اشتبكت الشرطة الايرانية اليوم الاربعاء 4-11-2009 مع أنصار زعيم المعارضة مير حسين موسوي الذين احتشدوا في أحد شوارع العاصمة طهران في الوقت الذي تحتفل فيه البلاد بالذكرى الثلاثين لاحتلال السفارة الامريكية في ايران بعد وقت قصير من قيام الثورة الاسلامية عام 1979. وإلى ذلك، اعتقل الأمن الإيراني إحدى قريبات ندا آقا سلطان أثناء مشاركتها في مظاهرات اليوم. وقد قتلت سلطان أثناء الاحتجاجات على نتائج الانتخابات الإيرانية. وقال موقع "موجكامب" للإصلاحيين الايرانيين على الانترنت إن الشرطة فتحت النار على محتجين من أنصار زعيم المعارضة موسوي في ساحة هفت الطير، لكن لم يرد تأكيد لذلك من جهة مستقلة. وقال الموقع ان البعض أصيبوا. وأفاد شاهد بأن "الشرطة اشتبكت مع مئات المحتجين كانوا يرددون الموت للديكتاتوريين واستخدمت الشرطة الهراوات لتفريقهم". وانطلقت في طهران ومدن إيرانية مظاهرات حاشدة وسط صدامات بين الإصلاحيين والمحافظين. فيما تعرض الزعيم الإصلاحي مهدي كروبي إلى اعتداء أثناء مشاركته في التظاهرات. وخرج مئات الألوف من أنصار التيار الإصلاحي في طهرن صباحاً، قبل أن يبدأ المحافظون مظاهراتهم التي تتكرر كل عام أمام المقر السابق للسفارة الأمريكية الذي يسميه الايرانيون "وكر الجاسوسية". وانتشرت قوات الأمن بكثافة في شوارع العاصمة، لكن الاصلاحيين فاجأوها بتنظيم حلقات قوية يصعب اختراقها خصوصا في ساحة "7 تير" التي باتت معقلاً للإصلاحيين بالقرب من مقر السفارة السابق ومن البرلمان ومحطة المترو الرئيسة والمهمة في العاصمة. وتجمع أنصار المحافظين قرب المقر السابق للسفارة الأمريكية وأطلقوا شعار "الموت لأمريكا"، وألقى حداد عادل رئيس البرلمان السابق، خطاباً ندد فيه بأمريكا وبالإصلاحيين، وقال إن الرئيس الأمريكي باراك أوباما يعمل على إثارة التوتر والاضطراب داخل ايران. وحصلت اشتباكات في جامعة أصفهان وسط ايران، وفي جامعات أخرى حيث لم يختلف المشهد كثيراً عنه في جامعة طهران إلا في حجم المظاهرات. وكانت طهران قد أوقفت أربع محطات رئيسة للمترو عن العمل اليوم خشية مشاركة أوسع للإصلاحيين. وأكد شهود عيان في اتصال مع "العربية.نت" أن الزعيم الإصلاحي كروبي شارك في المظاهرات وتعرض لاعتداء من قبل الباسيج قبل أن يغادر المكان، بينما أحيط منزل الزعيم الإصلاحي مير حسين موسوي بقوات الباسيج الذين رددوا شعارات ضده. وحلّق عدد من المروحيات فوق ساحة "7 تير" حيث اشتدت مظاهرات الإصلاحيين، وحصلت مواجهات حادة تم على إثرها اعتقال عدد من المتظاهرين بينهم فتيات. اشتباكات مع الباسيج وقال شاهد عيان إن سبعة شبان على الأقل اعتقلوا في شارع "كريم خان زند" أثناء مشاركتهم في المظاهرات، ولم تفلح قوى الأمن التي استخدمت الغاز المسيل للدموع بكثافة وبعشوائية، في تفريق المتظاهرين الذين كانوا يطلقون شعار "الموت للديكتاتور" ويتحدون السلطة بالانتشار الكثيف والواسع في معظم الشوارع الرئيسة خصوصا "مدرس" ومحيطه، وشارع انقلاب، ومحيط جامعة طهران. وخرج طلاب الجامعة في حشد منظم وكبير وهم يرددون "الموت للديكتاتور" و"مادام أحمدي نجاد في السلطة فالأمر سيتكرر ضده"، وحصلت اشتباكات بين الشرطة ومعهم عناصر من الباسيج ذوي الملابس المدنية، وبين الطلاب، وقد تكرر المشهد عند الجامعة الحرة وجامعة شريف الصناعية. وأكدت مصادر ل"العربية.نت" أن قوى الأمن طلبت الدعم عدة مرات لمواجهة مظاهرات طلاب جامعة طهران، وقد هبّ "راكبو الدراجات النارية" لقمع المتظاهرين وتم رشق العديد منهم بالحجارة من قبل الأهالي والطلاب. وردد طلاب الجامعة الحرة، التي أصبحت الاحتجاجات ميزتها اليومية منذ بدء الموسم الدراسي الشهر الماضي، شعار "الطالب الجامعي يموت ولا يقبل بالذل"، و"لا يرهبنا الرصاص ولا المدفع" خصوصاً مع سماع أصوات إطلاق النار، واستخدام الهراوات لتفريق المتظاهرين. وتزامنت مظاهرات ذكرى السفارة الأمريكية مع استمرار اعتقال قياديين بارزين من الإصلاحيين بسبب اعتراضهم على نتائج انتخابات الرئاسة في