أدى قائد الجيش اللبناني العماد ميشال سليمان اليمين الدستورية رئيسا جديدا للبنان بعد وقت قليل من انتخابه لهذا المنصب من قبل مجلس النواب (البرلمان)، لينهي بذلك فراغا رئاسيا دام نحو ستة أشهر وأزمة سياسية طاحنة أوصلت البلاد إلى شفا حرب أهلية. وألقى العماد سليمان كلمة بهذه المناسبة رحب فيها بأمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني والحضور من العرب والأجانب، مؤكدا أن هذه اللحظة تؤسس لمرحلة جديدة عنوانها لبنان واللبنانيون يتم فيها الالتزام بمشروع وطني وتفعيل المؤسسات الدستورية.
وشدد على أن الخلاف السياسي يجب أن يكون حافزا لتفادي العثرات في المستقبل وتمكين المؤسسات -ومن بينها رئاسة الجمهورية- من أداء دورها.
وقال العماد سليمان إنه سيسعى لإعادة لبنان إلى الخارطة الدولية واستعادة دوره بوصفه مثالا حيا لتمازج الثقافات، معتبرا أن التمسك بالدستور هو الأساس الذي سيتم اعتماده في العلاقات الخارجية.
وانتقد ما وصفها بلغة التخوين والاتهامات المتبادلة بين اللبنانيين، ودعا لتحصين الوطن عبر التلاقي وثقافة الحوار وليس جعله ساحة صراعات.
كما شدد في كلمته على ضرورة الحفاظ على المقاومة للاستفادة منها في الإستراتيجية الدفاعية للبلد، مؤكدا أن البندقية يجب ان تصوب نحو العدو ولا يسمح أن يكون لها أي وجهة أخرى.
ودعا سليمان إلى إقامة علاقات دبلوماسية مع سوريا في إطار الاحترام المتبادل لسلامة وحدود كل بلد.
ثم ألقى أمير قطر كلمة شدد فيها على ضرورة تغيير صيغة لا غالب ولا مغلوب بصيغة غالب وهو لبنان ومغلوب وهو الفتنة، مشددا على أن الصيغة الأولى لا تحل الأزمة بل تؤجلها والوضع الدولي لا يسمح بالقبول بها.
وأكد أنه لا بديل للبنانيين سوى التوافق والتراضي وعلى نحو يضمن مصالح لبنان وسلمه الأهلي.
وكان رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري استهل جلسة أداء القسم بكلمة أثنى فيها على انتخاب سليمان، معتبرا ذلك خطوة نحو الوئام والوفاق الوطني، ومؤكدا أن هذا الوفاق هو السبيل لخلاص لبنان.
كما أثنى بري على الدور الذي لعبه أمير قطر ورئيس وزرائها الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني وكذلك على دور الوسطاء العرب والأجانب في إنهاء الأزمة في بلاده.
وأكد أن المهمة الرئيسية الأولى للبرلمان أنجزت وهي انتخاب سليمان رئيسا، وتبقى مهام أخرى أبرزها وضع الإستراتيجية الدفاعية للبنان وتشكيل حكومة وحدة وطنية وسن القانون الانتخابي. تصويت البرلمان وكان البرلمان اللبناني انتخب العماد سليمان رئيسا جديدا للبلاد وسط حضور عربي ودولي لافت وإجراءات أمنية مشددة.
وصوت 118 من أصل 127 نائبا من الموالاة والمعارضة لصالح انتخاب سليمان رئيسا مقابل ستة أوراق بيضاء.
وكان النواب بطرس حرب وحسين الحسيني ونائلة معوض وجورج عدوان استهلوا جلسة التصويت بإعلان تأييدهم لانتخاب سليمان رئيسا، لكنهم أبدوا تحفظهم لعدم إجراء التعديل الدستوري المطلوب لذلك.
ورد رئيس مجلس النواب بالقول إن انتخاب سليمان دستوري بحسب المادة 73 المرعية في هذا الإجراء وليس المادة 74، وطلب بإجراء التصويت بعد إرجائه 19 مرة بسبب الأزمة، ما تسبب في فراغ رئاسي في البلاد دام نحو ستة أشهر.
وحضر التصويت رئيس وزراء قطر الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني الذي كان مع أمير قطر القوة المحركة وراء اتفاق الدوحة الذي أنهى أزمة سياسية غير مسبوقة في لبنان استمرت أكثر من 18 شهرا، كما حضر التصويت مجموعة من وزراء الخارجية العرب والأجانب بينهم وزيرا خارجية سوريا والسعودية بالإضافة إلى فرنسا وتركيا ومصر وإيران.
واتخذ عناصر الجيش وقوى الأمن الداخلي إجراءات أمنية كثيفة في محيط مجلس النواب وعند مداخل الوسط التجاري لبيروت، وانتشروا على سطوح المباني التي تحيط بمبنى المجلس.
يشار إلى أن العماد سليمان تخرج من الأكاديمية العسكرية عام 1970 ويحمل إجازة في العلوم السياسية والإدارية من الجامعة اللبنانية. وولد سليمان في قرية عمشيت ذات الأغلبية المسيحية، ويجيد اللغتين الإنجليزية والفرنسية، وهو متزوج وله ولد وبنتان. المصدر: الجزيرة + وكالات