بعد ان فشلت جميع الجهود الدولية الرامية إلى تسوية أزمة "الفراغ الرئاسي" في لبنان، في جمع الفرقاء اللبنانيين تحت قبة مجلس النواب لاختيار رئيس جديد للجمهورية وإقرار تعديلات دستورية ، قرر رئيس مجلس النواب، نبيه بري تأجيل التصويت على اختيار قائد الجيش، العماد ميشال سليمان، رئيساً للجمهورية اللبنانية، إلى جلسة 22 من ديسمبر الجاري، وهي المرة التاسعة التي يتم فيها التأجيل منذ سبتمبر/ أيلول الماضي. ويأتي هذا التأجيل، الذي يُعتقد أنه لن يكون الأخير، رغم استمرار الجهود دولية وإقليمية، خاصة من جانب فرنسا والولايات المتحدةالأمريكية، إضافة إلى أطراف عربية فاعلة، لتسوية الأزمة التي تركت لبنان بلا رئيس منذ أواخر نوفمبر/ تشرين الأول الماضي. وكان مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأوسط، ديفيد ولش، قد وجه مؤخراً دعوة إلى زعماء كافة القوى السياسية اللبنانية إلى التوجه لمقر البرلمان، والتصويت على انتخاب رئيس للبنان، وإقرار التعديلات الدستورية المطلوبة. إلا أن مصادر سياسية في العاصمة بيروت، أعربت في وقت سابق، عن اعتقادها بأن مجلس النواب قد يؤجل جلسته للمرة التاسعة، مما ينذر باستمرار أزمة "الفراغ الرئاسي"، التي بدأت قبل أكثر من ثلاثة أسابيع. وفيما تتواصل الخلافات بين فريقي الأكثرية النيابية والمعارضة حول آليات تعديل الدستور، فقد اتفق الجانبان على أن هجوم الأسبوع الماضي، الذي راح ضحيته مدير عمليات الجيش اللبناني، اللواء الركن فرانسوا الحاج، يستهدف "زعزعة معنويات المؤسسة العسكرية، والإضرار بصورة الجيش" في حفظ الأمن والاستقرار الداخلي. واتفقت الحكومة وقادة المعارضة على أن اغتيال الحاج محاولة للإضرار بصورة الجيش المرشح قائده للرئاسة، كما شدد الجانبان على ضرورة إنجاز الانتخابات الرئاسية في أسرع وقت، منعاً لمزيد من "زعزعة الاستقرار" في لبنان. وأعلن الجانبان، كل على حدة، أن الرد على اغتيال مدير عمليات الجيش، يكون بالإسراع في انتخاب قائد الجيش، العماد سليمان، رئيساً للجمهورية. وينص الدستور اللبناني على انطلاق اقتراح قانون التعديل من مجلس النواب، بعد أن يوافق عليه ثلثا أعضائه، ثم تتم إحالته إلى الحكومة، التي يجب أن توافق عليه بثلثي أعضائها، وتعيده بعد ذلك إلى مجلس النواب لإقراره نهائياً. وانتهت مهلة دستورية لانتخاب رئيس للبنان، بدأت في 25 سبتمبر/ أيلول الماضي، مع نهاية ولاية الرئيس لحود، في 24 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، من دون أن يتمكن مجلس النواب من انتخاب خلف له، مما يعني انتقال صلاحياته إلى حكومة فؤاد السنيورة، والتي تعتبرها المعارضة "غير دستورية"، وهو نفس الوصف الذي أطلقه لحود على الحكومة قبل مغادرته السلطة. ويريد قادة المعارضة، ومن بينهم رئيس مجلس الأمة بري، وقطب المعارضة المسيحي ميشال عون، أن يتجاوز التعديل حكومة السنيورة، التي يعتبرها المعسكر المعارض "غير شرعية"، منذ انسحاب جميع وزرائها الشيعة قبل 13 شهراً. أما الائتلاف الحاكم، فيصر على أن أي تعديل ينبغي أن يمر عبر حكومة السنيورة تماشياً مع الدستور، لكن المعارضة تخشى أن يعتبر هذا اعترافاً ضمنياً بالحكومة وكل قراراتها. سي ان ان.