وسط تجاذبات بين سلطة الرئيس ومعارضيه ، تجري ترتيب حوار واسع -قد ينتهي بمؤتمر وطني -دعا إليه الرئيس صالح مختلف الفعاليات السياسية تحت قبة مجلس الشورى والمزمع بدأه في 26 من الشهر الجاري ، في وقت صعدت أحزاب المشترك المعارضة من هجومها ضد السلطة باتجاه رفض صيغة الحوار الرئاسية باعتبارها أن "أي حوار لا يدار بالتوافق لن يكتب له النجاح" في ظل اتهامها الطرف الحاكم بنقض اتفاق فبراير المتعلق بتأجيل الانتخابات النيابية لعامين . وحشدت أحزاب المشترك في تظاهرة استعراضية أقيمت السبت بمدينة تعز آلاف من أنصارها فيما يعد تلويحا بورقة الشارع في مناخ مشتعل على مختلف الجبهات وبمطالب اعتراف سلطة الرئيس ب"الأزمات الكبرى التي تعيشها اليمن وبإيقاف حرب صعدة والاعتراف بالقضية الجنوبية كمقدمة لأي حوار جاد حول تلك القضايا ومثلها الاصلاح السياسي والاقتصادي "، وهي صيغ شكلت ولا تزال مناورات سياسية عصية عن الفهم والوصول لصيغ جامعة ولحلول للازمة اليمنية بأبعادها المختلفة. وفي بيان صادر عن التظاهرة التي حضره عدد من قيادات اللقاء المشترك في كل من تعز وإب ولحج والضالع، أكد أن قضايا صعده والجنوب وانعدام المواطنة المتساوية أزمات صنعها التفرد والنظام العائلي. وأدان البيان الضرب العشوائي بابين الذي قال انه طال نساء وأطفال مطالبا بمحاكمة المتسببين.معتبرا" أن هذا العبث لن يوقفه إلا نضال شعبي سلمي متواصل من كل ابناء الشعب في كل ربوع الوطن". واعتبر ما يجري اليوم في اليمن" نتاج فساد تراكمي منذ أن وضع التفرد عينه على الكرسي كملك خاص به وتحديدا منذ مابعد صيف 94م حيث تحول كل شي في المحافظات الجنوبية ومؤسسات الدولة إلى فيد لتلك العناصر المتنفذة" . ودعا رئيس مشترك تعز السلطة إلى إطلاق كافة المعتقلين من سجونها وان تكف عن كل عمليات القمع والملاحقات وإغلاق الصحف. من جانبه طالب محمد مسعد الرداعي عضو المجلس الأعلى في كلمة عن المشترك بتشكيل لجنة محايدة للتحقيق في الهجوم الجوي التي قالت السلطات انه استهدف معسكرا للقاعدة في منطقة المحفد بمحافظة ابين.وأعتبر الرادعي ما حدث في أبين "عملاً إجرامياً وانتهاكاً للسيادة الوطنية" محملاً السلطة المسؤولية الكاملة جراء ذلك. وأضاف قائلا "إننا لازلنا في المشترك ولكننا سنعلن انضمامنا إلى الحراك الجنوبي إذا كان هذا الحراك سيخلصنا من هذا النظام الفاسد". ويبدوا أن المؤتمر الحاكم والمشترك المعارض الممثل في البرلمان غير قادرين -حاليا- على العودة لحوارهما حول اتفاق فبراير لتنفيذ الشق الثاني منه بعد تأجيل الانتخابات لعامين والمتعلق باصلاحات سياسية وانتخابية . ويعزز من ذلك اتساع ساحة الاتهامات بين الجانبين اثر ما يراه الحاكم تأييدا ودعما من احزاب تكتل المشترك للتمرد الحوثي والدعوات الانفصالية وأعمال خارجة عن القانون تستهدف زعزعة الأمن ، وبالمقابل يتهم المشترك ،السلطة وحزبها الحاكم بتأزيم الأوضاع، مستشهدا بإجراء الانتخابات التكميلية أواخر الشهر الماضي في خرق لاتفاق فبراير ، مؤكدة أن "السلطة تسير بالبلد نحو وضع كارثي يهدد حاضره ومستقبله". ومفترق الطريق غير الواضح معالمه يظهر في مضي السلطة باتجاه حوار رسمه الرئيس صالح لمختلف القوى السياسية تحت سقف المؤسسات الوطنية ، اما المشترك المعارض فيمضي في طريق حوار بالتحالف مع شخصيات من خارجه تحت مسمى "لجنة التشاور الوطني" برئاسة الملياردير والنائب الاخواني حميد الأحمر. وكان رئيس الجمهورية وجه رسالة إلى رئيس مجلس الشورى دعاه فيها إلى البدء بإجراء حوار وطني تحت قبة مجلس الشورى. وجاء في الرسالة "انطلاقا من دعوتنا السابقة والمتكررة حول أهمية معالجة كافة القضايا التي تهم الوطن عبر الحوار، واستشعارا بالمسئولية الوطنية واستجابة لكافة الدعوات المقدمة من القوى الخيرة في المجتمع ونظرا لما تقتضيه المصلحة الوطنية العليا، فإننا ندعو إلى حوار وطني جاد ومسئول بين كافة الفعاليات السياسية والاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني يوم 26 ديسمبر 2006م حول كافة القضايا التي