خاص - بعد أيام معدودة من بدء لجان القيد والتسجيل المكلفة بمراجعة وقيد الناخبين عملها الميداني ارتفعت وتيرة الجدال السياسي بين القوى السياسية المعنية بالانتخابات عائدة بذلك الى المربع الاول بعد بوادر انفراج بدأ بمبادرة المؤتمر ورؤية المشترك. ورغم ان رؤية المشترك كانت تعبيراً عن رفض لمبادرة الارياني إلا أن القوى السياسية خارج المؤتمر الشعبي العام وتحديداً احزاب المشترك المعارضة الى جانب أصوات خافتة في المؤتمر كانت تترقب موقفاً مؤتمرياً بتأجيل الانتخابات يعلن في اجتماع لجنة المؤتمر الدائمة . موقف المؤتمر الرافض تأجيل الانتخابات وحتى مجرد مناقشة الفكرة كما ظهر بوضوح في اجتماع لجنة المؤتمر الدائمة أيقض دعوات معارضة تتبنى معارضة الانتخابات وعزز مواقعها داخل الأحزاب المعارضة لأسباب عديدة منها استحالة توفير مناخ ديمقراطي توافقي لإنجاح رابع انتخابات برلمانية تشهدها اليمن . أحزاب المشترك لم تنتظر عروضاً مؤتمرية تحدث عنها الرئيس علي عبد الله صالح في اجتماع لجنة حزبه الدائمة الأربعاء وسارعت الى توجيه نداء اسمته نداء الى اهل اليمن وهو بمثابة نداء استغاثة كون مضامينه حملت نفساً تحريضياً خالي من أي موقف سياسي او رد على مقترحات الرئيس المعلنة ومنها تقاسم عضوية لجنة الانتخابات العليا بالتساوي بين المؤتمر والمشترك واختيار العضو المعطل من قبل رئيس الجمهورية والذي وعد بأن يكون مستقلاً يشهد الجميع بنزاهته . المواقف الصادرة عقب اجتماع لجنة المؤتمر كانت ردة فعل اعتباطية من قبل الطرفين خلت من أي طرح يمكن الاحد الطراف التعاطي معه حيث هب الجميع في السلطة والمعارضة الى تبادل خطابات اشبه ماتكون اعلان حملة انتخابية . هذه المواقف اثرت بدورها على عمل لجان القيد والتسجيل المنتشرة في المحافظات وعرضها للطرد والتهديد ومنعها من مزاولة العمل في محافظات عديدة مع عدم اغفال الاشارة الى ان غالبية اللجان تعمل بشكل عادي وهادئ . ورغم ان المدير التنفيذي في منظمة هود خالد الآنسي اشار الى عدم وجود أساس قانوني لعمليات طرد اللجان الإنتخابية من قبل المواطنين، باستثناء عدم مشروعيتها في ظل تنفيذها في أجواء غير هادئة وغير آمنة اعتبر ما يحصل مؤشرا خطيرا على دخول الدولة مع مواطنيها في دوامة من العنف، وانتشار ما سماه ب"ثقافة العنف والتمرد". مقابل ذلك كان المشترك ضمن نداءه الذي اطلقه عقب اجتماع لجنة المؤتمر الدائمة دعوة لأبناء اليمن وقواه الحية الى رفض المشاركة فيما تقوم به السلطة وحزبها ولجانها من عبث وتزوير إضافي في جداول قيد الناخبين ، والتصدي بالوسائل السلمية المشروعة لكافة ممارسات السلطة التي تستهدف المشروع الديمقراطي الوطني . ولم يكتفي المشترك بنداءه المركزي بل ذهب فرعه في محافظة عدن الى تحديد موقف عملي من لجان القيد من خلال دعوة انصار أحزاب اللقاء المشترك في محافظة عدن وأبناء عدن إلى تنظيم اعتصام حاشده أمام مقرات اللجان الأساسية للدوائر الانتخابية في جميع مديريات المحافظة السبت القادم للتعبير بصورة حضارية وسلمية عن رفض ومقاطع ما