تشهد جماعة الإخوان المسلمين بمصر حالة واسعة من الجدل الساخن بعد تسرب أنباء عن إجراء انتخابات داخلية لاختيار أعضاء جدد بمكتب إرشاد الجماعة الذي يمثل أعلى الهيئات القيادية والمؤثرة، وقالت مصادر إن الانتخابات أجريت بالفعل وسط تكتم شديد من قيادات الجماعة التي تخشى الملاحقات الأمنية، مشيرة إلى أن النتائج تصب في اتجاه سيطرة "شبه تامة" من قبل جيل الوسط على مقاليد الأمور واستبعاد عدد من أبرز رموز الجيل القديم "جيل المؤسسين" وفي مقدمتهم القياديان محمد هلال (88 عاما) ولاشين أبو شنب (90 عاما) تحت دعاوى شيخوخة الرجلين. وذكرت المصادر أن أبرز ما أفرزته الانتخابات دخول وجوه جديدة لعضوية مكتب الإرشاد في مقدمتها رئيس الكتلة البرلمانية الدكتور سعد الكتاتني، وعضو الكتلة سعد الحسيني، إضافة إلى عبد الخالق الشريف مسؤول قسم نشر الدعوة، ومحيي حامد القيادي بمحافظة الشرقية، وأسامة نصر مسؤول المكتب الإداري للجماعة بالإسكندرية، فيما تمثلت المفاجآت الكبرى في استبعاد عدد من أبرز رموز الجماعة من عضوية مكتب الإرشاد وفي مقدمتهم الدكتور عصام العريان مسؤول المكتب السياسي، والدكتور جمال حشمت عضو مجلس الشعب السابق. وفيما توقع مراقبون أن يتم الإعلان عن اختيار الدكتور محمد مرسي رئيس الكتلة البرلمانية السابق في موقع النائب الثاني لمرشد الجماعة بديلا للرجل القوي المهندس خيرت الشاطر الذي يقضي عقوبة السجن سبع سنوات بعد أن أدانته محكمة عسكرية مؤخرا في قضية غسيل الأموال والإرهاب، فإنهم أشاروا إلى أن ترتيبات تجري بالهيئات القيادية يتم بمقتضاها استبعاد من يحسبون على جناح الصقور كالعريان وحشمت والدكتور عبد المنعم أبو الفتوح لصالح المحسوبين على جناح "الحمائم" وأصحاب العلاقات بشكل أو بآخر مع أطراف مختلفة سواء في الحكومة المصرية أو هيئات أوروبية وأمريكية وفي مقدمتهم الكتاتني مسؤول الملف البرلماني الذي أدار من خلاله اتصالات مع أطراف في الحكومة والحزب الوطني الحاكم، ويذهب هؤلاء المراقبون إلى أن الفترة المقبلة ستشهد مفاجآت على صعيد العلاقة بين الجماعة والحزب الوطني الحاكم، تتمثل أبرز مظاهرها في تخلي الجماعة عن موقفها "المعلن" برفض تولي نجل الرئيس مبارك "جمال" الحكم، مقابل إعطاء الجماعة ميزات جديدة بشأن عملها في الشارع السياسي المصري ربما يكون من بينها الموافقة على إنشاء حزب سياسي للجماعة. تسعى الجماعة حسب مراقبين إلى إبراز ذوي العلاقات المتميزة مع أطراف أوروبية وأمريكية لتكون هذه العلاقات بمثابة ورقة ضغط في مواجهة الحكومة وملاحقاتها المستمرة، والتي تستند في تلك النقطة إلى إبداء جهات أوروبية وأمريكية مختلفة رغبتها في إجراء حوار مع الجماعة والدخول في علاقة معها، كونها القوة الأكثر تنظيما و تأثيرا في الشارع المصري، والمرشحة في أي وقت للحصول على مزيد من التمثيل البرلماني. من جهة أخرى تشير مصادر إلى أن الصدامات المتوالية لمرشد عام الجماعة محمد مهدي عاكف مع أطراف في النظام الحاكم أو قوى المعارضة دفعت بنائبه الأول الدكتور محمد حبيب إلى السيطرة على الملفات المهمة والخاصة بعلاقات الجماعة مع مختلف الأطراف منعا لمزيد من التوتر، لكن الخبير بشؤون الجماعات الإسلامية بمركز دراسات الأهرام ضياء رشوان لا يتفق مع ذلك مشيرا إلى أن موقع المرشد يظل له احترامه مهما كانت مواقفه وقوة الأشخاص المحيطين به. ورغم أن رشوان يستبعد أن تلجأ الجماعة إلى إطاحة رجلها القوي خيرت الشاطر استنادا إلى سجنه سبع سنوات، إلا أن مصادر أكدت أن أصحاب الدعوة لإطاحة الشاطر يستندون إلى نص يخص مكتب الإرشاد ويقضي باستبعاد من تحول ظروف قهرية دون أدائه مهامه. فيما رجحت مصادر أن تشهد الجماعة حالة موسعة من الانشقاقات والصراعات في حال استبعاد شخصيات كعصام العريان وجمال حشمت من عضوية مكتب الإرشاد. (الخليج)