حولت عمليات خطف الأجانب وغيرهم , من قبل رجال القبائل في اليمن إلى تجارة رائجة , يجني من خلالها الخاطفون , الأموال الطائلة التي يحصلون عليها من السلطات الحكومية أو من قبل السفارات أو المصالح الأجنبية التي ينتمي أو يعمل لديها المختطفون, مقابل الإفراج عن مختطفيهم من السياح والدبلوماسيين الأجانب وأبناء التجار. الأسبوع الماضي حصل خاطف الأسرة الألمانية على مبلغ يصل إلى 20 مليون ريال , كجزء من قيمة الفدية, وغير ذلك من المطالب مقابل الإفراج عن الألمان الثلاثة , وفي الوقت نفسه قالت مصادر قبلية: إن السفارة الألمانية دفعت من جانبها مبلغاً من المال للخاطفين وهي معلومات تنفيها السفارة بشدة, وسبق للسفارة أن نفت معلومات نقلتها مصادر قبلية مطلعة, بتقديم السفارة فدية مالية مقابل الإفراج عن الملحق التجاري بالسفارة ( راينر بيرنز) عام 98م لخاطفيه من قبيلة جهم خولان . ورغم انتهاء محنة المختطفين الألمان الأسبوع الماضي, إلا أن هناك قضية إنسانية لا تقل مأساة عن سابقتها حيث يقبع الطفل علي العديني (ثمانية أعوام) لدى خاطفيه من قبيلة بني ضبيان , بعد اختطافه من أمام مدرسته بالعاصمة صنعاء قبل نحو شهر, معتقدين أن الطفل هوى ابن رجل الأعمال توفيق الخامري الذي يدعي الخاطفون انه مدين لهم ب 300 مليون ريال, وخلال الفترة الماضية عجزت الأجهزة الأمنية عن تحرير الطفل المختطف من قبضة خاطفيه من قبيلة بني ضبيان. وقال احد الخاطفين أنهم لن يفرجوا عن الطفل حتى يدفع لهم الخامري حقوقهم المالية. وقال وزير الداخلية اللواء مطهر المصري : إن قواته تطوق منطقة الخاطفين وتحتجز عدد منهم وانه منح الخاطفين وقتا للإفراج عن الطفل. فيما يصر الخاطفون على أن الطفل علي العديني هو أبن رجل الأعمال الخامري ويقول الشيخ مقبل المشوح أحد الخاطفين: إن الطفل المخطوف هو علي محمد عمر الخامري حسب ما قال لهم الطفل، مؤكدا عدم الإفراج عنه حتى يتم حل الخلاف الدائر بينهم وبين الخامري واعتبر المشوح لجوءهم لاختطاف طفل الوسيلة الوحيدة لحل مشكلتهم. وكان الخاطفون من قبيلة بني ضبيان قد وضعوا شروطا للإفراج عن الرهائن الألمان الثلاثة أهمها: الإفراج عن السجناء من أقرباء الخاطفين وأبناء المنطقة المحتجزين على ذمة حوادث خطف سابقة، ودفع 100 مليون ريال 60 مليوناً منها مقابل "غرامة وخسارة ورد اعتبار للمحتجزين في السجون الحكومية" و40 مليون ريال مقابل الإفراج عن خمسة مهندسين يعملون لصالح الصندوق الاجتماعي للتنمية في مشاريع يمولها البنك الدولي تم اختطافهم مطلع العام الحالي وأُُفرِج عنهم بعد التعهد بدفع فدية مالية قدرها 40 مليون ريال، ولم تدفع للخاطفين حتى الآن . وأضافت المصادر أن الشيخ عبد ربه التام – خاطف الألمان- اشترط على الوسطاء توظيف أكثر من 40 شخصاً من أبناء المنطقة في السلك العسكري، إضافة إلى تنفيذ عدد من المشاريع الخدمية لمنطقة " نبعة " وفي المقدمة منها بناء وحدة صحية وتعبيد وسفلتة الطرق وإنشاء معهد فني . إشارات عن سيرة الاختطاف قبيلة الحداء تدشنها برجل أعمال كندي نفذت أول عملية اختطاف في اليمن في أكتوبر من العام 92م عندما