وصفته بالمسرحية المزورة للانتخابات وإرادة الشعب. امين عام الحزب الاشتراكي اليمني ياسين سعيد نعمان وفي مقال مطول نشر في اسبوعية الصحوة الاصلاحية اكدأن الديمقراطية التعددية هي ركن أساسي في الوحدة، والنضال السلمي الديمقراطي هو طريق التوافق الوطني، وهما الفكرة الجامعة التي استندت عليها تجربة تاريخية امتدت قرابة خمسة عقود منذ قيام الثورة (26 سبتمبر – 14 أكتوبر) وهي تجربة كافية لاستخلاص أهمية هذا الطريق لإخراج اليمن من مأزق التخلف والصراعات والتمزق. وأكد نعمان أن أحزاب اللقاء المشترك تحرص على أن تحاور بمسئولية وتتمسك بالاتفاقيات التي وقعت مع المؤتمر الشعبي، ناهيك عن تقديمها رؤيا عن إيجاد المناخات السياسية والوطنية الملائمة لإجراء الانتخابات، بالإضافة إلى فتح الباب أمام حوار وطني شامل لكل القوى السياسية والاجتماعية للوصول إلى رؤيا لمعالجة مجمل الأوضاع السياسية والاقتصادية وتجنيب البلاد مغبة الإنزلاق نحو أزمة يصعب الخروج منها إلا بأثمان باهظة. وتساءل امين عام الاشتراكي احد احزاب اللقاء المشترك عن الذي يعنيه إجراء انتخابات برلمانية تكرس كل العناصر والعوامل المنتجة للأزمة الوطنية غير البحث عن حل لأزمة السلطة الحاكمة نفسها والحصول على شهادة براءة ولو شكلية لا تغير من واقع الحال شيئاً عدا أنها تزج به في مأزق جديد. وقال: إن الانتخابات التي يراد لها أن تكرس الأمر الوقع كما صنعه مجمع مصالح السلطة هي صورة للمنهج الانقسامي الذي تنزلق إليه السلطة والمؤتمر الشعبي من خلال الإصرار على سياسات الإلغاء والتهميش للأحزاب والقوى السياسية والاجتماعية المعارضة . واضاف انه بدلاً من أن تصبح الانتخابات محطة مراجعة وطنية شاملة لأوضاع البلاد وإعدادها من ثم للإنتقال إلى طور أرقى من العمل السياسي التعددي فإنه يجري توظيفها للتمويه على هذه الأوضاع من ناحية وكبح الديمقراطية بهذه الانتخابات ذات النتائج المعدة سلفاً. موقف المؤتمر الشعبي العام الحاكم من ردة فعل المشترك كان تأكيد على قرار لجنته الدائمة اجراء الانتخابات في موعدها المحدد في ابريل 2009 وتأييد الخطوات العملية التي بدأتها لجنة الانتخابات حيث قال رئيس كتلة المؤتمر الشعبي العام في البرلمان وامين عام السياسات والعلاقات الخارجية في الحزب سلطان البركاني إن الإجراءات الانتخابية تسير وفقا للدستور والقوانين التي حددت موعدها في ال27 من ابريل القادم. واضاف مخاطبا قيادات المشترك:( وسواء شاركتم أم لم تشاركوا فالانتخابات سوف تجرى في موعدها لأنكم لستم من يقررون إيقاف إجراءها أو إيقافها) مشيرا إلى وجود هيئات ودستور وقانون يحددون ذلك. مؤكدا أن إرادة الناخبين ليست مرهونة بأيدي المشترك وقال: (لن يكترث الناخبون أو يذرفون الدموع لغيابكم لان حضوركم وغيابكم سيان ،حضرتم أو غبتم ). وتمنى البركاني على قيادات المشترك معرفة حجمهما جيدا وعدم التطاول أو الادعاء بما لايستطيعون فعله قائلا: (فلستم من يقرر إجراء الانتخابات أبدا ولن تكونوا). يومية الثورة الحكومية في كلمة عددها الصادر الجمعة تساءلت