«ليالي الفنون الخالدة» تعيد الغناء بالفصحى    لقاء مسلح لقبائل مران بصعدة إعلاناً للنفير العام والجاهزية    اكتشاف تابوت روماني محفوظ منذ 1700 عام    علماء آثار يعثرون على حجر شعار نبلاء عائلة "توت" السويدية    متفوفا على مبابي وفينيسيوس.. "لامين" يحصد جائزة أفضل لاعب بإسبانيا    صادرات اليابان ترتفع قرابة 4 %    الانتقالي الجنوبي صلابة الموقف ومسار السلام: رؤية الزُبيدي نحو مستقبل آمن للجنوب    بترومسيلة تسلم قطاع نفطي في شبوة    جرحى تعز يؤدون صلاة الجمعة أمام المحافظة ويجددون مطالبهم بالإنصاف والرعاية    صحيفة امريكية: أوكرانيا عدّلت "بند الفساد" في خطة واشنطن للتسوية    استهداف دورية عسكرية بعبوة ناسفة في شبوة    الأوقاف والخطوط اليمنية توقعان اتفاقية لنقل أكثر من 6 آلاف حاج    دبي تستضيف نزال بطولة العالم للوزن الخفيف بين نور محمدوف وديفيس    أهم مفاتيح السعادة    تحطم مقاتلة هندية خلال عرض جوي بمعرض دبي للطيران    ميزان الخصومة    مدير عام هيئة المواصفات يطّلع على سير العمل بفرع الهيئة بتعز مدير عام هيئة المواصفات يطّلع على سير العمل بفرع الهيئة بتعز    اتحاد المنسوجات يعلن استعداده توفير الملابس المحلية بجودة اعلى ومنع المستورد    تغاريد حرة.. وحدي بلا رئيس    الأسعار في الجنوب ترتفع مجددًا رغم تحسن العملة وسط إجراءات حكومية لا تعكس واقع السوق    يمن شباب تدين لغة التحريض من سلطة تعز والنقابة تدعو لوقف الزج بالأجهزة الأمنية بقضايا نشر    النفط يتراجع للجلسة الثالثة.. ضغط أمريكي للسلام الروسي الأوكراني يهدد الإمدادات    نزهة نتنياهو في الجنوب السوري.. عارٌ جلبه الجولاني يطعن كرامة العرب    الأصبحي: آلاف المرضى محرومون من العلاج بالخارج    أحمد الواحدي.. شابٌ شبواني يطرده جشع الحرامية من عدن (صور)    من يقتطع راتب الجندي الجائع لا يستحق شرف القيادة (وثيقة)    الحياة تعود لميناء عدن: سفينة ثانية ترسو في ميناء المعلا    هائل سعيد والعليمي: سطو على نفط شبوة وصفقات مشبوهة وتسليمات غامضة(وثيقة)    بطولة كأس العرب 2025.. الموعد والمكان والمشاركين    شاخوف حضرموت: رجال الجنوب.. نارٌ لا تنطفئ وجبهةٌ لا تنكسر    كم سيربح؟.. مقابلة ترامب تعزز ثروة كريستيانو رونالدو    ضبط قاتل بائع السمك في مدينة البيضاء    "زيم" البحرية تسعى للعودة إلى الإبحار عبر باب المندب    زيارة ولي العهد السعودي لأمريكا استنزاف الثروات وتبديد السيادة    بخضر : استكملنا كافة التجهيزات لنصف ونهائي البطولة ونطالب الأندية والجماهيرية بتقديم لوحة فنية وجمالية استعراضية تنافسية في الملعب والمدرجات    الجاوي: رفع سلطة صنعاء للرسوم الجمركية إعلان استسلام للعقوبات والحصار    عن وزارة الاعلام والوزير التويتري وإرث وطن    مينديش يعود لpsg الفرنسي    إحباط عملية تهريب مخدّرات وإيقاف المتورطين في منفذ الوديعة    الاتحاد اليمني لكرة القدم يصدر تعميمًا تنظيميًا شاملًا يحدد ضوابط ومواعيد مسابقات الدوري بدرجاته الثلاث    قراءة تحليلية لنص "هروب وعودة" ل" أحمد سيف حاشد"    اللحم غير المطهو جيداً... مسبّب للسرطان؟    