تهم الوطن تحت سقف الشرعية الدستورية والالتزام بالثوابت الوطنية وذلك بما يحقق اصطفافا وطنيا واسعا إزاء مجمل القضايا المطروحة على الساحة الوطنية". وحددت الرسالة المشاركين في الحوار بكل من أعضاء مجلس الشورى ورئيس كل حزب مسجل في لجنة شئون الأحزاب والشخص الثاني في الحزب واثنين وعشرين عالما يتم اختيارهم من جمعية علماء اليمن ومثلهم من المشائخ والشخصيات الاجتماعية والمسئول الأول من كل منظمة مدنية فاعلة إلى جانب رؤساء الكتل البرلمانية والمقررين وأمناء عموم المجالس المحلية في محافظات الجمهورية. أما لجنة الحوار الوطني التابعة للمشترك التي يسيطر عليها الشيخ حميد الأحمر فقد أعلنت تشكيل خمس لجان حوارية (لجنة قضية صعدة، لجنة القضية الجنوبية، اللجنة السياسية والدستورية، لجنة الحقوق والحريات، لجنة الاقتصاد والخدمات). وقالت اللجنة في بيان سابق إنه "من المقرر أن تباشر هذه اللجان أعمالها ابتداء من الأسبوع القادم ولا سيما المختصة بالأوضاع الملتهبة في صعدة والمحافظات الجنوبية، أما لجان الفئات المجتمعية التي كانت قد أنجزت جزءا من مهامها في مرحلة التشاور فستواصل مهام الحوار الوطني وفقا لرؤية الإنقاذ الوطني مع القيادات المجتمعية لكافة الفئات". وذكرت اللجنة التحضيرية للحوار الوطني التابعة للمشترك إنها تواصلت في الفترة الماضية مع كثير من الأطراف السياسية "الفاعلة في القضية الوطنية في الداخل والخارج، وخرجت بنتائج إيجابية تصب في صالح الحوار الوطني". وكانت لجنة الحوار حاولت عقد اجتماع حوار في بيروت مع قيادات معارضة الخارج، غير أنها فشلت في ذلك لأسباب عديدة منها: رفض بعض قيادات المعارضة في الخارج الاستجابة لدعوة اللجنة وعدم اقتناعها بالفكرة ومنفذيها. وفي اتجاه مغاير قالت مصادر صحفية ان المجلس الأعلى للمشترك ناقش مبادرة للكتل البرلمانية لأحزابه لتنفيذ اتفاق فبراير والتي لم تعلن بعد، حيث تقدمت بخطة زمنية محددة لتنفيذ الاتفاق ولاحتوى الرفض غير المعلن من المشترك لدعوة الرئيس لحوار وطني حول كافة القضايا. ونصت البنود التي نشرتها صحيفة الوسط اليمنية المستقلة الاربعاء الماضي ولم ينفها او يؤكدها أي طرف من في السلطة والمعارضة على النحو التالي: أولا شهر ديسمبر: اتخاذ الإجراءات الكفيلة بتهيئة الاجواء السياسية المتمثلة ب( إطلاق المعتقلين السياسيين وسجناء الرأي - إيقاف حملة التضييق على الصحافة والصحفيين- إيقاف الحملات الإعلامية التحريضية -إلغاء كافة الإجراءات المخالفة لاتفاق فبراير). ثانيا: يناير، فبراير، مارس 2010:( مناقشة وإقرار الإصلاحات السياسية والتعديلات الدستورية والاتفاق عليها من قبل الأحزاب الموقعة على الاتفاق - الاتفاق على الإصلاحات الانتخابية بما فيها القائمة النسبية -الاتفاق على قانون الانتخابات العامة- تشكيل اللجنة العليا للانتخابات-إحالة كل ما يتم الاتفاق عليه إلى مجلس النواب أولا بأول لاستكمال الإجراءات الدستورية والقانونية بشأنه). وأضافت المبادرة: وحتى يكتب لهذه الجهود النجاح فإننا نرى إشراك رؤساء الكتل البرلمانية ودعوة ممثلي الاتحاد الأوروبي لحضور جلسات الحوار وإطلاع الرأي العام على ما يتم التوصل إليه أولا بأول. وفي ما يعد تهديدا في حالة عدم الموافقة على المبادرة اعتبر أن عدم السير في تنفيذ الاتفاق يخل بمشروعية المؤسسات ويصبح الاستمرار في حضور جلسات مجلس النواب عملا عبثيا لا يحقق الأهداف التي تم التجديد لأجل إنجازها. وإذ ما زالت تسمية الورقة المقدمة من الكتل البرلمانية التي تقول مصادر إنها متبناه من قيادة الإصلاح محل خلاف عما إن كانت مبادرة أو بيان فإن هذه الكتل أعلنت استمرارها في عدم حضور جلسات مجلس النواب حتى يتم الشروع في تنفيذ الاتفاق المشار إليه. وكانت الكتل قد قدمت لهذه الخطة بأنها جاءت استشعاراً منها للمسئولية وحفاظا على بقاء المؤسسات الدستورية وعدم الوصول إلى حالة الفشل والفوضى. وعلى ذلك فقد دعت المؤتمر الشعبي العام إلى تأمين الإرادة السياسية وتهيئة الأجواء لتنفيذ الاتفاق الموقع مع اللقاء المشترك.