قام رجال قبائل مسلحون من قبيلة الحداء بمحافظة ذمار بخطف رجل أعمال كندي للضغط على الحكومة لتعويضهم بدعوى أن مسؤولاً كبيراً استولى على أرضيتهم في صنعاء, وحينها لم يفرج عن المختطف الكندي إلا بتدخل وسطاء قبليون من بينهم الراحل الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر, ورغم عملية الوساطة الرفيعة إلا أن السلطات الأمنية دفعت للخاطفين الفدية المالية مقابل عملية الإفراج دون الإعلان رسميا من السلطات عن دفع تلك الفدية المجزية , وبلغت عمليات خطف الأجانب في اليمن أكثر من 312 عملية خطف , أي حتى ديسمبر2008م . وخلال ست عشر عاما مضت لم تقدم وزارة الداخلية أياً من المتهمين بعمليات الخطف إلى المحاكمة, باستثناء التقرير الأمني الذي قدم للبرلمان من قبل وزير الداخلية السابق حسين عرب , والذي تضمن كشفاً بأسماء الخاطفين وتاريخ عمليات الخطف, ومع ذلك لم يقدم أياً من الخاطفين حتى اليوم إلى القضاء. وتوالت عمليات خطف السياح الأجانب والدبلوماسيين , لكن عملية خطف الدبلوماسي الأمريكي (هنز ماهوني) الذي كان يرأس الملحقية الإعلامية والسياسية بالسفارة الأمريكيةبصنعاء أواخر عام 1992م من قبل رجال قبائل من مأرب, هي الأبرز والأكثر إثارة للاهتمام إذ كادت تخلق أزمة سياسية كبيرة بين صنعاء وواشنطن علاوة عن أنها شغلت الرأي العام المحلي والدولي وفي صدارتها وسائل الإعلام الأمريكية والغربية, لاسيما وأن الرجل كان واحدا من أهم الشخصيات الفاعلة بعد السفير الأمريكي آنذاك, وتم الإفراج عن الدبلوماسي الأمريكي مقابل فدية مالية مجزية وسيارة صالون وعشرات الوظائف لأبناء القبيلة وخاصة للمقربين من الخاطفين , وتعيين كبير الخاطفين ويدعى (مبارك المشن) في منصب امني رفيع برتبة عقيد في محافظة المحويت. استخدمت السلطة قوتها في أبينوشبوة ولم تقم السلطات بمعاقبة الخاطفين وإخضاعهم لسلطة القانون, إلا في حالات نادرة وقد تمثل الاستثناء بثلاث حالات: الأولى عندما استخدمت السلطة القوة ضد جماعة أبو الحسن المحضار في مديرية مودية بمحافظة أبين للإفراج عن مختطفين سياح أسفرت العملية عن مقتل ثلاثة سياح بريطانيين ورابع استرالي وإصابة آخرين بينهم أمريكي.. فيما العملية الثانية أيضا في محافظة شبوة عندما داهمت القوات إحدى القرى بالمحافظة بعد يوم من نجاح جهود قبلية للإفراج عن 17 سائحاً فرنسياً والثالثة للإفراج عن أسرة ألمانية أيضا في شبوة, واعتقال خمسة من الأهالي اتهمتهم السلطات بالوقوف خلف عملية اختطاف الأسرة الألمانية في منتصف العام 2007م . إجراءات السلطة الهزلية للحد من الاختطافات مع تزايد عمليات الخطف وخاصة بين عامي (2003- 2006) لجأت السلطات الأمنية ممثلة بقوات الأمن المركزي التابعة لوزارة الداخلية إلى تكليف قوات أمنية بمرافقة مواكب سيارات السياح أثناء تنقلاتهم من منطقة إلى أخرى غير أن تلك الخطوة اعتبرها عدد من ممثلي الشركات السياحية بمثابة قيود مكبلة لحركة السياح وخانقة لنفسيتهم, علاوة على ذلك فإن تلك الإجراءات لم تجد نفعاً في مواجهة عمليات اختطاف وقد نجح الخاطفون في الوصول إلى مبتغاهم برغم وجود تلك القوات