المؤسسة الوطنية لمكافحة للسرطان تحتفي بإنجازاتها وتكرم مجموعة هائل سعيد أنعم كداعم رئيسي للمؤسسة    ثورة في علاج السكري: توصيل الأنسولين عبر الجلد دون حقن    أيهما أفضل: العمرة أم الصدقة؟    دراسة: سيجارتان يوميًا تضاعفان خطر فشل القلب والوفاة المبكرة    المنتخب الوطني يتقدم أربعة مراكز في تصنيف الفيفا    مصطفي حسان يطلق رواية أبناء الرماد.. تكشف خيبات الحرب وتعرّي الفساد    لوجه الله.. امنعوا الباصات وأعيدوا باصات النقل العامة    اختتام جمعية المنتجين ومركز سند دورة في تمكين المرأة اقتصاديًا    وزير الداخلية.. جابي ضرائب لا حامٍ للمواطن.. غرامة مالية متنقلة على ظهور الناس    قراءة تحليلية لنص "عيد مشبع بالخيبة" ل"أحمد سيف حاشد"    (هي وهو) حين يتحرك النص بين لغتين ليستقر    صنعاء.. البنك المركزي يوقف التعامل مع شبكة تحويلات مالية وأربع منشآت صرافة    العلامة مفتاح يشيد بالمشاريع الكبيرة لهيئة الزكاة    يا حكومة الفنادق: إما اضبطوا الأسعار أو أعيدوا الصرف إلى 750    إحصائية: الدفتيريا تنتشر في اليمن والوفيات تصل إلى 30 حالة    تسجيل 22 وفاة و380 إصابة بالدفتيريا منذ بداية العام 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإخوان وحزب الله.. منابع العلاقة
نشر في الوطن يوم 30 - 08 - 2008

فتحت وثيقة التفاهم التي وقعت بين حزب الله والسلفيين في لبنان، بواسطة جماعة الإخوان المسلمين المصرية، كما ردد البعض، بينما نفى إخوان مصر، باب النقاش مجددا حول شبكة العلاقات المعقدة والمتداخلة بين التنظيمات الاسلامية في المنطقة.
وتقضي الوثيقة، التي توصل اليها حزب الله وسلفيو لبنان يوم 18 من شهر أغسطس (آب) الجاري، ب«حرمة دم المسلم وتحريم وإدانة أي اعتداء من أي جماعة مسلمة على جماعة مسلمة أخرى، والامتناع عن التحريض، وتدعو إلى الوقوف في وجه المشروع الأميركي الصهيوني في إثارة الفتن والسعي للقضاء على الفكر التكفيري لدى السنة والشيعة، ومؤازرة أي فريق للفريق الآخر في حال تعرضه لأي ظلم والوقوف جنبا إلى جنب بقوة وحزم، وتشكيل لجنة من كبار المشايخ للبحث في النقاط الخلافية عند الشيعة والسنة مع ضمان حرية المعتقد لكل جهة وعدم فرض أي فريق أفكاره على الفريق الآخر، والتأكيد على التفاهم لمنع الفتنة بين المسلمين». لكن هذا التفاهم جرى «تجميده» في اليوم التالي تقريباً. وقد تم الإعلان عن هذا التجميد من طرف واحد هو الدكتور حسن الشهال، الذي وقع على الوثيقة بالتفويض عن عدد من المجموعات السلفية، وذلك إثر «لقاء تشاوري سلفي» عقد قبل أيام قليلة في طرابلس، ذات الغالبية السنية، وقد شارك في هذا اللقاء الدكتور الشهال رئيس جمعية الإيمان والعدل والإحسان، ومؤسس التيار السلفي الشيخ داعي الإسلام الشهال وعدد من المشايخ السلفيين من مختلف مناطق الشمال.
