شهدت أزمة "الفراغ الرئاسي" في لبنان، التي دخلت شهرها الثاني، تصعيداً جديداً الاثنين، بعدما أقرت الحكومة اللبنانية مشروع قانون لتعديل الدستور، وهو الاقتراح الذي أعلنت قوى المعارضة رفضها له، بدعوى أن حكومة رئيس الوزراء، فؤاد السنيورة، "فاقدة للشرعية." ففي اجتماع عقده الاثنين بحضور 16 وزيراً يشكلون نحو ثلثي أعضاء الحكومة، اقر مجلس الوزراء مشروع قانون لتعديل المادة 49 من الدستور اللبناني، ليتيح ترشيح موظفي الفئة الأولى لمنصب رئيس الجمهورية، كما أقر فتح دورة استثنائية لمجلس النواب اعتباراً من الأول من يناير/ كانون الثاني المقبل. ولكن مصادر في المعارضة اعتبرت هذه الخطوة "استفزازية" من جانب الحكومة، حيث أشارت تلك المصادر إلى أن حكومة السنيورة "غير الشرعية، تسعى من خلال هذا الإجراء، إلى البدء بممارسة صلاحيات رئيس الجمهورية، والتي تنتقل إليها بموجب الدستور، في حالة غياب رئيس الجمهورية. وكان رئيس مجلس النواب اللبناني، نبيه بري، وهو أحد أقطاب المعارضة، قد ذكر في وقت سابق، في تصريحات نقلتها صحيفة "الديار"، أن المجلس لن يتسلم أية مقترحات تقدمها حكومة السنيورة لتعديل الدستور، قائلاً إنها "غير شرعية وغير دستورية." ويهدف التعديل الذي اقترحته الحكومة، إلى فتح الباب أمام اختيار قائد الجيش اللبناني، العماد ميشال سليمان، رئيساً للجمهورية، حيث يحظر الدستور الحالي على موظفي الفئة الأولى الترشح للمنصب قبل عامين من ترك مناصبهم. وكان رئيس البرلمان اللبناني قد قرر في وقت سابق من هذا السبوع، إرجاء الجلسة العاشرة التي كانت مقررة السبت 22 ديسمبر/ كانون الثاني الجاري، لانتخاب رئيس للجمهورية، إلى 29 من الشهر نفسه، وهو التاجيل العاشر لاختيار رئيس جديد للبنان، منذ بدء أزمة "الاستحقاق الرئاسي" في سبتمبر/ أيلول الماضي. وانتهت مهلة دستورية لانتخاب رئيس للبنان، بدأت في 25 سبتمبر/ أيلول الماضي، مع نهاية ولاية الرئيس السابق إميل لحود، في 24 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، من دون أن يتمكن مجلس النواب من انتخاب خلف له، مما يعني انتقال صلاحياته إلى حكومة فؤاد السنيورة، والتي تعتبرها المعارضة "غير دستورية"، وهو نفس الوصف الذي أطلقه لحود على الحكومة قبل مغادرته السلطة. ويريد قادة المعارضة، ومن بينهم رئيس مجلس الأمة بري، وقطب المعارضة المسيحي ميشال عون، أن يتجاوز التعديل حكومة السنيورة، التي يعتبرها المعسكر المعارض "غير شرعية"، منذ انسحاب جميع وزرائها الشيعة قبل 13 شهراً. أما الائتلاف الحاكم، فيصر على أن أي تعديل ينبغي أن يمر عبر حكومة السنيورة تماشياً مع الدستور، لكن المعارضة تخشى أن يعتبر هذا اعترافاً ضمنياً بالحكومة وكل قراراتها. وينص الدستور اللبناني على انطلاق اقتراح قانون التعديل من مجلس النواب، بعد أن يوافق عليه ثلثا أعضائه، ثم تتم إحالته إلى الحكومة، التي يجب أن توافق عليه بثلثي أعضائها، وتعيده بعد ذلك إلى مجلس النواب لإقراره نهائياً. كما يمكن تعديل الدستور بموجب اقتراح من رئيس الجمهورية، تقدمه الحكومة إلى البرلمان، ولكن غياب رئيس الجمهورية، إضافة إلى عدم اعتراف زعماء المعارضة بشرعية الحكومة، يحول دون اللجوء إلى هذا الخيار./ CNN