أروى عبده عثمان امرأة يمنية أحبت وعشقت الموروث الشعبي والروايات والحكايات الشعبية منذ صغرها فكرست حياتها وكل ما تملك لخدمة هذا الموروث والحفاظ عليه.. بدايتك مع الموروث الشعبي؟ وماهو سر اهتمامك به ؟ انا ابنة بيئة شعبية ومن أسرة فلاحة عاشت في مدينة تعز في حارة يطلق عليها (سوق الصميل)، وكانت النساء يأتين إلى هذا السوق من كل مكان لغرض الاسترزاق من خلال بيع ما صنعنه في بيوتهن وكنا يرتدين الملابس التقليدية الشعبية كل حسب عاداته وتقاليده، وكان هذا السوق يمثل كرنفالا جماليا غاية في الروعة، كما كانت تأتي فرق شعبية لإلقاء الأناشيد وقصائد المديح والموالد النبوية، بعد ذلك بدأت تختفي الكثير من هذه المعالم، كما بدأت معالم السوق تتغير و كانت جدتي حينها مخزن هائل من الحكايات والروايات الشعبية ، بل انها كانت موسوعة إبداعية متنوعة تسرد علي الحكايات والأساطير الشعبية.. لكنها ماتت دون ان يكتمل النص لدي، لذلك بدأت أكرس كل اهتمامي بالموروث الشعبي ، واذكر ان والدي كان يعطيني خمسين ريالا كمصروف للمدرسة وكنت اشتري بجزأ منها أشياء تراثية كالفضة والملابس وغيرها واجمعها في غرفتي الخاصة وكنت أتزين بها في المناسبات، حتى أصبح ذلك جزءا من شخصيتي، بعد ذلك بدأت اكتب الحكايات الشعبية التي كانت ترويها لي جدتي في الصحف الثقافية ، وكنت أتنقل بين المناطق والقرى البعيدة في المحافظات وألتقي بشيوخ ونساء عجائز ليروون لي عادات وتقاليد آبائهم وأجدادهم وكنت انشرها في الصحف.. بعدها اتجهت لجمع المؤلفات والكتب التي لها علاقة بالموروث الشعبي، وكونت لي مكتبة في بيتي كنت انهل منها عند الكتابة ، ولم يقتصر اهتمامي بالموروث على جمع الكتب فقط بل وكل ماله علاقة بالموروث الشعبي منذ اكثر من خمسة عشر عاما. معاناة على ماذا كنت تركزين أثناء سفرك إلى المدن والمناطق اليمنية ؟ كنت أركز بشكل رئيسي على توثيق عادات الزواج والرقصات الشعبية والختان والملابس وبناء العشش وأغاني الطحين والمهاجل النسائية أثناء الحصاد وأسجل مدى الاختلاف والتشابه في هذه العادات من منطقة لأخرى ، واقضي اشهرا بعيدا عن أهلي لجمع وتدوين هذا التراث الشعبي وكنت أعاني واتعب كثيرا لدرجة أنني كنت انام أحيانا بين العقارب والحيات والزواحف المختلفة، واكلت طعاما مختلطا بالحشرات. وشربت الماء الملوث مضطرة حتى احصل على المعلومات التي أريدها ، لأنني اذا تأففت او تقززت من الأكل او الشرب فلن احصل على شيء. فكنت احرص على مجاراتهم والتعايش معهم كما يريدون لأحصل على جزء مما أريد. يقال انك بعت أرضك من اجل التراث ؟ صحيح فحبي للتراث وعشقي له جعلني أبيع قطعة الأرض الخاصة بي واصرف عائدها على جمع التراث، كما أنني أنفقت ثمن الجائزة التي حصلت عليها من مهرجان الشارقة لصالح بيت الموروث الشعبي ايهما أكثر محافظة على التراث المرأة أم الرجل ؟ المرأة أكثر محافظة على التراث من الرجل لانها ليست مغتربة بعكس الرجل الذي ينسيه الاغتراب والهجرة للكثير من عاداته وتقاليده. أقمتم مؤخرا مهرجان ( المدرهة ) .. ما اصل ومضمون هذا المهرجان وعلاقته بالموروث الشعبي ؟ مهرجان (المدرهة) هو عبارة عن أرجوحة كانت تقام ضمن التقاليد الشعبية في اليمن وكان يقام قديما اثناء توديع واستقبال الحجيج الذين يذهبون لأداء مناسك الحج وكانت الرحلة تستغرق اشهرا فيقوم اهل الحاج بعمل المدرهة لتوديعه واستقباله ويتم فيها التغني وممارسة الكثير من الطقوس الشعبية ( ابتهالات تغاريد اهازيج ) وكلها تحمل اللوعة والشجن لفراق الحاج كما تحمل الفرح والسرور لعودته ويستمر عمل المدرهة منذ تهيئة الحاج للسفر وحتى عودته ، وقد انقرضت هذه العادة منذ زمن ، وأردت بعمل هذا المهرجان احياء هذه العادة الشعبية كجزء من التراث الشعبي. بماذا تطمحين مستقبلا ؟ اطمح ان يكون هناك نوع من الاهتمام بهذا الموروث الأصيل من قبل الدولة والحفاظ عليه ، واتمنى ان يطور هذا البيت ليصبح مؤسسة تراثية كبيرة في المستقبل. *(سيدتي)