توقيع الوثيقة ربما جاء مفاجئا للكثيرين، إلا ان الارضية في الواقع كانت تمهد له، خصوصا ان حزب الله ابدى حرصا في السنوات القليلة الماضية على ان يحول اعداء الامس الى حلفاء. لكن السؤال المعلق هو هل حصل السلفيون في لبنان على ضوء اخضر من جماعة الاخوان المسلمين لتوقيع الوثيقة مع حزب الله؟ وهل هناك علاقات تنسيق سياسية مباشرة بين إخوان مصر وحزب الله؟
تقول زينو باران الخبيرة الاميركية في الحركات الاسلامية، في مركز هدسون بواشنطن، إن علاقة الاخوان المسلمين في مصر مع حزب الله بدأت قبل سنتين تقريبا، موضحة ان الاصولي المصري فتحي يكن، الذي يعتبر من تلاميذ سيد قطب، أسس جبهة العمل الاسلامي في لبنان، وذلك بهدف جمع الطوائف السنية هناك، وانه استعمل شعارات مثل «ملء الفراغ» و«تأسيس كيان اساسي للسنة في لبنان».
وذكرت باران ان فتحي يكن قال ان التزام جبهة العمل الاسلامي، بالجهاد القتالي، جعل الجبهة مستعدة للتعاون عسكريا مع حزب الله. ولاحظت باران انه، في نفس الوقت، يتحالف مع حزب الله ابراهيم المصري، مساعد رئيس الجماعة الاسلامية فرع لبنان. وان التحالف يعود الى ما قبل عشرين سنة تقريبا، وان مقاتلي الجماعة كانوا يعسكرون في مناطق المواجهة مع اسرائيل، بما في ذلك شبعا. وانهم يملكون اسلحتهم ومعداتهم الخاصة بهم، ويعتمدون على دعم خاص بهم.
وتعتبر باران، وهي اميركية من اصل تركي وعملت باحثة في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، ثم مديرة قسم الامن العالمي في مركز نيكسون في واشنطن ايضا، من إبرز الخبراء الاميركيين الذين يعارضون التقارب بين الحكومة الاميركية والاخوان المسلمين في مصر. وفي السنة الماضية، انتقدت لقاء بين وفد من الكونغرس وقادة الاخوان المسلمين في القاهرة، وانتقدت «الذين يقولون ان الاخوان المسلمين المصريين معتدلون». وقالت: «يجب الا تختار الولايات المتحدة حلفاءها في الحرب ضد الارهاب اعتمادا على رفضهم، او عدم رفضهم، العنف. ولكن، اعتمادا على عقيدتهم. هل هم اسلاميون ام لا؟ حتى اذا قال اسلامي انه لا يدعو للعنف، يظل اسلاميا». وموضحة ان الاخوان المسلمين المصريين بتحالفهم مع حزب الله اكدوا ان استراتيجية العنف التي «ان لم يدعوا لها علنا، هي اساس عقيدتهم».
الجدل حول العلاقات الخارجية لجماعة الإخوان المسلمين المصرية لا يتوقف، خاصة أنها الجماعة الأم لحركة الإخوان المسلمين في العالم، ولها فروع في العديد من البلدان العربية والإسلامية، والدول الأوروبية، والأميركية، كما أنها تكاد تكون التنظيم السياسي الدَعَوي الوحيد في العالم الذي أسس ما يسمى «التنظيم الدولي».
