تشدد الحاكم والمعارضة يدخل انتخابات 2009في نفق غير معهود التفيير-الامان-نبيل البكيري: مع اقتراب موعد إجراء الانتخابات البرلمانية المقبلة في اليمن، المزمع إجراؤها في نيسان المقبل، يزداد احتمال تأجيلها عن موعدها، مع اشتداد حالة الاحتقان السياسي بفعل تصعيد الخطاب المتوتر بين قُطْبَيِ المعادلة السياسية, السلطة والمعارضة.فخلال الأيام الثلاثة السابقة، ارتفعت حدة السجال السياسي بين السلطة والمعارضة، مما يعبّر عن حالة احتقان وعدم توافق، قد تؤدي إلى تأجيل الانتخابات عن موعدها، وخاصةً بعد فَشَلِ كل حوارات تقريب وجهات النظر بين الطرفين، ومُضِيّ الحزب الحاكم في تشكيل اللجنة العليا للانتخابات مُنْفَرِداً، وبدء هذه اللجنة بعملية قيد وتسجيل الناخبين، دون مشاركة أحزاب تَكَتُّلِ المعارضة اليمنية «اللقاء المشترك»، الذي يَضُمُّ كلّاً من الإسلاميين والناصريين والاشتراكيين والبعثيين، وبعض الأحزاب الصغيرة. وفي تَطَوُّر مفاجئ على الساحة السياسية اليمنية، أدت استقالة وزير الإدارة المحلية، وعضو اللجنة العامة للمؤتمر الشعبي العام الحاكم, عبد القادر هلال، الْمُكَلَّف من قِبَلِ رئيس الجمهورية علي عبد الله صالح، بمتابعة الحوار مع المعارضة, لتزيد حالة الاحتقان، وتوتير المشهد السياسي، وخاصةً مع ما يتمتع به هذا الوزير المستقيل من احترام وتقدير من قِبَلِ المعارضة والسلطة على حدّ سواء. التصريحات النارية التي شهدتها الساحة اليمنية مُؤَخَّراً بين قيادات السلطة ورموز المعارضة، أعطتْ مؤشراً قَوِيّاً للمراقبين بأنّ الوضع الانتخابي القادم في خطر, حيث إن المعركة الانتخابية الحالية لا تندرج ضمن الحملات الانتخابية المعتادة خلال أي مرحلة انتخابية سابقة، بل تتجه صوب إعاقة إجراء الانتخابات برمتها، للهُوَّة الكبيرة بين السلطة والمعارضة حيال آلية وشروط إجراء هذه الانتخابات، وعدم اتفاقهم على أي صيغة للتقارب. مراقبون سياسيون أكدوا ل«الإسلام اليوم» أنّ «الوضع اليمني الراهن يتجه نحو خيارين لا ثالث لهما، إما اتخاذ السلطة قرار إجراء الانتخابات في موعدها منفردةً، دون مشاركة المعارضة، وهو غباء سياسي قد يُفْقِدُ السلطة شرعيتها الدستورية، وإما اتخاذ المعارضة قرار مقاطعة الانتخابات، وهو انتحار سياسي، سيُفقدُها دورها المعارض، وسيجمدها خلال الدورة الانتخابية القادمة». وقد أعلن مكتب المعهد الوطني الديمقراطي (NDI) الأمريكي بصنعاء، أنه «يشعر بالقلق إزاء الاحتقان السياسي الحالي، الذي أدى إلى تفاقُمٍ يحول دون تحقيق إجماع بشأن القضايا الانتخابية الحاسمة». وأكّد المعهد أنه في حال عدم الوصول إلى اتفاق بين السلطة والمعارضة حول القواعد والإجراءات المنظمة للعملية الانتخابية، قد تخوض اليمن انتكاساً سياسياً، ستكون له نتائج غير محمودة». وقال في بيانٍٍ منه: «إن الاحتقان السياسي والتحديات الراهنة التي تواجهها عملية مراجعة جداول الناخبين في اليمن، لا تُنْذِرُ ببشائرِ خَيْرٍ على استمرار التقدم في المستقبل». وكان الرئيس اليمني علي عبد الله صالح خرج عن تماسُكِه المعهود، وفتَحَ النار على الجميع في خطابه بالاجتماع الاستثنائي للجنة الدائمة (اللجنة المركزية) لحزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم، ووجّه انتقاداته الساخنةَ ضِدَّ رموز المعارضة، وحمّلهم مسؤولية تردي الوضع الانتخابي، وتدهور الأوضاع السياسية بشكل عام وقال صالح: «إن الانتخابات البرلمانية ضرورة مُلِحَّة، وأيُّ تأجيل لها يعني أنّ هناك عَدَم استقرارٍ في اليمن, لأنَّ هناك رأياً يدعو إلى تأجيل الانتخابات..ويبدو لي أنَّ البعض في مجلسَ النواب وَقَّعُوا وثيقةً يطلبون فيها التأجيل..ليس لدينا مشكلةٌ في التأجيل إذا كان يحقق مصلحةٍ عامَّةٍ.. لكنَّ هذا يعني أن الأوضاع غير مستقرة، وأنّ هناك أزمةً حقيقيةً، وسنصدق بذلك ما يقوله اللقاء المشترك (تكتل أحزاب المعارضة) عن وجود أزمة». ومن جانبها، بادلت المعارضة السلطة الاتهاماتِ ذاتها، وحمّلتها مسؤولية الأسباب التي أدت إلى تدهور الأوضاع السياسية في البلاد، وقالت في بيانٍ لها سمّته (نداء من أجل اليمن): «يعيش يَمَنُنَا الحبيب اليومَ بفعل السياسات الفاشلة للسلطة وحزبها فصولَ أزمةٍ وطنيةٍ شاملةٍ، متعددة الجوانب والأبعاد، أضحت تُهَدِّدُ بمخاطرها الكارثية حاضرَ الوطن ومستقبله». وأوضحتْ أن هذه الأزمة «تَتَجَسَّدُ أسوأ مظاهرها في الحالة المعيشية الصعبة التي طالتْ غالبيةَ أبناء الوطن جرّاءَ زيادة الأسعار، ونُدْرَة فرص العمل، وتَفَشِّي البطالة، وتَدَنِّي القيمة الفعلية للأجور، وغياب السياسات الاقتصادية الرشيدة، وتلاشي خدمات الرعاية الصحية، وتدهور التعليم، واتساع مساحة الأميّة بين الشباب، وفي الأوضاع المحتقنة في المحافظات الجنوبية، كأحد أهم مظاهر الأزمة الوطنية الأكثر خطورة، كونها تُمَثِّلُ تهديداً حقيقيّاً لوحدة الوطن وأَمْنِهِ وسِلْمِهِ الاجتماعي». يرى مُرَاقِبون للشأن السياسي أنّ السلطة والمعارضة مطالَبَتانِ بالنَّظَرِ الجادِّ لحقيقة الأزمة، والعمل على حَلِّها من خلال تقديم الطرفين لمزيدٍ من التنازلات التي تَخدُمُ الوطن، والعملية السياسية والديمقراطية، وهو ما سينعكس إيجاباً على المصلحة العامة للوطن والمواطن, لأن الخاسر الوحيد في هذه الحالة هو الوطن اليمني، وبالتالي فيجب على العقلاء العمل على الخروج باليمن من هذا المأزق, لأنه ليس قادراً على تَحَمُّلِ المزيد من الأزمات.