«في بلادي تنام الصغيرات مع الموت على سرير واحد» هذا ما كتبه صديقي الكاتب اليمني ماجد المذحجي، مختصرا وجعه ووجع الكثيرين الذين هالهم ما حصل لإلهام. إلهام طفلة يمنية ماتت بعد ثلاثة أيام من زواجها بسبب نزيف حاد وتمزق في أعضائها التناسلية بسبب الجماع الذي قام به وحش بشري (زوجها) بمساعدة منشط جنسي بعد ربطها على كرسي. لكن إلهام ليست وحيدة فهناك «نجود» و«نجاح» و«أروى» و«أحلام» و«ريم»، والآلاف غيرهن على قائمة «عرائس الموت» في مجتمعات مريضة تتمسك بعادات بالية وتفسيرات خاطئة للدين. زواج القاصرات جريمة ترتكب يوميا بحق الطفولة في مجتمعاتنا، فهو يحرم الفتاة من التمتع بطفولتها، ومن إكمال تعليمها، ويجبرها على الخضوع لرجل (غالبا ضعف عمرها أو أكثر) فارضا عليها تحمل مسؤولية أسرة وأطفال فيما هي مازالت طفلة مثلهم. كما ان الزواج المبكر يعطل التطور الطبيعي لجسم الفتاة وعقلها مما يسبب اختلالات جسمانية ونفسية خطرة. ونحن إذ ندرك أن تلك الممارسات الوحشية لا تقتصر على مجتمعاتنا ولا على أهل ديننا فقط، بل تتم ممارستها في الكثير من الدول، لكن عندما تحصل هناك تسمى اغتصاباً، وتعتبر جريمة يعاقب عليها القانون، أما عندنا، وللأسف، فإنها تقع تحت مفهوم «الزواج الشرعي» فيتم اغتصاب الصغيرات وانتهاك براءتهن وتمزيق أجسادهن، تحت أعين ونظر ومباركة رجال الدين والقانون. قال الشيخ علي جمعة مفتي مصر «زواج القاصرات يعتبر استغلالا جنسيا للأطفال، ويجب معاقبة من يفعله أو يقوم به، سواء الأبوان أو المحامون أو الوسطاء، وأن الأب الذى يزوج ابنته القاصر لرجل في عمر جدها يعتبر (فاسقا) وتسقط ولايته على أبنائه». نحن بحاجة للمزيد من هذه الأفكار النيرة والواعية التي تنتشلنا من الجهل والتخلف، ونحتاج إلى المزيد من الشجاعة من قبل شيوخ الدين كي يتم ردع ضعاف النفوس عن ارتكاب تلك الجرائم بحق الطفولة.. ونطالب علماءنا بالبحث في قضايا أمتنا الحقيقية والاهتمام بمستقبل أجيالنا، وتحريم زواج القاصرات، بدلا من انشغالهم بفتاوى تحريم الموسيقى والرياضة وتزيين صور الحور العين أمام أعين مراهقي الإرهاب. ذلك أيضا غير كاف.. فمجتمعاتنا تحتاج أيضاً، وبشكل سريع، إلى وضع قوانين مدنية حازمة، تحد وتمنع وتعاقب أصحاب الرغبات المريضة، وتعمل على إقرار حد أدنى لسن الزواج وتحارب التجارة بالأطفال من قبل آبائهم وذويهم.. فبغياب قانون يردع وفتوى تحرم سيظل هؤلاء الوحوش يعيثون فسادا في أجساد الصغيرات. سؤال أخير: هل ممارسة الجنس مع طفلة يعتبر اغتصابا، وممارسة الفعل نفسه مع الطفلة القاصر بإذن والدها وبعقد بيع (بموافقتها أو من دون موافقتها) يسمى زواجاً..؟ إن انتهاك براءة الأطفال سواء تحت ستار الزواج او غيره، هو اغتصاب.. اغتصاب.. اغتصاب. [email protected] *(القبس الكويتية)