غير ان هذا الجدل احتدم بعد اعلان وثيقة التفاهم بين حزب الله وسلفيي لبنان، وبعد أشهر من جدل اخر حول علاقة حركة حماس بجماعة إخوان مصر، وعلاقة حماس بحزب الله، وعلاقة كل منهما، حماس وحزب الله بإيران. وفيما تسود تساؤلات حول الهدف من هذه العلاقات، وكيف نشأت ولماذا، نفت جماعة الإخوان المسلمين المصرية رسمياً وجود أي دور لها أو علاقة لها بوثيقة التفاهم بين حزب الله وسلفيي لبنان، وإن حرصت على تأكيد تأييدها ودعمها لأي تقارب بين جميع الاتجاهات والمذاهب في العالم العربي والإسلامي، وقال المرشد العام للجماعة محمد مهدي عاكف: «هذا شرف لا أدعيه.. إننا بعيدون كل البعد عن الموضوع». لكن الدكتور عبد الستار المليجي القيادي بالجماعة، الذي كان مسؤولا لفترة من الزمن عن الاتصال بالطلبة الوافدين للدراسة بالأزهر، يشرح طبيعة الدور الخارجي للإخوان المسلمين، وكيفية إدارته، قائلاً: «الجماعة لديها قسم يُسَمى قسم الاتصال بالعالم الخارجي، يتولى مسؤوليته أحد أعضاء مكتب الإرشاد، ويقوم هذا القسم بالاتصال بالدول الإسلامية والأجنبية ومهمته تحسين العلاقة بين الإخوان المسلمين في مصر والخارج، ودعمها، وكذلك إنشاء تنظيمات في الدول التي ليس بها إخوان. وتوجد قاعدة تحكم عمل الجماعة في هذا المجال هي: أن الدول التي بها تنظيمات إسلامية على منهج الإخوان لا يتم إنشاء تنظيمات بها، بل يتم التنسيق والعمل الدعويّ والسياسي مع التنظيمات القائمة هناك على منهج الإخوان مثلما الحال في تركيا وباكستان والجزائر واليمن، على سبيل المثال». ويتابع: «أما الدول الأخرى التي ليس فيها هذا النمط من التنظيمات، فإن الإخوان يعملون على إنشاء تنظيمات فيها. وقد تكون تلك التنظيمات على شكل جمعيات خيرية، مثل جمعية الإخلاص بالكويت، أو حزب سياسي إذا كانت القوانين تسمح بذلك، وفي هذا الإطار يوجد تنظيم الإخوان بالجزائر المسمى حركة مجتمع السلم، المعروف اختصاراً باسم حمس. هذه تنظيمات إخوانية من حيث الفكرة والتأسيس والمنهج والعمل».
وأشار المليجي إلى أن «أول فرع للإخوان المسلمين في الخارج تأسس في سورية عن طريق الشيخ مصطفى السباعي، وهو من خريجي الجامعات المصرية، وبعد ذلك تم إنشاء فرع تركيا عن طريق الشيخ أمين سراج، الذي كان طالباً بالأزهر، وهو ما زال يعيش هناك ويعمل إماماً لمسجد الفاتح في اسطنبول. وكان الشيخ السراج أول من ترجم كتاب، في ظلال القرآن، لسيد قطب إلى اللغة التركية. ولدينا في كل البلدان نموذج من هذا. جميع الأفكار تنتقل بهذا الشكل».
وعن علاقة الاخوان المسلمين بلبنان، يقول المليجي الذي يُعد من أكثر قيادات الإخوان دراية بالساحة اللبنانية، إنه زارها في اليوم التالي لتوقف حرب يونيو (حزيران) عام 2006 بين حزب الله وإسرائيل، ضمن وفد نقابي للتضامن مع الشعب اللبناني والمقاومة. لكنه اعتبر أن مهمته الأولى هناك هي تفقد أحوال المسلمين بمختلف مذاهبهم، والاستماع إليهم والى متاعبهم ومشاكلهم، وموقفهم من القوى الأخرى على الساحة اللبنانية، وموقف تلك القوى منهم.
