يبعث على الحيرة أولئك السياسيين والحزبيين والكتاب الذين نادوا بوقف الأعمال العسكرية ضد عناصر التمرد في محافظة صعده ، وملئوا الدنيا ضجيج .. وعندما تحقق ذلك بقرار شجاع من الرئيس على عبدالله صالح عجزوا عن قول كلمة حق منصفة حتى وهم يرون الحياة تعود لصعدة من جديد ، ورائحة البارود تنقشع إلى غير رجعة .. والآن وحيال ما توقد له بعض الأطراف هذه الأيام من نار الفتنة أملا في عودة نزيف الدم اليمني من جديد يخيم على أولئك الصمت وكأنما على رؤوسهم الطير . كعادته في إيقاظ المناطقية واثارة المذهبية وصناعة الفتن والأزمات والحروب التي شهدتها اليمن في العقد الأخير باتجاه القضاء على الخصوم وإرهاق النظام واضعاف المؤسسة العسكرية باعتبارها المعيق الأساسي لدولة الخلافة المنشودة.. يكرس حزب التجمع اليمني للإصلاح هذه المرة حرصا استثنائيا لمهمة قرع طبول الحرب السادسة بين الدولة و الحوثيين بعد أن وضعت الحرب الخامسة أوزارها بإذعان الحوثيين لسلطة النظام والقانون في يوليو الماضي . وتبرز ملامح التوجه الإصلاحي بتصدر إعلامه وصحفه المناصرة أخبار وتقارير تضفي أجواء توتر وتهيئة لعودة الحرب وتكريس تغطيات خاصة من صعدة لقرع طبول الفتنة وحشد الدلائل والبراهين وتجيير الإحداث للإيحاء ببوادر حرب قادمة ووضع ما يحدث في محافظة تحت المجهر وتضخيمه والتقليل من الطرفين لجرهم من جديد إلى آتون الحرب بعد أن صار خيار التنمية وكسر عزلة صعدة بالتوعية والتنوير ومحاربة تطرف الأفكار بمناهج الوسطية والاعتدال توجه جديد للدولة بديلاً للسلاح . هذه الوسائل تشن بين وقت وأخر حملات من هذا القبيل موجهة احياناً لاستفزاز الحوثيين بالأمن والجيش وتارة بفشل الدولة والجيش في تنظيف جيوب التمرد ، ويتضح ذلك بجلاء الأيام القليلة الماضية من خلال الاستشهاد بمخالفة الحوثيين بصلاة عيد الفطر للدولة كما هو معروف طاعة وولاء لحوزة قم وهو ما أنكره حزب الإصلاح في السابق عندما تحدث مسئولين يمنيين عن صلة بعض الجمعيات والإطراف الإيرانية بتمويل تمرد صعدة منذ 2004م واعتبروا حينها أن الدولة ترحل المشاكل الداخلية نحو الخارج . صحيفة الأهالي التي تتبع حزب الإصلاح أفردت تغطية لصلاة جمعة بجامع الإمام الهادي بصعدة وهجوم الخطيب الحوثي على الخلفاء الراشدين كما هو معروف عن المذهب الاثنى عشري واستدلت من ذلك على " أن المناطق التي دارت فيها الحرب بين الحكومة وأتباع الحوثي أشبه بحكم ذاتي يتمتع فيها الحوثيون بسيادة تسييرها وإصدار وتنفيذ القرارات، وخصوصيات معينة تتميز فيها صعدة عن بقية المحافظات، في خطوة لم تشهدها اليمن في تاريخها بالتعامل مع أقلية عرقية وإعطائها امتيازات سياسية". وأبرزت الصحيفة تحت عنوان (الحوثي يرسي دعائم الحكم الذاتي بصعدة) التحذير الحوثي من تسليم الزكاة للدولة، والشكوى من حرب اقتصادية تستهدف صعدة وحدها، ونقلت استغرب الحوثي من إلزام الأجهزة الأمنية بصعدة المحال التجارية الصغيرة والكبيرة بتعليق العلم الجمهوري على واجهة محلاتهم وعلى لوحاتهم الإعلانية. واحتفل موقع حزب الاصلاح والصحوة نت وصحيفة الأهالي بخبر كمين استهدف طقمين عسكريين بسفيان الأحد المنصرم وذهب ضحيته خمس من الجنود ، واعتبرت ذلك رداً حوثياً على مقتل أحد الحوثيين الذين كانوا يوزعون أشرطة ومنشورات في آل عمار تتبع الحوثي، بعدما منعه جنود النجدة من توزيعها، وهو ما أدى إلى تبادل الطرفين إطلاق النار وأسفر عن مقتله. ويعتقد الإصلاح الذي عارض وقف المواجهات بشدة واعتبرها انهزام للدولة أنه بهذه الأخبار يدفع الطرفين إلى العودة إلى أجواء الحرب لضرب خصمين بحجر واحد ، وبالتالي ينهك الدولة بمواجهات واستنزاف بالقرب من الانتخابات النيابية المقرر ان تشهدها اليمن في ابريل العام القادم ، والعزف عليها للتخلص من عدو فكري قديم . يأتي هذا في ظل جهود حكومية لإعادة الأمن والاستقرار إلى صعدة عبر تخصيص (10)مليار ريال للإعمار وإعادة المحافظة إلى حظيرة التنمية وهو ما لا يروق البعض ممن يستطيبون العيش في الأزمات واستثمارها لتحقيق مصالح ضيقة وانتهازية . هذه الوسائل التي تكرس جهودها حالياً لنسف الاستقرار وحقن الدماء تناقض مواقفها وتتلون من وقت إلى أخر فأثناء المواجهات طالبت بوقفها وعندما توقفت خرجت ببيانات تحذر من كيان مستقل وحكم ذاتي في صعدة وهاهي تعتبر وقف الحرب فشل والاحتكام للعقل هزيمة .