حزيران (يونيو) الماضي، وكانوا في طليعة "الطلبة السائرين على نهج الإمام الخميني" وهو التنظيم الذي اقتحم السفارة الأمريكية في الرابع من تشرين الأول (نوفمبر) عام 1979 لمدة 444 يوماً، حيث احتجز 55 دبلوماسياً أمريكياً تم الافراج عنهم إثر مفاوضات قادها من الجانب الإيراني، ممثلا عن آية الله الخميني، القيادي البارز في منظمة مجاهدي الثورة الإسلامية بهزاد نبوي، المعتقل أيضا في سجن إيفين لمعارضته نتائج الانتخابات. رسالة من السجن وطالب المتظاهرون من أنصار الإصلاح بالإفراج عن بهزاد نبوي، ومحسن ميردامادي ومحس أمين زادة، وهما من الطلبة "سابقا" الذين اقتحموا السفارة الأمريكية. ووجه ميردامادي رسالة من داخل سجن ايفين حول ذكرى احتلال السفارة الأمريكية في طهران أكد فيها أن الاصلاحات شأن داخلي، مكرراً في تحدٍّ غير مسبوق، أن الانتخابات تم التلاعب بها لصالح أحمدي نجاد. وكان ميردامادي هو المتحدث باسم الطلبة الذين اقتحموا السفارة الأمريكية، وأكد أن واقعة احتلال السفارة حصلت في ظروفها الزمنية، ولن تؤثر في علاقات إيران الحالية بالولايات المتحدة. واعتقل ميردامادي، وهو أيضا أمين عام جبهة المشاركة الإسلامية الإصلاحية، بعد الانتخابات بتهمة التعاون مع أمريكا للقيام بثورة مخملية لتغيير النظام، قال إن استمرار الإصلاحات كفيل بحل المشاكل التي تعاني منها البلاد، متهماً من وصفهم بأصحاب السلطة بمنع الشعب من تحقيق إرادته، وهي إشارة قوية إلى تزوير الانتخابات الرئاسية. وشدد من داخل سجنه على أن حل عُقد مشاكل البلاد، يكمن فقط في الداخل وليس خارج ايران، في اشارة إلى رفض الاتهامات للإصلاحيين بتلقي الدعم من الخارج. استعراض قوة وفي اتصال مع "العربية"، قال المحلل السياسي حسين روي وران إن الاعتقالات التي تمت خلال المظاهرات أتت بعد مخالفة التعليمات الحكومية، "إذ تم الإعلان سابقا عن أن أي مظاهرات أو تحركات تطغى على موضوع إحياء ذكرى احتلال السفارة الأمريكية، ستدرج تحت بند المخالفة القانونية وسيتعامل معها على هذا الأساس". ورأى أن تظاهرات اليوم "تمثل نوعاً من استعراض القوة، وإثبات الحضور السياسي للتيارين المؤيد والمعارض للنظام"، وأن الإصلاحيين "يحاولون من خلال هذه التظاهرات التذكير بأنهم لازالوا موجودين على الساحة السياسية وأن معارضتهم للنظام لم تنته". وأضاف وران أن الاختلاف والتباين في الشعارات التي ينادي بها المتظاهرون تعود إلى اختلاف الرؤى، حتى ضمن التيار الواحد، "فمثلا في التيار الإصلاحي هناك انقطاع بين القيادات والجماهير ناتج عن ضغوط سياسية، وبالتالي فالشعارات لا تعبر بالضرورة عن رؤية القادة، خاصة أن منهم من يؤكد بقاءه تحت ظل النظام كخاتمي". وأوضح أن محاصرة منزل المرشح الرئاسي السابق الإصلاحي مير حسين موسوي، من قبل قوى الأمن الإيرانية "يعد ضرورة في هذه الظروف، ويندرج تحت عدة إجراءات أمنية تُتخذ لحماية هؤلاء القادة والشخصيات من أي اعتداءات أو هجمات محتملة، وهي ليست بقصد الاعتقال، حيث لم تصدر أي مذكرات اعتقال رسمية في حق أي من قادة الإصلاحيين إلى الآن". بيان لأوباما وفي ذكرى احتلال السفارة، أصدر الرئيس الأمريكي باراك أوباما بياناً اعتبر فيه أن على إيران أن "تختار" ما بين البقاء في الماضي وفتح الطريق "لمزيد من الفرص والازدهار والعدالة" لشعبها. وقال "نسمع منذ 30 سنة ما لا تريده الحكومة الايرانية، والسؤال المطروح الآن هو أي مستقبل تريده". وتابع "لقد أعلنت بوضوح أن الولايات المتحدة ترغب في تخطي هذا الماضي وتسعى إلى علاقة مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية مبنية على المصالح المتبادلة والاحترام المتبادل". وشدد على أن واشنطن "اعترفت بحق إيران الدولي في الطاقة النووية السلمية. لقد أثبتنا استعدادنا للقيام بخطوات لبناء الثقة، إلى جانب جهات أخرى من الأسرة الدولية". وقال "لقد قبلنا باقتراح قدمته الوكالة الدولية للطاقة الذرية للاستجابة لطلب إيران المساعدة لتلبية حاجات شعبها على الصعيد الطبي".