وينبه المليجي إلى ما قال إنه «سمة مميزة في عمل الجماعة الأم في القاهرة ونظرتها لفروعها في الخارج»، موضحاً «أن الجماعة تحتفظ لنفسها دائماً بمسافة بعيدة إلى حد ما عن الساحة المحلية لأي دولة في الخارج، وتترك الحرية للإخوان في تلك الدولة في تصريف الأمور»، مستبعدا «تأثير التنظيم الأم في القاهرة على مجريات الأمور في لبنان إلى حد التوصل لوثيقة تفاهم. فهناك ممثلو جماعة الإخوان في لبنان. الشيخ فيصل المولوي في طرابلس بشمال لبنان، وهو إخواني. والشيخ فتحي يكن، زعيم سني في جنوب لبنان، يعمل على مبادئ الجماعة من دون أن يكون جزءاً من تنظيم الإخوان». واستبعد المليجي أن يكون المولوي قد لعب دوراً في التوصل إلى التفاهم بين حزب الله والسلفيين في لبنان. وتابع: «لكني أعتقد أن الشيخ فتحي يكن يستطيع أن يلعب مثل هذا الدور، كما أن هناك أسامة حمدان نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس. وهي حركة إخوانية. كل هؤلاء قادرون على خلق علاقة جيدة بين مختلف القوى بما يسمح بالتأثير وقيادة الأمور والتوصل الى تفاهمات، لأن المصالح متبادلة بينهم على الساحة اللبنانية، حيث يسعى حزب الله لتأمين الجبهة الداخلية كجزء من استعداده لحرب قادمة مع إسرائيل. وأي فصيل إسلامي أو غير إسلامي مُقْبِل على معركة من هذا النوع يهمه بلا شك تأمين جبهته الداخلية».
وأضاف المليجي: «وربما يكون ذلك وراء انجاز اتفاق مماثل مع التيار الوطني الحر، أكبر التيارات المسيحية في لبنان، الذي يقوده العماد ميشيل عون. فبعد تأمينه لأكبر تيار مسيحي. كان من الضروري أن يؤمن الجانب المهم الآخر في لبنان، وهو الجانب السني، فسعى إلى الاتفاق معهم على وثيقة التفاهم، ونجح في النهاية في توقيعها معهم». وأضاف القيادي الإخواني «حزب الله كجهة مسؤولة على الساحة اللبنانية يحاول اتقاء شر هؤلاء الناس (يقصد الذين وقعوا معه على وثيقة التفاهم) ويصبح بذلك لدى حزب الله مؤيدون من السنة في الجنوب، هم الشيخ فتحي يكن وأتباعه، وكذلك جماعة حماس في لبنان بقيادة أسامة حمدان، وكذلك لديه مؤيدون في الشمال هم السلفيون الذين وقعوا الوثيقة المشار إليها».
وعن تمويل التنظيمات الإخوانية في الخارج، أكد عبد الستار المليجي «أن التمويل ليس مشكلة على الإطلاق طالما هناك من يقتنع بالفكرة. فإذا اقتنع الناس بأي فكرة فإنهم يقومون بتمويلها من مساهماتهم الخاصة والاشتراكات، ثم إن تكلفة اي تنظيم إخواني في الخارج تكلفة قليلة جداً، حيث تقتصر تلك التكلفة على تذاكر السفر فقط، ولا يحتاج من يتابع العمل الدعوي والسياسي خارج مصر أكثر من ذلك، إذ أن تدبير الإقامة والنفقات العادية.. أمر بسيط للغاية».
وعن الهدف من ذلك يقول «لنشر الفكرة الإخوانية التي تقوم أساسا على الإيمان بأن الإسلام دين ودولة. وأنه يحكم كل شيء في حياة الناس». وتابع: «ايضا لا شك ان هذا الوجود على الساحة العالمية يؤثر كثيراً على وضع الجماعة في الداخل، وموقف عناصرها وكوادرها وقياداتها. فحين تمت محاكمتي عسكرياً كان يدافع تضامن معي ومع إخواني أكثر من 240 محاميا من مختلف أنحاء العالم. ومن تمكن منهم الدفاع عنا فعل ذلك عن رضا وقناعة. لا شك هذا الوضع والوجود العالمي يخدم الدور السياسي للجماعة في الداخل والخارج، ويؤثر أيضاً في قرار رئيس الدولة بشأن الجماعة. وهناك واقعة ما زالت في الأذهان، فحين جاء زعيم حزب الرفاه ورئيس الوزراء التركي بين 1996 و1997 نجم الدين أربكان لزيارة مصر طلب رسمياً من الرئيس حسني مبارك أن تخفف الحكومة قبضتها عن الإخوان المسلمين، لكن الرئيس مبارك رد عليه قائلاً: إذا كنت تحبهم على هذا الحد خذهم عندك. لكن المليجي يستدرك قائلاً: أحيانا ينعكس هذا التأثير وذلك الدور سلبياً على الجماعة. فقد يتصرف الإخوان استناداً إلى هذا الوجود العالمي بطريقة مستفزة تُحرج الحكومات، فتتشدد في مواجهتهم».
