انطلق مؤتمر الحوار الوطني أمس في لبنان وسط أجواء من الوفاق والتفاؤل، رغم تسجيل غياب أمين عام حزب الله حسن نصر الله لأسباب أمنية، حيث انتهز الرئيس اللبناني الفرصة للدعوة إلى التوافق على استراتيجية للدفاع عن لبنان تعتمد على الجيش وطاقات المقاومة التي يمثلها حزب الله في مواجهة الأخطار، وحدد تاريخ 5 نوفمبر المقبل لانطلاق الجولة الثانية من الحوار. في وقت عاد جو التوتر الداخلي بمقتل شخص وجرح آخران في مواجهات وقعت أمس بين أنصار الأكثرية النيابية المناوئة لسوريا، والأقلية الموالية لها في بلدة تلعبايا الواقعة في منطقة البقاع شرق لبنان. فيما قتل شخص في تفجير ست قنابل يدوية في بيروت. وبدأ الحوار حول المواضيع الخلافية وأولها تنظيم علاقة سلاح حزب الله بالدولة، بمشاركة الشخصيات ال14 التي شاركت في الحوار السابق عام 2006 باستثناء الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، الذي يتغيب لأسباب أمنية. وقال سليمان في كلمة ألقاها في الجلسة الافتتاحية «إنني على ثقة تامة ان باستطاعتنا وضع استراتيجية تحمي لبنان تستند إلى قواتنا المسلحة وتستفيد من طاقات المقاومة وقدراتها». وأضاف «لنبحث عن عناصر القوة لدينا ولندمج قدراتنا بما فيها الدبلوماسية». وقال سليمان مشدداً على دور الدولة في هذه الاستراتيجية «لا بد من وضع استراتيجية تتكامل فيها كل عناصر قوة الدولة وتندرج تحت مفهوم الدولة في الدفاع عن أراضيها في إطار السياسة العامة للبلاد». ووصف المؤتمر بأنه محطة مفصلية تفتح من خلالها نافذة جديدة على الحوار الهادئ الذي يفضي إلى «تعزيز قدرة الدولة على إدارة شؤونها بنفسها». وأكد سليمان بأن أول مهام الحوار «وضع تصور عام له شكل ومضمون»، مشيراً إلى خلاف المشاركين على المواضيع المطروحة من دون أن يتطرق إلى خلافهم على توسيع المشاركة. واعتبر سليمان أن مفهوم الاستراتيجية الدفاعية يشمل مواضيع متعددة بما يعني أنها لا تقتصر على تنظيم علاقة حزب الله بالدولة بدون أن يذكر ذلك مباشرة، وقال «الاستراتيجية عنوان شامل يبحث عن خيارات كبرى ومخططات طويلة الأجل ويتناول موارد الدولة على اختلافها بغية حشدها لتأمين تحقيق الأهداف المرسومة». وأضاف «قبول الحوار بحد ذاته لا يعني ألا شيئاً مقفلاً بل ان مختلف المواضيع قابلة للنقاش والتوافق »، معتبراً أن «الممنوع الوحيد هو الفشل أو الوصول إلى الطريق المسدود». وشدد على أهمية توصل المشاركين إلى توافق لأن بدائله تدعو إلى القلق الشديد، ودعاهم إلى «تقديم التنازلات وتقبل التضحيات ولو موجعة فهم لا يتنازلون لبعضهم وإنما في سبيل الوطن». وفي إطار التشديد على المخاطر التي تواجه لبنان لفت سليمان إلى «أن الأجواء السياسية المشحونة تعدت محيطنا الإقليمي وتنذر بتوترات دولية» قد تؤدي إلى استقطابات باردة وساخنة. وقال «لا بد لبلدنا أن يكون موحداً لعله ينجح ما أمكن في تجنب مفاعيل الرياح العاتية إذا هبت». وحضر الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى افتتاح المؤتمر الذي دعا سليمان إلى عقده في القصر الجمهوري إنفاذاً لاتفاق الدوحة الذي أنهى أزمة سياسية حادة بين الأكثرية والأقلية النيابيتين. وقد نص الاتفاق على مشاركة عربية في إطلاق الحوار حول تعزيز سلطات الدولة اللبنانية على كل أراضيها وعلاقاتها مع مختلف التنظيمات على الساحة اللبنانية بما يضمن أمن الدولة والمواطنين أي ما يسمى بالاستراتيجية الدفاعية للبنان. وبعد الكلمة الرئاسية تحولت الجلسة إلى مغلقة تم فيها بحث الحوار شكلاً ومضموناً، وتم تحديد تاريخ 5 نوفمبر المقبل موعد الجلسة المقبلة التي ستكون بعد عودة الرئيس سليمان من زيارة إلى الولايات المتحدة التي يتوجه إليها في 21 من الشهر الجاري. وقالت مصادر إن قوى «8 آذار» التي تمثلها الأقلية النيابية طالبت بتوسيع دائرة المشاركين وفتح جدول الأعمال، فيما رفضت قيادات «قوى 14 آذار» التي تمثلها الأكثرية النيابية توسيع طاولة الحوار من دون ان تعارض توسيع جدول الأعمال شرط ان تبقى الأولوية للاستراتيجية الدفاعية. وانطلق الحوار على خلفية مصالحات بين الفرقاء تقاطعت مع وضع أمني متوتر. وتمت آخر المصالحات الاثنين بين حزب الله والحزب التقدمي الاشتراكي بزعامة وليد جنبلاط لتحييد مناطق مناصريهما عن التوتر وذلك بعد مصالحات جرت بمبادرة من زعيم تيار المستقبل سعد الحريري في شمال لبنان وشرقه. وكان من المتوقع ان تتوسع دائرة المصالحات لتشمل حزب الله وتيار المستقبل في بيروت لمعالجة الانعكاسات السلبية الناجمة عن سيطرة حزب الله على الجزء الغربي من العاصمة اللبنانية في مايو الماضي. لكن وقبل أن تتحقق هذه الخطوة عاد التوتر الأمني ليحصد قتيلاً في بيروت بعد تفجير ست قنابل يدوية في بيروت اقتصرت أضرارها على الماديات. فيما قتل شخص وجرح آخران في مواجهات وقعت أمس بين أنصار الأكثرية النيابية المناوئة لسوريا والأقلية الموالية لها في بلدة تلعبايا الواقعة بمنطقة البقاع شرق لبنان. وقالت مصادر أمنية إنه لم يتم بعد تحديد هوية القتيل أو الجريحين وذكرت المصادر أن أهالي تلعبايا قطعوا عقب الاشتباكات الطريق الدولي الممتد بين شتورا ومدينة زحلة الواقعتين في البقاع احتجاجاً على الممارسات المسلحة التي تشهدها بلدتهم. ومن جانبها، ذكرت محطة تلفزيون «المنار» التابعة لحزب الله أن «عناصر من تيار المستقبل، أطلقت النار باتجاه أحد مراكز الجيش اللبناني في البلدة». وكان رئيس تيار المستقبل النائب سعد الحريري قد أمضى ثلاثة أيام في البقاع خلال الأسبوع الماضي محاولاً إجراء عدد من المصالحات بين القوى المتنافرة هناك. (وكالات)