الأمنية , ما حدث عملياً هو مضاعفة الأعباء المالية التي تكبدتها الشركات والوكالات السياحية التي تحملت تكلفة المصاريف الإضافية على الأطقم العسكرية المكونة في الغالب من سيارتين حماية تقل من الأفراد ما يتراوح بين 10 إلى 20 رجل امن, في الرحلة الواحدة, وتلك أعباء إضافية أكثر ما هي معالجة للمشكلة الايطاليون في الصدارة وفيما خص الجنسيات المستهدفة فقد كان السياح الايطاليون على رأس قائمة المستهدفين بالاختطاف وهي تتضمن الأرقام التالية : · ايطاليا (79) · ألمانيا (78) · فرنسا (53) · بريطانيا (12) · هولندا (8) · كوريا (5) · أمريكا (5) · كندا (4) · استراليا (4) · اسبانيا (6) · روسيا (4) · أوكرانيا (3) وقد لقي سائح بلجيكي مصرعه في تبادل إطلاق نار في منطقة بني الحارث بصنعاء . تعز رقم (1) وعلى الصعيد المحلي تصدرت محافظة تعز وخاصة رجال أعمال فيها قائمة المستهدفين بالاختطاف وتركزت ابرز العمليات على النحو التالي: - تعرض رجل الأعمال توفيق الخامري لإطلاق نار ثم تعرض نجله للاختطاف قبل شهر وأطلق سراحه بعد مفاوضات وتدخل جهات عليا. - اختطاف شاب من أسرة رجل الأعمال علي درهم العبسي . - اختطاف شاب من أسرة الكميم . - اختطاف نجل وزير الزراعة الأسبق صادق أمين أبو رأس مطلع التسعينات . - اختطاف نجل الوزير السابق حمود خالد الصوفي محافظ تعز الحالي . - اختطاف مهندسين يمنيين في مشروع خطوط كهرباء محطة مأرب الجديدة . - اختطاف نجل محافظ عدن الأسبق طه غانم . - اختطاف مدير تربية الجوف ورئيس المحكمة ورئيس القلم القضائي بالجوف . - اختطاف مدير تربية خولان . سيناريوهات الخطف على صعيد متصل تقول مصادر قبلية مقربة من عبدربه صالح التام خاطف الألمان: انه قام قبل عملية الاختطاف الأخيرة التي استهدفت الألمان الثلاثة الأسبوع قبل الماضي, كان قد قام بأكثر من محاولة للاختطاف غير أنها فشلت.. مشيراً إلى أن المحاولة الأولى استهدفت احد الرعايا الروس في مأرب ولكنها فشلت في آخر لحظة بسبب مقاومة الرجل وصراخه ما أثار انتباه الناس الذين كانوا على مقربة من المكان حيث اضطر للإفلات منهم وبالنسبة للمحاولة الثانية يقول : إنها أيضا فشلت وكانت تستهدف مجموعة السياح الأجانب في عرش بلقيس بمأرب, وعن الثالثة يقول: إنها استهدفت أمريكياً وعائلته قبل عيد الأضحى بأيام وقد نجحت عملية اقتيادهم إلى السيارة التي انطلقت الى خارج صنعاء وفي منطقة بني الحارث تعطلت وفشلت محاولات إصلاحها واستغل المخطوف مرور بعض الأهالي وصرخ مطالباً بالنجدة ولفت بذلك انتباه الأهالي الذين هرعوا إلى موقع السيارة وتمكنوا من تخليص العائلة الأمريكية ولاذ الخاطفون بالفرار مخلفين سيارتهم وراءهم. الأحمر حمل السلطة المسؤولية حينما بلغت عمليات الاختطاف ذروتها في عام 2003م علق الشيخ الراحل عبد الله بن حسين الأحمر لبعض الصحافة على ذلك قائلاً: إن الحكومة هي المسؤولة عن تصاعد أعمال الاختطافات لأنها بمهادنتها للخاطفين شجعت الكثيرين على التمادي في عمليات الخطف. مشيراً إلى أنها أعمال لا تمت بصلة لأخلاق وتقاليد القبيلة وان القائمين بها من الخارجين على القبيلة.