مصادر داخل الجماعة تحدثت عن تحركات الإخوان في الخارج، موضحة أنه حين يتعلق الأمر بعمل خارجي، فإن الجماعة لا تتوقف كثيراً عند الخلافات المذهبية، مشيرة إلى حرص الجماعة على أن تقدم نفسها خارجياً كعامل وحدة ووسيلة للدعم حتى تكسب مؤيدين من الخارج لتوجهها السياسي الذي يصب في الأساس في مكانتها المحلية، ويخدم بالتالي صراعها على الساحة السياسية في مصر. وتابعت المصادر: «كما أن الحديث عن دور خارجي للجماعة وأنها تستطيع إقناع حماس بكذا، أو رفض كذا، أو التدخل لدى إخوان سورية، أو إخوان السودان بكذا.. يعطيها زخماً هائلاً على الساحة المحلية».
ويقول محمد مهدي عاكف المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين حول دور العلاقات الخارجية للجماعة «أولاً: الإسلام.. دعوة عالمية، ومن هذا المنطلق فإن دعوة الإخوان عالمية». وتابع: «الله سبحانه وتعالى يقول في القرآن الكريم: إنا خلقناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا». وأضاف «ليس عندي سني ولا شيعي.. فكلها مذاهب إسلامية تؤمن برب واحد وكتاب واحد هو القرآن الكريم، أما الخلافات السياسية فنلجأ فيها للقواعد والأصول التي تحكمنا».
بدوره يقول الدكتور عصام العريان القيادي في الإخوان المسلمين: «أن الإخوان ينطلقون في عملهم الإسلامي والسياسي من قاعدة أساسية تقوم على التعددية. على اعتبار ألا أحد يحتكر الحقيقة وحده، والناس بمختلف اتجاهاتهم من حقهم الاختلاف. وبالتالي فإننا نرفض إسلامياً تكفير الاتجاهات الأخرى. وسياسياً نرفض العنف، ونؤمن بالعمل السلمي على أساس أن الإسلام هو دين الدولة الرسمي، كما أن مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع، وفقاً للدستور».
وأضاف «إن فكرة التعاون المشترك جزء من منهجنا باعتبار أن الأمة الإسلامية وشعوبها أمة واحدة وأي تقارب إسلامي، يؤدي في النهاية الى وحدة الأمة هو هدف سياسي في حد ذاته». وشدد العريان على «أن الإخوان أكبر من ان يكونوا جماعة، أو هيئة. الإخوان فكرة. وكل من يحمل لواء الفكرة نعتبره إخوانياً. وفي النهاية نؤدي دورنا وليس لدينا أي مشكلة في هذا». وعن الدور الخارجي للجماعة ودور الإخوان في موضوع توصل حزب الله والسلفيين في لبنان لوثيقة تفاهم قال «أولا: بالنسبة للوثيقة المشار إليها فقد نفاها المرشد العام ولا أُضيف على هذا. ثانياً: قلت إن الإخوان فكرة. والفكرة لا تحدها حدود. وهل وقفت الحدود أمام أفكار مثل الديمقراطية وحقوق الإنسان. الدعوة الإسلامية بدأت في مكة المكرمة والمدينة المنورة. هل وقفت أمامها حدود؟ وأضاف «إننا لم نواجه أي اتهام رسمي في أي وقت حول أي شيء يتعلق بالنشاط الخارجي للإخوان. لقد حاكمونا عسكرياًً، وجنائياً أكثر من مرة ولم يكن من بين التهم أي اتهامات تتعلق بالنشاط الخارجي للإخوان، في حين تركزت الاتهامات وتمحورت حول الانتماء وإدارة تنظيم غير مشروع».