لماذا يقابل المشترك بالرفض طروحات الطرف الأخر. وقالت الثورة ان واقع الحال يشهد أن الساحة الوطنية مفتوحة أمام التواصل في كافة البدائل والخيارات والتوصل إلى التوافق الذي يمهد الأرضية الوطنية لتجسيد مبدأ الشراكة . واضافت يومية الثورة ان الديمقراطية كخيار وطني تفرض على كافة أطراف ومكونات الحياة السياسية والاجتماعية الالتزام في مداولاتها حول الصورة الأمثل لإقامة نظامها السياسي بشروط الانتساب إلى الهوية اليمنية والملاءمة لأوضاعها والملبية لتوجهاتها النهضوية. ولفتت الى ان نوعا من الانحراف بالديمقراطية عن مسارها الوطني ما يجري من محاولات لاستخدامها كغطاء لتمرير مطالب وانتزاع مكاسب بطرق ملتوية وعبر أساليب الابتزاز. الصحيفة الرسمية وهي تنقل الموقف الحكومي من مايحدث ، اشارت الى حالة من التشويش والاضطراب الذهني والسياسي قالت ان قييادات المشترك تعانيه وتعجز معه عن الوصول إلى نقطة الثبات المبدئي في التفاعل مع المسألة الديمقراطية والاستقرار على موقف واضح الرؤى محدد المعالم في تجربتها السياسية ومساراتها المستقبلية. رئيس مركز اليمن لدراسات حقوق الإنسان محمد قاسم نعمان طالب في مقال نشرته يومية الايام الخميس بأن لا يكون خلاف على أن يشارك (المشترك) في اللجنة العليا ولجانها الفرعية أو لايشارك. ودعا نعمان الى وضع شروط تضمن نزاهة الأفراد الذين سيشاركون في هذه لجان الانتخابات وليكونوا جميعهم حتى من السلطة والمؤتمر، فالنزاهة لايمكن بحسب نعمان ربطها بهذا الحزب أو ذاك أو بالسلطة أو بالمعارضة . وقال نعمان ان تسوية أرضية الملعب الذي سيتبارى فيه المجتمع لاختيار ممثليهم في مجلس النواب من خلال العملية الانتخابية هو الموضوع المهم والأهم الذي يجب أن يتم الوقوف أمامه، لأن تسوية الملعب يأتي من خلال حل مشكلات المجتمع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. واشار رئيس مركز اليمن لدراسات حقوق الإنسان ان ذلك لن يتأتى من خلال صفقات في غرف مغلقة بين الأحزاب وبالذات المشترك والسلطة وحزبها، ولكن يتأتى من خلال مشاركة واسعة لقوى المجتمع.. من خلال مؤتمر وطني عام. "لن يقاطع المشترك الانتخابات ولن يدخلها بشروط المؤتمر كما انه يرفض مبادرة الارياني ويرفض المؤتمر رؤيته لدخول الانتخابات " يقابل ذلك تعنت مؤتمري بالمضي نحو منافسة الظل في انتخابات لايمكن للرئيس علي عبد الله صالح ان يخوضها مضحياً بتركة من الاحترام الخارجي بناها في استحقاقات ديمقراطية على مدى 15 عاماً . وبين مؤيد لاجراءات السلطة في التحضير للانتخابات النيابية ومعارض لها وبين الداعين الى مؤتمر وطني جامع وتأجيل الانتخابات تظل الصورة اشبه بمباراة كرة قدم تجرى على ملعب ترابي وتحت مطر عاصف يجد اللاعبين أنفسهم مجبرين على انتظار تهيئة الملعب او الدخول في مسارات أخرى كالتي حذر منها المشترك واعتبرها الحاكم شهقة احتضار لا أكثر. والسؤال يبقى الى اين يسيرون بوطن هم جزء منه وليس كل مافيه في ضل تراشق سياسي يتجه بالانتخابات ، بل وبالتجربة الديمقراطية اليمنية صوب مسارات مجهولة.