ومن الذين وصلوا عصراً، وزراء خارجية البحرين الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة وسلطنة عمان يوسف بن علوي الابراهيم، واليمن أبو بكر القربي ومبعوث رئيس الاتحاد السويسري ديزييه بفيرتر. وسيخصص بري الكرسي عن يساره للشيخ حمد بن خليفة على ان يكون الكرسي عن يمينه للرئيس المنتخب العماد سليمان. أما الصفوف الأولى من المنصة العليا في قاعة المجلس الرئيسة فستخصص للضيوف العرب والأجانب، في مقدمهم الشيخ حمد بن جاسم رئيس اللجنة الوزارية العربية رئيس حكومة قطر ووزير خارجيتها بصفته رئيس لجنة الوساطة العربية. وكان العماد سليمان وضع اللمسات الأخيرة على خطاب القسم الذي كتبه بخط يده، وذكرت «وكالة الأنباء المركزية» ان الخطاب سيكون «مقتضباً ويتناول المواضيع - الهواجس اكثر من تلك الروتينية التي ركزت عليها خطابات أسلافه، ولن يخرج الخطاب عما يعرف من أفكار وعناوين وطنية كان العماد سليمان يدعو دائماً إليها في مواقفه، خصوصاً لدى مرور البلاد بمحطات دقيقة سياسية أو أمنية من خلال السنوات الثلاث المنصرمة، حيث كان واضحاً في دعوة السياسيين والقيادات الى الحوار والتفاهم من اجل منع انعكاس الخلاف في الشارع وحرصاً على سلامة الوطن والمواطن وصوناً للسلم الأهلي، وكذلك دعواته المستمرة الى تعاون الجميع وتوافقهم من اجل إنقاذ البلاد، إضافة الى دعوة المغتربين الى إبقاء تواصلهم مع الوطن الأم قائماً». وترجم الخطاب الى اللغتين الفرنسية والإنكليزية وستودع نسخ منه لدى السفارات الخارجية في لبنان، كذلك ستوزع وزارة الخارجية نسخاً منه على السفارات اللبنانية في الخارج. ومن المقرر ان ينتقل سليمان الى القصر الجمهوري رسمياً غدا صباحا. وازدانت المناطق اللبنانية، عشية جلسة الانتخاب بصور الرئيس المقبل ومنها ببذات عسكرية وأخرى ببذات مدنية، كما ازدانت الشوارع بالأعلام اللبنانية ورايات الجيش، ورفعت اللافتات المرحبة بانتخابه والمؤيدة له. وتكثفت الصور في منطقتي بعبدا وجبيل (مسقط الرئيس) ورفعت الزينة في صيدا، وصور كبيرة للعماد سليمان على مبنى القصر البلدي وفي ساحة الشهداء. وفي مدينة النبطية رفعت لافتات الترحيب بانتخابه رئيساً. وازدانت شوارع مدينة صور وضواحيها بالأعلام اللبنانية وصور سليمان ورفعت اللافتات فوق أسطح المؤسسات العامة والخاصة، واصفة سليمان ب «حاضن الوطن والجيش والمقاومة». وفي الكورة، رفع اتحاد بلديات القضاء اللافتات المرحبة بانتخاب سليمان وازدانت شوارع المنطقة وشرفاتها بالأعلام اللبنانية وأعلام الجيش. وانتشرت اللافتات المرحبة بانتخابه في زغرتا موقعة من مجلس بلدية اهدن - زغرتا وأصدقاء الجنرال ميشال سليمان، إضافة الى الصور الجدارية على أوتوستراد الرئيس فرنجية وصولاً إلى محلة العقبة - زغرتا. وأعطى رئيس طائفة الأقباط الأرثوذكس في لبنان الأب فيلوباتير الأنبى بيشوي توجيهاته بأن تدق أجراس الكنيسة عقب إعلان الرئيس بري العماد سليمان رئيساً للجمهورية, متمنياً على كل الكنائس في لبنان ان تدق أجراسها في الموعد نفسه, «شاكرة الله على الاستقرار في لبنان», ومهنئاً «الشعب اللبناني بالسلام», والرئيس العماد سليمان قائلاً: «الرب يحفظه ولبنان, أزمنة هادئة, سالمة ومديدة». منع اطلاق الرصاص وأصدرت قيادة الجيش - مديرية التوجيه بياناً ذكرت فيه «المواطنين في مختلف المناطق بدعواتها السابقة الى عدم إطلاق النار خلال المناسبات العامة والخاصة، لا سيما مع استحقاق انتخاب رئيس للجمهورية (اليوم)، لكون هذه الظاهرة تشكل إساءة الى المحتفى به، والى صورة لبنان في ظل وجود عدد من رؤساء الدول الصديقة والشقيقة والبعثات الديبلوماسية والإعلامية الخارجية، مع التنبيه الى أن أي مخالفة في هذا الشأن ستعرض مرتكبها للملاحقة القانونية». (الحياة)