وأشار العريان إلى ما يرى أنه كلام مرسل عن دعم الإخوان للشعب الفلسطيني وحركة حماس: «هذا لا يمكن أن يكون اتهاماً ذلك أن مصر الرسمية تدعم الشعب الفلسطيني، كما دعمنا البوسنة في التسعينات، وأشير هنا إلى أنه كانت للبوسنة أزمة في الأربعينات من القرن الماضي، وكان أول تبرع من مصر للبوسنة خرج من مركز جماعة الإخوان المسلمين. كما وقفنا مع الثورة الإيرانية، ضد الشاه. لأن الشاه كان متحالفاً مع أميركا وإسرائيل ضد العرب والمسلمين، ووقف ضد مصر في حرب أكتوبر حين قام بإمداد إسرائيل بالبترول».
لكن الوثيقة أثارت ردود فعل متباينة، ففيما قلل البعض من أهميتها اعتبرها آخرون «خطوة يجب ان تحتذى». وقال الدكتور كمال الهلباوي المتحدث الاسبق باسم «الإخوان في الغرب»، والرئيس المؤسس للرابطة الاسلامية في بريطانيا، انه شخصيا مع الوثيقة، موضحا في اتصال هاتفي: «أنا مع الانفتاح الكامل للاخوان داخليا وخارجيا بمعنى داخل بلدانهم وخارج بلدانهم»، مؤكدا ان قضية لبنان يجب عدم اختصارها بين حزب الله والتيارات السلفية، لانها تخص مجموعة كبيرة من الطوائف، سواء من المسلمين أو غيرهم، ومجموعة من المدارس السياسية والمذاهب. وأشار الهلباوي الى أنه «مع التلاقي وضد القطيعة مع الاحزاب الشيعية». وقال الهلباوي انه في مؤتمر الوحدة الاسلامية الذي اشرف عليه في شهر يوليو (تموز) الماضي، استضاف مرجعيات شيعية من علماء وحضر المؤتمر علماء ومفكرون شيعة من لبنان ودول خليجية. وتابع: «يجب ان ننظر الى انهم اخوة في الله، يؤمنون بشهادة لا إله الا الله محمد رسول الله، والخلاف كله فى امور فرعية، اما الاصول فلا حرج فيها، ونحن نصلي وراءهم وهم يصلون وراءنا». الا انه استدرك: «للأسف الشديد أن الوفد الاسلامي الذي ذهب الى طهران للتهنئة بثورة الخميني عام 1979، وضم علماء من السنة من الدول العربية والاسلامية، كان منهم أفراد وأئمة رفضوا أن يصلوا خلف المراجع الشيعية، وهم ذاهبون لتهنئتهم، وكان موقفا متناقضا تماما»، مع الهدف الذى ذهبوا من أجله. اما الاسلامي اللبناني عمر بكري فوصف «وثيقة التفاهم» بأنها نصر وهمي جديد يحرزه حزب الله، موضحا: هي باطلة باسباب شرعية عدة. وتطرق بكري الزعيم الاسبق لحركتي «المهاجرون» و«الغرباء» الاصوليتين في بريطانيا الى بند في اتفاقية التفاهم الذي يقول إنه وفي حال تعرض أي مجموعة إلى اعتداء فمن حقها اللجوء إلى الوسائل المشروعة للدفاع عن نفسها بقوله: «أين إصلاح ذات البين الذي أمر الله به، وأين هؤلاء من كثرة وقوة سلاح تنظيم حزب الله». *نقلا عن "جريدة الشرق الاوسط"


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.