لم يختار الطفل على العديني جنسيته ولا مكان ولادته حتى يظل مرميا في قبضة وحوش أدمية منذ نحو شهر , وتعجز السلطات عن تحريره لمجرد انه من العدين وليس له قبيلة يخشى باسها .. قبل حادثة اختطاف الرعايا الألمان الثلاثة كان الطفل العديني يقضي أيام العيد في معتقل القبيلة التي يمجدها البعض ليل مساء ويستبسل آخرون في تقديمها باعتبارها إحدى منظمات المجتمع المدني لا عائق أمام أي تحول وعثرة أمام بسط سلطة الدولة , هذا الطفل اليتيم لم يسال عنه احد لم تتحرك وزارة الداخلية ولا الخارجية ولم يستفز احد لما تعرض له هذا الطفل الذي اقتاده أصحاب النخوة الكاذبة من أمام مدرسته في قلب العاصمة ... لكم ان تتصوروا كيف قضت أمه أيام وليالي الاختطاف وكيف استقبلت وودعت العيد وكيف ان مختلف السلطات لم تعر الأمر اهتماما لمجرد انه مواطن "ابي" لن يقوم أقاربه بقطع طريق ا اختطاف ابن مسئول لمقايضته, ولن يتحرك أبناء محافظته ليطالبوا بالانفصال ودولة الجنوب الأوسط , وان اختطف فقد قتل اخ له من قبل يدعى صلاح الرعوي داخل سجن المباحث الجنائية منذ عام ولم تفعل السلطات أي شيء إذ ان معظم المتهمين طلقاء والموقوفين لم تستكمل النيابة التحقيق معهم .. باستثناء تصريحين لوزير الداخلية وآخر لمدير امن محافظة صنعاء عن تطويق القرية التي بعذب فيها طفل كل ذنبه انه يسكن بجوار بيت رجل الأعمال نبيل الخامري , الذي أصبح وأبنائه تحت طائلة التهديد بالخطف اذا لم يذعن لرغبات حمران العيون , فان الأمر لا يستحق عناء أجهزة الدولة التي تحركت بمختلف تكويناتها للإفراج عن الرعايا الألمان بسرعة قياسية .. صحيح ان جمهورية العدين الشعبية لا تمتلك وسائل ضغط ولا أموال يمكن ان تقدمها كفدية للخاطفين لكنها أكثر جمهوريات العالم طاعة لحاكمها وأكثرها التزاما بالتصويت للحزب الحاكم ودفعا للضرائب , لكن ذلك لا يبرر للدولة ان تعامل مواطنيها بدرجات مختلفة من الأهمية ولا حاجة للتذكير بان غزوات الخطف قد كلفت اليمن الكثير من الخسائر في الجوانب السياحية والاقتصادية وفي سمعتها الدولية .. ترى لو تخيل الرئيس علي عبد الله صالح ان هذا الطفل العديني هو احد أبنائه هل كان سيسكت على هذه الوحشية التي تعرض لها هل سيقبل بان تظل أم مكلومة برحيل زوجها تستنجد الكون لإعادة فلذة كبدها وتحريرها من خاطفيه , هل سيرضى بان يقضي أيام العيد فيما صغيره مختطف ومصيره مجهول , هل سيتخيل ان الأطفال في العالم يستقبلون العيد بالملابس الجديدة والألعاب ودفئ العائلة فيما صغيرة مقبوض عليه كرهينة لمقايضة حياته وإنسانيته بمبلغ من المال يدعى انه للخاطفين لدى رجل الأعمال .. لا اعلم كيف نقبل جميعا ان يصبح الاختطاف وترويع المسالمين وسيلة للحصول على الأموال او تحقيق المنافع ولا اعلم أي أخلاق وقيم تلك التي يتم الدفاع عنها وتبيح لهؤلاء الوحوش اختطاف طفل وتروعيه وإرهابه حتى وان كان ابنا لمن يقال انه مدين لهم ... حين نستنكر قيام البعض برفع شعارات جهوية ومناطقية بل واستخدام القوة لإرغام السلطات على الاستجابة لمطالبهم وهي مشروعة في الغالب فإننا نصدم دائما بان أجهزة الدولة لا تعير اهتماما إلا لمثل هذا الخطاب وهذه اللغة ..