كانت الجثث الطافية على سطح الماء مع حزم الدولارات المبللة التي حصلوا عليها كفدية عظة مخيفة للقراصنة حققت في نفس الوقت نصرا كبيرا بكل المقاييس للقائمين على شركات الشحن. انهم الخاطفون الخمسة الذين غرقوا وجرفتهم الامواج قبالة وسط الصومال هذا الشهر بينما كانت جيوبهم ممتلئة بالنقود حين انقلب زورقهم بعد ان أخذوا حصتهم من الفدية التي بلغت ثلاثة ملايين دولار مقابل الافراج عن ناقلة نفط سعودية مخطوفة. وعلى الرغم من هذه المخاطر فان القراصنة الصوماليين الذين أثروا عام 2008 بشكل غير مسبوق حريصون على تكرار نجاحاتهم هذا العام لكن مجموعة من السفن الحربية أرسلتها 14 دولة بدأت تصعب عليهم الامر. وقال بوتينجال موكوندان مدير المكتب الملاحي الدولي لرويترز "من السابق لاوانه الحديث عن اتجاه محدد لكن هناك انخفاضا في معدلات الخطف وهذا مؤشر جيد. نرجع الفضل في هذا الى حد كبير الى النشاط البحري." وأضاف "غير أن الهجمات ما زالت تحدث وبالتالي نحتاج من القوات البحرية الالتزام لوقت طويل." ولم يخطف القراصنة سوى سفينتين هذا العام وهو انخفاض في المعدل عن النصف الثاني من عام 2008 حين تصاعدت القرصنة. وخطف عدد قياسي من السفن بلغ 42 سفينة قبالة الصومال على مدار العام الماضي واحتجز في المجمل 815 من أفراد الاطقم البحرية رهائن حسب الارقام الواردة من المكتب الملاحي الدولي وهي منظمة معنية بمراقبة خطوط الشحن. ويقول المكتب انه بعد الافراج عن عدد من السفن في الايام الاخيرة من خلال المفاوضات ما زالت 11 سفينة محتجزة وعلى متنها 207 رهائن. ومعظم السفن موجودة في ملاذ للقراصنة وقرية ساحلية تسمى ايل. وأدى التصاعد الكبير للقرصنة العام الماضي بما في ذلك خطف ناقلة النفط السعودية العملاقة التي كانت تحمل نفطا قيمته 100 مليون دولار والسفينة الاوكرانية التي ما زالت محتجزة وعلى متنها 33 دبابة الى رد فعل غير مسبوق من جانب قوات بحرية أجنبية. وأرسلت الولايات المتحدة وعدة دول اوروبية وروسيا والهند وحتى الصين سفنا الى المنطقة حرصا منها على حماية واحد من أهم ممرات الشحن في العالم. ويعد ارسال بكين ثلاث سفن أول انتشار لاسطولها في الخارج والذي طالما قصر نشاطه داخل المياه الاقليمية للصين. وتبحث اليابان ايضا ارسال سفن غير أن هذا قد يكون صعبا نظرا الى القيود الشديدة المفروضة على أنشطتها العسكرية خارج البلاد بموجب الدستور السلمي الذي وضع لها بعد الحرب العالمية الثانية. والاعداد والمواقع المحددة للسفن غير معلومة لاسباب أمنية. لكن مصادر في مجال الشحن تقدر عددها بنحو 20 سفينة حربية معظمها متمركزة في خليج عدن بوابة قناة السويس حيث تتدفق التجارة بين اوروبا واسيا. وعلى الرغم من عدد عمليات الخطف الناجحة المنخفض نسبيا وقع 11 هجوما في النصف الاول من يناير كانون الثاني مما يظهر أن القراصنة لم يرتدعوا. وقال أحد القراصنة ويدعى محمد من هاراديري قرب الموقع الذي كانت الناقلة السعودية محتجزة به "بعض أصدقائنا غرقوا بسبب سوء الطقس لكننا نأمل أن يتحسن الجو قريبا وسنمارس نشاطنا كالمعتاد." وذكر قراصنة في الصومال لرويترز أنهم يتكيفون مع الظروف الجديدة من خلال اقتفاء أثر السفن الحربية عن كثب باستخدام أجهزة تعقب باهظة الثمن متصلة بالاقمار الصناعية والتي تعرف باسم (جي. بي.اس) يشترونها من أموال الفدى او يتحركون بعيدا عنها فحسب. ويقول اندرو موانجورا من برنامج مساعدة ملاحي شرق افريقيا ويتخذ من كينيا مقرا له ان أحد الهجمات وقع هذا العام بعيدا في مدغشقر الى أقصى الجنوب من المياه الصومالية. كما انطلق القراصنة عدة مرات الى المياه الكينية مما أخاف القائمين على الشحن بميناء مومباسا. لكن القوات البحرية ايضا حققت سلسلة من النجاحات منها الاسبوع الماضي حين أحبطت سفينة حربية روسية هجوما على حاوية هولندية. وقال محمد القرصان في هاراديري ان الهدوء الذي يبدو في عمليات الخطف يرجع الى أن العصابات تأخذ استراحة لتقييم الظروف الجديدة بالبحر. وأضاف "معظمنا يستريح بينما يذهب القليل الى البحر للقيام بعمليات مسح. لا السفن الحربية تخيفنا ولا أعدادنا قلت. كنا قبل ذلك ست فرق الان أصبحنا تسع فرق للقراصنة في المنطقة الوسطى وحدها." ومن المؤكد أن صناعة الشحن لم تشعر بعد بنهاية القرصنة الصومالية فأقساط التأمين التي ارتفعت بشدة العام الماضي على الشحنات التي تمر من امام الصومال لم تنخفض بعد. ولم تقل اي من المؤسسات التي أعلنت أنها تفضل تحمل التكلفة والوقت الاضافيين للدوران حول جنوب افريقيا بدلا من المجازفة بمواجهة القراصنة الصوماليين انها عدلت عن هذا الرأي. وهناك أمر واحد يتفق عليه القراصنة والقائمون على الشحن وكل المحللين هو أنه لن يتم القضاء على المشكلة تماما الى أن يتحقق السلام في الصومال التي هي واحدة من اكثر دول العالم اخفاقا. وقارن فيليب دي بونتيت من مجموعة يوراسيا جروب البحثية بين التقدم الذي أحرز في البحر والفوضى المستمرة على البر حيث يقتتل المسلحون الصوماليون فيما بينهم ويقاتلون الحكومة الصومالية الضعيفة. وقال في بحث عن القرصنة "الجهود الدولية البحرية المتزايدة... يرجح أن يكون لها أثر مخفف على نطاق ومعدل هجمات القراصنة الصوماليين في ممرات الشحن التي تخضع لاكثر الدوريات كثافة." واستطرد قائلا ان "هذا لن يقضي على التهديد الذي يغذي الاضطراب في الصومال." واتفق مع وجهة النظر هذه قرصان صومالي رغم بعد المسافة التي تفصل بينه وبين بونتيت في واشنطن. وقال ياسين ديري وهو يتحسس بندقية كلاشنيكوف فيما أخذ يصف الثروة "التي لا تحصى" التي جمعها منذ أن أصبح قرصانا عام 2003 "لن تتوقف القرصنة ما لم تكن لدينا حكومة."